|
لماذا قتل ترمب البغدادي الآن
محمود عباس
الحوار المتمدن-العدد: 6393 - 2019 / 10 / 29 - 18:00
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كما يقول الكاتب عباس عباس، حصل ترمب على أبو بكر البغدادي من أردوغان مقابل شرق الفرات، وبصفقة مشينة، بعدما تأكدت المعلومات التي قدمها الكرد عن تحركاته ومكان تواجده، مثلما حصلت روسيا والسلطة السورية على فلول المعارضة السورية التكفيرية في سري كانيه وقريبا في إدلب؛ مقابل الاحتفاظ بمنطقة سري كانيه وكري سبي دون التعرض حاليا لأدواته المسمون بالجيش الوطني السوري، والتي ساعدهم ترمب في احتلالها؛ كما ذكرها وبكل صفاقة في تصريحه الأخير، والشريط الأمني على طول الحدود بعمق 10 كم، بدون مرتزقته. فتركيا تريد التخلص من الكرد، فهي إشكالية أصبحت معروفة لجميع القوى العالمية. وروسيا والسلطة هدفها القضاء على المعارضة السورية المسلحة بأي طريقة كانت، وأمريكا وخاصة تحت إدارة ترمب لا قيم ولا قيمة للشعوب والحلفاء أمام مصالحها الاقتصادية، والأن مصلحة الرئيس الرئيسة هي الانتخابات القادمة، فلا يعير أهمية لحلفاء الأمس، بقدر ما يهمه موقف بوتين، وإرضاء المنتخب الأمريكي. لن نأتي هنا على الشكوك فيما إذا كانت أمريكا والقوى الأخرى المستفيدة من منظمة داعش ووجود البغدادي، قادرة على قتله سابقاً أم لا؟ ولن نأتي على أروقة المنظمة وتنقلات الإرهابي في مساحة أكثر من واضحة لأمريكا وروسيا، ففيها من التشعبات والتي لربما تحتاج إلى كتب بذاتها. سنختصر على أسباب عملية قتل الإرهابي الأن، والتي تحفظت روسيا على نتائجها، ولأسباب غير خافية على المحللين السياسيين، الذين يعلمون أنها أطلعت على الكثير من التفاصيل؛ ومن ثم على النتائج وبدقة، أما دعايتها، أنها لا تملك أية معلومات مؤكدة عن قتل أبو بكر البغدادي، وأن أمريكا لم تشاركها المعلومات، وبلغة نقدية لأمريكا، وتكرارها لهذه الأسطوانة المشروخة ولمرات في اليوم الأول، مطعونة فيها عند المراقبين السياسيين والإعلاميين، وهي للاستهلاك المحلي داخل أمريكا قبل روسيا، وإلا فإنها لما عادت اليوم لتقول، ترمب قدم خدمة كبيرة للعالم بالقضاء على رأس الإرهاب، وقدموه كمنقذ للعالم من الإرهاب! وبالمقابل شكرها ترمب ومنذ اللحظات الأولى ولمرات عدة، إلى درجة أن رئيسة الكونغرس نانسي بيلوسي هاجمته، بلهجة ساخرة، أنه أثنى على روسيا قبل أن يشكر القوة الأمريكية التي نفذت العملية. هذه هي اللعبة والصفقات الدبلوماسية، والغاية هنا هي تبييض صفحة ترمب المطعونة فيها مؤخراً، والتي قد تؤدي إلى سجنه فيما لم خسر في الانتخابات وخرج من الرئاسية، مثله مثل نتنياهو وأردوغان على خلفية الفساد المالي. وروسيا تبدع في هذه العملية، فهي موروثة الإتحاد السوفيتي. فلماذا كل هذا التلاعب؟ بدأت الانتخابات الأمريكية، وظهرت معها كالعادة الحروب الإعلامية بين الجمهوريين والديمقراطيين، ما بين وصف الذات، وإتهام الأخر، وكلتا الحالتين تحتاج إلى وثائق يعرضونها أمام المنتخب الأمريكي البسيط، المقتنع بالمواد الواضحة والسهلة تلقيها، كالصور أو الحوادث، أو أتهام مباشر، فالخطابات الطويلة تتعبهم، ولا وقت لديهم للحوارات المملة، ولا لقراءة تقارير المحللين السياسيين، والشعب الأمريكي لا يقرأ باستثناء النخبة، والدعاية الانتخابية موجهة جلها لكسب الشريحة التي لا تتبع أحد الحزبين، وترمب يقدم بوجوده الكثير لبوتين، إما بتهميش