أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس منصور - الحرف بين الأصل والتاريخ















المزيد.....



الحرف بين الأصل والتاريخ


عباس منصور

الحوار المتمدن-العدد: 6481 - 2020 / 2 / 3 - 09:50
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


المأسورون بالتاريخ في كرب عظيم طالما استكانوا لهذا الحرف الكبير,فما خروج الوجود بكل كائناته إلى عالم الشهود إلا حرف كبير عن سياق الواحدية، وإن أردت فهما للحرف حقا فما عليك سوى استدعاء الواحدية والاستقامة مع طبائع الخلق ومقارنة الطبيعة بما وقع عليها من حرف وتحريف عبر مسيرة الزمن ، المدن حرف ،والبنايات حرف ،الملابس حرف ،نظم الحكم والإدارة،وسائط التواصل من ظهور الدواب وحتى شاشات التواصل عبر الانترنت وما سيستجد ،تلك كلها حروف عن أصل وحيد هو البداية,هو الواحدية.
والنص الإلهي (مخلوقات وحروفا) رمز للإشارة إلى الواحدية التي تتوالد في حيوات متعاقبة عبر الزمن ،النص الإلهي الذي تقدس لدى أتباع النبيين عبر الزمن وفي كل الأمم ماهو إلا رموز تحتاج إلى قراءات لاتنتهي في حضرة النص الوجودي ومضاهاة الدلالات والمعاني ووصل الطاقة المبتورة بين المحروف وبين النص الأصلي ،النص الحرفي المقدس ومنه القرآني لا نفاذ له أو أثر بمعزل عن نص الوجود الذي هو كل المخلوقات.
ونحن هنا في حضرة المحروف العربي المقدس نقلا عن الوجود في ثنايا القرآن التي تستلزم الإنصات للمصطلحات الحرفية التي ينبئ النص عن دلالاته ومضامينه من خلالها وأهمها مصطلحات (القرءان _ الذكر_ الحكمة_الكتاب) ويلحق بها ما يمكن استنباطه وهما التعاليم وحرف المتعاصر وأعني به سرد الأحداث والوقائع التي عاصرت فترة إخراج النص القرآني إلى حيز التداول البشري والتي استمرت ثلاثة وعشرين عاما تقريبا بدءا باقرأ في غار حراء داخل الحيز المكي وحتى اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا في الحيز اليثربي ،و التعاصر منه ..ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم...وإذا جاء نصرالله والفتح وكذلك وامرأته حمالة الحطب..وعتل بعد ذلك زنيم.
أما التعاليم فتعني التشريعات والصيغ الإلزامية في السلوك الخلقي والتعامل الإنساني ومنها الشعائر والنسك من صلوات وزكوات وصوم وحج ،تلك هي مضامين النص القرآني المقدس والمحروف عن النص الوجودي بكل كائناته الواقعة في حيز الشهود والوعي أو المخفي منها.
ولايمكن فهم نص المحروف القرآني إلا بمحاولتين موضوعيتين وأخرى إجرائية ،فأما الموضوعية فـتبدأ بتصنيف المضامين في عموم النص تتبعها إعادة ترتيب المحروف النصي بحسب توقيتات التداول البشري في حياة النبي محمد خلال ثلاثة وعشرين عاما تجسد النص فيها من عالم الوجود الغيبي إلى عالم الوجود الحرفي في شكل حروف مخطوطة على سطوح ممهدة من الجلد أو العظام أو حتى جريد النخل تشكلت منها بحسب المصطلحات القرآنية آيات وسور اتخذت أسماءها خلال فترة التداول في حياة النبي ثم صارت توقيفا لايجوز حرفها مرة أخرى ،أما المحاولة الإجرائية فتهدف إلى فهم دلالات المصطلحات الست وهي القرءان _ الكتاب_ الذكر_الحكمة_التعاليم _التعاصر بوصفها عناوين على تصنيفات مضمونية يمكن إعادة فهم القرآن بضم كل آياته تحت مصطلح عنوان مما سبق ،هذا مع قراءته مرة أخرى مرتبا بحسب توقيتات التداول البشري في حياة النبي.
