أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وديع العبيدي - الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [23]















المزيد.....

الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [23]


وديع العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 6508 - 2020 / 3 / 8 - 20:29
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


(37)
النواسخ والمناسخ.. والمُحْكَمَات ..
ن = ناسخ، م = منسوخ
البقرة 2- مدنية - ن= (19) موضعا/ م = (32) موضعا
ال عمران 3- مدنية- ن = (3)/ م = (10)
النساء 4- مدنية - ن = (7)/ م = (22)
المائدة 5- مدنية- ن = (9)/ م = (9)
الانعام 6- مدنية- ن = (4)/ م = (13)
الاعراف 7- مدنية- ن = (2)/ م = (2)
الانفال 8- مدنية- ن = (6)/ م = (7)
التوبة 9- مدنية - ن = (14)/ م = (7)
يونس 10 - مكية - م = (7)
الرعد 13- مدنية- م = (2)/ ن = (2)
الحجر 15- مكية- م = (5)
النمل 27- مكية - م = (5)
الاسراء 17- مكية - م = (3)
الكهف 18- مكية- م = (1)
مريم 19- مكية - م = (5)
طه 20- مكية - م = (4)
الانبياء 21 - مكية - م = (3)
الحجّ 22 - مدنية - ن = (1)/ م = (4)
المؤمنون 23- مكية - م = (2)
النور 24- مدنية - ن = (10)/ م = (3)
الفرقان 25- مكية - م = (4)
الشعراء 26- مكية - م = (3)
النمل 27 - مكية - م = (1)
القصص 28- مكية - م = (1)
العنكبوت 29- مكية - م = (2)
الروم 30 - مكية - م = (2)
لقمان 31- مكية - م = (1)
السجدة 32- مكية- م = (1)
الاحزاب 33- مدنية - ن= (2)/ م= (2)
سبأ 34- مكية- م = (1)
فاطر 35- مكية- م = (1)
يس 36- مكية - م = (1)
الصافات 37- مكية- م = (2)
ص 38- مكية - م = (3)
الزمر 39 - مكية- م = (4)
غافر 40 - مكية - م = (2)
فصلت 41 - مكية - م = (1)
الشورى 42 - مكية - م = (9)
الزخرف 43 - مكية - م = (3)
الدخان 44 - مكية - م = (2)
الجاثية 45 - مكية - م = (1)
الأحقاق 46 - مكية - م = (1)
محمد 47 - مدنية - ن = (1)/ م = (2)
ق 50 - مكية - م = (2)
الذاريات 51 - مكية - م = (2)
الطور 52- مكية - م = (3)
النجم 53 - مكية - م = (2)
القمر 54- مكية - م = (1)
الواقعة 56 - مكية - م = (1)
المجادلة 58 - مدنية- ن = (1)/ م = (1)
الحشر 59 - مدنية- ن = (1)/ م = (1)
الممتحنة 60 - مدنية - ن = (1)/ م = (3)

المعارج 70 - مكية- م = (3)
المزمل 73 - مكية - م = (9)
المدثر 74- مكية- م = (3)
القيامة 75- مكية- م = (1)
الانسان 76- مدنية- ن = (1)/ م = (2)
عبس 80- مكية- م = (1)
التكوير 81- مكية - م = (1)
الطارق 86- مكية- م = (1)
الغاشية 88- مكية- م = (1)
العصر 103- مكية- م = (1)
الكافرون 109- مكية - م = (1)