الإستراتيجية الأمريكية في العالم على منطق المصالح الاقتصادية فوق الهيمنة العسكرية، أو بالتخلي لها عن مناطق تحت منطق التجارة؛ الخسارة والربح في الحضور العسكري الأمريكي أو غيابه. جميع الرؤساء في الدول الديمقراطية وليس فقط في أمريكا يبحثون، لكسب الدورة الثانية، عن إنجازات قدموها أو نفذوها في سنوات دورتهم الأولى، فكثيرا ما يؤجلون تنفيذ بعضها إلى مرحلة ما قبل عملية الترشح، أو أثناء الحملة، وذلك عندما كانوا في الرئاسة، فبوش الأب حاول أن يسخر عملية الصحراء لحملته مع ذلك خسر، وكلينتون سخر اتفاقيات البلقان، وضرب أفغانستان والسودان على خلفية الانفجار الأول في المبنى العالمي للتجارة، وبوش الأبن سخر عملية اجتياح العراق وقتل صدام حسين، ومن ثم أبو مصعب الزرقاوي ومن ثم خلفائه، وأوباما سخر قتل أبن لادن، وترمب الذي يحمل خبرة طويلة في هذا المجال، منذ الدعاية لشركته، تجارة العقارات، وأكثرهم تركيزا على ذاته، وإظهار الأنا، وقد كان له برنامج تلفزيوني لهذا المنحى، فقتله للبغدادي تعتبر قفزة كبيرة ومهمة لحملته الانتخابية القادمة. كما وأن عملية قتل أبو بكر البغدادي، حملت مهمة أخرى إلى جانب ما ذكرناه، وهي التغطية على المطب الذي هو فيه، ففي بداية هذه المرحلة بالضبط، خاصة وأن الحملة المضادة من الديمقراطيين بلغت مستويات خطيرة، على خلفية مكالمته لرئيس أوكرانيا، والتي أن ثبتت التهمة فهي ترقى إلى سوية الخيانة الوطنية، لذلك فإن قتل البغدادي قد تخفف من عملية تصعيد التهمة، وفعلا بدأت تثمر من الناحيتين؛ إن لم يكن مؤقتا. وهنا عاد بوتين إلى الخط ثانية، رغم ما لها من حساسية، بإعادة تقديم خدماته مرة أخرى، أحدها ذكرناها وهي التجاهل ودحض مصداقية الخبر في اليوم الأول، بعد التي سبقتها قبل أيام، عندما عتم وألغى على اتفاقيته المشينة بالنسبة للأمريكيين مع أردوغان والتي تجاوزت كل ما كان يحلم بها الأخير، إلى درجة أصبحت تنتشر بين الأمريكيين ويتحدث فيها الإعلام المناهض لترمب بين حين وأخر، على أن أمريكا هربت من أمام القوات التركية، وخسرت سوريا وقد تخسر كل المنطقة لروسيا، وبدأت تتهدم مصداقية أمريكا عالميا بشكل أوضح بعد التخلي عن حلفيهم الكرد، لذلك أسرع بوتين بوضع اتفاقيته وفرض شروطه على تركيا مكان اتفاقية أمريكا مع تركيا، ببنود أقل مكسبا لتركيا في المنطقة الأمنة، كما ومن جهة أخرى تغاضى عن قرار ترمب الحفاظ على بعض قواته لحماية حقول النفط في شرق الفرات، مصرحا أن عائداتها ستكون للكرد والأمريكيين، وبين للعامة على أنه لن يتخلى عن مصالح أمريكا بسهولة، علما أنه ناقض نفسه، من عدة أوجه، الأول أنه وعد الأمريكيين بإعادة الجنود إلى بيتهم، لكنه لم ينفذها، ففي الواقع نقلهم إلى العراق، كما وأرسل في الوقت ذاته قرابة 3000 جندي إلى السعودية، إلى درجة قال أحد أعضاء الكونغرس في هذه التضاربات وتلقفها قناة الـ سي ن ن: أن 2000 جندي أمريكي في المنطقة الكردية كانوا في أمان ويحافظون على الأمان، وخروجهم عرضتهم للخطر، إلى درجة تم قصف محيط أحد معسكراتهم، وخلقت الفوضى والقتل والحروب بين أطراف عدة، وأن الرئيس يتناسى أمام المواطنين أن هناك الألاف من الجنود في المناطق الساخنة، كالقرن الأفريقي وعلى أطراف اليمن، وفي أفغانستان، وغيرها من المناطق، والتي هي أقل أماناً بكثير من المنطقة الكردية في شمال شرقي سوريا، وحياة الجنود في خطر دائم، ولا يتحدث عن إعادتهم، ذاكرا