القرآن
يبدو لي مصطلحا خاصا بالأداء الصوتي الشفاهي وصلا ووقفا ومدا وقطعا وإشباعا وإمالة وما الى ذلك مماهو معروف بنظم القراءات ، والقرآن من القراءة بمعنى الفهم والتدبر وما يؤدي اليه من طرق الأداء وهذا كله في نطاق الحرف العربي ، ولو إننا ترجمنا النص القرآني إلى لغة غير عربية(أعجمية) وتم تداوله كتابة أو شفاهة في هذا النطاق اللغوي الجديد فلايمكن أن نسميه قرآنا رغم حصول الفهم بدرجة ما تختلف من مستوى قربها مع الفهم في نطاق لغته التي كتب بها أول مرة إملاءً من النبي محمد على كُتّابه ،فمثلا لو قلنا (الله نور السموات والأرض) فهذا من النص القرآني لكن لو ترجمناها إلى
God is the light of skies and earth
فإن ذلك ليس قرآناً و لكنه ترجمة ما لمعنىً ورد في القرآن الذي صار مصطلحا عاما لكل ما ورد في النص من ذكر وحكمة وكتاب وتعاليم ومعاصرة,القرآن الذي أصبح مقدسا بفعل التواتر والتراكم الزمني المتواصل عبر القرون بطرق أدائية مختلفة ومميزة عن غيره من النصوص أصبح مفارقا لغيره لأنه مرتبط بالصلوات وفيه شمولية لكل أوضاع وسلوكيات المؤمنين به حتى صار مجسدا لوعي معتنقيه بالوجود والتاريخ والغريزة وما وراء التاريخ قديما وفي كل الحيوات السابقة واللاحقة لحضور المؤمنين به منبئ بمصائرهم ومآلاتهم،(ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته)فالقرآن كما إنه اسم جنس على نوع من الكتب السماوية المقدسة فهو نظام في الأداء والتعبير عن المضامين وهو مشتق من دائرة دلالية واسعة هي (قرأ) لها معان متعددة منها المعرفة(وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ويوم القيامة نخرج له كتابا يلقاه منشورا اقرأ كتابك) فمن المعلوم أن كثيرا من الناس لايعرفون القراءة بمعنى فهم ماهو مكتوب في الصحف ، وهي في الغالب إحدى الصور المهجورة من مصدر الثلاثي مثل توهان وسرَحان ورهقان ووجدان ورضوان وعدوان ورجحان وبطلان وشنآن وماشابه على نفس الوزن من الفعل الثلاثي ثم صارت علما على النص الإسلامي المقدس ككتاب للمسلمين على شاكلة التوراة والإنجيل كتابي اليهود والمسيحيين المقدسين( رغم اختلاف المسلمين واليهود والنصارى على مفهوم ودلالة هذه الكتب) فاليهود يسمون كتابهم المقدس بالعهد القديم الذي ربما كانت التوراة أحد أسفاره(سوره) والمسيحيون يسمون كتابهم بالعهد الجديد وهو عدد من الأناجيل ربما كان مايقصده المسلمون هو أحد الأناجيل في العهد الجديد(الإنجيل الخاص بسيرة المسيح في الحياة الدنيا مثلا)،والدليل على أن كلمة قرآن أحد صور المصدر الثلاثي المهجور قول القرآن في سورة القيامة:(لاتحرك به لسانك لتعجل به .إن علينا جمعه وقرآنه. فإذا قرآناه فاتبع قرآنه.ثم إن علينا بيانه.)فهذه الطريقة في الأداء القرائي(القرأنة) هي من الوحي تماما كالمعاني والدلالات والمضامين وكل ما اشتمل عليه نص المسلمين المقدس.وربما كان هذا هو الفرق الجوهري بين القرآن وأحاديث الرسول محمد التي بين أيدينا، (وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا)،فالتنزيل والقرآن مصطلحان على عموم النص المقدس الذي صار حروفا منها ماهو حكمة ومنها ماهو كتاب ومنها ماهو ذكر ومنها ماهو تعاليم ومنها ماهو أحداث معاصرة.
من الأمور البدهية أنه لايعطف الشيء على مثله؛ بل على ما يمتاز عنه وفي القرآن (نص المسلمين المقدس)لدينا الكتاب،الذكر، الحكمة،التعاليم(تشريعات وشعائرنسكية)، وتعاصر، تلك مضامين النص وكلها وحيّ وتنزيل من الله الذي يوحي إلى الشجر والحجروالبهائم وإلى أم موسى التي لم يقل أحد أنها من أنبياء الله ؛ وحيٌ من الله تأبّد في الكلمات الحروف تعبيرا وإحاطة بالنص الأصلي الذي هو الوجود بكل كائناته ماعلم منها ومازال مخفيا، إلا إن مؤامرات الكهنة وسدنة الدين تحالفت على مرمى العصور على حرف الكلمات والغرائز عن سياقاتها لمواءمة تطلعات الحكام وتأبيد استنامة العوام، مؤامرات الكهنة وغفلتهم عن سياقات النص كانت على الدوام عائقا أمام اتصال الناس بحقائق الوجود كلمات حروفا وغرائز.
ألف لام ميم، ذلك الكتاب لاريب فيه...ويعلمهم الكتاب والحكمة...كاف ها يا عين صاد، ذكر رحمة ربك عبده زكريا..فالكتاب والحكمة والذكر صنوف من الوعي والخطاب متمايزة ،ولايجوز الخلط بينها على اعتبار أنها جميعا كتاب أو حكمة أو ذكرلافرق بينها في المضمون والدلالة،وربما كان هذا الخلط هو السبب في تحول الدين إلى ساحات للحرب والشقاء والتعاسة مثلا (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة) فماذا لو دعونا إلى ربنا بالكتاب أو بالذكر أو بالتعاليم ؟ لاشك سينشأ الصدام والعنف والإقصاء بكل السبل ,فالدعوة إلى الدين وتبشير الآخرين لاتكون إلا بهذا الصنف من المضمون القرآني الذي هو الحكمة.