كلّ السور التي طرأ عليها النسخ(ناسخا/ منسوخا) فهو يدخل في (المُتَشَابَهَة)؛
أما السور التيي لم تتعرض للنسخ، فهي من (المُحْكَمَات) الراسخة المعنى والواضحة، وهي:
الفاتحة ، يوسف، الفتح، الحجرات، الرحمن، الحديد، الصف، الجمعة، المنافقين، التغابن، الطلاق، التحريم، الملك، الحاقة، نوح، الجن، المرسلات، النبأ، النازعات، الانفطار، المطففين، الانشقاق، الأعلى، الفجر، البلد، الشمس، الليل، الضحى، الشرح، التين، العلق، القدر، البيّنة، الزلزلة، العاديات، القارعة، التكاثر، الهمزة، الفيل، قريش، الماعون، الكوثر، النصر، المسد، الاخلاص، الفلق، الناس.
وهذا لا يعني نهاية القول، في النواسخ والمحكمات في حال، ولكنه يعكس حالة من الاجماع نسبيا.
وثمة من الفقهاء والمفسرين من يختلف في مواضع الناسخ ومواضع المنسوخ، فيغير ويبدل، ويزيد وينقص.
كما يختلفون في المحكمات، ومن نقاظ الخلاف المشهورة سورة الرعد وغيرها.
ويدخل في الخلاف أيضا، تصنيف السور إلى مكيّة ومدنية؛ وليس الوارد في ترتيب السور وتصنيفها القرآني، محسوما بين المذاهب والطوائف.
ويمكن الإحاطة بالكتب التي تناولت ثيمات القرآن، لملاحظة الخلاف وانعدام الاتفاق التام في إيّما نقطة منها.
وهذا يعني ان الخلافات وعدم الاتفاق لا تنحصر في السنة والحديث، وإنما تشمل القرآن أيضا وتفاصيله أيضا.
لكن الثابت والمحسوم بين الفقهاء، سورة التوبة التي نسخت مجمل أحكام القرآن والشريعة، وسيما..
أولا: آية السيف..
[فَإِذَا انسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ ۚ فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ]- (التوبة 9: 5)- مدنية/ العام التاسع للهجرة
قال الأصم : أريد به (من لا عقد له) من المشركين ، فأوجب أن يمسك عن قتالهم حتى ينسلخ (الحرم) ، وهو مدة خمسين يوما على ما ذكره ابن عباس ؛ لأن النداء كان بذلك يوم النحر.
واعلم أن مطلق قوله : اقتلوا المشركين يقتضي جواز قتلهم بأي وجه كان ، إلا أن الأخبار وردت بالنهي عن المثلة . ومع هذا فيجوز أن يكون ابو بكر حين قتل أهل الردة بالإحراق بالنار ، وبالحجارة وبالرمي من رءوس الجبال ، والتنكيس في الآبار ، تعلق بعموم الآية . وكذلك إحراق عليّ قوما من أهل الردّة يجوز أن يكون ميلا إلى هذا المذهب ، واعتمادا على عموم اللفظ.
قال الحسين بن الفضل : نسخت هذه كل آية في القرآن فيها ذكر الإعراض والصبر على أذى الأعداء.
واقعدوا لهم كل مرصد المرصد : الموضع الذي يرقب فيه العدو ، يقال : رصدت فلانا أرصده ، أي رقبته . أي اقعدوا لهم في مواضع الغرة حيث يرصدون. وفي هذا دليل على جواز اغتيالهم قبل الدعوة. وهذا النص يؤكد حق (الآخر) بمعاملة المسلمين حيثما (رصدوهم)، وفق مبدأ (المعالملة بالمثل، والسن بالسنّ).
وجاء في (الميزان) لمحمد حسين طباطبائي [1904- 1981م]: محصل الآية الحكم ببطلان (العهد) و رفع الأمان عن جماعة من المشركين، كانوا قد عاهدوا المسلمين؛ ثم نقضه أكثرهم، و لم يبق إلى من بقي منهم وثوق، تطمئن به النفس إلى عهدهم، و تعتمد على يمينهم، و تأمن شرّهم و أنواع مكرهم.
و قد اختلفوا في تعيين المراد بـ(يوم الحجّ الأكبر) على أقوال: منها: أنه يوم (النحر) من سنة التسع من الهجرة؛ لأنه كان يوما اجتمع فيه المسلمون و المشركون، و لم يحج بعد ذلك العام (مشرك). و هو المؤيّد بالأحاديث المروية عن أئمة (أهل البيت) والأنسب بـ(أذان البراءة). و الاعتبار يساعد عليه، لأنه كان أكبر يوم اجتمع فيه المسلمون و المشركون من أهل الحج عامة بمنى. و قد ورد من طرق (أهل السنّة) روايات في هذا المعنى، غير أن مدلول جلّها أن (الحج الأكبر) اسم (يوم النحر)، فيتكرر على هذا كل سنة.
ثانيا: آية القتال والجزية..
[قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ]- (التوبة 9: 29)- مدنية/ العام التاسع للهجرة..
يقول القرطبي فيها..
1- انها اختصت بأهل الكتاب: الكتاب = (الكتاب المقدس)= (كتب موسى والانبياء والزبور + اسفار الانجيل): أيّ اليهود/(أتبلاع موسى) والمسيحيين/(أتباع المسيح).
