أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعيد عيسى - الفقراء يستعيدون وسط مدينة بيروت














المزيد.....

الفقراء يستعيدون وسط مدينة بيروت


سعيد عيسى
كاتب - باحث

(Said Issa)


الحوار المتمدن-العدد: 6393 - 2019 / 10 / 29 - 23:24
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لأسبوعين خليا من اليوم، كان وسط المدينة مفصومًا عن محيطه، آخر المحال الشعبية من الجهة الجنوبيّة، يتوقّف تمدّدها قبل جسر الرينغ بأمتار قليلة، وهي امتداد حيويّ للمنطقة الشعبيّة المكنّاة "خندق الغميق" وهي كناية عن محال للعصير، والفلافل وبعض المقاهي والمحال وآخرها مقهى شعبيّ، على شكل زاوية، معرّفًا عن نفسه بزاوية العلمانيين، في حين أنّ الجسر المذكور يقطع منطقة "زقاق البلاط"، ويوقفها، ويقف حائلا بينها وبين وسط المدينة، وامّا من الجهة الغربية، فيتوقّف آخر المقاهي فيها قبل فندق "فينيسيا" بقليل؛ من بعدها يأخذ وسط المدينة بعدا اجتماعيّا مختلفا عن محيطه، سواء من ناحية السكن، وهو قليل، أو من ناحية المحال التجاريّة والشركات والمقاهي القابعة فيه، إذ توحي مدلولاتها، أنّها لفئة اجتماعية عليا من المجتمع، وإن تنطّح بعض من الفئات الوسطى وما دون، للولوج إليها، بين الفينة والأخرى، محاولين إرضاء انفسهم، بالتسلّل إليها، محاولين أثناء ذلك، التقاط بعض الصور، ونشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعيّ من باب التّشاوف على أقرانهم من الفئات المتماثلة معهم، محاولين رفع مستواهم إلى مستوى الفئات التي انبسط لها وسط المدينة بُعيد التسعينات من القرن الماضي.

قبل اثنا عشر يومًا، كان وسط المدينة على ما تقدّم، وإن يكن كان يئنّ من نتيجة انحسار روّاده، بفعل ضغط الأزمة الاقتصاديّة التي يعاني منها البلد ككلّ، لكنّه اليوم، بات مختلفًا تماما عمّا كان، فقد دخله جمهور المحتجين على الوضع السياسيّ والاقتصاديّ، واستقرّوا فيه، وفرشوا على مساحته خيما، ومنصّات، وبات يعجّ بالمئات، دخولا أو خروجا، في غالب الأوقات، مع استثناءات قليلة، تنحسر فيها الأعداد، مع بداية الهزيع الأخير من الليل.

بات الاحتشاد الشعبيّ، سيّد الوسط المدينيّ، مصحوبا بالأعلام اللبنانيّة، والرايات، والهتافات، والرسومات على الجدران، المتّصلة بالاحتجاجات، التي تحمّل المسؤولين في السّلطة، مسؤوليّة الانحدار الذي باتت فيه النّاس، خصوصًا من النّاحية الاقتصاديّة، محمولا على امتهان كراماتها.

إلى جانب ذلك كلّه، امتدت المقاهي الشعبيّة إلى الوسط، واحتلت مساحاته الجانبيّة، على حوافي ساحتي الشهداء ورياض الصّلح، مترافقة مع العربات المجرورة يدويّا، المحمّلة، بالفول، والذرة، والمرطّبات، والمياه، والعصائر، والصّاج لصناعة المناقيش على أنواعها، بالإضافة إلى النراجيل وغيرها، وبات بإمكان الوافدين، تناول ما يحلو لهم منها، بأسعار زهيدة، مثلها مثل أيّ مكان في الأحياء الشّعبيّة في لبنان.

على غفلة من الزّمن، استعاد فقراء المدينة، ما كان لهم ذات يوم، قبل اندلاع الحرب الأهليّة (١٩٧٥)، وأعادوا هندسة المكان، بناء على وعيهم وذاكرتهم الجمعيّة له، برغم كلّ الترتيبات التي اعدّت، لإبعادهم عنه، منذ بداية التسعينات، ودفعتهم للخروج نهائيّا من فضاء المدينة ككلّ.

إنّ هذه الاستعادة تشي، انّ المكان غير منسيّ بالنسبة لهؤلاء، وانّ العلاقة بينهم وبين أمكنتهم، هي علاقة عاطفيّة بامتياز، فيها حركة ناسهم الاولين، والعلائق المجتمعية المرتبطة بهم، وهم، وإن انتظروا نحو عقدين من الزمان ليستعيدوه، ويعلمون أنّهم بعد فترة سيخرجون منه، لكنّهم سيتحينون الفرص الآتية ليعودوا، ما لم يتمّ تدارك الأمر، ويعاد وصل هذا الوسط معهم، وفي ذلك دلالات، لن تقوَ أعتى الرأسماليّات في العالم، على الوقوف في وجهها، وما يصحّ في وسط بيروت، يصحّ على غيرها من المدن والساحات.



#سعيد_عيسى (هاشتاغ)       Said_Issa#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا حاجة للحوار لدى السّلطة اللبنانيّة: هي تُضمر عكس ما تُبدي
- قراءة أوّليّة للإجراءات الإصلاحية التي أقرها مجلس الوزراء ال ...
- الهاشتاغ بين ضفتين (١)
- النماذج التنمويّة الفاشلة، الدور إذن للشباب
- تعميم مصرف لبنان بخصوص المشتقات النفطية والأدوية والقمح: الخ ...
- قراءة متأنيّة في احتجاجات الشّارع اللبنانيّ
- الدّين العام في لبنان بانتظار غودو!
- هل يتكرر سيناريو التسعينيات في لبنان؟
- المشكلة في النّظام اللبناني وليس بحرّاسه
- النّظام الضريبي اللبنانيّ، خادم أمين لعجز الموازنة
- ملاحظات أوّليّة على -الورقة الماليّة الاقتصاديّة الإنقاذيّة- ...
- ملاحظات أوّليّة على -الورقة الماليّة الاقتصاديّة الإنقاذيّة- ...
- لبنان اليوم، مجتمع الأعمال ومجتمع السياسة والأعمال
- لعنة الاستيراد


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعيد عيسى - الفقراء يستعيدون وسط مدينة بيروت