فالكتاب والذكروالحكمة والتعاليم والمعاصرة عدة النص القرآني الذي أصبح له نظام ذو ملامح وخصائص في القراءة والسمع والأداء والترتيب والتنظيم ،وبإمكان أي دارس ومتأمل ومعايش للنص القرآني تصنيف مضامينه المعرفية ومن هنا يدرك مدى فعالية النص وإمكانيات نفاذه إلى حدود جديدة في الزمان والمكان والدلالات، فالدعوة إلى سبيل الرب لاتكون بالذكر أو الكتاب أو غيرهما من المضامين المعرفية في القرآن، إنما تكون الدعوة إليه بالحكمة ، وبالحكمة فقط ، وهكذا يتواصل النص مع طاقات الوجود المتجددة وغرائز الكائنات المندفعة نحو استبقاء الحياة والحفاظ على أبديتها، بالحكمة وليس بالكتاب الذي يثير الفتن بسبب اختلاف تأويله الذي لايعلمه إلا الله فقط، (هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله(قلى) والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب.) الراسخون في العلم لايخوضون في تأويله لأنهم لن يحيطوا بعلم الله الذي احتفظ بتأويله.وهكذا فالنص الإسلامي المقدس الذي صار حروفا ناسخة لنص الوجود الأصلي الذي هو المخلوقات مثله كغيره من النصوص المقدسة تحتوي على طاقة عرفانية هائلة لاتنفد تماما كأسرار الوجود الذي هو النص الأصلي الشاغل لطاقات البشر ،على مر حيواتهم عاكفون على الإحاطة به وفهم العلاقات البنيوية المفجرة لطاقاتهم وتغيير أنماط حياتهم على الدوام تبعا لما يتوصلون إليه من أسرار، النصوص المقدسة؛كل النصوص المقدسة هي رموز عرفانية قابلة للتأويل والفهم طالما هناك بشر يأتون إلى هذه الحياة.
والآن يقف الناس في قلب الحياة صارخين، ضجر ومظالم وأفق بهيم، تندفع الخطوات تحت سمائه، لاوقت لقراءة الوقت والوجوه، ماجناه أسلافهم عليهم من اندفاعات شوهت مظاهر الحياة من حولهم وأورثتهم التعاسة والضلال، إنهم في قلب حياة لا وصل بين وجوهها، بينها وبين ملامحهم،يحطمون ما فيها من جمال وحيوية، لاضوابط تقود سعيهم ، أصبحوا مجرد خطوات بلا يقين في دروب الحياة.
ربما يكون الانغماس في الحضور المادي واتخاذه غاية للسعي هو السبب،فالنص الحياتي الذي يعيشون فيه لايفرق بين أجناس الوجود من شجر وحجر وبهائم،أجناس تظهر وتختفي في تحولات المادة وصياغاتها المتجددة، والناس جزء لاتمايز بينهم وسط هذا الحشد الكثيف لغبار المادة الكاسح، ملامحهم مشتركة، لا أحد يشغله سؤال المآلات، الغاية من الوجود، وجود البشر والحجر والبهائم، ربما لأن الصياغة المادية لنص الحياة لها من يقوم بها طوال الوقت ، يعملون على تغييب سؤال الغايات ونفيه من طريق الناس بكل السبل والوسائل وخصوصا مع نشاط العولمة التي تحالف كهنتها لتنميط الحياة اعتمادا على تطور وسائط الاتصال التي توشك على إزاحة التمايز الجغرافي ، إنه صراع صاخب بين قمة المنتج التاريخي الذي هو العولمة وبين الغريزة البشرية الضابطة لإيقاع التاريخ وسيرورته.
الحياة تمضي إذن تحت ضغط ومعوقات التاريخ البشري المتسلح بالغباء، وهو يحاول عرقلتها، غير مدرك أنه مسلك مستحيل، والمحصلة إهدار حيوات البشرالخاضعة لسيطرة النخبة التي أنتجت في آخر السعي نص العولمة وحشدت له كل الأذرع التي تظن أنها الضامن لاستمرار هذا العماء، وهي لاتمل من تطويع كهنة الديانات لإعداد صياغات جديدة للنصوص المقدسة التي تسيطر على يقين العوام ، لكن الحقيقة إنه استغلال بشع لغرائز البشر في الافتقار إلى أجوبة عن سؤال البدء والمآل وتأبيد مفهوم متماسك عن سيرورة الوجود ومآلاته في ظل النصوص المقدسة التي يتداولها الناس والتي تبدو كصياغات محدودة وقاصرة بحكم خبرة الإنسان، صياغات كسيحة لمفاهيم البشر عن سيرورة الوجود والقوى الإلهية الضامنة للعدل والكرامة والحرية.
