أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبيحة شبر - ضاع عمري : قصة قصيرة














المزيد.....

ضاع عمري : قصة قصيرة


صبيحة شبر

الحوار المتمدن-العدد: 1572 - 2006 / 6 / 5 - 12:34
المحور: الادب والفن
    


الجو جميل ، رائق ،في ايام الربيع القليلة ، والمعدودة على أصابع اليد ،أحب ان يتمشى بين أشجار البرتقال الزاهية ،والتي تبعث بأريجها القوي البديع ،فتخفق القلوب ، ويهيمن على الأفئدة شعور قوي من البهجة ، يملآ النفوس جمال رائع ، يستولي على الألباب ، ويغمرها بالدهشة والتسبيح والحمد لله ، واهب الفتنة ومبدع الجمال ،وهو ما زال في حاله ، يسير بافتتان ، بين الأشجار ، المتشابكة ، ويملآ العين بجمال الزهور ، المتلألئة ، حيث السكينة تهيمن على النفوس ، وتأخذ بمجامع الأفئدة ، وتسيطر على القلوب ، المعجبة بجمال الطبيعة الأخاذ ، ذات المناظر الخلابة ، وهو على هذا الشعور بالاستحواذ واذ بصرخة عالية تمزق أستار الصمت المخيم على المكان
- النجدة ،،، أغيثوني ، لقد سرق مني عمري
- ويحك ، يا إنسان ، كيف سرقوا منك العمر ، ومن هم أولئك السارقون ؟؟
- سرقوا عمري وولوا هاربين ، ساعدني ،أرجوك ، لأعيد منهم عمري المسروق ، قبل ان يتمكنوا من بيعه ....
يذهب المشتكي بعيدا ، لعله معتوه ، أقبلت به سبل الحياة الغريبة ، والمتعرجة ، وكثيرة الأعباء ، والمخاطر والصعوبات ...
ولكن العبارة الغريبة ، والصرخة المنبعثة من إنسان ، يشعر بهول الفقدان ، وفداحة الضياع ، ما زالت تحيا معه ، تقض شعوره بالسكينة ، وتسرق إحساسه بالأمان ، والطمأنينة ، وان العالم جميل بديع ، والحياة ينبغي ان تعاش ، بحلوها ومرها
الأشجار متشابكة خضراء الأغصان ، والزهور جميلة ن والعطر المنبعث منها فواح ، يملأ الإنسان بشعور أخاذ بالجمال والبهجة ، لقد صمم ان يئد ذلك الشعور الأليم بالفقدان الذي جاءه على غير موعد سابق ، حين سمع الصرخة المستنجدة ..
يمضي الى داره ، مسلوب الفؤاد ، يمضه التفكير المضني ، بغربة الأمور
تستقبله امرأته ، كالعهد بها ، بابتسامة ، كانت تنسيه في السابق ، متاعب يومه
والامه والمنغصات التي لابد ان يراها كل امريء في الحياة ، ما ان تطأ قدمه ارض المنزل الذي اعتبره دائما واحة أمان واطمئنان ، حتى كان ينسى كل همومه
- هيا ، عزيزي ، يبدو عليك التعب والإرهاق
- مشكلة ألمت بصديق لي
- ما هي المشكلة ؟ ومن صديقك هذا ؟
- صديق لا تعرفينه ، ومشكلته غريبة ، سوف أحدثك عنها ، ونحن نتناول الطعام
المائدة بسيطة ، لم يكونوا ميسوري الحال ، لكنهم كانوا راضين عن حياتهم ، التي يسودها الود ، ويجمعها الحب والتفاهم ...
مرق البامية والرز ، الوجبة الرئيسية للناس هنا ،، وصحن السلطة الذي تحرص الزوجة على تهيئته ، وقنينة الماء ، وصحن الرقي المنزوع القشور
ما ان جلس الرجل على كرسيه ، لتناول الطعام ، حتى استفزته تلك الصرخة ، شعر بتأنيب كبير ، كيف لا يساعد إنسانا ، طلب منه المساعدة ، ، ولا يمد يديه يعين مخلوق ، استغاث بمروءته ، واستنجد بشهامته ، وقبل ان يمد يده لتناول قطعة من الصمون ، الموضوع على المائدة ، حتى أعاد القطعة الى مكانها ، ونهض واقفا
