أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كمال الجزولي - توثيق لتجربة شخصية آخِرُ حِيَلِ الإِسْلَامَوِيِّين!















المزيد.....

توثيق لتجربة شخصية آخِرُ حِيَلِ الإِسْلَامَوِيِّين!


كمال الجزولي

الحوار المتمدن-العدد: 6426 - 2019 / 12 / 2 - 22:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مساء 3 يوليو 2018م، قبل ثورة ديسمبر المجيدة بحوالي خمسة أشهر، علمت أن بعض ممثلي حزب المؤتمر الوطني الحاكم، وقتها، والذي يمثِّل الواجهة السِّياسيَّة للإسلامويِّين، سيقومون، خلال الأيَّام التَّالية، بزيارات لبعض الشَّخصيَّات المعارِضة، من مختلف المهن والأجيال، وزيارتي ضمنهم، بشأن دعوة تقرَّر توجيهها للمشاركة في لجنة كانوا قد شرعوا، بالفعل، في تكوينها باسم «اللجنة (القوميَّة) لصناعة الدُّستور الدائم».
مساء اليوم التَّالي مباشرة، 4 يوليو 2018م، زارني بمنزلي د. كمال عبد اللطيف، أحد أبرز القياديِّين في النِّظام، وقد صادفت زيارته وجود صديقي عبد المنعم عثمان إدريس المحامي معي، حيث لاحظت أن الأوَّل تعمَّد الانتظار إلى حين انصراف الآخر، قبل أن يدخل في موضوع الزِّيارة.
مِن الوهلة الأولى كان واضحاً لي أن الإسلاميِّين يتحسَّبون لمواجهة التَّململ الثَّوري الذي راحت سحبه تتجمَّع، ونذره تتراكم، إزاء تفاقم الأزمة العامة في البلاد، وبوجه خاص على صعيد الاقتصاد ومعيشة الملايين من القطاعات الشَّعبيَّة، وأنهم، لذلك، بصدد استخدام «حيلة» جديدة لإصابة حركة المعارضة بشلل رباعي، عن طريق «قضم» كتلة معتبرة من عناصرها السِّياسيِّين، والمسلَّحين، والنقابيِّين، والأدباء، والفنَّانين، والنُّشطاء المدنيِّين، وربَّما حتَّى بين لاعبي كرة القدم، علَّ ذلك يخفِّف شيئاً من وطأة الضَّغوط المتفاقمة على نظامهم داخليَّاً، والمترافقة مع عزلتهم الفادحة دوليَّاً، متوسِّلين إلى ذلك بحُجَّة نافقة مفادها أن المعارضين ينبغي أن يعوا أن استراتيجيَّة «الواجب الوطني» لا بُدَّ أن تعلو على تكتيكات «معارضة النِّظام»، فمضوا، لذلك، يلوكون مصطلح «القوميَّة» التي لا تستثني أحداً، رغم نهجهم الانقلابي الإقصائي، بل ورغم الرَّفض المعلن، أصلاً، من جانب «حركة الإسلام السِّياسي»، في السُّودان وفي المنطقة، لمفاهيم «القوميَّة»، و«الوطن» نفسه، وما إليهما! وكان واضحاً، أيضاً، أن ما ألجأهم إلى هذه «الحيلة» النَّاعمة هو إخفاق نهج العنف القديم في تحقيق أيِّ فلاح لنظامهم، فضلاً عن فشل «الحيلة» النَّاعمة الأخرى التي كانوا اعتمدوها في ما مضى، والمتمثِّلة في «مؤتمر الحوار الوطني» الذي بذلوا لأجله الجَّهد، والوقت، والمال، بل وتصدَّى البشير والتُّرابي شخصيَّاً للإشراف على تنظيمه، وحشدوا له زهاء المائة مِن الأحزاب الصَّغيرة التي يقود جلُّها انتهازيُّون مستتبعون، ويطلق عليها الشَّارع، من باب السُّخرية، «أحزاب الفكَّة»، كناية عن كونها محض صنائع للنِّظام.
بالنتيجة، وبمثلما لم تجُز على المعارضين، في السَّابق، حيلة "مؤتمر الحوار الوطني"، لم تجُز عليهم، كذلك، الحيلة الأخيرة المتمثِّلة في «اللجنة القوميَّة للدُّستور الدَّائم»، حيث لم يُتح للنِّظام أن يقطف ثمار أيٍّ منهما، أو يبلغ بها مراده. فبالاستناد إلى المستوى المطلوب من الانتباه، والقدر المعقول من تماسك الإرادة السِّياسيَّة، انعقدت تحالفات أوسع قطاعات المعارضين، بالنِّسبة للحيلة الأخيرة، على قناعة أساسيَّة مؤدَّاها أن صناعة «الدُّستور الدَّائم» لم تكن تمثِّل أولويَّة، وقتها، لا على صعيدهم، ولا على صعيد النِّظام، حيث:
