أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سعاد لومي - من يخدم الاحتلال الاميركي؟ ملامح تشكل القوى الدينية والدكتاتورية الجديدة















المزيد.....

من يخدم الاحتلال الاميركي؟ ملامح تشكل القوى الدينية والدكتاتورية الجديدة


سعاد لومي

الحوار المتمدن-العدد: 1571 - 2006 / 6 / 4 - 09:34
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


(إلى جانيت.. من المانيا.. التي بكت بحرقة عراقية خاصة على قناة فضائية)

تتشكل ملامح الدكتاتورية الجديدة في الشرق الاوسط في هذه المرحلة التاريخية الانعطافية من حياة العرب والمسلمين على نحو اوضح من أي وقت مضى, باعتبارها الحل الامثل لعموم الدكتاتوريات الكبرى التي شهدتها منطقة الشرق الاوسط على نطاق واسع طوال القرن العشرين وإلى يومنا هذا. ففي هذه المرحلة الشائكة من حياة الشرق الأوسط والعالم العربي والعراق - باعتبارالأخير فأر اختبار عملي- تتجه الافكار على العموم نحو سبل جديدة من الطروحات حول الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان.
وعلى الرغم من ان تلك الرؤى كانت قائمة قبيل هذه المرحلة إلا ان الاحداث السياسية الكبرى كالحادي عشر من سبتمبر واحتلال افغانستان و العراق قد عملت على تقديم نوعا من البرنامج الشرق اوسطي للولايات المتحدة يمكننا تلخيصه بما يعرف بالشرق الاوسط الكبيرالآن. ومن أجل ان نبطل تلك الدعايات والإدعاءات والشعوذات السياسية الاميركية في (التحرر) و(الديمقراطية) و(حقوق الإنسان) ويمكننا ان نتابع سير الأحداث السياسية المختلفة لنستوضح مدى مصداقية الولايات المتحدة في إدعاءاتها.
تتطلب الديمقراطية كحركة كونية إرثا تاريخيا من التغييرات والصدامات الطبقية الكبرى مع القوى المتحكمة بالحياة الاجتماعية والانتاج على حدّ سواء. ولا يمكن ان تكون باي حال من الأحوال مجرد حركة يقوم بها جيش اجنبي لتغيير نظام حكم او رغبة حاكم او مجموعة من الحكام في تقليد الغرب بهذا الشكل او ذاك كما الأنمكوذج الأتاتوركي او انوذج رضا خان التحديثي في إيران. فالديمقراطية انعطافة تاريخية لحركة الشعوب بالدرجة الاساس ولا يمكن لأي تحديث سياسي ان يكون عميقا وراسخا ومثمرا إلا من خلالها. كما أنها في الوقت نفسه تفرز دائما قوى منتجة جديدة تجد في التحرر وسيلة مهمة تصل إلى حدّ الحياة او الموت في سبيلها؛ وهذا ما لم تفرزه بطبيعة الحال امنيات اولئك الراغبين بالتحديث من الحكام التقليديين عادة.
ولا يمكن للجيوش المحتلة بأي سبب او مبرر ان تعمل من اجل الديمقراطية في البلدان التي تقوم باحتلالها بأي حال من الاحوال، لأن طبيعة جميع أنواع الإحتلال لا يمكنها ان تكون إنسانية كما هي طبيعة التكون الديمقراطي الطبيعي أيضا.. وتخبرنا التجربة التاريخية في المدى القريب او البعيد: ان الاستبداد والهيمنة هما عبء على البلد المحتل او القائم بالأحتلال على حدّ سواء. ولذلك يزخر التاريخ الأوربي والاميركي بالصراعات الطبقية والعرقية، ولم يستطع على العموم ان يقدم للعالم تجربة ديمقراطية ذات (طابع إنساني) إلا بعد سلسلة من العناءات الكبيرة مما يصعب توافره في المناطق المحتلة الآن فضلا عن ان المستوى المقبول تاريخيا يظهر مدى التباعد بين الإدعاء وحركة التغيير الفعلية حيث لم تمنح الحقوق المدنية للسود إلا في عام 1964مثلا !؟
ومن الصعب في الوقت نفسه أن نجد الحركة الديمقراطية وليدة المجتمعات المتخلفة بمثل هذه المواصفات حيث تتمكن القوى القديمة والمؤسطِرة من التحكم في طبيعة الحياة العامة فضلا عن كمية الوعي الطبقي القليل لتلك المجتمعات التي تعاني بطبيعتها وتكويناتها من سؤ دائم في التعليم والرؤية الاجتماعية التقدمية، وهيمنة نظم دكتاتورية لعدة عقود من السنين.
فالانظمة الخارجة من تجربة الكولونيالية بعد الحرب العالمية الثانية في الشرق الاوسط والمدعمة بالشعارات القومية خاصة (الاتاتوركية والناصرية والقذافية والبعثية بشقيها السوري والعراقي والشاهنشاهية الإيرانية والخمينية) او الانظمة الوراثية (الملكية والاماراتية والسلطنة)التقليدية؛ كل تلك الهياكل القديمة لم تستطع على العموم ان تقدّم إنموذجا مقنعا للجماهير التي سيقت في حروب خاسرة دائما، أو رزحت تحت هيمنة اسر حاكمة ساكنة كما في منطقة الخليج على سبيل المثال.
ربما كان نموذج الاتاتوركية هو الأكثر (نجاحا) بسبب علمانيته واستيعابه المتقدم للخور الذي يعتري الانظمة التي تعتمد الدبن كواجهة للعمل السياسي والاجتماعي. فضلا عن عدم خوضه الحروب وارتباطه باقتصاد السوق الرأسمالية العالمية منذ البداية وغدراكه لطبيعة نمو العالم بوقت مبكر.. ولذلك فقد بقي هذا النظام قائما على الرغم من قدوم الإسلامويين الترك تيار( نجم الدين اربكان- أردوغان) إلى السلطة على وفق آليات علمانية بحتة.
كانت الدعوات التي تعتمد الدين ميدانا للعمل السياسي قد بدات في الشرق الاوسط عام 1928 أي عقب انهيار الخلافة الاسلامية العثمانية بمدة قصيرة عام 1926 كتعويض طبيعي عن الانهيار الشامل الذي وضعت فيه كثير من بلدان الشرق الأوسط بعد الحرب العالمية الاولى 1914- 1918 وما ترتب على ذلك من تقسيم البلدان العربية بين المنتصرين الغربيين في الحرب من الحلفاء. وكان الإسلام قد بدأ محنة المواجهة العملية ضد الغرب وقتذاك إذ لم تعد طروحات جمال الدين الافغاني والشيخ محمد عبده مجدية في مواجهة الاستحقاقات التاريخية للامة الإسلامية . ولذلك فقد ظهرت شخصية الشيخ حسن البنا إلى جانب اعداد كبيرة من المفكرين العلمانيين في مصر والعراق والعديد من بلدان العالم العربي والإسلامي..
كانت الانظمة القوموية قد ناجزت الاسلامويين العداء ليس بسبب البرنامج السياسي المختلف الذي كان يعمل عليه الطرفان، ولكن لطبيعة البنية الإلغائية للآخر التي توافر عليها الطرفان. وعدم الإيمان بالديمقراطية كحل ممكن. ولذلك فقد بطش عبد الناصر بسيد قطب، وبطش صدام حسين بمحمد باقر الصدر، وكاد النظام الجزائري ان يبطش بعباس مدني أيضا. وفي الوقت نفسه وبسبب العداء التقليدي بين الانظمة الجمهورية القوموية والانظمة الملكية الاماراتية التقليدية فقد احتضنت الاخيرة التيار الد يني فاصبحت السعودية موطن الاخوان المسلمين المتشددين طوال أكثر من ثلاثة عقود متواصلة منذ اواخر الخمسينات وحتى اواخر التسعينات.. وما تزال هذه الجماعات تعمل كمهماز للسلطة السعودية أيضا.
كانت القوى الدينية قد حصلت ما يكفي من الدعم الإعلامي الاوربي والأميركي قبل 11 سبتمبر، لكن ما قامت به بعض فصائلها (القاعدة) قد جعلها تبدو معادية للولايات المتحدة والغرب على حدّ سواء . لكن التجارب الآنية تؤكد ان الولايات المتحدة لما تزل تجد في هذه القوى الرجعية مصدا ممكنا ضد اليسار في الشرق الاوسط والعالم. ولذلك من الصعب الركون إلى الإعلانات الاميركية المتعلقة بحقوق الإنسان والحريات التي تطفو على السطح الإعلامي من حين لآخر.
فظن كثير من العراقيين بما في ذلك النخب المثقفة في الداخل بان العراق قد تخلص نهائيا من الدكتاتورية، لكن طبيعة الاحداث والتطورات السياسية في العراق تؤكد على نحو لا يقبل الشك ظهور ملامح دكتاتورية جديدة في الأفق. ويبدو ان الولايات المتحدة التي ترفع لواء الديمقراطية وتحرير الشعوب قد بدأت بتغيير ستراتيجيتها على الأقل والتحول إلى النهج القديم المتعلق: بأن الشرق يحتاج إلى المركزية غالبا بسبب رسوخ (الفكر الابوي : البطرياركي) على مدى آلاف السنين. يمكننا الآن- وبتركيز عميق- ان نتذكر خطاب بوش الأب بعد الانتفاضة العفوية في العراق والفوضى العارمة التي اجتاحته في إثرها : بأن العراقيين يحتاجون إلى المركزية!!