- الى أين ؟ عزيزي
- إنسان بحاجة الى معونتي ، سأقدمها له ، واعود
- كل طعامك اولا
- لا . لا استطيع ، المسكين يستغيث
- لكن الظلام حل بكلكله ألان ،كيف يمكنك ان تخرج ؟
- استعين بالمصباح اليدوي
- المصباح بلا بطارية ، سأضعها به
يخرج الرجل من منزله ، بعد ان بدأت جيوش الظلام تغزو المدينة ، لم تكن الليلة مقمرة ، غيوم سوداء كانت تحجب القمر ، وتبعث دياجير الظلمات الى المدينة التي أخذت تأوي الى السبات
لم يعهد مثل هذا الظلام من قبل ، فهو لم يكن يكثر من الخروج ، في الليالي التي أفل قمرها ،،، يبدأ عمله في الصباح ، تتخلله ساعة واحدة للراحة خلال الظهر ، يتناول بها الطعام الذي هيأته الزوجة ، لكن هذه الليلة تختلف عن سابقاتها ، فهو إنسان معروف بتقديم الخير والمعونة لكل شخص يحتاجها ، كيف يمكنه التخلف عن نجدة إنسان ملهوف يستصرخه ان يفعل ؟؟
يعود الى البقعة الجميلة التي استمتع بها ،بجمال الأشجار المتكاتفة البديع ، ولكن من يمكن ان يكون في هذه البقعة النائية الان ؟ والظلام قد سد منافذ الرؤية أمام الجميع ، يشعل المصباح ، فينبعث ضوءه ، مما يسبب له حرجا
- من هنا ؟؟ ما ذا تفعل في هذه الساعة من الليل ؟ وفي هذه المنطقة المعزولة ، والخالية من الناس ؟
- جئت لأساعد إنسانا بحاجة الى مساعدتي
- من يكون ذلك الشخص ؟
- لا أعرفه
- كيف تساعد من لا تعرف ، وبمثل هذه الظروف ؟
- لقد تعرض الى صعوبات ، غريبة ن وناشدني ان أساعده في تذليلها
- وما هذه الصعوبات ؟؟
- إنها غريبة ، لم اسمع بمثلها ، قبل اليوم
- اذكرها لي ، علني اشترك معك في مساعدة هذا الرجل
- كان يصرخ طالبا النجدة ، ويزعم انه أضاع عمره
- وكيف فقد عمره ؟؟
- لا أدري
يفكر الشرطي برهة ، فتلوح امام ناظريه فكرة جديدة ، تظهر على محياه علامات الاهتمام
- هل رأيت الرجل ؟؟
- سمعت صوته فقط
- ماذا كان يقول
- النجدة ، أغيثوني ،، لقد ضاع عمري
- أكان صوته فتي ام طاعنا في السن ؟؟
يفكر الرجل قليلا ، ويتوصل الى جواب شاف ، فالرجل المستغيث كان بلا أسنان
- هناك رجل واحد طاعن في السن يمر من هنا ، انه محمود
- وهل أضاع عمره ؟؟
- انه مدمن على لعب القمار ن خسر كل ما بجيبه من نقود ، ولعب على عمره ، فخسر مرة أخرى
- وهل يأخذون عمره وقد استوفى كل عمره ؟
- من يدري ؟ قد يفيد اللاعبين ان يحصلوا على عمر إنسان قد أوشك ان يودع عمره



#صبيحة_شبر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا تنتحر النساء؟
- المراة العربية في وسائل الاعلام
- عمل المراة وازدواج المعايير
- لن ادمن انتظارك
- بدء الخليقة والمراة
- رنين الهاتف
- الخطافة : قصة قصيرة
- تشابك مهن : قصة قصيرة
- تراجع يهيمن على احوالنا
- الطبقة العاملة وتغيرات العصر
- لماذا نكتب ؟؟
- لحظة من حياة امرأة
- حول النقد الادبي
- الفقدان
- اغتراب المبدعة العربية ، ما الاسباب ؟
- من هو المثقف ؟
- لائحة الاتهام تطول : قصة قصيرة
- انسبوا الكتابات لاصحابها ،، اعزائي
- الفرق بين المجاملة والنفاق
- مفهوم الصداقة


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبيحة شبر - ضاع عمري : قصة قصيرة