أنه يخدع الشعب الأمريكي بشكل فاضح. لم يكتف ترمب بتسخير عملية سحب الجنود، وقتل البغدادي، كدعايات انتخابيه، لإظهار الذات، بل عرض ماضيه الذي لم يتحدث فيه سابقا، ولا حتى في الدعاية الانتخابية السابقة، وقدم نفسه كمنظر سياسي، وحكيم عصره بل وأفضلهم! كما وقال في كلمته حول قتل البغدادي: أنه مؤلف لأثنا عشر كتاب؛ قبل دخوله عالم السياسة، وجميعها حصلت على شهرة واهتمام كبير من القراء، وأنه في أحداها حض الإدارة الأمريكية حتى قبل قضية البرجين العالميين على قتل أسامة بن لادن، أو القبض عليه، وأنه كان ضد حرب العراق، وقد نبه إدارة بوش بعدم التخلي عن نفط العراق، والأن الكل يتقاسمها ما عدى أمريكا، بل وخسرت أمريكا في الشرق الأوسط وحروبها العديد من أبناءها، وقرابة 8 تريليون دولار. د. محمود عباس الولايات المتحدة الأمريكية [email protected] 28/10/2019م
#محمود_عباس (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مهلا أيها الكرد في تجمع الملاحظين ثانية
-
الكرد والأقطاب المتضاربة
-
بماذا قايض ترمب الكرد
-
مهلا أيها الكرد تجمع الملاحظين
-
مراحل التمدد العربي في جغرافية جنوب غرب كردستان - الجزء الثا
...
-
رأي حول مشروع إعلان (الجمهورية السورية الإتحادية)
-
حول كتابة الدستور السوري اللجنة المنتخبة، ومؤامرة أقصاء الكر
...
-
مراحل التمدد العربي في جغرافية جنوب غرب كردستان- الجزء الثان
...
-
الظهور وتمدد المكون العربي في جغرافية جنوب غربي كردستان - ال
...
-
بهذه العقلية لن تتحرر كردستان
-
أهي ناقصة أن تكون أحزابنا عديدة وكردية؟ -الجزء الخامس
-
المفتي أحمد حسون والكرد
-
أهي ناقصة أن تكون أحزابنا عديدة وكردية؟- الجزء الرابع
-
أهي ناقصة أن تكون أحزابنا عديدة وكردية؟ -الجزء الثالث
-
أهي ناقصة أن تكون أحزابنا عديدة وكردية؟ -الجزء الثاني
-
أهي ناقصة أن تكون أحزابنا عديدة وكردية؟ -الجزء الأول
-
إشكاليات التاريخ كردياً- الجزء السابع
-
إشكاليات التاريخ كردياً -الجزء السادس
-
إشكاليات التاريخ كردياً- الجزء الخامس
-
إشكاليات التاريخ كردياً-الجزء الرابع
المزيد.....
-
زفاف -شيرين بيوتي-.. تفاصيل إطلالة العروس والمدعوّات
-
وابل من الصواريخ البالستية الإيرانية يستهدف شمال ووسط إسرائي
...
-
سوريا.. زفاف شاب من روبوت يتصدر منصات التواصل
-
-قافلة الصمود- تواصل تقدمها نحو مصر
-
لندن تفرض عقوبات على وزيرين إسرائيليين
-
سفيرة إسرائيل بموسكو تؤكد أن تل أبيب لا ترى أي إمكانية لحل ا
...
-
-إسرائيل دمرت سمعتها في غزة، وهجومها على إيران محاولة متأخرة
...
-
ماذا لو أغلقت إيران مضيق هرمز؟ اختبار حاسم لقدرة أوبك+ على ا
...
-
كيف تضبط الرقابة العسكرية الإسرائيلية مشهد الإعلام في أوقات
...
-
بيسكوف يصف رد الفعل الدولي على الهجمات الإسرائيلية بـ-الدرس
...
المزيد.....
-
كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف
/ اكرم طربوش
-
كذبة الناسخ والمنسوخ
/ اكرم طربوش
-
الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر
...
/ عبدو اللهبي
-
في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك
/ عبد الرحمان النوضة
-
الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول
/ رسلان جادالله عامر
-
أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب
...
/ بشير الحامدي
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|