أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات - عبد الرحيم التوراني - كورونا تجهل موقع العالم!














المزيد.....

كورونا تجهل موقع العالم!


عبد الرحيم التوراني
صحفي وكاتب

(Abderrahim Tourani)


الحوار المتمدن-العدد: 6509 - 2020 / 3 / 9 - 02:47
المحور: ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات
    


كنت في السيارة، وقد ركنتها أمام متجر كبير لبيع الملابس والإكسسوارات، حينما رأيتها مقبلة تتمايل باتجاهي. فكرت في غلق النافذة قبل أن تصل، لكني خجلت من نفسي ولم أفعل.
وقفتْ وسلمتْ:
- أهلا..
تطلعتُ إلى قامَتها الفارعة. مانكان، وقد غطت رأسها بفولار شفاف تلونه فراشات زاهية، وأخفت وجهها المدور القمحي بكمامة طبية، لا تنسوا أننا في زمن الكورونا.
أعدت إليها بضاعتها، بنفس كلمتها، لكن بلسان عابس:
- أهلا..
تقدمت وسألتني:
- هل معك تعبئة هاتف، مكالمة...
أجبت ب: لا.
ثم أضفت:
- أنا لا أملك هاتفا ولا رقما.. أنا لست من هذا البلد..
كنت أعرف أنها ستسألني عن بلدي، وكذلك كان، وكان جوابي جاهزا.
قلت متماديًا في العبوس:
- أنا من العالم.
ظلت تحدق في من خلف نظارتها الطبية بعينين حشريتين، قبل أن تسألني:
- وأين يقع هذا البلد، هل هو قريب من هنا أم بعيد...؟
قلت:
- بعيد.. بعيد جدا.
ثم علقتْ بسذاجة لم أتحقق من صحتها:
- لأول مرة أسمع عن بلد بهذا الاسم.
بقيت المانكان واقفة جنب السيارة، بمحاذاة بابها الأمامي، بينما كنتُ أنا أفكر في إغلاق النافذة، ولم أفعل للسبب المذكور سابقا.
تخيلت أن هذه المرأة الغامضة والمقنعة، هي كورونا وقد أخفت وجهها خلف كمامة طبية، وتهيأ لي أنها ستنقض وتهجم علي من دون سبب.. يكفيها أن تصوب عطستها المميتة في وجهي. لكنها، لحسن حظي، لم تفعل. انصرفت فجأة وهي تتمايل تحت حذائها الأبيض ذو الكعب العالي، وبيدها كيس صغير عليه علامة المتجر الذي أقف بسيارتي قبالته. ماذا تكون قد اشترت يا ترى؟
أجبت نفسي مقتنعا:
- لعلها اقتنت شيئا ما يتصل بالرأس. لنقل تحديدا بالفم. أحمر شفاه مثلا، أو معجون أسنان، وربما سواكا معطرا للفم. لا أظنها اقتنت لباسا، الكيس الذي بيدها صغير، وإن حدث غير ما ظننت، فسيكون فولارا شبيها بالفولار الذي تغطي به رأسها. المهم شيئا ما يتصل بالرأس.

***
انصرفت ذات الكمامة، وتنفست أنا الصعداء كما يقولون، لكن حكايتها ظلت معي. أو على الأصح ظلت كوروناها ملتصقة بي.
مع من كانت يا ترى ترغب في إجراء مكالمة لا تملك ثمنها؟
وهبْ أني تفضلت ومكنتها من هاتفي لتقول كلمة أو كلمتين لمن ينتظرها أو لا ينتظرها، من يضمن لي أنها ستعيده لي سليما معافى من غير فيروس. تحسست تليفوني السامسونغ داخل جيب سروالي، ووعدته برشات معقمة.
لكن هل يمكن لمتصل بالهاتف مصاب بكورونا أن ينقل الفيروس اللعين إلى المتصل به؟
أجبت نفسي مثل خبير من خبراء التحليل السياسي وغير السياسي على القنوات الفضائية العربية:
- ممكن وجائز.. أن يحدث ما تتخوف منه، أن تنتقل العدوى عن بعد، يبقى الأمر مرتبطا بحجم المسافة، وهل المكالمة محلية أم مع بلد من الخارج، هل من نفس القارة، أو من نفس القومية والديانة والمذهب... كلها عوامل متداخلة فاعلة.. يجب استحضارها قبل النطق بأية أحكام أو نتائج...!!!
- يا له من محلل حصيف.. يا هو.. يا من أصبحت متخصصا في شرح وتحليل كورونا...
وضحكت ضحكة مفتعلة تليق بفيروس مفتعل، والمُفتعل هو شيطان أمريكا الرجيم.
ثم انتبهت إلى أن الكمامة في لغتنا أولها حرف كاف، مثل كورونا.. وكذلك الكفر، والكمد، والكرب، والكسر، والكسل، والكذب، والكرة والكأس والكلام..
ونسيت أن "الكون" في العربية يبدأ بحرف الكاف أيضا، وأن آخره حرف نُون. وتمنيت حينها أن لا تكون لنونه صلة بنون كورونا القاتلة.