والعولمة التي هي ذروة المسعى التاريخي الآن يبدو أنها هذبت مفاهيم الديانات واستعملتها كأحد جنودها الظاهرين المخلصين، تماما كما فعلت الامبراطورية الرومانية قديما والتي اهتدت بعد صراع طويل مع المسيحية إلى استخدامها كذراع طويلة وقوية للإبقاء على تماسك الامبراطورية ودفعها للأمام.
وبوصفي من ضمن محيط المثقفين بالنص الإسلامي في رؤية الوجود درسا ومعايشة أسجل اعتراضي على ما آلت إليه مفاهيم هذا النص الذي انشغل كهنته قديما وحديثا في صياغته وتقديمه كرأس حربة في قبضة السلطة الحاكمةعلى مر العصور، أسجل اعتراضي على تآمر الكهنة وغفلتهم في فهم النص وتطويعه قائدا لكتيبة الحفاظ المدافعين عن ملكوت الحكام.
وفي المحصلة نحن أمام مفهومين رئيسيين للنص الحروفي المقدس أولهما يرى الإنسانَ خلقه الله من تراب ثم من علقة فمضغة مخلقة وغير مخلقة ثم قرار في الرحم فالخروج طفلا ثم يبلغ أشده فموت في الشباب أو إرجاء إلى أرذل العمر حيث الزهايمر،وآدم أول البشر من طين صار نبيا تليه سلسلة أنبياء من نسله تنتهي بمحمد العربي، هؤلاء الأنبياء جاؤوا بتعاليم تضمن للناس السعادة والقرار في الدنيا وبعد الممات حيث الجنة، والمخالفة لهذه التعاليم وهذا التصور تعني الضلال والكفر والتعاسة هنا في هذه الحياة الدنيا أو فيما يليها من حيوات؛وهذا المفهوم الأول يحشد أتباعه لقتال ومقاومة المنكرين الكافرين الجاحدين بهذا التصور بكل الطرق حيث يرى أنه الصواب وغيره الضلال والفساد الذي يجب القضاء عليه ؛ هذا عن المفهوم الرئيسي الأول أما الآخر فلايهتم بما سبق وإنما يحتشد بتأويلات متواصلة واستنطاقات دائمة للنص المقدس بهدف ترسيخ عروش الحكام وتقديم الأفق الديني اللازم لحشد العوام والحفاظ على حالة الرضا والقرار بما يقع من أحداث وتغييرات في النسق التاريخي لترسيخ الغيبوبة والبلادة ضد النص المقدس الوجودي الذي يتجدد كل لحظة.
والكلمة معنى واسع، فالمسيح كلمة الله ، ونصوص الكتب المقدسة كلمة الله ، ومابين الكلمة الحرف والكلمة الفعل تندفع مصائر الكائنات، ولا شيء سابق لتصوره، وكل وجود سابق على تصوره لايعول عليه،ومتى تصورنا الشيء فقد ظهرت كلمته وبان حرفه وانضم إلى نص الوجود الحروفي، فالكلمة الحرف منتج تاريخي، أما الكلمة الفعل فهي أساس الغريزة واندفاع السيرورة في مسعاها، وهدف الإنسان من السعي مؤاخاة الغريزة والتاريخ، مؤاخاة الغريزة بالإنصات إليها والاستجابة لغاياتها العظيمة ، وفهم التاريخ المؤاخي للغريزة والشاق المنشق عنها، فالتاريخ الحكيم هو ما كانت كل منتجاته استجابة عميقة لتناسق الغريزة وتوازنها.
والسياق المادي القاصر ينظر للإنسان وغيره من الكائنات محصورا بلحظتي الميلاد والموت هذا بينما النص الحروفي المقدس يقول: (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على خلقهم ألست بربكم قالوا بلى أن تقولوا إنا كنا عن ذلك غافلين.) نعم نحن كنا هنا من قبل لحظة الميلاد والدخول في هذه الحياة، وكنا شهودا بما تلزمه الشهادة من وجود للحواس من سمع وبصر وشم ولمس، فلاشهادة بلاحواس والتأبيد المادي للحياة أفقد الإنسان قدرته على الوصل مع حيواته السابقة ناهيك عن حدسه واستشعاره بالحيوات المقبلة ، وهكذا فما حرْفات الفهم البشري المستمرة للنصوص المقدسة إلا مؤامرة لتأبيد حضور الحكام وسلطتهم الغشوم على حضور الناس وإحباط ما فيهم وما في الحياة من حولهم من غرائز ورغبات طامحة للتجدد والتطور أبدا،هي محاولة جاهلة من كهنة النص الحروفي لابتلاع النص الوجودي المقدس، وهي قاعدة الصراع التاريخي الذي يعمل على تصدعات البشر والحياة.
