أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - سالم روضان الموسوي - الديمقراطية بين النص الدستوري والواقع الراهن















المزيد.....

الديمقراطية بين النص الدستوري والواقع الراهن


سالم روضان الموسوي

الحوار المتمدن-العدد: 6485 - 2020 / 2 / 7 - 14:45
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


"الديمقراطية ليست حكم العدد وإنما هي حكم القانون"
جورج غريفتش
عند مطالعة دستور العراق لعام 2005 النافذ ستجد إن كلمة ديمقراطية قد وردت في ستة مواضع الأولى كانت في ديباجته عندما وصف نظام الحكم في العراق بأنه ( نِظاَمٍ جُمهورِيٍ إتحاديٍ ديمقْراطيٍ تَعْددُّيٍ) ثم أكد ذلك في المادة الأولى، كما أشار إلى إن الديمقراطية من المحددات للسلطة التقديرية للمشرع حيث منع سن أي قانون يتعارض مع مبادئ الديمقراطية وعلى وفق ما جاء في المادة (2/أولاً/ب) من الدستور، ثم كرر استعمال كلمة الديمقراطية مرة أخرى في المادة (6) عندما أشار إلى آلية تداول السلطة بالوسائل الديمقراطية وعلى وفق النص الآتي (يتم تداول السلطة سلمياً، عبر الوسائل الديمقراطية المنصوص عليها في هذا الدستور) ثم جعلها من مفردات اليمين الدستورية التي يؤديها رجالات الدولة عند تسنمهم مناصبهم السيادية بان يحافظوا على النظام الديمقراطي الاتحادي للعراق وعلى وفق ما جاء في المادة (50) من الدستور، ثم جعل كلمة الديمقراطية من بين واجبات السلطات الاتحادية وعلى وفق ما جاء في المادة (109) من الدستور التي جاء فيها الآتي (تحافظ السلطات الاتحادية على وحدة العراق وسلامته واستقلاله وسيادته ونظامه الديمقراطي الاتحادي)، لذلك فان الدستور قد جعل من الديمقراطية إطار لكل أبوابه سواء في شكل نظام الحكم أو عند ممارسة الحكم وفي التشريع وفي الالتزامات الدستورية سواء على الأشخاص أو على المؤسسات، لكن الدستور لم يبين لنا ماهية الديمقراطية التي يجب أن يكون عليها عمل سلطات الدولة أو الأشخاص القائمين عليها، وإنما ترك الأمر للاجتهاد عند العمل وهذا يعد من سمات كتابة الدساتير والتشريعات، إذ يبتعد النص عن التعريف ويتركه إلى اجتهاد فقهاء وشراح الدستور أو القانون، ويشير احد كتاب القانون الدستوري (الدكتور وحيد رأفت) بان الديمقراطية هي فكرة مجردة لا نستطيع الاستدلال عليها إلا عبر صورها، وفي الفقه الدستوري تتجلى بصور عدة منها الحكومة الديمقراطية وهي حكم الأغلبية التي يتولاها الشعب بنفسه أو بواسطة نوابه ويبقى الشعب مصدر السلطات وهذا ما اخذ به الدستور العراقي في المادة (5) التي جاء فيها الآتي (السيادة للقانون، والشعب مصدر السلطات وشرعيتها، يمارسها بالاقتراع السري العام المباشر وعبر مؤسساته الدستورية) لذلك فان المقصود بأغلبية الشعب الذي يضفي الديمقراطية على الحكومة أو السلطة القابضة هو أغلبية الأفراد البالغين الذين لهم حق استعمال الحقوق السياسية في الدولة، ويرى الكاتب ذاته بان فائدة الأحزاب تظهر لتحقيق الأغلبية ويقول لو لم توجد الأحزاب لتعذر تكوين أغلبية ثابتة لاختلاف الآراء، ووجود الأحزاب يسمح بانضواء أفراد الشعب تحت لوائها ويصفها أستاذ القانون العام المرحوم الدكتور سليمان الطماوي بأنها " مدارس الشعوب" لأنها تعمل على تكوين ثقافة سياسية لدى الأفراد تمكنهم من المشاركة في المسائل العامة والحكم عليها حكماً اقرب إلى الصحة، كما تعتبر همزة الوصل بين الحكام والمحكومين ويرى البعض إن الأحزاب السياسية تنشأ على شكل مجموعات برلمانية للدفاع عن مصالح الأفراد المنضمين تحت لوائها والمرشح الذي نال رضا وتزكية جمهور هذه الأحزاب وتقلد منصبه في البرلمان فانه كان قد قدم لهم برنامجه الانتخابي الذي بين فيه أهم النقاط التي سيعمل على تحقيقها بواسطة تشريع القوانين وستكون هذه القوانين معبرة عن وجهة نظره أو فلسفته تجاه مشكلة القانون ذاتها ولا اقصد النائب المفرد بل قد يكون مجموعة من النواب بأي مسمى كان (حزب، جبهة، كتلة ـ تيار...