وما ان تأتي الانتخابات على الطريقة البريمرية حتى تظهر القوى الرجعية القديمة والجديدة على الساحة الساحة السياسية بكل وسائلها القمعية، وخاصة القوى الإسلاموية (الشيعية والسنية على حدّ سواء) والتي تتخذ من الدين والتمذهب والتخندق الطائفي والتطرف بأنواعه سترا للوصول إلى السلطة.
والخارطة السياسية في الشرق الأوسط تظهر بوضوح وصول هذه القوى إلى سدة الحكم سواء في الجزائر او العراق او فلسطين، كما أنها حققت نجاحات في مصر في الانتخابات الاخيرة ايضا. فعلى من تقع مسؤولية هذا التراجع المروع للقوى الوطنية والديمقراطية واليسارية والعلمانية؟ هل هو قصور دائم في الوعي التحرري والطبقي مما يوافق ظهورنظام شمولي جديد؟ أم ان القيادات السياسية اليسارية واليبرالية كانت أضعف في تقديم نفوسها إلى جماهيرها؟
لا شكّ بان الحركة الاصولية الصهيونية وما رافقها من أنهيارات عسكرية عربية كانت وراء تبلور المواقف الدينية في منطقة الشرق الاوسط، حيث اصبحت القضية الفلسطينية بعد منتصف الثمانينات وما نتج عن الانتفاضة الفلسطينية الاولى بعد منتصف عقد الثمانينات إلى ظهور تيارات اسلاموية حادة ومسلحة ومتطرفة، وجدت في التراجع العام في العالم العربي فرصة للعمل السياسي على نطاق واسع بعد الفشل الذريع الذي منيت به تجربة المشروع القومي العربي على اختلاف مناهجه..
وهكذا أصبح الباب مفتوحا على مصراعيه بعد تصفية القوى اليسارية الضعيفة في العالم العربي للقوى والتيارات الدينية المتشددة من (السلفية الجهادية) و( السلفية العلمية الوسطية) التي تعدّ الحاضنة الفكرية الرئيسة للعنف و المدعمة من المخابرات الأميركية مباشرة منذ ان كانت تعمل في افغانستان ضد الاحتلال السوفيتي . وكذلك الدعم اللوجستي المخابراتي الاميركي( طبع وتوزيع الكسيتات المتعلقة بخطب الخميني داخل إيران) حيث بدأت عمليات متسارعة لتهيئة الخميني كبديل يميني عن الشاه ؛ وربما هذا هو السؤال الدائم الذي حير شاه إيران السابق محمد رضا بهلوي بقوله في مذكراته: لقد عملت كلّ شيء للأميركان فلم أستبدلوني؟ فالجواب يكمن في الدعم الذي حصلت عليه الجماعات الدينية (خط الخميني) في إيران للحيلولة دون قفز اليسار الإيراني إلى السلطة هناك مما كان ينذر بخطر تغيير المعادلات في الشرق الاوسط قاطبة.
لقد فرخت الثورة الإيرانية القوى السياسية الشيعية السائدة الآن في العراق، فلولا هذه الثورة لما استطاعت تلك القوى - على اختلاف مسمياتها- ان تجد لها هذه المساحة والنفوذ الحاليين. ومن هنا فإن إشغال الثورة الإيرانية بحرب إعلامية طاحنة من الضرورة بمكان لأبعاد شبح هذه الثورة وإمكانية امتداداتها أقليميا وخاصة إلى العراق، ناهيك عن الخطأ الستراتيجي الذي بقي يلاحق القيادة الإيرانية طوال مدة الحرب العراقية الإيرانية على مدى ثماني سنوات متواصلة 1980- 1988 وما نتج عنها من تدمير شامل للبنى التحتية والثروة البشرية والمادية لكلا البلدين.
كانت الولايات المتحدة قد أعلنت نظرية ما يعرف بالاحتواء المزدوج dual contentment( العراق وإيران) وما زالت هذه الستراتيجية تفعل فعلها حتى يومنا هذا على الرغم من ان أحد طرفي الاحتواء قد تمّ أحتلاله.. وما تبقى هو الطريقة التي سيتم بها احتواء الطرف المتبقي..
ويمكننا ان نجد الملامح الأساسية للدكتاتورية الجديدة في الشرق الاوسط من خلال النقاط الآتية - على ان نعود في أقرب وقت ممكن إلى تعميق هذه الأفكار وتحليلها على نحو ادق كلما واتتنا الفرصة بعد استراحة من العمل اليومي..