والاعتماد على التاريخ في الإقناع بصواب وحقانية الفهم للنص المقدس ماهو إلا مزيد من العماية والضلال ،وما يقال عن قوة حضارة ما وازدهارها في عصر ما بسبب التمسك بالدين ماهو إلا مغالطة ومخادعة لتأبيد غيبوبة العوام، وهذا ينطبق على كل الديانات بلا استثناء بعد التمحيص والتدقيق وتحليل شواهد التاريخ وسعي الحكام وجنودهم وأتباعهم على رقعة الزمن، فالديانات التي تذخر نصوصها بتأييد الحرب والقتال واختلاق الخصوم تبدأ من بني إسرائيل حتى أتباع المسيح بعد أن أعيدت صياغة ديانته في المحافل الكنسية عقب خروج عيسى يسوع المسيح من تاريخ الناس على اختلاف الروايات في اختفائه ومستوى ظهوره ثم ديانة الإسلام التي بدأت برسوله محمد ونصه المقدس القرآن ،والرجوع إلى تدوينات التاريخ عن تلك العصور سيعلمنا كيف صار الدين مطية للغالب الحاكم وسوطا لإيلام المستضعفين والعوام وقهرهم لدرجة أن أنصار النبي وأتباعه انخرطوا في قتل بعضهم بعضا وعصيان تعاليمه أولا بأول عقب وفاته ، كما حدث ذلك مع أتباع موسى ثم أتباع المسيح الذي أعيد بناء ديانته في المحافل الكنسية المقدسة بعد ثلاثة قرون من صعوده إلى السماء ثم مع أتباع محمد من المسلمين.
وفي النظر إلى الذات والوجود لابد من الالتفات إلى التمايز بين مسالك اليهود والمسيحيين والمسلمين؛ تلك المسالك التي مهدها وقام على حراستها عبر التاريخ كهنة وسدنة محتشدين بالتآمر والغفلة ولازالوا يبتكرون وسائل للمؤامرات والخديعة للحفاظ على القطيع ساكنا مستلبا داخل الحظيرة؛ حظيرة الإيمان بمفاهيمهم التي يعاودون صياغتها باستمرار لمواءمة طموح وخطط الحكام الغالبين والإبقاء على غيبوبة القطيع داخل الحظيرة. إنهم أخطر أسلحة النظم الحاكمة ، أخطر من الصاروخ والقنابل والغازات السامة.
وحاجة الإنسان للدين تماما كحاجته للطعام والأمن والجنس، والدين هنا بمعنى الجواب على سؤال البدء والمآل ، بدء الوجود ومآله ,وفي قلبه وجود الإنسان نفسه ومآله، من أين أتى وكيف؟ وإلام يصير وكيف؟ هذا جوهر الدين كغريزة، أما الدين كتاريخ ووقائع وأحداث وشخوص فهذا ما يحرص الكهنة على الخلط بينه وبين غريزة الدين، فانخرطوا في تكريس العبودية وتشييد أسوارها كفعل تاريخي يرضي إله الوجود ، بل جعلوا العبودية هي غاية الوجود ومآله ومن ثم سلبوا الإنسانية جوهر طموحها وتجددها الطبيعي وهذا أعظم إحباط لطاقات الإنسانية وأمكر حيلة لأهدار معنى الإنسانية.
وهل العبودية إلا شغل تام وانفعال متواصل على مساحة الوقت كله منذ مبارحة الطفولة وحتى الموت ؟وتأمل قول أبي العلاء المعري : وحب الحياة أعبد كل حي / وعلّم ساغبا أكل المرار
وما تصوير العبودية في النصوص المقدسة كتكريس للقهر والتسلط إلا مكر عميق مركب اهتدى إليه الكهنة الأوائل وعملت سلالتهم من بعدهم على النفاذ به عميقا في وجدان الناس وأفكارهم لشلّ حواسهم وكبت الحيوية فيهم؛ حتى تكاد النصوص المقدسة وفقا لتصوراتهم مجرد إفزاع واحتقار وتهويل من انتقام الخالق الذي يترصد الناس في كل لحظة وكأن تلك هي المهمة والوظيفة الأساسية التي من أجلها كان الخلق والسيرورة.
الإله نفسه غيبٌ خارج مرمى الحواس ولذا كل ماينسب إليه من خلق وجبروت وإحياء وإماتة وتعذيب وتنعيم في حيوات أخرى غيبية، كل ذلك سيظل غيبا ما لم يتأمل الإنسان هذا الوجود بنصيّه المحسوس(المشهود) والحروفي.
لقد تجمد النص الحروفي المقدس وتحنط كمومياء أو حجر تتداوله المياه والزلازل وعوامل التعرية، والناس تمت مصادرتهم واحتكار حياتهم واحتقار حواسهم وغرائزهم بواسطة تصورات الكهنة وتوقيف دلالات النصوص الحرفية( التي هي رموز)عند مستوى طموحهم القائم على إرضاء الحكام وإرضاء إله لاوجود له بتلك الملامح إلا في خيالاتهم وتصوراتهم المشوهة العقيمة.