الخ)، وحيث ان القوانين تقر وتشرع عبر التصويت عليها بالأغلبية المقررة لها فان كثرة أعداد المصوتين تكون هي الفيصل في تشريع القانون لذلك توهم البعض إن حصول الأكثرية على التصويت هي الديمقراطية التي نص عليها الدستور في معظم مواده، وهذا مجرد وهم في ذهن من يؤمن بالشمولية حتى لو كانت بإطار جمعي، لان العشرات من القوانين التي أصدرتها السلطة المختصة بالتشريع قد تم تعطيلها او إلغائها بسبب مخالفتها للدستور عبر آليات الرقابة الدستورية سواء في العراق أو في اغلب بلدان العالم، وكما يقول الكاتب الفرنسي جورج غريفتش بان "الديمقراطية ليست حكم العدد وإنما هي حكم القانون" لان السلطة التشريعية عند أداء مهامها ليس لها أن تخالف الدستور الذي يمثل إرادة الأمة العليا فان المعبر عن الإرادة الأمة العامة والعليا هو الدستور، حيث أن مصدره في الغالب الأعم هو الشعب الذي صوت عليه، بينما القانون يعبر عن إرادة ممثلي الشعب من الأحزاب والتيارات السياسية التي يتكون منها البرلمان، فضلاً عن كون الدستور هو المصدر الذي خرجت من عباءته السلطات كافة بما فيها البرلمان، لذلك نجد إن الديمقراطية التي سعى إليها الدستور العراقي في أحكامه ونصوصه المتعددة لم تجد لها وفرة في العمل التشريعي وحتى في باقي مؤسسات الدولة الدستورية وفي سلطاتها الثلاث وإنما نجد إنها وظفت هذه المصطلحات لصالح مصالحها الضيقة وعلى حساب الشعب وهذا أدى بدوره إلى ظهور الأزمة الدستورية والسياسية الخانقة التي يمر بها العراق، لأن وجود النصوص التي تمثل بحدها الأدنى آليات التداول السلمي للسلطة وبظواهرها الديمقراطية وكيفية اختيار الرؤساء والقادة التنفيذيين لم تردع من تولى إدارة هذه الأزمة بالابتعاد عن الديكتاتورية الإدارية، وإنما أوغلوا في شخصنة المؤسسات التي يتولون إدارتها ، ويظهر احدهم لوسائل الإعلام ويتكلم بلغة الأنا ويجير إليه كل انجاز للمؤسسة وكأنه هو الفرد الصمد الذي لم يكن قبله في تلك المؤسسة من احد أو يزعم بانه قد بناها من الصفر متجاهل تاريخها العريق، والسبب في ذلك لأنه يرى نفسه الأفضل وهو الأمثل وهو الزعيم الأوحد، مما أدى إلى التناحر وإبعاد شخصيات قادرة على إدارة دفة الأمور بشكلها الطبيعي اعتماداً على الكفاءة والمهنية، ومن ثم تعطيل مفهوم تداول السلطة السلمية عبر الوسائل الديمقراطية بل إن المشرع قد عطل ذلك بشكل صريح بموجب التشريعات النافذة عندما جعل من الإدارات لا معقب عليها ولا يوجد من يحاسبها على أخطائها وكأنما افترض فيها العصمة، لذلك فان الديمقراطية التي نص عليها الدستور العراقي النافذ لم تجد لها متسعاً للظهور بمظهرها الحضاري وإنما غطتها سحب الهيمنة والشمولية سواء في مجال التشريع أو في مجال الواقع اليومي والحياتي، ونرى إن البعض يفرض أفكاره ومطالبه على الآخر بالقوة المفرطة وبالأساليب القسرية ويحلل لأتباعه العمل الديمقراطي الذي من أهم صوره حرية التعبير عن الرأي، ويحرم على من يختلف معه ممارسة هذا الحق .
القاضي