(1) أن النِّظام نفسه لم يكن جادَّاً في ذلك الأمر، بدليل خروقاته المستمرَّة حتى لدستور 2005م، الذي انبنى على أساس «اتِّفاق السَّلام الشَّامل CPA» بين الحكومة وبين «الحركة الشَّعبيَّة لتحرير السُّودان» المقاتلة، بقيادة العقيد الرَّاحل د. جون قرنق، في الجَّنوب، والنِّيل الأزرق، ومناطق أخرى من البلاد، وهو الدُّستور الذي كان سارياً، وقتها، ولم يكن ثمَّة غبار عليه، نسبيَّاً، وبوجه عام، في ما لو كانت «الإنقاذ» قد التزمت النَّزاهة في تطبيقه، خاصَّة ما يتَّصل منه بالحقوق والحريَّات.
(2) أن صناعة «الدُّستور الدَّائم» ينبغي أن تتمَّ من خلال عمليَّة انتقاليَّة متكاملة، تشمل تفكيك سلطة الحزب الواحد، وتكوين سلطة انتقاليَّة من القوى الوطنيَّة الدِّيموقراطيَّة، توقف الحرب، وتعالج إفرازاتها، وتبسط السَّلام، وتوفِّر الحريَّات، وتلغي القوانين التي تقيِّدها، وتصفِّي أجهزة النِّظام القائمة، وعلى رأسها الأجهزة الأمنيَّة التي تمارس القمع والاعتقال الإداري، وإلى ذلك تنتهج السُّلطة الانتقاليَّة شكلاً مناسباً من "العدالة الانتقاليَّة"، وتطلق برنامجاً إقتصاديَّاً إسعافيَّاً عاجلاً، وتعقد، بمشاركة جميع أهل المصلحة، مؤتمراً اقتصاديَّاً يضع الخطط الآجلة على المدى البعيد، وآخر دستوريَّا هو الذي يضع «الدُّستور الدَّائم»، ثمَّ تشرف هذه السُّلطة الانتقاليَّة، في النِّهاية، على إجراء انتخابات عامَّة، حرةَّ، نزيهة، وشفَّافة، برقابة داخليَّة، وإقليميَّة، ودوليَّة، حتَّى يتمَّ تسليم السُّلطة لحكومة منتخبة. على أن النِّظام لم يبد أدنى رغبة في إتاحة الفرصة، سلمياً، لمثل ذلك السِّيناريو!
(3) أن من أبرز الأدلة على انصراف "الانقاذ"، كليَّاً، عن تلك الخطة السَّلمية، الأولويَّات الأخرى التي كانت، إلى جانب ما ذكرنا، تعلو، في ذلك الوقت، على الانشغال بمسألة الدُّستور، أصلاً، لا سيما وأن في دستور 2005م، كما قلنا، ما يكفي لو توفَّرت الجِّديَّة والنَّوايا الحسنة، لكن تلك الأولويَّات كانت في وادٍ، و"الإنقاذ" في وادٍ آخر؛ ومنها:
أ/ مسائل تتصل بالسَّيادة الوطنيَّة، كاستعادة حلايب، وشلاتين، والفشقة، وغيرها، إلى حظيرة الوطن.
ب/ ومسائل تتصل بمعالجة الاقتصاد المنهار، والمعيشة الضَّنك التي تعاني منها أغلبيَّة الشَّعب.
ج/ ومسائل تتَّصل بتوفير الحريَّات، ومن أهمها حريَّة الصَّحافة التي لم يكن القانون، آنذاك، يضمنها، فضلاً عن ضرورة إلغاء "قانون أمن الدَّولة"، و"قوانين النِّظام العام" في العاصمة وبعض الولايات، وما إلى ذلك.
د/ ومسائل تتَّصل بضرورة أن تكفَّ "الإنقاذ" عن ملاحقة المواطنين، السِّياسيِّين والنقابيِّين منهم، على وجه التَّخصيص، والتَّضيِّيق عليهم، حتى خارج الوطن، كما حدث، وقتذاك، مع الإمام الصَّادق المهدي، زعيم كيان الأنصار، ورئيس حزب الأمَّة القومي، ومرافقيه. وفي السِّياق قلت للدكتور إنه، بلا شك، أذكى من أن يحاول إقناعي بأن "الإنقاذ" لا علاقة لها بالقرار المصري الذي كان السِّيد الصَّادق ومرافقوه قد مُنعوا، بموجبه من دخول القاهرة، عائدين من بعض اجتماعات تحالف "نداء السُّودان" التي كانت قد انعقدت بالعاصمة الفرنسيَّة.
هـ/ ومسائل تتصل بأمن وسلامة حتَّى المواطنين العاديِّين، من غير السِّياسيِّين والنقابيِّين، حيث ظلت بلادنا تشهد خروقات فظيعة لحقوق الإنسان، وعنفاً وإرهاباً لا مثيل لهما في طريقة تعامل الأجهزة الأمنيَّة والشُّرطيَّة حتى مع صغار الطلاب، خصوصاً من أبناء دارفور، ومع غيرهم من المواطنين، الأمر الذي ليس نادراً ما يبلغ حَّد القتل؛ ولعلَّ حادثة مقتل الشَّاب المرحوم سامر عبد الرحمن الجَّعلي، قبل أيَّام من ذلك، مثَّلت أحدث نماذج تلك الحـوادث، حـيث لا يمكـن لأيِّ سـبب أن يبرر إطلاق النَّار عليه بالطـريقة التي تمَّـت!
كان ذلك أبرز ما أبديت للمسؤول الإسلاموي من ملاحظات تحول دون قبولي دعوتهم للمشاركة في صناعة "الدُّستور الدَّائم"، وبعد مغادرته عكفت على إصدار "تعميم صحفي" بسطت فيه تلك التَّجربة الشَّخصيَّة باقتضاب.