ورأيت أن البلاد التي هاجمتها كورونا بقوة، حتى الآن، هي بلدان يتضمن اسمها على الأقل حرفا من أحرف علّة كورونا:
- الصين والطاليان ولبنان واليابان مثلا، دول ابتليت بكورونا نونية...
- كوريا وأمريكا ابتليت بكورونا كافية رائية.
- أما فرنسا وانجلترا وإيران فكوروناها مزدوجة، نونية ورائية.
واصلت بحثي الكورونيائي في المنطقة العربية، ووجدت:
- أنها رائية في الجزائر والمغرب ومصر وقطر وسوريا والعراق والإمارات،
- نونية في لبنان والسودان واليمن وتونس وعمان والبحرين وفلسطين،
- كافية في الكويت.
- مزدوجة في موريتانيا والأردن،
وأن السعودية وليبيا هما البلدان الوحيدان المستثنيان من علة الأحرف المرئية، على الأقل، في فيروس كورونا، وأن جل دول العالم تحتوي أسماؤها على الأحرف الفيروسية، ولا ملاذ.

***
لم أعرف كم مضى من وقت وأنا غارق في هلوستي الكورونائية، وربما ارتفعت درجة حرارتي ولم أشعر، عندما شاهدت كورونا التي كانت تبحث عمن يتكرم عليها بفائض مكالمة، وهي قادمة من جديد باتجاه المتجر الكبير لبيع الملابس، ولم تكن وحدها هذه المرة، بل كانت برفقة رجلين اثنين. كلاهما من دون كمامة، والأصغر سنا منهما يرتدي قميص فريق نادي أجاكس الهولندي، وتذكرت أن لاعبا كان اسمه كوراني، دينيس كوراني، لاعب كرة قدم برازيلي من أب ألماني وأم بنمية، كان مدافعا ومهاجما في آن، لكن سرعان ما خبا نجمه واعتزل كرة القدم بسبب سلوكه المشاغب.
هل أقول إنها علامة فأل حسن، إذ ستختفي كورونا سريعا وتعتزل رياضة قتل البشر؟!

***
لكن ماذا كنت أفعل أنا أمام المتجر الكبير لبيع الإكسسوارات والملابس؟
وإذا علمتم أن المتجر صيني؟
وكأني سمعت من ينهرني ويقول لي: كفى..!
حركت سيارتي مبتعدا عن الصين وما يجيء منها، لكن كلمة "كفى" ظلت ترن في أذني وأنا أقاوم حرفها الأول كي لا يعيدني إلى بداية هذه الحكاية.



#عبد_الرحيم_التوراني (هاشتاغ)       Abderrahim_Tourani#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- روح إيفانكا تنبح في البيت الأبيض
- من قتل عمر بنجلون؟!
- ألا لا يجهلن أحد علينا..!
- قصة قصيرة: على حافة موال تيزي نتيشكة*
- جمهور الكرة لا يقرأ جورج أوريول بل يشرب -الروم- ولا يقرب الأ ...
- محمد زفزاف السينمائي الذي جاور هوليوود ..!
- انتخابات تونس: قيس سعيّد الرئيس الخامس للجمهورية التونسية!!!
- انتخابات تونس: مرشحون على الجدران والشارع في همومه وأشباح بن ...
- رائحة شحم في الساطور
- أغنية الصّباغ الذي هوى الآن
- التمرغ في تراب التكريم!
- أقصوصة: سبب عدم وصول صاحب التاكسي
- حلويات بن لادن
- الموت يغيب المناضل الأممي باتريس بارا ... نهاية رجل شجاع
- مقابلة مع المناضل الأممي ضد العولمة باتريس بارا Patrice BARR ...
- غياب: رحيل الصحفي المغربي عمر الأنواري.. نجم آخر ينطفئ بعيدا ...
- الصحافة المغربية في حداد.. عبد القادر شبيه: نجم إعلامي ينطفئ ...
- غياب القطب الاستقلالي السياسي والأديب والمفكر: عبد الكريم غل ...
- عشرون سنة مرت على رحيله: الرفيق الحاج علي يعته.. ذكريات مع ا ...
- قصة قصيرة: كسّارة ضلوع


المزيد.....




- إنقاذ سلحفاة مائية ابتعدت عن البحر في السعودية (فيديو)
- القيادة الأمريكية الوسطى تعلن تدمير 7 صواريخ و3 طائرات مسيرة ...
- دراسة جدلية: لا وجود للمادة المظلمة في الكون
- المشاط مهنئا بوتين: فوزكم في الانتخابات الرئاسية يعتبر هزيمة ...
- ترامب: إن تم انتخابي -سأجمع الرئيسين الروسي الأوكراني وأخبر ...
- سيناتور أمريكي لنظام كييف: قريبا ستحصلون على سلاح فعال لتدمي ...
- 3 مشروبات شائعة تجعل بشرتك تبدو أكبر سنا
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /19.03.2024/ ...
- إفطارات الشوارع في الخرطوم عادة رمضانية تتحدى الحرب
- أكوام القمامة تهدد نازحي الخيام في رفح بالأوبئة


المزيد.....

- جائحة الرأسمالية، فيروس كورونا والأزمة الاقتصادية / اريك توسان
- الرواسب الثقافية وأساليب التعامل مع المرض في صعيد مصر فيروس ... / الفنجري أحمد محمد محمد
- التعاون الدولي في زمن -كوفيد-19- / محمد أوبالاك


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات - عبد الرحيم التوراني - كورونا تجهل موقع العالم!