أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كمال الجزولي - رِسَالةٌ إِلى وَزِيرَيْ الدَّاخِليَّةِ والعَدْلِ والنَّائِبِ العَام حتَّام نَحْنُ أَسْرَى لِعَسْكَرِ الجَّوَازَات؟!














المزيد.....

رِسَالةٌ إِلى وَزِيرَيْ الدَّاخِليَّةِ والعَدْلِ والنَّائِبِ العَام حتَّام نَحْنُ أَسْرَى لِعَسْكَرِ الجَّوَازَات؟!


كمال الجزولي

الحوار المتمدن-العدد: 6435 - 2019 / 12 / 11 - 06:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تحيَّةً طيِّبةً، وبعد.
ما جاءت سيرة «حقوق الإنسان» إلا وأطلت برأسها حقوقٌ وحريَّات محدَّدة، كحقِّ الحياة، وحقِّ التَّملك، وحقِّ التَّقاضي، وحريَّة التَّجمُّع والتَّنظيم، وحريَّة العقيدة والعبادة، وحقِّ التَّعبير والإعلام، وما إلى ذلك؛ بينما لا ينفكُّ يتوارى، بل ويُنسى خلف كلِّ هذه الأهرامات الشَّامخة من القيَم التي تتساوى في الأهمِّيَّة والدَّلالة، حقٌّ تعتبره السُّلطة مسكيناً، بالغ المسكنة، اسمه «حرية التَّنقُّل والإقامة وفقاً لما ينظمه القانون»، وبعض مفاده أن لكلِّ مواطن أن يتنقُّل، ويغادر البلاد، ويعود إليها كيف شاء، ومتى شاء. ولئن كان المقصود بعبارة «ما ينظمه القانون» الاستدراك على إطلاقيَّة الممارسة بألاَّ يتسرَّب إلى خارج البلاد من يكون مطلوباً للمساءلة بشأن حقوق عامَّة أو خاصَّة مدَّعى بها عليه، فيفلت من طائلة العدالة، فإن الأنظمة الانقلابيَّة في بلادنا، وآخرها حكومة «الإنقاذ»، مطُّت هذا الاستدراك، كما هي عادتها المرذولة، إلى أقصى حدود الشُّموليَّة، ففرضت على كلِّ من يريد المغادرة إلى أيِّ بلد آخر أن يحصل على «تأشيرة خروجExit Visa»، ما يحتِّم عليه، في سبيل ذلك، أن يبرز مستندات ببيانات تفصيليَّة، ليس، فقط، عن وجهته، وتأشيرة دخوله إلى ذلك البلد، وإنَّما، أيضاً، عمَّن وجَّه إليه الدَّعوة هناك، وعمَّن سيقوم باستقباله، وحتَّى عن الفندق الذي سينزل فيه .. الخ. والويل لطالب «تأشيرة الخروج» هذا إذا لم يستطع إبراز المستندات المطلوبة، في الوقت المطلوب، لأسباب أبسطها أن هذه المستندات قد لا تكون متوفِّرة لديه لضيق الزَّمن، مثلاً، أو لعدم سهولة تحويل التَّعاملات الرَّقميَّة إلى تعاملات ورقيَّة، حيث غالباً ما يكون، في مثل هذه الحالات، قد تلقَّى هذه البيانات إليكترونيَّاً، فقد جعلت الحكومة لأصغر عسكري، في أصغر مكتب جوازات، حقَّ أن يعطل هذا البائس، كيف شاء، وبصرف النَّظر عن أهمِّيَّة الغرض من السَّفرة التي يعتزمها، بل وأن يرفض، في النِّهاية، منحه «إذن» الخروج المطلوب، وأن يردُّه خائباً، جملة وتفصـيلاً، بسـلطة تقديريَّة لا تقيم أدنى وزن لـ «حقوق الإنسان»، ولا يأتيها باطـل «حريَّات» هذا الإنسان من بين يديهـا ولا من خلفهـا!
وكنت قد انتقدت، في ما مضى، إجراءات هذه التَّأشيرة كثيراً، باعتبار أنها تقلب الأوضاع رأساً على عقب، فتجعل للدَّولة حقَّاً على المواطن، لا العكس الذي هو الصحيح تماماً، إذ أن الواجب على الدَّولة أن تبذل هذه التَّأشيرة للمواطن، مجَّاناً، وبمجرَّد ختم بسيط، داخل جوازه، أثناء إجراءات الجَّوازات بالمطار، دون أيِّ قيد أو شرط، وذلك حالما يتحقَّق الضَّابط المسؤول من أن اسم هذا المواطن ليس مدرجاً ضمن قائمة الممنوعين من المغادرة، ليس بأمر إداري، وإنَّما بموجب أمر قضائي مؤسَّس على قانون الإجراءات الجَّنائيَّة.
وأذكر أنني التقيت على مائدة إفطار رمضانيَّة قبل سنوات، في بيت عديلي المرحوم إدريس حسن، رئيس تحرير صحيفة «الرَّأي العام» وقتها، بأحد وزراء النِّظام البائد، وكان قد وصل متأخِّراً مع أذان المغرب تقريباً، فعاجلني بقوله ضاحكاً: «أنا جاي دلوقت من اجتماع للقطاع السَّيادي بالقصر، وعندي ليك خبر إن شاء الله يعجبك .. قررنا إلغاء تأشيرة الخروج»! ثمَّ ما لبث أن واصل في الثَّرثرة بالتَّفاصيل قائلاً: «إقتنع (الرَّيس) بأنها إجراء غير ضروري، وأمر بإلغائها فوراً، غير أن عبد الرَّحيم، وزير الدَّاخليَّة أنذاك، أبدى انزعاجه من كون هذا الإلغاء الفجائي سيحرمهم من رسوم هذه التَّأشيرة التي تمثِّل مورداً مهمَّاً جدَّاً لهم في الوزارة، واستعطف (الرَّيس) في مهلة ريثما يتدبَّرون أمرهم بشأن مورد بديل، فأمر (الرَّيِّس) بتأجيل تنفيذ الأمر إلى أوَّل السَّنة الجَّديدة»!
مرَّت شهور، وحلت السَّنة الجَّديدة، ثمَّ مرَّت سنوات أخرى جديدة أيضاً، لكن دون أن ينفَّذ «الأمر الرِّئاسئ»، ولم يقدَّر لي أن ألتقي بالمسؤول الإنقاذي، مرَّة أخرى، لأسأله لعلَّ المانع خير! كلُّ ما حدث هو أنني نشرت الحكاية، ذات رُزنامة، دون أن يحرِّك أحدهم ساكناً، وأن وزارة الدَّاخليَّة توقَّفت عن تحصيل رسوم إصدار «تأشيرة الخروج»، ولكنها واصلت تحصيل نفس الرُّسوم عن نفس التَّأشيرة، فقط بإيصال مالي منفصل عن جواز السَّفر، وباسم جديد هو: «رسوم استيفاء»!
والآن، أيُّها الإخوة الأعزاء، من أجل كرامة الثَّورة، وكرامة المواطن، وكرامتكم الشَّخصيَّة، رتِّبوا لإلغاء هذه التَّأشيرة غير القانونيَّة. فلئن كان مفهوماً، تماماً، أن يستمرَّ النِّظام البائد، بمثل تلك «اللعبة القرديَّة»، في إهدار هذا الحقِّ المهمِّ من «حقوق الإنسان»، دَعْ إذلال مواطن بلادنا، متخفِّياً ذلك النِّظام خلف وريقة جبانة مفصولة عن جواز سفر هذا المواطن، تُستردُّ منه قبل صعوده إلى الطائرة، حتَّى لا تكون دليلاً ضدَّ النِّظام، ويسهل القبض عليه بالجُّرم المشهود، فليس مفهوماً، على الإطلاق، أن يواصل النِّظام الثَّوري الذي دفع فيه إنسان السُّودان الغالي والنَّفيس من أرواح الشُّهداء، ودماء الجَّرحى، إهانة نفس هذا الإنسان، بإهدار نفس هذا الحقِّ، واستحلاب نفس «رسوم الاستيفاء»، بنفس الوريقة الجَّبانة التي اخترعها النِّظام البائد بتلك «اللعبة القرديَّة»، وإلا، فبأيِّ وجه سيذهب وفدكم إلى جنيف، مرَّة أخرى، للمشاركة في أيَّة دورة قادمة من دورات «مجلس الأمم المتَّحدة لحقوق الإنسان»؟! ودمتم مع خالص التَّقدير والاحترام.
المخلص كمال الجزولي
ضاحية الهجرة ـ الخرطوم بحري 10
ديسمبر 2019م
***