***



#كمال_الجزولي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يفتوشينكو في الخرطوم
- نموذج مفضوح للمتاجرة بالدين
- بوشكين الإريتري
- في حلم استعادة الوحدة 6
- في حلم استعادة الوحدة 5
- حُلْمُ اسْتِعَادَةِ الوُحْدَة3ِ
- حُلْمُ اسْتِعَادَةِ الوُحْدَة4
- فِي حُلْمِ اسْتِعَادَةِ الوَحْدَةِ (1)
- فِي حُلْمِ اسْتِعَادَةِ الوَحْدَةِ (2)
- إِزْدِوَاجِيَّةُ السُّلْطَة!
- العدالة الانتقالية (4 4)
- العدالة الانتقالية (3 4)
- العَدَالَةُ الانتِقَاليَّة (2 4)
- العَدَالَةُ الانتِقَاليَّة (1 4)
- البَشِيرُ والجَّنَائِيَّةُ: سَيِّدِي زَيْنَ العَابِدِينِ .. ...
- الانْتِقاَلُ أَحْطَرُ أَجِنْدَاتِ الانْتِفَاضَة!
- مفاوضة السجين
- علماء السودان: تاريخ من موالاة السلاطين وتكفير معارضيهم!
- هسيس (شعر)
- كينيا: إرهاب مشحوذ الحدين!


المزيد.....




- بعد -الكروكس- الأصفر..بروك شيلدز تطل بهذه الحقيبة على السجاد ...
- بيونسيه تشكر بول مكارتني وابنته لإلهامهما بأغنية -Blackbiird ...
- كيناز حكيم ومحمد خاشقجي يحتفلان بزفاف أسطوري في قلب إسطنبول ...
- دعوات قلب نظام إيران.. أمريكا فعلتها سابقا ولكن هذا ما حصل و ...
- مجزرة المساعدات.. مقتل عشرات الفلسطينيين أثناء انتظار الغذاء ...
- كابوس إغلاق مضيق هُرمز وما سيحصل مع احتدام صراع إيران وإسرائ ...
- إيران.. الحرس الثوري يعلق على إطلاق صواريخ -فتاح- على إسرائي ...
- تحليل.. ما أهمية -فوردو- وما مخاطر تدميرها من قبل الولايات ا ...
- القوات المسلحة الروسية تغيّر تكتيكاتها الإنسانية
- تقرير الفجوة العالمية 2025: مصر ضمن أسوأ عشر دول عالميًا في ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كمال الجزولي - توثيق لتجربة شخصية آخِرُ حِيَلِ الإِسْلَامَوِيِّين!