أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - سامي البدري - هل أمريكا عاجزة عن إعادة تصحيح ما رسمت في العراق؟















المزيد.....

هل أمريكا عاجزة عن إعادة تصحيح ما رسمت في العراق؟


سامي البدري
روائي وكاتب

(Sami Al-badri)


الحوار المتمدن-العدد: 6474 - 2020 / 1 / 27 - 20:44
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


لعل هذا السؤال هو أكثر ما يشغل العراقيين اليوم، وخاصة بعد قرار العراقيين، عقب إنتفاضة تشرين/أكتوبر، بأنه قد حان الوقت لتغيير الخارطة السياسية وطبقتها في بلدهم.
بدءاً، وإذا ما حصرنا النظر في الأمر بحدود النظام السياسي العراقي وطبقته، التي أعقبت سقوط نظام صدام حسين، يبدو الأمر معقداً وملتبساً جداً، وخاصة في ظل هيمنة إيران ومليشياتها المتغلغلة في جميع مفاصل النظام والدولة العراقيين، وظهور الوضع بصورة كرة الخيوط المتشابكة، التي تحمي ملابساتها إثنان وخمسون جبهة من بنادق المليشيات الحزبية والطائفية التي توجهها إيران.
لكن وفي مقابل كل هذا الإلتباس وما يظهره وما يتمترس خلفه من قوة، تبقى قناعة الشعب العراقي أولاً، والمراقبين والمحللين الستراتيجيين والسياسيين ثانياً، أن أمريكا وحدها هي من جاءت بهذه الطبقة ومن سلمت العراق لها، وعليه فإنها قادرة على تغيير هذا الوضع الشاذ بطرفة عين.
فالطبقة السياسية وأحزابها، أمريكا هي من سلقتها، في مطبخ الحاكم الأمريكي، بول بريمر، وسلمتها حكم العراق، وأمريكا هي التي سمحت، سواء بإرادتها أو بقصر نظر صناع قرارها، بدخول بعض المليشيات الموالية لإيران، وبتصنيع أعداد أخرى منها، بعد تسليمها الحكم في العراق إلى الأحزاب الدينية الموالية لإيران، فلماذا تبدو الآن عاجزة عن تغيير هذا الوضع، وهي التي إستطاعت، في مطلع نيسان/أبريل، من عام ٢٠٠٣، من الإطاحة بنظام دولة العراق وتفتيت أحد عشر جهازاً أمنياً، كانت تحمي نظام صدام، وهي أجهزة دولة ومدربة ومسلحة لمدة ثلاثين عاماً وبإمكانيات دولة كاملة؟
أي عاقل، وإن لم يكن خبيراً لا في الأوضاع السياسية ولا العسكرية ولا الأمنية، سيقول من المستحيل أن تعجز أمريكا عن تفتيت مجرد مليشيات، وبضمنها أجهزة الجيش والشرطة التابعين للحكومة، لا يجمعها في الحقيقة، ولا يؤلف قلوبها على هدف، غير الحصول على المال والسلطة والجاه على المواطنين العزل، ولا هدف لها غير الدفاع عن مصالحها الخاصة والحزبية والفئوية، فلماذا وكيف تعجز أمريكا عن عزل هذه الطبقات، وهي ببساطة قادرة على السيطرة عليها أو تفتيتها، بالسيطرة على قياداتها، سواء بقتلها أو القبض عليها، بإعتبار أن ولاء أعضاء هذه التنظيمات هو لرموز قادتها؟، وكما حدث مع نظام صدام، فعندما هزم صدام تفتت وإنهزمت أجهزته الأمنية الأحد عشر، وهي جيوش نظامية جرارة، ولكنها فقدت بوصلتها ونال منها الخوف، بمجرد إختفاء قائدها الأعلى أو رمزها الكبير.
ورغم أن لا أحد من العراقيين يعرف ماذا تفعل أمريكا في العراق الآن، وخاصة فيما يخص التصرف بثروات أرضه، إلا أن الحساب البسيط يظهر لنا سذاجة وسخافة فكرة الفوضى الخلاقة التي إشيعت مع بداية الإحتلال، وطبلت لها وسائل الإعلام، في أن أمريكا حسبت لكل شيءٍ حسابه وإن كل خطوة إتخذتها في العراق هي مقصودة لغرض بعينه وتصب في خانة مصالحها المستقبلية في هذا البلد، والدليل البسيط على ما نقول هو إن حالة الفوضى التي سببها حل الجيش العراقي وتفليش مؤسسات وأجهزة الدولة، لم تعد على أمريكا بغير خسارة أكثر من خمسة آلاف عنصر من قواتها، وهيمنة العصابات والمليشيات على الشارع وأجهزة الدولة والحكومة العراقيين، والتي إنقلب أغلبها إلى خصم للقوات الأمريكية، إضافة إلى تغول إيران وهيمنتها على العراق، سياسياً وأمنياً وإقتصادياً.