#كمال_الجزولي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- توثيق لتجربة شخصية آخِرُ حِيَلِ الإِسْلَامَوِيِّين!
- يفتوشينكو في الخرطوم
- نموذج مفضوح للمتاجرة بالدين
- بوشكين الإريتري
- في حلم استعادة الوحدة 6
- في حلم استعادة الوحدة 5
- حُلْمُ اسْتِعَادَةِ الوُحْدَة3ِ
- حُلْمُ اسْتِعَادَةِ الوُحْدَة4
- فِي حُلْمِ اسْتِعَادَةِ الوَحْدَةِ (1)
- فِي حُلْمِ اسْتِعَادَةِ الوَحْدَةِ (2)
- إِزْدِوَاجِيَّةُ السُّلْطَة!
- العدالة الانتقالية (4 4)
- العدالة الانتقالية (3 4)
- العَدَالَةُ الانتِقَاليَّة (2 4)
- العَدَالَةُ الانتِقَاليَّة (1 4)
- البَشِيرُ والجَّنَائِيَّةُ: سَيِّدِي زَيْنَ العَابِدِينِ .. ...
- الانْتِقاَلُ أَحْطَرُ أَجِنْدَاتِ الانْتِفَاضَة!
- مفاوضة السجين
- علماء السودان: تاريخ من موالاة السلاطين وتكفير معارضيهم!
- هسيس (شعر)


المزيد.....




- سؤال صعب خلال فعالية: -مليونا إنسان في غزة يتضورون جوعًا-.. ...
- كيف تبدو تصاميم الحدائق والمناحل الجديدة المنقذة للنحل؟
- ماذا يعني قرار ترامب نشْر غواصتين نوويتين قرب روسيا على أرض ...
- ويتكوف: لا مبرر لرفض حماس التفاوض، والحركة تربط تسليم السلاح ...
- ويتكوف يتحدّث من تل أبيب عن خطة لإنهاء الحرب.. وحماس: لن نتخ ...
- فلوريدا: تغريم تيسلا بأكثر من 240 مليون دولار بعد تسبب نظامه ...
- عاجل | وول ستريت جورنال عن مسؤولين: واشنطن تلقت خلال الصراع ...
- عاجل | حماس: نؤكد مجددا أن المقاومة وسلاحها استحقاق وطني ما ...
- الهند والصين تُعيدان فتح الحدود للسياح بعد قطيعة طويلة
- حتى الحبس له فاتورة.. فرنسا تدرس إلزام السجناء بدفع تكاليف ا ...


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كمال الجزولي - رِسَالةٌ إِلى وَزِيرَيْ الدَّاخِليَّةِ والعَدْلِ والنَّائِبِ العَام حتَّام نَحْنُ أَسْرَى لِعَسْكَرِ الجَّوَازَات؟!