الدكتاتورية الدينية تخدم نظرية (الفوضى الخلاقة) الأميركية

تعتمد الدكتاتوريات الدينية ذات المنحى الطائفي او العرقي إلى تجزئة المجتمع بهذا القدر أو ذاك من اجل تحقبق اكبر قدر من الحصانة لزعاماتها التي انتقلت في الآونة الاخيرة من زعامات روحية إلى زعامات سياسية. ومن المفيد في هذا المجال ان نحدد بان تلك الانتقالة كانت كامنة في جوف تلك الجماعات والزعامات الدينية الاسلاموية إذ كانت تنظر دائما - على اختلاف اتجهاتها الدينية - على ان الدين غير مفصول عن السياسة. وطفقت تسوق الادلة التاريخية تباعا حول القيادة السياسية للرسول محمد(ص) في المدينة المنورة وتجهيزه الحملات العسكرية ضدّ المشركين والكفار على مدى (11) عاما من حياته في المدينة حينما انتقل من داعية إلى الله سلميا إلى قائد سياسي حامل للسيف للدفاع عن العقيدة الجديدة، بل ان هذه الجماعات كانت ترى في المدينة المنورة ( تعداد البيوت فيها لا يتعدى 300 بيتا في أفضل تقدير تاريخي) عاصمة لدولة إسلامية كبرى.
لكن هذه الجماعات لم تكن على أية حال تتفهم مضامين الدين الإسلامي الحقيقية, باعتباره دعوة روحية شاملة وخلاصا نهائيا للبشرية من الشرك على مدى التاريخ الإنساني. فاجتزأت حالة الدفاع عن الدين وعممتها لتكون هي الحالة الاولى والاخيرة لضمان زج الدين في المعتركات السياسية اليومية ضمانا لمصالحها الخاصة، وتطلعاتها لنيل أكبر مقدار ممكن من الثروات المادية والسلطات السياسية. ومن هنا فإنها بدأت بحملة كبرى لأشاعة نوعين من المرجعيات الدينية ذات الطابع السياسي البحت:
أولا: مرجعيات رأت في الولاية المطلقة للولي الفقيه على الناس، وتمثلت في ادقّ صورها في مرجعية السيد الخميني في إيران وما نتج عنها من ظهور اول دكتاتورية دينية ذات طابع شيعي في التاريخ المعاصر يناقض الموروث الشيعي المعروف باعتباره تكوين منبثق عن الظلم والعنت والاظطهاد الغائر في التاريخ الإسلامي خاصة. ومن هنا فإن الدكتاتورية الدينية الخمينية التي تأسست في إيران عام 1979 بعد سحق قوى اليسار الإيراني (توده) بعنف من خلال ما عرف بفرق الموت آنذاك قد حققت ولول مرة في التاريخ وجودا شيعيا مشوها لا يتلاءم وطبيعة المواريث الشيعية اتلغمامية ذات النزعات الإنسانية الكبيرة والواضحة، كما اشاعت في الوقت نفسه نوعا من الفهم الخاطيء لطبيعة المنهج الإمامي باعتباره الممثل الامين لعموم عمليات الاستبداد التي شاعت طوال الحقب الإسلامية. في حين ان جميع المراجع الشيعية الاخرى وعلى مدى أكثر من ألف عام قد اكدت عاى الولاية الجزئية او ما يعرف الآن بولاية الأمة.
