أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسين لمقدم - المصعد ..














المزيد.....

المصعد ..


ياسين لمقدم

الحوار المتمدن-العدد: 6439 - 2019 / 12 / 16 - 10:51
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة
................

يدفع الحسين عربة حديدية مخصصة لحمل أسطوانة الغاز سيوصلها إلى زبون يقطن في الدور الرابع من العمارة المقابلة للمتجر حيث يشتغل منذ حوالي عقد من الزمن.

جاء من أقاصي أرياف سوس مباشرة بعد أن أرغمه والده على مغادرة الدراسة وهو لمَّا يزل بعد في سنته الثالثة ابتدائي، ليتعلم التجارة في العاصمة عند ابن عمه. وكما صور له عقله الصغير، ستتفتح له أسواق المال بعد أن يصنع مفاتيحها بكده وعرقه وتحصيلاته النقدية… ولكنه اصطدم بمرارة العيش الدائم في الدكان المزدحم بالبضائع، والمعرض لأخطار الحرائق والحر والجرذان.

يشاطره المبيت في سقيفة المحل صبي يافع لا يكف عن التذمر والتأفف والشكوى. فإذا جن الليل غط في كوابيس تجعله يكرر الصراخ والاستغاثة فيفزع الحسين من مرقده وينهر الصبي الذي لن يرجع للنوم مخافة أن تعاوده الأحلام المرعبة بعيدا عن حضن أمه الذي كان له حرزا من كل الشرور. فإذا انجلى الليل وفتح المتجر أبوابه، قضى الصبي يومه متعبا متكاسلا متأففا من أرقه الدائم…

ربما يلج الحسين بوابة هذه العمارة لأكثر من عشر مرات أسبوعيا، ورغم ذلك، يكرر التهجي بصعوبة لورقة غبية اصفرت في غلافها البلاستيكي الذي يقيها من السقوط كأوراق الخريف. يشعر بها تترصده كعجوز شمطاء تعوي من نافذتها على المارين فوق حرمة عتبتها.

هذه الورقة المتعجرفة تتوسط الجدار الفاصل بين المصعد الكهربائي والسلالم الإسمنتية. وعليها كُتبت بخط أسود عبارات منع متعددة، كاستعمال المصعد لحمل المقتنيات أو لصعود الغرباء كالمستشهِرين وبائعات مواد التجميل والمتسولين. وعند اقتراب عيد الأضحى يهرع المسؤول عنها إلى تذييلها بورقة أخرى كتب عليها عبارة ساذجة ومضحكة “ممنوع صعود خراف العيد“…

وأما إذا باشر صاحب شقة في إصلاحات بيته، تلونت جدران العمارة وسلاليمها بعبارات المنع لحمل مواد وأجهزة البناء عبر المصعد… ثم تتناسل معلقات أخرى عن ضرورة التنظيف اليومي للمرات من مخلفات البناء. وإلزامية التوقف عن الأشغال في فترة الظهيرة وأيام الآحاد… ولا شيء من هذا يحدث. فالعمال سيستعملون المصعد عنوة والأتربة ستتراكم في الممرات إلى أن تتخلص منها السيدة التي تعمل على تنظيف العمارة في صباح كل أربعاء مقابل ثلاث مائة درهم شهريا.

هي أيضا يشملها المنع من استعمال المصعد ولكنها تستعمله في تنقلها بين الطوابق حاملة في يدها اسفنجة تنظيف ستتظاهر باستعمالها على مرايا المصعد في حالة ظهور مفاجئ للمسؤول عن تخطيط عبارات المنع…

الكل يستعملون المصعد، إلا الحسين وحده يتقيد بعبارة المنع التي يتهجاها في كل حين…



#ياسين_لمقدم (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشيح والريح...
- وجه العبثية وقفاها...
- بوصلة السراب...
- الإسكافي التائه...
- أُكتب لِتكنْ...
- فراغ...
- وحدةٌ لا تندثر ...
- زمن التلاشي 2...
- زمن التلاشي...
- حوار مع ظلِّي التائه...
- هائم في صمت جهوري...
- المتسولة والنادل...
- صور من الماضي
- البحر الأخضر المتوسط...
- رسالة محبة وسلام...
- بحور جفّت...
- صهدُ الخريف...
- يا زَيْف المساء...
- هفيف الكلمات...
- سِفْر الخريف...


المزيد.....




- كيف لرجل حلم بالمساواة أن يُعدم بتهمة الخيانة؟ -يوتوبيا- قصة ...
- -زعلانة من نفسي-.. مها الصغير تعتذر من فنانة دنماركية وفنانو ...
- onlin نتيجة الدبلومات الفنية 2025 الدور الأول برقم الجلوس عل ...
- الفنان المصري إدوارد يكشف رحلة مرضه من حقن التخسيس إلى الجلط ...
- ثبتها الآن واستعد لمتابعة البرامج الثقافية المفيدة “تردد قنا ...
- Sigg Art in Monte Carlo: A hybrid vision of what it means to ...
- -سيغ آرت- في مونتي كارلو: رؤية هجينة لما يعنيه أن نكون بشراً ...
- -النجم لا ينطفئ-، ظهور نادر للفنان عادل إمام يطلق تفاعلاً وا ...
- ماريانا ماسا: كيف حررت الترجمة اللغة العربية من كهوف الماضي ...
- حاتم البطيوي: سنواصل فعاليات أصيلة على نهج محمد بن عيسى


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسين لمقدم - المصعد ..