الله الحق قديم متجدد، وكل يوم هو في شأن ، ويخلق ما لاتعلمون،وهذا مبرر استمرار الحياة، هذه الحياة التي يبدو الإنسان فيها صاحب إرادة واقتدار وتحكم في مصيره الذاتي على الأقل مابين مبارحة الطفولة وحتى الموت؛ورغم ذلك يبدو النص الحروفي المقدس جامدا ساكنا انصرف الناس عنه واتخذوه تعاويذ وأحجبة لطرد الشياطين التي تصيب الناس بالخلل والمرض والفرقة والقطيعة والألم، صار النص تعويذة لطرد الأرواح الشريرة.
الناس يقتلها الجوع والحروب والكوارث ،وكهنة النصوص الحروفية منشغلون بكيفية ركوع المرأة في الصلاة والتنظيف من الاستحاضة ووضع اليدين في القيام والطريقة الحلال في دخول الحمام وآداب التبول والتبرز في الحل والسفر، منشغلون في تكييف النصوص لمؤازرة استبداد الحكام( ظل الله في الأرض) وحماية ظهورهم من غضب الشعب المسلوب سعيه والرازح تحت الفقر والقهر والجهالة.
الذكر
( واذكرفي الكتاب إبراهيم...إذ قال لأبيه يا أبت لم تعبد ما لايسمع أويبصر ولايغني عنك شيئا.) الحجارة والتماثيل المنحوتة أوثان وأصنام هي من صنع الخالق الحق الذي وضع قمة الكمال التشكيلي في الجسد البشري فعلى صورته خلق الله الإنسان. ولقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم..أصنام وأوثان ينشغل بها أبو إبراهيم وأتباعه طول الوقت،يهيمون بها مغرمين في شغل واستذكارعلى مساحة الوقت، إنها العبادة إذا،وما العبادة إلا الشغل، وكل منشغل بما في الحياة فهو عابد لها ؛عابد للنص الوجودي الأصلي وإن كان لايستحضر ما وراءه في كل لحظات الانشغال، الانشغال والذكر هما العبادة وضدهما النسيان والذهول والإهمال..يقول الشنفرى من شعراء الجاهلية أديم مطال الجوع حتى أميته وأصرف عنه الذكر صفحا فأذهل؛ هذا من جذر الدلالة في معنى الذكر إلا إنها جاءت في القرآن كمصلح على جنس من المعرفة ؛( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون.) ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون.إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون. وقالوا يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون أأنزل عليه الذكر من بيننا بل هم في شك من ذكري.وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر...ذلك نتلوه عليك من الآيات والذكر الحكيم )،فمن الواضح أن الذكر هنا جنس من العرفان ضمن مضامين النص مثله مثل الكتاب والحكمة والتعاليم والمعاصرة
وإذا كان الأمر كذلك فكيف لنا تحديد مواطن الذكر في القرآن؟ إنها كل موطن ورد فيه سيرة نبي سابق من أول آدم وحتى محمد، كل نبي له سيرة وقصص سواء في علاقته مع الله أو سيرته في قومه وما وقع بينه وبينهم من أحداث أو حتى ملابسات ظهوره وخلقه في هذه الحياة، (واذكر في الكتاب مريم...واذكر عبادنا أبراهيم وإسحق ويعقوب...و إسماعيل وإليسع وذا الكفل...واذكر في الكتاب موسى...واذكر في الكتاب إدريس.)وهكذا أدرك حكماء المصريين تلك المعاني العميقة فاتخذ المتصوفة من الذكر والحضرة تجسيدا مشهديا للمعنى الحروفي العميق للعبادة ،فالحضرة اسم مرة من الحضور الذي هو ضد الغياب والذهول والنسيان ، فبالذكر والحضرة يكون الإنسان في عبادة دائمة خالصة ،وليس من الضروري أن تكون كل قصص الأنبياء بتفاصيلها قد حدثت واقعيا بالفعل ؛ وخصوصا إذا توسعنا في الإحاطة بتفاصيلها من العهدين القديم والحديث، إنها طريقة في التعليم تخص الأنبياء والرائيين والكهنة،تماما كالأمثال، فعندما يسأل التلميذ معلمه عن شيء غامض يقوم المعلم بسرد مثل أوقصة يفهم منها التلميذ ما غمض عليه من المعنى ،إن قصص الأنبياء بتفاصيلها أمثال تعليمية في غاية الفصاحة ، لفهم أمور العالم ففي قصة يونس مثلا دليل وحجة على حتمية أن يمتثل الإنسان لأداء رسالته في الحياة وأنه لامهرب من القيام بها ،وفي قصة زواج يعقوب من بنات خاله مثل على الاحتيال والذكاء والدهاء في طريقة أخذ الحق ،وفي قصة شمشون مثل بليغ على عواقب إفشاء السر، وهكذا فهي أمثولات لفهم أمور الحياة وما وراءها،وهكذا لأن النصوص المقدسة هي في الأساس مادة للتعليم وفهم العالم فيها الكثير من المبالغات وتجاوز الامكانيات والاحتمالات الطبيعية لسير الأحداث والوقائع وهذا كله لإحداث الأثر المطلوب.
