|
البرلمان المغربي
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 6415 - 2019 / 11 / 21 - 17:46
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
البرلمان المغربي // Le parlement Marocain عندما نتكلم عن البرلمان المغربي ، فإننا نصاب بالإسهال ، وبالدوران الرأسي ، لان ما نشاهده امام اعيننا ، يعتبر خروجا عن المألوف ، الجاري به العمل في الدول الديمقراطية الحقيقية ، ويعتبر حالة فريدة ، وخاصة تثير البؤس والشفقة .. فهل البرلمان ، وهنا اتحدث عن برلمانات الدول الديمقراطية ، تمثل الحاكم ، او الحكومة ، او انها تمثل الشعب ، او على الأقل ، انّها تمثل جزءا مهما من جمهور الناخبين ، الذين شاركوا في الاستحقاق السياسي ، من بدايته الى نهايته . وإذا كانت الحكومات التي تتولى امر الشأن العام في الدولة ، تنبثق من البرلمان ، فان القول باختلاف التمثيلية ، بين البرلمان ، وبين الحكومة ، لمحاولة إعطاء صورة مشوهة ، عن طبيعة الديمقراطية السائدة ، وطبيعة نوع النظام السياسي السائد ، تبقى اضحوكة ، ومثار شفقة ، لأن القول بما يردده المنهزمون ، والمنبطحون من جمل ، وتعابير ركيكة مثل " إذا عمّت هانت " ، لقبول الامر الواقع ، المفروض بحد السيف مرات ، وبالترغيب مرة ، لا يمكن بأية حال من الأحوال ، إخفاء الحقيقية التي تعبر عن الديمقراطية المغشوشة . ففي الدول الديمقراطية الحقيقية ، يحدد مجال اختصاص السلطات المختلفة ، بمقتضى القوانين المنظمة لشكل الدولة ، ومن ثم ، لا نجد سلطة من السلط ، تتدخل في اختصاص سلطة أخرى ، بدعوة الوصاية ، او بدعوة صفة ، وشخص الحاكم . فعندما تتصرف الحكومة ، فهي تكون مسؤولة امام البرلمان الذي انبثقت منه ، في الأنظمة النيابية ، وقد تكون مسؤولة امام رئيس الدولة ، في الأنظمة الرئاسية ، والأنظمة الشبه الرئاسية ، وقد تكون مسؤولة امام الشعب ، الذي يحدد نتائج صناديق الانتخاب ، والاقتراع ، وهو من يحدد ، ويختار الأكثرية التي تحكم ، ويحدد ويختار الأقلية التي تعارض ، هذا دون اغفال المسؤولية الأخلاقية ، والأدبية امام الرأي العام المسيس ، وامام المثقفين ، إضافة الى المسؤولية امام صاحبة الجلالة ، السلطة الرابعة . اما البرلمان ، فمسؤوليته واضحة ، وتكون امام الشعب الذي اختار اعضاءه ، في انتخابات حرة ونزيهة ، لذا فلا اشكال في الأنظمة الديمقراطية ، حين تتصرف السلطات المختلفة ، طبقا للاختصاصات المخولة لها بمقتضى القانون ، لأننا لا نجد سلطة من السلط ، لكي تؤدي وظيفتها على احسن وجه ، واحسن ما يرام ، تنتظر موافقة ورضى سلطات أخرى ، اختصاصاتها ، لا علاقة لها باختصاصات السلطة المعنية ، أي البرلمان .. بالرجوع الى النظام البرلماني المغربي بمجلسيه ، مجلس النواب ، وجلس المستشارين ، فإننا سنجد انفسنا ، امام حالة فريدة من نوعها في الشأن البرلماني . فرغم ان برلمانيين مجلس النواب ، يخضعون لتصويت الناخبين ، او ما يسمى بالكتلة الناخبة ، فان البرلماني المغربي ، وكل البرلمان كجهاز ، لا يمثل الشعب ، كما يجري به العمل في الدول الديمقراطية . ان البرلماني المغربي ، رغم انتخابه من قبل المصوتين الناخبين ، فهو لا يمثل غير الناخبين الذين صوتوا عليه ، كما يمثل سكان الدائرة ، او الجماعة التي ترشح فيها ، وانتخبته كبرلماني بمجلس النواب ، ومن ثم فان الذي يمثل الشعب ، ويمثل المغرب ، ويمثل كل الذين صوتوا والذين قاطعوا ، والذين القوا بأوراق بيضاء ، يبقى هو الملك لا غير . لقد سبق الحسن للثاني ان وصف ، وشبه البرلمانيين بوزرائه ، وهو هنا ، وبهذا التصريح جعل من نفسه المشرع الأول ، والممثل الأول للشعب ، بل انه ولوحده ، يعتبر الممثل الاسمى للامة ، والإحالة هنا باستعمال كلمة امة ، له مغزى ثيوقراطي ، واثوقراطي ، يحيل الى مرجعية الغموض ، والالتباس ، في انّ النظام السياسي المغربي ، هو نظام فريد من نوعه في العالم ، لأنه يمتح حكمه من دستوره الممنوح ، الذي يخاطب به الدول الديمقراطية الغربية ، وامريكا ، ويمتح حكمه من الغيب ، لتركيز سلطة استثنائية جبرية ، مفروضة بحد السيف . وإذا كان الحسن الثاني المعروف بشجاعته ، عند الإفصاح عمّا يخالج رغباته ، فان قوله ، بانه يمكن ان يعين سائقه وزيرا أولاً للحكومة ، هو تعبير صادق ، وصريح ، بانّ الحكومات في النظام السياسي المغربي ، هي مجرد معاول ، وميكانزيم لتصريف برنامج القصر . وعندما يكون هذا التصور للحكومة ، العاكس للاستبداد في ابشع صوره ، فكيف يمكن تصور الحال ، بالنسبة للبرلمانيين وزراءه كذلك ، وللبرلمان كمؤسسة منتخبة ، مهمتها التشريع باستقلالية عن ضغوط ، ليس الحكومة ، بل لضغوط القصر الذي لم يترشح للانتخابات ؟ وبالرجوع الى ترؤس رئيس الدولة ، ليس كملك ، بل كإمام ، وراعي كبير ، وامير للمؤمنين ، افتتاح دورة الخريف للبرلمان في كل جمعة ثانية من شهر أكتوبر ، والقاءه خطابه التوجيهي ، الذي يحدد مسارات العمل البرلماني ، حتى وصول الجمعة الثانية من أكتوبر القادم ، وبدون ان يكون للبرلمانيين حق مناقشة الخطاب ، او التعليق عليه ، ويكتفون بالتبريك ، والتصفيق ، مع ارتداءهم للزي المخزني ، المحنط للعقلية ، وللتقاليد المرعية ، والمُعبر عن طبيعة الدولة ، كدولة بتريمونيالية / كمبرادورية / اوليغارشة / بطريركية ابوية / رعوية / ثيوقراطية / أثوقراطية / قروسطوية ، تمتح الحكم ، والقوة السياسية من الدين ، وليس من الشعب ....فان هكذا مشهد ، يجعل من المنتخبين ، ليسوا برلمانيين ، بل مثل القضاة ، لان القضاء في النظام المغربي من وظائف الإمامة ، مجرد مأمومين عند الإمام / ومأمورين عند امير المؤمنين الأمير / ومجرد رعايا عند الراعي الكبير .. ففي وضع كهذا ، فان مهمة الحكومة ، ومهمة البرلمان ، تنحصر في خدمة النظام ، وبالضبط خدمة الملك ، لأنه كأمير للمؤمنين ، فسلطاته السامية ، تبقى فوق جميع السلطات ، التي لا تخضع للمحاسبة ، سواء برلمانية ، او حتى شعبية ، أي الدولة هي الملك . وحتى ندقق ، ونضبط المصطلحات ، التي تحيل الى نوع النظام القائم بالمغرب ، لا يسعنا الاّ الرجوع لانتظار موافقة ، ومباركة ، ورضا الملك ، على إعطاء امره المطاع ، الى " أعضاء لجنة الشؤون الخارجية ، والدفاع الوطني ، بمجلس النواب ، ومجلس المستشارين ، للقيام بزيارة للأقاليم الجنوبية من المغرب ، للتضامن ، وتدعيم ، ومساندة الجيش المغربي المرابط في الصحراء المغربية .. فهل البرلمان في الدول الديمقراطية ، من اوربة وامريكا ، إذا قرر القيام بزيارة بعض جهات الدولة ، وتسجيل المساندة ، والدعم للجيش ، او للوقاية المدنية ...لخ ، يحتاج موافقة ، واوامر الرئيس ، او رئيس الوزراء في الدول الديمقراطية ؟ البرلمان المغربي
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل لا تزالون تحلمون بفلسطين حرة مستقلة
-
اليسار مات في يناير 1975 / المؤتمر الاستثنائي / مؤتمر الارتد
...
-
ملف - الحراك الجماهيري الثوري في العلم العربي .. -
-
خطير : دعوة الى القتل
-
بومدين والبربرية
-
الى الرأي العام الدولي أوقفوا التعذيب في المغرب
-
بناء الخلافة في تونس -- Linstauration du Chilafa ( le chalif
...
-
اتفاقية مدريد الثلاثية
-
العلاقات المغربية الاسبانية
-
الخونة الفلسطينيون -- Les traîtres Palestiniens
-
ما يجهله المدافعون عن سجناء الريف -- Ce qui ignore les défen
...
-
خطاب الملك محمد السادس : - خطاب تحد للجزائر ، وللامم المتحدة
...
-
الغربيون وقضية الصحراء الغربية
-
الى الرأي العام الدولي -- A lopinion public Internationale .
...
-
التخلي عن السلاح : منظمة ( التحرير ) الفلسطينية ، وجبهة البو
...
-
تمخض الجبل فولد القرار 2494 -- Analyse de la résolution 2494
...
-
لبنان الى اين ؟
-
تحليل مشروعية الملك في الحكم
-
فشل وقفة باريس ، وفشل وقفات المغرب --
-
تفاديا لكل ما من شأنه
المزيد.....
-
السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية تسوق للحج التجاري با
...
-
اسبانيا تعلن إرسال صواريخ باتريوت إلى كييف ومركبات مدرعة ودب
...
-
السعودية.. إغلاق مطعم شهير في الرياض بعد تسمم 15 شخصا (فيديو
...
-
حادث جديد يضرب طائرة من طراز -بوينغ- أثناء تحليقها في السماء
...
-
كندا تخصص أكثر من مليوني دولار لصناعة المسيرات الأوكرانية
-
مجلس جامعة كولومبيا الأمريكية يدعو للتحقيق مع الإدارة بعد اس
...
-
عاجل | خليل الحية: تسلمنا في حركة حماس رد الاحتلال على موقف
...
-
الحوثيون يعلنون استهداف سفينة نفط بريطانية وإسقاط مسيّرة أمي
...
-
بعد الإعلان التركي عن تأجيلها.. البيت الأبيض يعلق على -زيارة
...
-
ما الذي يحمله الوفد المصري إلى إسرائيل؟
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|