2- منعهم من الاقتراب من (المسجد الحرام): (ما حرّم الله)، والمغزى منه: انّ بعض الكتابين كانوا يقومون بالتجارة قرب المسجد الحرام، فيقطعون على المسلمين ترويج تجارتهم.
3- (ثم أحل في هذه الآية الجزية وكانت لم تؤخذ قبل ذلك ، فجعلها عوضا مما منعهم من موافاة المشركين بتجارتهم). فالجزية المفروضة لأول مرة هنا، هي تعويض خسارة المسلمين من تجارة اهل الكتاب. أو هي عمولة مقطوعة/(ضرييبة تصاعدية) من النشاط التجاري والاقتصادي لغير المسلمين.
4- مقاتلة جميع (الكفار) ممن ينطبق عليهم توصيف نص القرآن.
5- تأكيد النص على مقاتلة أهل الكتاب، لإنكارهم نبوّة محمّد، رغم ورودها في كتابهم بلسان عيسى: [وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ]- (الصف 61: 6)- مدنية. وهي الترجمة القرآنية لنص الانجيل [أَنَّهُ سَيَقُومُ مُسَحَاءُ كَذَبَةٌ وَأَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ وَيُعْطُونَ آيَاتٍ عَظِيمَةً وَعَجَائِبَ، حَتَّى يُضِلُّوا لَوْ أَمْكَنَ الْمُخْتَارِينَ أَيْضًا]- (مت 24: 24)
أما قول المسيح المقصود فهو: [أَنَا قَدْ أَتَيْتُ بِاسْمِ أَبِي وَلَسْتُمْ تَقْبَلُونَنِي. إِنْ أَتَى آخَرُ بِاسْمِ نَفْسِهِ فَذلِكَ تَقْبَلُونَهُ]- (يو 5: 43)
جاء في تفسير الميزان: أول ما وصفهم به قوله: (الذين لا يؤمنون بالله و لا باليوم الآخر): و هو ينسب إليهم في كلامه أنهم يثبتونه إلها و كيف لا؟ و هو يعدهم (أهل الكتاب)، و ما هو إلا (الكتاب السماوي)، النازل من عند الله على رسول من رسله. و يحكي عنهم القول أو (لازم) القول بـ(الألوهية) في مئات من آيات كتابه.
و كذا ينسب إليهم القول بـ(اليوم الآخر) في أمثال قوله: [و قالوا لن تمسّنا النار إلا أياما معدودة]- (البقرة 2: 80)، و قوله: [وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى]- (البقرة 2: 111).
غير أنه تعالى لم يفرق في كلامه بين الإيمان به و الإيمان باليوم الآخر؛ فالكفر بأحد الأمرين كفر بالله و الكفر بالله كفر بالأمرين جميعا. و حكم فيمن فرق بين الله و رسله، فآمن ببعض دون بعض أنه كافر؛ كما قال: [إن الذين يكفرون بالله و رسله و يريدون أن يفرقوا بين الله و رسله و يقولون نؤمن ببعض و نكفر ببعض و يريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا أولئك هم الكافرون حقا و اعتدنا للكافرين عذابا مهينا]- (النساء 4: 151)
فعُدَّ (أهل الكتاب) ممّن لم يؤمن بنبوّة محمّد كفارا حقا؛ و إن كان عندهم إيمان (بالله و اليوم الآخر)؛ لا بلسان أنهم كفروا بآية من آيات الله و هي آية النبوّة، بل بلسان أنهم كفروا بالإيمان بالله، فلم يؤمنوا بالله و اليوم الآخر. كما أنّ المشركين أرباب الأصنام كافرون بالله، إذ لم يوحّدوه و إن أثبتوا إلها فوق الآلهة.
و يكون حينئذ توصيفهم بعدم تحريمهم ما حرم الله و رسوله، بغرض (تأنيبهم) و (الطعن فيهم) و لبعث المؤمنين و (تهييجهم على قتالهم)، لعدم اعتنائهم بما حرمه الله و رسوله، و استرسالهم في الوقوع في محارم الله و هتك حرماته.
و ربّما أيّد هذا الاحتمال أن لو كان المراد بقوله: (و رسوله)، رسول كلّ أمة بالنسبة إليها، كموسى بالنسبة إلى اليهود و عيسى بالنسبة إلى النصارى؛ كان من حقّ الكلام أن يقال: (و لا يحرمون ما حرم الله و رسله)، على ما هو دأب القرآن في نظائره للدلالة على كثرة الرسل، كقوله: [و يريدون أن يفرقوا بين الله و رسله]- (النساء 4: 150)، و قوله: [قالت رسلهم أ في الله شك]- (إبراهيم 14: 10)، و قوله: [وجاءتهم رسلهم بالبينات]- (يونس 10: 13).
على أن (النصارى) رفضوا محرمات التوراة و الإنجيل، فلم يحرّموا ما حرم موسى و عيسى. وليس من حق الكلام في مورد هذا شأنه: أنّهم لا يحرمون ما حرم الله و رسوله!