الكتاب
ألف لام ميم.ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين / ومنهم أميون لايعلمون الكتاب إلا أماني / ألف لام را تلك آيات الكتاب الحكيم /الف لام را كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير/الف لام را . كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور /فمن أوتي كتابه بيمينه فأولئك يقرؤون كتابهم /طا سين تلك آيات القرآن وكتاب مبين /وماكنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك/حا ميم .والكتاب المبين /يا سين./ والقرآن الحكيم. إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا.
فمدلول كلمة الكتاب وحسب استقصائنا لمواطن ورودها في النص القرآني تتمحور حول معان عدة أكثرها ذيوعا أنه نوع من المعرفة الإلهية التي يختص بها الله بعضا من أنبيائه وخصوصا من النسل الإبراهيمي كإسحق ويعقوب وإسماعيل ودادود وسليمان وموسى وعيسى ومحمد، ولم تقابلني سوى إشكالية واحدة في سياق هذه الدلالة في سورة الجاثية(وترى كل أمة جاثية كل أمة تدعى إلى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون. هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ماكنتم تعملون )فلوكان الكتاب واحدا بمعنى العلم الإلهي بمصائر الخلق والمخلوقات والأحداث والوقائع التي جرت وستجرى بوصفها من العلم الإلهي الذي علمه الله لأنبيائه فأصبحوا عالمين بكتاب الوجود ومآلاته؛ لو كان كذلك فمن الصحة أن يكون الكتاب واحدا لكل الأمم ؛إلا إن (كل أمة تدعى إلى كتابها) توحي باختلاف الكتب رغم ماجاء تعقيبا في الآية التي تليها (كنا نستنسخ...) والتي تذهب إلى المعتقد الأساسي لدى كل المسلمين بأن اليهود والنصارى حرفوا كتاب الله وزيفوا ما أعطاه الله لأنبيائه من الكتب ولهذا جاء الكتاب في نسخته الأخيرة (القرآن)التي تكفل الله بحفظها من التحريف إلى الإبد؛ رغم ما يصعد من تساؤلات هنا، ولماذا لم يتكفل الله بحفظ كتابه المنزل على أنبيائه السابقين؟ ولماذا تكفل فقط بحفظ النسخة الأخيرة من الكتاب التي نزلت على نبي العرب؟؟رغم أن هناك ثلاث آيات أخرى في القرآن تتحدث عن الكتب دونما إشارة إلى تحريف من مثل(كل آمن بالله وملائكته وكتبه)و(ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه..) و(وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين)في الحديث عن مريم، إذن كتب مصائر الوجود متعددة ،وهنا فما لزوم (هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق) في مشهدية القيامة والحساب؟‘ إن كلمة الكتاب وردت261مرة في القرآن ومعانيها تدور في فلك المعرفة الوجودية بتفاصيل الحياة والممات(ذلك الكتاب لاريب) و(قال الذي عنده علم من الكتاب) والكتاب بمعنى المصائر الشخصية للأفراد(اقرأ كتابك) وكذلك بمعنى الفرض والفريضة( أن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا) كما تأتي بمعنى الكلام المخطوط في صحيفة أو قرطاس(ورقة)من مثل(ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس) و(ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا تقرؤه)و(اذهب بكتابي هذا) وهنا تتجلى حتمية المعرفة الوثيقة عند تلك الأمم بالكتابة والقراءة والأوراق بوصفها وسائط لتداول المعرفة في تلك العصور وليس كما يروج الغالبية من الناس لأمية هذه الأمم وجهلها بالقراءة والكتابة.
الحكمة
ولقد آتينا لقمان الحكمة/يؤتي الحكمة من يشاء/وإذ علمتك الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل/وأنزل عليك الكتاب والحكمة/واذكرن مايتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة/ وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين.
الحكمة وطبقا للدلالات في سياقاتها خلال المواضع العشرين في القرآن هي جنس من العرفان والفهم والوعي منحه الله لأنبيائه وغيرهم مثل لقمان الذي يقال انه من الأحباش أو من النوبيين (ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا) الحكمة تقترن بالكتاب والتوراة والإنجيل في سياقات النص القرآني بوصفها من عطاءات الخالق لعباده من الأنبياء والرسل.كما أنها في الآية 81 من سورة آل عمران(سورة الاصطفاء العظيم) تقترن مع الكتب السماوية التي أخذ الله فيها عهدا وميثاقا مذيلا بالغضب حال نقضه(إصري) على أنبيائه السابقين من آدم إلى عيسى بأن يؤمنون بنبوة محمد هم وأقوامهم وقد أقر الأنبياء السابقون بذلك!!!وهذا من عجيب القرآن أن يومن السابق باللاحق ولم يعاصره أويشهده ،إنها الواحدية إذن , واحدية لحظة الخلق ,واحدية البدء , واحدية المآل, والعجيب أيضا أن يعد جميع من سبقوا من الخلق كانوا مسلمين (أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السموات والأرض طوعا وكرها وإليه يرجعون/ قل آمنا بالله وما أنزل علينا وما أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى والنبيون من ربهم لانفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون/ومن يتبع غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين.)
