حركة التاريخ وثورة الجوع والغضب

فلاح أمين الرهيمي

الحوار المتمدن-العدد: 6486 - 2020 / 2 / 8 - 13:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

يقول أهل العلم والمعرفة : (أننا نستطيع أن نغير بعض المظاهر، ونخترع بعض الأشياء العلمية، ونكتشف بعض الظواهر الطبيعية، إلا أننا لا نستطيع أن نوقف عجلة الزمن وحتمية التاريخ في الحركة والتغير، لأن كل شيء يتغير ويسير إلى أمام كهذه المياه التي لا تتوقف عن الجريان ليل نهار). إن أي شيء في الحياة يولد وينمو ويترعرع ثم يفنى وينتهي حسب طبيعة الحياة التي تحدث فيها جميع المتغيرات التي من خلالها يندفع التاريخ في مسيرته إلى أمام بوصفها حركة الصيرورة والتقدم والتطور إلى ما لا نهاية لأنها حركة تراكمية تقضي فيها الجدليات والصراع في الحياة الذي يشكل كليات تنتهي وتفنى تولد عنها نوعيات جديدة تعتبر ثمرة صراع وجدل المتناقضات في الحياة بين ظاهرة ثابتة وجامدة وأخرى متحركة ومتغيرة تسعى للتقدم والتطور مما يؤدي إلى نتاج ظاهرة نوعية جديدة نتيجة عوامل حضارية والوعي الفكري في المجتمع الذي أفرز ظاهرة التقدم والتطور الاجتماعي متجاوزاً الفكر والتقاليد والعادات القديمة والراكدة والجامدة التي أصبحت عائق ومعرقل لمسيرة التاريخ نحو بناء المجتمع الجديد.
إن من يلاحظ (ثورة الجوع والغضب) التي انفجرت في الأول من شهر اكتوبر/ 2019 يلاحظ أن وقودها ومحركها النسبة الكبيرة فيها من الشباب المدرك والواعي للمرحلة والواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي المزري الذي يجثم بكابوسه على صدورهم ونستدل على ذلك من خلال المقابلات معهم مراسلي الفضائيات العراقية وغيرها حيث كانت معاناتهم وظروفهم القاسية التي دفعتهم إلى الثورة والدليل الآخر عفويتها وسلميتها وصمودها وإصرارها وسعة المشاركين فيها وتعبر في حقيقتها عن الواقع العراقي الذي يعيشه الشعب والذي أفرز وأدى إلى تدمير الأسس التربوية في المجتمع العراقي (البيت والمدرسة والدولة) ... البيت أصبح منفلت ومتسيب بسبب الظروف المعاشية السيئة والتعسة التي تجثم بكابوسها وتجثم على صدور كثير من العوائل العراقية التي أصبحت تعيش تحت مستوى الفقر التي دفعت رب العائلة بعيداً عن تربية أبناءه بسبب الركض والبحث عن لقمة العيش له ولعائلته وكثير من الآباء أجبرتهم هذه الظروف إلى سحب أبنائهم من على كراسي الدراسي بسببين الأول لعدم إمكانيته من توفير مستلزمات المدرسة لأبنائه والثانية رميهم بالسوق للعمل عتالين أو بائعي أكياس النايلون من أجل مساعدته في توفير لقمة العيش لهم ولأفراد عوائلهم وكثير من ربات البيوت أصبحن يعملن أما خدامات في البيوت أو متسولات وأصبح أفراد العائلة لا يلتقون في البيت إلا في المساء فقط ... أما المدارس الحكومية أصبحت لا تربية ولا تعليم لسببين الأول افتتاح مدارس أهلية بشكل واسع ورواتبها المغرية والثاني بسبب قيام الكليات والجامعات العراقية تخريج الوجبات المتتالية من الخريجين ورميهم في مستنقع البطالة ... أما الدولة يقول عنها أهل العلم والمعرفة : (كيفما تكون الدولة ينعكس ذلك على الشعب ويكون مثلها) والدولة أصبحت كما قال الشاعر العراقي الراحل معروف الرصافي قبل قرن من الزمان :
علم ودستور ومجلس أمــــــــــــــــــة كل عن المعنى الصحيح محرف
ومن خلال ذلك فإن حركة الجماهير الواسعة في ثورة الجوع والغضب انفجرت من أجل التغيير الجذري للواقع العراقي وبناء دولة جديدة ترتبط بالشعب وفق قاعدة الثقة والمصداقية بينهما ... والمجرب لا يجرب.

#فلاح_أمين_الرهيمي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل