أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسين لمقدم - زمن التلاشي...














المزيد.....

زمن التلاشي...


ياسين لمقدم

الحوار المتمدن-العدد: 5912 - 2018 / 6 / 23 - 02:54
المحور: الادب والفن
    


الجزء 2/1
******************

عند الغسق، عصفت الرياح بغطرسة منذرة باقتراب العاصفة من تخوم المدينة، فجعلت كل الناس يهرعون إلى مآويهم قبل حلول الكارثة. لكن "عمر" الذي يشتغل في مقلع الأحجار في سفح الجبل الشرقي، ولأول مرة في حياته العملية، يضل عن الطريق بسبب ضبابية الأجواء لشدة التهاطلات.
بعد مدة عسيرة وهو يتلمس طريقه عشوائيا تحت ضوء جواله، اهتدى "عمر" إلى فجوة في جذع شجرة بَطْمٍ عملاقة فأوى إليها إلى أن تنحسر السيول عن السبيل.
أقعى مسندا جانب ظهره إلى طرف مدخل التجويف، وأخذ يتأمل كل لحظات حياته التي تتزاحم صورها الآن أمام ناظريه وتتهاطل مسرعة مع قطرات المطر الملتمعة تحت ضوء جواله، أتعبه التأمل فأخذته سِنة إلى نوم عميق.
تجاوزت الليلة نصفها الثاني، وهدأت الريح و"عمر" لا يزال يغط في سباته إلى أن لاحت بواكير الفجر وتعالت تغريدات العصافير. خرج عمر من تجويف البطم وبصعوبة استوى واقفا، فجميع مفاصله أصابها التخشب بسبب المبيت على أرض صلدة عراء.
وهو يعود أدراجه إلى مقر عمله، استشعر "عمر" بشيء معدني يضغط على معصمه، فرفع يده إلى مستوى نظره فراعه وجود آلة تطوق معصمه وفي شكلها وحجمها تشبه ساعة اليد.
اختلطت عليه حبال التفكير، واهتدى في الأخير إلى تفاصيل حلم راوده خلال ليله الماضي.
إذ رأى في منامه ما يشبه رجل فضاء بتفاصيل وجهه التي كرستها السينما في عقول الناس. وقد حدثه الفضائي عن تيكنلوجيا عوالمه المتقدمة عن الحضارة الإنسانية بملايين القرون.
وعندما زالت الدهشة عن "عمر" سأل الفضائيَّ عن التقنية التي مكنته من اختراق الغلاف المغناطيسي للأرض دون أن يحترق كما تحترق وتتفتت النيازك المعدنية التي تحاول أن تخترقه. فأشار الفضائي إلى ساعة معصمه التي وبلمسة زر واحدة تُحول المتمنطق بها إلى مجرد ذرات هواء تتحرك بكل حرية وفي جميع الإتجاهات وبأحجام دقيقة جدا لا تتأثر بجاذبية ولا بشدة حر أو قر.
استمر الحديث طويلا وأبدى الفضائي معرفة عميقة بكل علوم ومعارف وآداب وأجناس أهل الأرض.
اندهش "عمر" من كلام الفضائي الذي استأذنه في العودة إلى فضائه الرحب، وقبل أن يودعه، منحه الساعة الإحتياطية التي تشبه تلك التي يتنقل بها. وأكد عليه أن هذه الساعة ولكي لا تستغل في المحضورات، وأن لا تستنسخ تيكنلوجيتها، وحسب قوانين وبرتوكولات حضارات العوالم الفضائية الأخرى ستشتغل ليوم واحد ثم تتبدد وتتلاشى. وعلى "عمر" أن يستمتع بقدراتها لمدة لا تتجاوز الأربع وعشرين ساعة وإلا سيتلاشى أيضا في إثرها...
نظر عمر إلى الساعة الغريبة وضغط على زر التلاشي فتحول إلى نسمة هواء تتطاير بحرية في أركان الفضاء.
وكان مقلع الأحجار هو أول ما عنَّ له بزيارته، فوجد فيه العمال منهمكين في تحطيم الأحجار. فقام بسحب بعض الدارات الكهرباية عن الآلة الضخمة التي تفتت الجلاميد، وحلق بعيدا ضاحكا تاركا زملاءه في حيرة من أمرهم بسبب التعطل الغريب الذي أصاب الآلة...
وصل المدينة واحتار عن أي الأماكن يتسلل إليها، أو بأسلوب أوضح، يتجسس عليها...
نظر يمينا فرأى حمام نساء وتلفت يسارا فلمح المسجد فتعوذ بالله واسترسل مع الرياح يطوف أركان المدينة التي ظهرت له من عليائه بصورة غريبة يختلط فيها الجمال بالقبح والرفعة بالقماءة...
*****************
يتبع...



#ياسين_لمقدم (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار مع ظلِّي التائه...
- هائم في صمت جهوري...
- المتسولة والنادل...
- صور من الماضي
- البحر الأخضر المتوسط...
- رسالة محبة وسلام...
- بحور جفّت...
- صهدُ الخريف...
- يا زَيْف المساء...
- هفيف الكلمات...
- سِفْر الخريف...
- ملحمة الضياع...
- النهايات...
- مهرجان الثقافة!!!...
- حمال لنصف قرن... الجزء 3 :
- كلمات 11...
- الهَنديَّة...
- حمال لنصف قرن... الجزء 2
- حمال لنصف قرن :
- جفاف الركوات...


المزيد.....




- “اخر كـلام “موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان 195 الموسم السابع في ...
- فيلم -المخطط الفينيقي-.. كم تدفع لتصبح غنيا؟
- حرارة الأحداث.. حين يصبح الصيف بطلا صامتا في الأفلام
- -بردة النبي- رحلة كتاب روائي في عقل إيران الثورة
- تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك 2025 بتحديثه الجديد على النايل ...
- قصة الرجل الذي بث الحياة في أوليفر تويست وديفيد كوبرفيلد
- وزيرة الثقافة الروسية: زاخار بريليبين مرشح لإدارة مسرح الدرا ...
- “وأخيرا بعد طول انتظار” موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 1 ...
- وزير الثقافة والاتصال الموريتاني يوضّح موقف نواكشوط من من مق ...
- جودة خرافية للمباريات.. تعرف على أحدث تردد قناة MBC أكشن 202 ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسين لمقدم - زمن التلاشي...