ثانيا: مرجعيات (خجولة) رأت بحكم وجودها على هامش السلطة دائما بأنها تحتكم إلى ما يعرف بولاية الامة: مرجعية السيد السيستاني كأفضل ممثل لها. وفي التحليل التاريخي نجد ان تلك المرجعية تحاول من وقت لآخر التدخل في الشان السياسي على نحو غير مباشر، كما ظهر في دعمها للقائمة الشيعية المتخلفة في الانتخابات الأخيرة وما نتج عنها من كبت واضح للحريات على نطاق واسع وتمويه وتزييف لأرادة الجماهير الساذجة التي ستكتشف عاجلا بلادة ما خرجت من اجله..
وهذه المرجعية تخدم القوى المحتلة اكثر من النوع الاول( ولاية الفقيه) إذ تمهد السبيل إلى خوض المجتمع في سلسلة من الصراعات المذهبية والطائفية الضيقة على الرغم من انها لا تتوانى عن إصدار (فتاوى) تعارض تلك الأعمال المشينة غالبا. في وقت لا تقف المجموعات السياسية المنضوية تحت عباءتها عن الضرب بتلك الفتاوى الورقية عرض الحائط وهي تمارس انتقائيتها الدائمة لسيل الفتاوى باعتبارها من اكثر مظاهر الدكتاتورية الجديدة وهي تحدّ من الحريات العامة والفردية وتقود الجماهير إلى الاحتراب والأقتتال الأهلي.
إن إشاعة الفوضى السياسية والأحتراب المذهبي يخدم الرؤية الاميركية في التفتيت، ولا يمكن ان يكون إلا مساعدا لها، ولذلك فقد جاءت فتوى السيد السيستاني بعدم ضرب القوات الاميركية منذ بداية اجتياحها للعراق عام 2003 فكرّس بذلك نوعا من الشرعنة للإحتلال وما يزال يعمل على المنوال نفسه. ومن الغريب ان السيستاني قد ضرب بعرض الحائط بواحد من اهم فروع الدين إلا وهو(الجهاد) بمبررات سياسية لا تتعدى التوقعات المحضة، والتقديرات الواهية. ومن هنا فإن القوى الدينية بكل أشكالها بما في ذلك المرجعيات السنية المهادنة قد اثبتت عدم قدرتها على وضع جماهير العراق المظلومة والمعذبة على الطريق الصحيح لتحرير العراق أيضا. وها هي الاخيرة تعمل على تبويس لحى المحتل كما عملت زميلتها وغريمتها التقليدية المرجعية الشيعية.
ثالثا: القوى التكفيرية: وهي مجموعات دموية مختلفة من خارج العراق ومن داخله تعمل على تذكية نار الفرقة وتشيع مستوى عال من العنف اليومي. ولعل من أبرز اعمالها الاخيرة الخوض في دماء العمال والناس المتبضّعين في الاسواق بعد ان وجدت صعوبات في مواجهة المراقد الدينية الشيعية خاصة.
ويعد ارتباط هذه القوى بالاجهزة الاستخبارية الاميركية من القضايا المفروغ منها.. بحكم التجربة الافغانية السابقة.. ووجدت الولايات المتحدة في خلق رموز بعبعية لهذه القوى فرصة لأشاعة الرعب والخوف في نفوس الجماهير الفقيرة لوضعها تحت السيطرة. ولذلك ليس أعتباطا أن نتجد تلك القوى التكفيرية تستهدف الأحياء الشعبية او المدارس أو أماكن الصلاة.