على أن المتدبر في المقاصد العامة الإسلامية، لا يشك في أن (قتال) أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية؛ ليس لغرض تمتع أولياء الإسلام و لا المسلمين من متاع الحياة الدنيا، و استرسالهم و انهماكهم في الشهوات، على حدّ المترفين من الملوك و الرؤساء المسرفين من أقوياء الأمم. و إنما غرض الدين في ذلك، أن يظهر دين (الحق) و سنّة (العدل)، و كلمة (التقوى) على الباطل والظلم والفسق، فلا يعترضها في مسيرها اللعب و الهوى؛ فتسلم التربية الصالحة المصلحة، من مزاحمة التربية الفاسدة المفسدة؛ حتى لا ينجر إلى أن تجذب هذه إلى جانب، و تلك إلى جانب؛ فيتشوش أمر النظام الإنساني.
إلا أن لا يرتضي واحد أو جماعة التربية الإسلامية لنفسه أو لأنفسهم، فيكونون أحرارا فيما يرتضونه لأنفسهم من تربية دينهم الخاصة، على شرط أن يكونوا على شيء من دين التوحيد: و هو اليهودية أو النصرانية أو المجوسية؛ و أن لا يتظاهروا بالمزاحمة، و هذا غاية العدل و النصفة من دين الحق الظاهر على غيره.
و أما (الجزية) فهي عطية مالية مأخوذة منهم، مصروفة في حفظ ذمتهم، و حسن إدارتهم. و لا غنى عن مثلها لحكومة قائمة على ساقها حقة أو باطلة.
ومن هذا البيان، يظهر أن المراد بهذه المحرّمات: المحرّمات الإسلامية التي عزم الله أن لا تشيع في المجتمع الإسلامي العالمي. كما أن المراد بدين (الحق) هو الذي يعزم أن يكون هو المتبع في المجتمع.
ولازم ذلك أن يكون المراد بالمحرمات: المحرمات التي حرمها الله و رسوله الصادع بالدعوة الإسلامية. و أن يكون الأوصاف الثلاثة: (الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر) في معنى التعليل، تفيد (حكمة) الأمر بقتال أهل الكتاب..
وبذلك كلّه يظهر فساد ما أورد على هذا الوجه، أنه لا يعقل أن يحرم أهل الكتاب على أنفسهم، ما حرم الله و رسوله علينا، إلا إذا أسلموا !.. و إنما الكلام في (أهل الكتاب) لا في المسلمين العاصين..
وجه الفساد أنه ليس من الواجب أن يكون الغرض من (قتالهم) أن يحرّموا ما حرم الإسلام، و هم (أهل الكتاب)؛ بل أن لا يظهر في الناس التبرز بالمحرمات من غير مانع يمنع شيوعها، و الاسترسال فيها كشرب الخمر و أكل لحم الخنزير و أكل المال بالباطل على سبيل العلن؛ بل يُقاتَلون ليدخلوا في الذمة، فلا يتظاهروا بالفساد، و يحتبس الشر فيما بينهم أنفسهم... الخ.
(خلاصة..)
بعض المفسّرين من أهل السنّة، يبدون مثل روبوت ، يعتمدون التفسير الحرفي الجامد، غير مميزين بين معنى النص وبين (الطبيعة الإلهية)، وعدم الانحطاط به إلى مستوى أفكار البشر وطبائعهم وغرائزهم، وسيما أولئك البدو الذين لم تهذبهم الحضارة والتمدن.
وهؤلاء الروبوتز المرتزقة، يضعون المرويّات الشفاهية ونصوص الكتاب في مقام واحد، فيلبسون البشري بالسماوي.
ليست وظيفتنا اليوم تبرير أسوائهم، ولا تبرر جبنهم أو طمعهم في السلامة والمعيشة الرخصة، مفرطين بالقيم والمبادئ الإنسانية والضمير السامي، ودون إعتبار لشجرة السموم التي يؤثثونها، ليقع أجيال المستقبل فريسة ثمارها التدميرية.
ان خدمة السلطان الجائر، مساهمة في الجور؛ وخدمة الديين الفاسد، مساهمة في الفساد.
وشتان بين حكماء الأمم، وبين أشرار الإسلام، فيما أورثوه، تحت حدّ السيف وغياب العقل والقيم الراقية.
وقد حاول صاحب الميزان أن يبدو أكثر عصرانية ودبلوماسية، وهو يعالج ويداور ويراوغ حول النص؛ وقد استوقفه كما استوقف نبيّه موضوع المال/(الجزية) وقارنه بالضريبة العصرية التي تتقاضاها الدولة، سواء كانت (حقة أو باطلة).
وكان الأولى به الارتقاء في التفسير إلى مفهوم وثقافة المواطنة، سيما وهو يؤكد مرارا أن (أهل الكتاب) ليسوا مشركين ولا كافرين، كما يصفهم المسلمون اليوم. وأن الحق هو (لا إكراه في الدين) ولا في غيره، من طعام أو ثياب أو ممارسات، لا يختارها المرء بمطلق قناعته.
ولم يتعلم مسلم معنى ومغزى القول: [كُلُّ الأَشْيَاءِ تَحِلُّ لِي، لكِنْ لَيْسَ كُلُّ الأَشْيَاءِ تُوَافِقُني. كُلُّ الأَشْيَاءِ تَحِلُّ لِي، وَلكِنْ لَيْسَ كُلُّ الأَشْيَاءِ تَبْنِي]- (1 كو 10: 23)
والسؤال الأول: لماذا عليّ أن أجاريك في كل ما تفعله؟.. لماذا أتناول ما تطبخه لي قسرا؟.. لماذا تختار لي أنت قناعاتي وثيابي وسلوكي؟.. وتجعل منيي عبدا لمزاجك وتشوّهاتك..