ومنذ إنقشاع غبار حرب إحتلال العراق المباشرة عن الأعين، في عام ٢٠٠٥ وما تلاه، بدأ معظم العراقيين والمراقبين التساؤل عن جدوى الفوضى التي سببتها ووضعت نفسها فيها أمريكا في العراق، وخاصة بعد تحول قواتها إلى مجرد جهاز للشرطة لبسط الأمن في الشوارع العراقية المنفلتة، بسبب توفر كل أنواع السلاح فيها، وما ستعود به تلك الفوضى على أمريكا، وخاصة بعد فتحها لحدود العراق أمام جميع القوى والمليشيات، بدل حالة الأمن والإستقرار التي فرطت بها، والتي كانت بالتأكيد ستعود عليها بالمنافع الإقتصادية الكبيرة، وخاصة فيما يتعلق بتشغيل شركاتها في إعادة الإعمار وإحتكار السوق العراقية، وهي سوق كبيرة جداً، لتصريف منتجاتها الصناعية والزراعية، وخاصة بعد سنوات الحرمان التي عاشها المواطن العراقي في ظل الحصار الإقتصادي الذي إستمر لثلاثة عشر عاماً كاملة.
أعرف مثلما يعرف الجميع أن الولايات المتحدة بلد متقدم جداً، تكنولوجياً وصناعياً وإقتصادياً، وإنها قادرة، بقوتها العسكرية الجبارة، على تحويل العراق، أو أي بلد آخر، إلى مجرد تراب محروق، خلال سويعات، ولكني أعرف أيضاً، أن هذه القوة المتطورة يصنعها علماء متخصصون وليس الساسة، وإن الساسة الذين يأمرون بإستخدام هذه القوة تحكمهم الأهواء والنزعات الشخصية والقرارت الخاطئة، وبالتأكيد فإن العراق قد ذهب ضحية لمجموعة من هذه القرارات الخاطئة، التي أصدرها عقل بول بريمر وجورج دبليو بوش الإبن، اللذين دللا، وكما في تاريخ الولايات المتحدة في حروبها وإستعماراتها الخارجية، أن أمريكا بلد فاشل فعلاً في إدارة وإستثمار مستعمراتها، بل وإنها ترتكب أخطاء فادحة لا يرتكبها حتى أطفال السياسة المستجدين، في هذا الجانب من سياستها الخارجية.
معروف تماماً أن الكبير خطأه كبير، وخاصة في عالم السياسة، ولهذا إحتاجت الولايات المتحدة لستة عشر عاماً لتتبين خطأها وحجمه في العراق، وخاصة بعد أن إنقلبت عليها الطبقة السياسية التي صنعتها وسلمتها إدارة العراق، بعد الإحتلال، وهي الآن في أعلى مراحل حيرتها وتخبطها، بسبب خيانة الأحزاب الدينية الموالية لإيران لها، وتفاني هذه الأحزاب في خدمة إيران بدل خدمتها، ومشكلتها الآن تتمثل في إيجاد بديل لهذه الأحزاب، لأنها باتت تفكر وتحسب الأمور بنفس طريقة الأحزاب الطائفية وإيران، هذه الطريقة التي تتمثل في كون أن سنة العراق جميعهم من لون واحد، وهو اللون الصدامي المعادي لأمريكا، وخاصة بعد تفرد سنة العراق بمقاومة إحتلالها، منذ أيامه الأولى، الذي أقنعتها أحزاب إيران بأن هذه المقاومة بعثية صدامية وليست عراقية مناهضة لفعل الإحتلال، وإن حملها السلاح ومقاومتها تأتي من إيمان مبدئي وطني وليس بدفع من جهة حزبية أو سياسية.
وبالعودة إلى ما بدأنا به هذا المقال، وبالتذكير بقتل القوات الأمريكية لقاسم سليماني ومجموعة من أعوانه المليشياويين في مطار بغداد مؤخراً، نجد أن الولايات المتحدة تثبت لنا أنها قادرة على تصفية المليشيات والأحزاب السياسية العراقية بسهولة، لكنها مازالت متخبطة ومترددة في إختيار البديل لها، وخاصة إنها بدأت تفكر - على ما يبدو - بأن يكون هذا البديل من المكون السني، الذي لا يميل لإيران مذهبياً ولا يمكن أن يقبل وجودها على أرض العراق بالمطلق، ولكن تخوفها من المكون السني، وكما أثبتت لها سنوات مقاومة إحتلالها الأولى، يأتي من أنه يرفض وجودها ذاته على أراضيه وليس على إستعداد للمهادنة بشأنه بالمطلق، على عكس أحزاب ومليشيات إيران، التي سمت إحتلالها تحريراً وسعت لتسمية يوم التاسع من نيسان/ابريل عام ٢٠٠٣، يوم العيد الوطني للعراق!
إذا أمريكا ليست عاجزة عن إعادة تصحيح ما رسمت في العراق، لكنها حائرة في كيفية رسم البديل وتحديد ملامحه والثقة فيه، وهذا ما يجعلها مترددة في رسم ملامح المرحلة المقبلة في داخل العراق بالذات، وخاصة بعد وقوفها على حجم خطئها بالتفريط بالعراق كمستعمرة خاصة بها وتنازلها عنه لإيران بلا مبرر أو ثمن.. والسؤال الآن هو: كم ستطول حيرة أمريكا قبل أن تتخذ القرار، وهل سيكون من دون أخطاء هذه المرة، وخاصة أن الشعب العراق مهيأ للتخلص من إيران لأنها لم تقدم له غير الذل والفقر وصنوف الموت والقهر؟