إن الإسلام كمصطلح ديني يكمن في هذه الآيات الست(81إلى 85) من سورة آل عمران ؛حيث كل المخلوقات مسلمة طوعا وكراهية,والاسلام جامع لكل تعاليم النسل الإبراهيمي من الأنبياء،ابراهيم اسماعيل اسحق يعقوب وأبنائه الاثني عشروموسى وعيسى ، والنبيون (احترازا) حتى لايسقط أحد والنبيون هذه تشمل داوود وسليمان ويحيا وزكريا ممن أتى ذكرهم في القصص القرآني وممن لم نقصص كإشعياء وصموئيل ودانيال وإرميا وغيرهم .
التعاليم...شريعة/عبادات/أخلاق
هذه أيضا من المضامين المعرفية التي وردت في القرآن(وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) (وأتموا الحج والعمرة) (وانكحوا الأيامى منكم)(لاتأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) (ولاتقل لهما أف) (فلاتحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره)(فمن شهد منكم الشهر فليصمه)
وهذه التعاليم غالبا تأتي في صيغ الأمر أو النهي أو كتب عليكم..أو فرض وهكذا
المعاصرة/ المحايثة
وهي الإخبار بالأحداث والوقائع التي حدثت في زمن الدعوة(قدسمع الله قول التي تجادلك) و(ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم) (ثاني اثنين في الغار إذ يقول لصاحبه) وكل ماورد في النص ساردا لحادثة وقعت للرسول وأصحابه من معارك وأمور حياتية (إن الذين جاؤوا بالإفك منكم)
تلك هي المضامين المعرفية التي اشتمل عليها النص القرآني والتي تسهل علينا فهم النص ومعرفة قراراته وتصوراته الكلية بشأن الوجود إذا حاولنا جمع النصوص التي تتشارك في مضمون واحد مع بعضها بعيدا عن ترتيب الآيات في المصحف، تلك المحاولة ستجعل من النص الحروفي نصا فاعلا ومشاركا في نص الحياة الأصلي صائغا ومجددا ومتجددة دلالاته وليس مجرد نص للتبرك وطرد الجن والتعوذ من الشياطين؛ذلك مع محاولة أخرى لإعادة ترتيب الآيات بحسب أسبقة نزولها(تداولها بين البشر) خلال فترة النبوة التي امتدت ثلاثا وعشرين سنة.
وبهاتين المحاولتين ؛التصنيف المعرفي للمضامين وإعادة الترتيب المتزامن يمكننا تدبر القرآن وفهمه كما أراد له صاحبه(أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها) وأخيرا وفي هذا السياق ..ما الفرق بين المسلم الذي عاش في زمن النبي وبين المسلم الآن؟ الفرق الجوهري أن المسلم الأول شاهد الإسلام وهو يتشكل لبنة لبنة وشهد القرآن وغيره من الوحي الذي نطق به النبي لحظة بلحظة,وعاصر التبدل والتغير وخصوصا في التعاليم والأحداث المعاصرة التي كان النبي أو صحابته طرفا فيها,بينما المسلم الآن يتلقى دينا مبتورا من سياق تشكله وكثير منهم يرفض القراءة والدرس المستهدف للإلمام والإحاطة بظروف تشكل النص وذلك من خلال كتب السير والتفاسير والمغازي .



#عباس_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأملات في الغريزة و التاريخ
- من مشاهد البعث و الحساب في العقيدة المصرية
- لصوص العالم يختبئون فى البحر الميت
- هل كان للناس دولة تطبق شريعة الإسلام ؟
- قلب الوجود
- ما ذا تعني المصرية ؟ ومن هم المصريون
- أسلمة الثورة المصرية . . وإحباط محاولات التغيير في المنطقة
- من كتاب الحب والحكمة
- هدم الأضرحة .. وعقائد البدو
- أما آن لهذه النخاسة أن تتوقف !؟
- نموذجان من الانتهازية وفقه النفط - شنوده والقرضاوي
- فقه النفط وفتاوى الضرورة
- جسد المظاهرة
- شجرة الحياة
- قراءة في -مثلث العشق- لشريف صالح
- أيّكم يغرس رمحاً في دارٍ فهي له !!
- ما كل هذه الدماء أيها العرب المسلمون ! ؟
- إنعام .. وكلب العائلة
- مفهوم -الله- في خطابات الدعاة الجدد
- عقائد البدو الاسرائيليين


المزيد.....




- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس منصور - الحرف بين الأصل والتاريخ