في أول نص عبراني واجه موسى: [ثُمَّ خَرَجَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي وَإِذَا رَجُلاَنِ عِبْرَانِيَّانِ يَتَخَاصَمَانِ، فَقَالَ لِلْمُذْنِبِ: لِمَاذَا تَضْرِبُ صَاحِبَكَ؟.. فَقَالَ لَهُ: مَنْ جَعَلَكَ رَئِيسًا وَقَاضِيًا عَلَيْنَا؟.. أَمُفْتَكِرٌ أَنْتَ بِقَتْلِي كَمَا قَتَلْتَ الْمِصْرِيَّ؟.. فَخَافَ مُوسَى وَقَالَ: حَقًّا قَدْ عُرِفَ الأَمْرُ!.. فَسَمِعَ فِرْعَوْنُ هذَا الأَمْرَ، فَطَلَبَ أَنْ يَقْتُلَ مُوسَى. فَهَرَبَ مُوسَى مِنْ وَجْهِ فِرْعَوْنَ وَسَكَنَ فِي أَرْضِ مِدْيَانَ]- (خر 2: 13- 15)
لقد دفع موسى أربعين عاما من عمره طريدا خائفا، قتله إنسانا واحدا؛ وذلك لوجود دولة مدنية وحضارة مصرية عريقة، بينما لم يجد البدوي المتوحش رادعا أو ضميرا يردعه؛ وبحسب القول الشائع، لم يجد كبيرا يؤدبّه.
قلنا انّ علّة الناسخ كانت انتقالة الحركة من الضعف إلى القوّة العسكرية. وكانت عودة محمّد إلى مكة في العام الثامن للهجرة، نقلة نفسية وعسكرة، لشخص لقيط، يتربع على كرسي الزعامة. وبعدما اعترف به ابو سفيان وأعيان قريش، فلماذا يتهاون مع أهل الكتاب الرافضين زعامته، وأوهام عظمته..
أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى
وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى
وَوَجَدَكَ عَائِلا فَأَغْنَى
فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ
وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ
وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ/ (الضحى93)



#وديع_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [22]
- الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [21]
- الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [20]
- الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [19]
- الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [18]
- الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [17]
- الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [16]
- الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [15]
- الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [14]
- الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [13]
- الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [12]
- الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [11]
- الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [10]
- الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [9]
- الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [8]
- الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [7]
- الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [6]
- الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [5]
- الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [4]
- الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [3]


المزيد.....




- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...
- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...
- موعد وقيمة زكاة الفطر لعام 2024 وفقًا لتصريحات دار الإفتاء ا ...
- أسئلة عن الدين اليهودي ودعم إسرائيل في اختبار الجنسية الألما ...
- الأحزاب الدينية تهدد بالانسحاب من ائتلاف نتنياهو بسبب قانون ...
- 45 ألف فلسطيني يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى ...
- استعدادا لذبحها أمام الأقصى.. ما هي قصة ظهور البقرة الحمراء ...
- -ارجعوا إلى المسيحية-! بعد تراكم الغرامات.. ترامب يدعو أنصار ...
- 45 ألفا يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى
- الأتراك يشدون الرحال إلى المسجد الأقصى في رمضان


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وديع العبيدي - الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [23]