#سالم_روضان_الموسوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حماية الملكية الخاصة في ضوء أحكام القضاء العراقي
- لا يملك مجلس النواب سلطة الرقابة على حكومة تصريف الأعمال
- عدم وضوح الصياغة التشريعية تكون سبباً في عدم دستورية القانون ...
- هل تخضع الإعمال السياسية -أعمال السيادة- لرقابة القضاء
- مفهوم المخالفة الدستورية في التشريعات وتصرفاتةالسلطة
- فكرة الزعيم الأوحد والدستور العراقي في ضوء الأزمة الراهنة
- في الذكرى السنوية لصدور الدستور العراقي المحكمة الاتحادية ال ...
- آليات تعديل الدستور العراقي في ضوء احكامه النافذة
- آليات تفسير نصوص الدستور العراقي والجهة المختصة بذلك
- الإقالة والاستقالة وأثرها في خلو منصب رئيس مجلس الوزراء في ض ...
- إسقاط عقوبة السجن في حالة التنازل والتراضي في ضوء قانون المر ...
- قانون الانتخابات حجر الزاوية في الإصلاح
- الدستور والمسؤولية التضامنية للحكومة عن اعمالها
- مجلس النواب لا يملك صلاحية إصدار القرارات التشريعية
- حظر التجوال الكلي أو الجزئي والموقف الدستوري
- ماذا سيحصل لو أُعتُبِرتْ الحكومة مستقيلة؟
- القيمة القانونية لقرارات اللجان التحقيقية التي تشكلها الحكوم ...
- حجب مواقع التواصل الاجتماعي والحقوق الدستورية
- الدستور وثلاثية ( الفقر والجهل والفوضى)
- رسالة إلى رئيس الجمهورية قانون الانتخابات والاستفتاء الشعبي


المزيد.....




- اليونيسف تُطالب بوقف الحرب الإسرائيلية على لبنان: طفل واحد ع ...
- حظر الأونروا: بروكسل تلوّح بمراجعة اتفاقية الشراكة مع إسرائي ...
- الأمم المتحدة: إسرائيل قصفت الإمدادات الطبية إلى مستشفى كمال ...
- برلين تغلق القنصليات الإيرانية على أراضيها بعد إعدام طهران م ...
- حظر الأونروا: بروكسل تلوّح بإلغاء اتفاقية الشراكة مع إسرائيل ...
- الأونروا تحذر: حظرنا يعني الحكم بإعدام غزة.. ولم نتلق إخطارا ...
- الجامعة العربية تدين قرار حظر الأونروا: إسرائيل تعمل على إلغ ...
- شاهد بماذا إتهمت منظمة العفو الدولية قوات الدعم السريع؟
- صندوق الامم المتحدة للسكان: توقف آخر وحدة عناية مركزة لحيثي ...
- صندوق الامم المتحدة للسكان: توقف آخر وحدة عناية مركزة لحديثي ...


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - سالم روضان الموسوي - الديمقراطية بين النص الدستوري والواقع الراهن