الجماعات السياسية الدينية مرحلة اولى للدكتاتورية العسكرية

إن الولايات المتحدة في ستراتيجيتها غير المعلنة تحاول ان توهم اتلجماهير دائما بأنها إنما جاءت لتحريرها من الانظمة الدكتاتورية الغاشمة وهي التي كانت حتى وقت قريب من أشد المساندين والمدافعين عنها، وما زالت تقوم بذلك أيضا. ولذلك نجد ان موقفها من إيران قد بدأ بالتراخي ولسوف يزداد تراخيا خشية قدوم اليسار إلى سدة الحكم في قلب الشرق الأوسط. ولا غرو بان السيد أحمدي نجاد الرئيس الإيراني اليميني المتشدد الحالي يصرح علنا: بان ضرب إيران عسكريا بحجة توجهاتها النووية هو مزحة! وهي بالفعل مزحة اميركية يراد منها استمرار النظام الدكتاتوري اليميني في إيران إذ من الصعب على الولايات المتحدة ان تجد (هوغو شافيز) آخر في منطقة الشرق الأوسط. ولذلك فإنها تسعى جاهدة إلى التلويح بخطل التجارب (لدمقرطة) العراق بين حين وآخر من اجل التمهيد لحكومة عسكرية تحدث في ظل انقلاب حكومي.. مدبّر.. يتم من خلاله (ترضية) الجماهير التي وصلت بها الحال إلى دون الصفر حيث يمكن مقايضة الحريات الشكلية المكتسبة بعد 9/4/2003 ب( الامن).. وليظهر لنا صدام آخر بزي اكثر توازنا، وأقل عدوانية على الخارج. ولكن لابأس بتعنيف الداخل من اجل استمرار تدفق البترول طبعا.
ومن هنا فإن الجماعات الدينية التي تمتلك قوى التحالف المحتلة ملفات ضخمة عن جميع (القيادات) السياسية في العراق، والتي يمكن استخدامها عند الحاجة في مرحلة لاحقة. ولذلك من الصعب ان نصور على أية حال قيام (مشروع وطني) في ظل هذه القيادات المنتفعة والهشة يتضمن وضع جدول للأنسحاب وكذلم تامين ظهور دولة وطنية. فالولايات المتحدة تشجع باستمرار تلك القوى على تادية واجباتها كاملة في تمزيق البلاد تحت شعار الفدرالية الذي يعني التقسيم الطائفي والعرقي في أفضل صوره.



#سعاد_لومي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الداعية الخطيرة
- حكومات مثل بول البعير
- البكاء في المرافق
- تحررنا من دبش


المزيد.....




- لاكروا: هكذا عززت الأنظمة العسكرية رقابتها على المعلومة في م ...
- توقيف مساعد لنائب ألماني بالبرلمان الأوروبي بشبهة التجسس لصا ...
- برلين تحذر من مخاطر التجسس من قبل طلاب صينيين
- مجلس الوزراء الألماني يقر تعديل قانون الاستخبارات الخارجية
- أمريكا تنفي -ازدواجية المعايير- إزاء انتهاكات إسرائيلية مزعو ...
- وزير أوكراني يواجه تهمة الاحتيال في بلاده
- الصين ترفض الاتهامات الألمانية بالتجسس على البرلمان الأوروبي ...
- تحذيرات من استغلال المتحرشين للأطفال بتقنيات الذكاء الاصطناع ...
- -بلّغ محمد بن سلمان-.. الأمن السعودي يقبض على مقيم لمخالفته ...
- باتروشيف يلتقي رئيس جمهورية صرب البوسنة


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سعاد لومي - من يخدم الاحتلال الاميركي؟ ملامح تشكل القوى الدينية والدكتاتورية الجديدة