#سامي_البدري (هاشتاغ)       Sami_Al-badri#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يستطيع شمشون إيران حرق المعبد؟
- إنتهاء عهد تبعية العراق لإيران
- هل حلت الليالي الباردة بالمشروع الإيراني؟
- الجبالُ تقفُ وحدها انتظاراً لكلمةِ الله
- ربما بسبب الحرب... وربما بسبب زرقة الركب
- نادي الأحزاب العراقية المغلق
- برهم صالح على الكرسي الهزاز
- مسؤولية أمريكا تجاه العراق وتظاهراته
- وقاحة سياسية
- عنق الزجاجة العراقية ما بعد عبد المهدي
- أحزاب السلطة وسقوط الغطاء الطائفي
- هكذا تزاحمنا وأرقنا... وتعبنا وقوفاً، على شفتي الكلام
- هل تشبه الحياة خورياً؟
- إرهاب الدولة وسياسة تعطيل الخيارات
- تخمين عبر زجاجة دافئة
- بنطال حزن قصير الأكمام
- تهمة رسمية جداً
- تطويع السينما لأغراض شخصية جداً
- في سبيل مشروع نقدي عربي.. القواعد والمنطلقات الثقافية وإ ...
- معركة خاسرة لأسباب موضوعية


المزيد.....




- مكالمة هاتفية حدثت خلال لقاء محمد بن سلمان والسيناتور غراهام ...
- السعودية توقف المالكي لتحرشه بمواطن في مكة وتشهّر باسمه كامل ...
- دراسة: كل ذكرى جديدة نكوّنها تسبب ضررا لخلايا أدمغتنا
- كلب آلي أمريكي مزود بقاذف لهب (فيديو)
- -شياطين الغبار- تثير الفزع في المدينة المنورة (فيديو)
- مصادر فرنسية تكشف عن صفقة أسلحة لتجهيز عدد من الكتائب في الج ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن آثار تورط فرنسي في معارك ماريوبو ...
- بولندا تنوي إعادة الأوكرانيين المتهربين من الخدمة العسكرية إ ...
- سوية الاستقبال في الولايات المتحدة لا تناسب أردوغان
- الغرب يثير هستيريا عسكرية ونووية


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - سامي البدري - هل أمريكا عاجزة عن إعادة تصحيح ما رسمت في العراق؟