أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سعاد لومي - البكاء في المرافق














المزيد.....

البكاء في المرافق


سعاد لومي

الحوار المتمدن-العدد: 1555 - 2006 / 5 / 19 - 10:08
المحور: كتابات ساخرة
    


عندما تفكر المراة بالكتابة تنتابها هواجس غريبة . صعبة. مروعة. ربما تبكي وهي تكتب. ربما تنوح مثلي.
فكرت أن اسأل احداهن عما ينتابني. ترى لو قيض لي أن أسأل عضو برلمان نسائي مثلا من اللاتي لا يعرفن غير وفع أصبع الموافقة.. (امهات موافج) مثل (أبهات موافج) هل يمكن ان يجبني احد؟ لا أظن هذه بضاعة بائرة للأسئلة وربما افكر بشخص اكثر أهمية من جماعة (الأشكال أرناك)..
وعندما تفكر المرأة بالكتابة تفكر مباشرة بالبكاء:
جاءت احداهن وهمست في اذني: ست.. قتلوا .. الصدر.. قتلوا .. اخته، بنت الهدى، صاحبة رواية الخالة الضائعة ، تدرين لو ما تدرين؟
وكانت التفاصيل تصعب على العقل.. كنت أحسب نفسي يسارية .. وما زلت.. لأن اليسار هو الوقوف إلى جانب المظلومين دائما. طفرت دمعة حارة من عيني.. ولم أستطع التماسك وقتئذ.. ركضت إلى المرافق.. وهناك أجهشت بالبكاء طويلا.. وتذكرت جميع صديقاتي اليساريات اللائي قضين في زنازين الامن والمخابرات..
لست ادري ماذا يفعل الرجل الكاتب..؟ هل يصرخ مثلي؟ هل يبكي؟ من اجل طفلة قتلتها شظية غادرة من مفخخة (جهادية)؟
لم أفكر يوما ان اكتب للناس.. لكنه الوطن الذي سلب منا، والريح السوداء التي تطاردنا يوميا. الريح العنيدة التي تجتاح شارع الرشيد حتى طوب أبو خزامة. كن البغداديات ياخذن أطفالهن للتبرك به. الطوب دائما هو الفيصل، هو التعويذة، وكنت أسخر من ذلك طبعا. لكني اليوم ساذهب إلى طوب أبو خزامة وأطلب منه بحرقة ان يحمي العراقيين والعراقيات، بعد ان يئست من الجميع.. فالريح عاتية هائجة. ولا احد يمكنه وقف الريح المتوحشة.
كانت الريح قديمة؛ ربما منذ أن كنا نخبز أقراص نشارة الخشب، لكل واحد قرصة فقط. خرج المدعو عزة الدوري الصوفي جدا، وقال: المطر هذا العام قليل، ولذلك عليكم التقوت بنصف الكمية.. وخرج صدام بعد ذلك على شاشة التلفزيون يعطي توجيهاته لنساء العراق في عدم شراء الفائض من الملابس في الاسواق.. انا لم اكن أملك غير دشداشة واحدة وصدرية كالحة وكنت أذهب إلى طالباتي بنعل لاستيك، وعندما حنّت عليّ أحدى زميلاتي وجاءت لي بشحاطة مستعملة قبلتها عاى مضض لأن شكل النعل أصبح كارثة..
- شيبك البارحة سعاد؟
- شبيه؟!
- يقولون كنت تبكين بالمرافق؟
- عليّ العادة !
- عادتك قوية؟
- كلش.
- عبالنه أكو شي.
- يمعودة .. مصايب الدنيا!
- تذكرت المرحوم؟
- إي إي!
- عبالنا..
اصبح النواح بالنسبة لي طقسا يوميا منذ ان جيء بالحبيب ملفوفا بالعلم. ثم تطور ليكون جزءا من جسدي الذاوي في السنين الاخيرة. أنوح وانا أذهب إلى (القرايات الحسينية) وسط الصراخ والعويل ورائحة الصنان..
احببت الحسين لأنه كان جزءا من حياتي. كنت أذهب إلى أكثر من مجلس في اليوم. وعاشوراء بالنسبة لي محطة عرس وطني.. يهبط وزني في الايام الأول من محرم ويصل إلى 55 كيلوغراما فقط. أشعر بتعب كبير في هذه الأيام.. احيانا ابكي في الطريق.. يروني الناس.. أبكي لا يسألني احد لم تفعلين ذلك إنهم مثلي..
وتسألني:
- شبيج عيني سعاده؟
- شكو؟
- كافي بجي مو راحت عيونج.
- ياعيون.. هم احنه خلقنه الله وعدنه عيون؟
- تسمي بالرحمن.. قسمة ..
- هاي بس أحنه؟
- بس احنه.
- ليش؟؟
هذه اللماذا هي التي ترافقني. لماذا العراق يخرج من حزن ويدخل في حزن أكبر اظلم وأشدّ من سابقه؟ وهل يستطيع ثمة احد ان يرفع عنا هذا الغبار التاريخي؟ سأسأل إمراة سوداء مثلي طالما اهتممت بطروحاتها هاهو رقم كونداليزا رايس:
- هاللو مس كوندي.
- هاللو.. من؟
- أنا مواطنة عراقية سوداء.
- اوه سوداء هذا رائع! ماذا تريدين؟
- أسأل: متى تخرجون من العراق، لعل حزني يكون اقل..
- ستحدث حرب أهلية هل توافقين على ذلك؟
- وهل تظنين أن الحرب بوجودكم غير قائمة : انظري إلى ملف المهجرين أنظري إلى ما يحدث في كركوك والبصرة وديالى
- هل أنت سياسية؟
- تطلبين مني ان اكون قحبة!
- لديك فكرة سيئة عن السياسة
- ولدي فكرة سيئة عن الولايات المتحدة أيضا
- أنت أرهابية!
- موت الكرفكم مثل الموت اللي يكرف بينا.. قولوا آمين..
- انتهت المكالمة!
سأذهب الى المرافق لأبكي من جديد.



#سعاد_لومي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحررنا من دبش


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سعاد لومي - البكاء في المرافق