أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - بماذا قايض ترمب الكرد















المزيد.....

بماذا قايض ترمب الكرد


محمود عباس

الحوار المتمدن-العدد: 6387 - 2019 / 10 / 22 - 05:39
المحور: القضية الكردية
    



كلمة المقايضة تنتشر اليوم وبشكل واسع في الصحافة الأمريكية والعالمية، ولكنها ليست على ما تم في شمال سوريا، وحول شرق الفرات، ولا على خلفية تخلي إدارة ترمب عن الكرد، بل عن طلبه من رئيس أوكرانيا (فلاديمير زيلينسكي) من خلال مكالمة هاتفية جرت بينهما في 25 يوليو/ تموز الماضي، معلومات عن صفقات تجارية مشبوهة لأبن نائب رئيس أوباما (جو بايدن من مواليد 1942م) مرشح الرئاسة لعام 2020 والذي لربما سيكون منافسه الأشد، ليستخدمها ضمن حملته الانتخابية، ويلطخ بها سمعته. مثلما فعلها في الانتخابات السابقة مع هيلاري كلينتون ورسائلها الإلكترونية التي بشكل ما تمكنت روسيا من اختراق حسابها وسرقت الرسائل، وبها تم مساعدة ترمب في حملته الانتخابية، القضية التي لا تزال التحقيقات جارية حولها.
كان هذا الطلب (مقايضة من النوع الثقيل) مقابل إعادة النظر في قضية المساعدات العسكرية التي تقدر قيمتها بمبلغ 250 مليون دولار، وكان الكونغرس قد وافق على تقديمها لأوكرانيا، وأخرتها إدارة ترامب حتى منتصف سبتمبر/أيلول الحالي، وكانت ضمنها أسلحة ومساعدات لوجستية لربما كانت ستستخدمها في صراعها مع روسيا. شخصيات عدة متورطون في القضية بينهم عمدة نيويورك السابق ومحامي ترمب الحالي (رودي جولياني) وذلك من خلال الاتفاق بين الطرفين على أن يتصل الأخير بالرئيس والنائب العام الأوكراني ويشارك في الوقوف على "حقائق" التحقيقات بشأن عقود جو بايدن وابنه التجارية مع أوكرانيا. نشر البيت الأبيض تفريغا نصيا للمكالمة الهاتفية، تلقفها الإعلام وخاصة سي ن ن، وبدء التحقيق ضمن مجلس النواب.
أنفجر الحدث في الوسط الأمريكي العام والسياسي، إلى درجة طلبت فيها رئيسة الكونغرس (نانسي بيلوسي) من الحزب الديمقراطي، وبتأييد من بعض أقطاب الجمهوريين، محاكمة الرئيس تحت بند عزله في حال ثبتت عليه التهمة. وفي الوقت الذي لم يعد يجدي نفعا الرد المضاد، من قبل ترامب وأنصاره على أن نائب الرئيس السابق، جو بايدن، استغل سلطته للضغط على أوكرانيا لوقف تحقيق جنائي قد يورط ابنه هانتر بايدن، بدأت إدارته البحث عن سبل لإنقاذه، من الوسط الإعلامي والسياسي، علماً أن شعبيته لا تزال واسعة بين منتخبيه.
إلى هنا نرى القضية من ضمن مجريات الخلافات السياسية بين الجمهوريين والديمقراطيين، لكن عندما بدأ بعض أقطاب الجمهوريين في مجلس الشيوخ يبدون حيرة حول الفضيحة، وتحويل القضية إلى المحكمة العليا، أنتاب ترمب وإدارته رهبة، وبحثوا عن معوقات، للتعتيم، أو إيقاف التصعيد، فتوجهوا في البداية إلى إلهاء الإعلام بقضايا أكثر سخونة، داخليا وخارجيا، لتكف عن تغطية الحدث. وبالتالي حاولوا تحريف انتباه الشعب الأمريكي، وتحريك مشاعره، وخاصة العامة منهم والتي تنقصها المعرفة في السياسة الخارجية، إلا ما يبث لها الإعلام الداخلي، وما أقله.
استغلت الإدارة هذه الإشكالية وتحركت في الجانب العاطفي، (هنا لن نأتي على ما تم في الداخل الأمريكي بشكل مفصل، كقضية عقد اجتماع قمة الدول السبع في منتجعه بفلوريدا- دورال، مدعيا أنها ستكون بدون مقابل والتي أثارت ضجة سياسية وإعلامية كبيرة لا تزال مثارة) فأحيا ترمب مسألة إعادة أبنائهم وأزواجهم، أي الجنود الأمريكيين إلى تراب الوطن، وإخراجهم من المناطق الساخنة، ووقع الاختيار على شرق الفرات والقضية الكردية، ومقايضتها مع تركيا وروسيا، لعدة اعتبارات، رغم التأكيدات المتكررة من قبل كبار المسؤولين في وزارتي الخارجية والدفاع، على أن أمريكا لن تتخلى عن الكرد، لكن المعادلة انقلبت وحولوا الكرد من الحليف إلى الضحية:
1- لصغر حجم القضية مقارنة بما تحوم حولها من الصراعات.
2- أدركوا أن العملية ستخلق الضجة الكافية لجذب الإعلام الداخلي والخارجي على الأقل لفترة توقعوا أن تُهدأ قليلا قضية العزل في المحكمة الفيدرالية، وهنا تلاعبوا بعامل الزمن. وفعلا عاد ترمب وإدارته بعد أسبوعين من بيع شرق الفرات، والتخلي عن الكرد، بقوة إلى الساحتين السياسية والإعلامية، وأصبح وإدارته يواجهون الديمقراطيين بخطاب متمكن، على الأغلب ستساعده في حملته الانتخابية القادمة.
3- صغر حجم المصالح الأمريكية الاقتصادية والتي حتى ولو تضررت فلن تكون بقدر ما ستكون عليه فيما لو تم القيام بمثلها في منطقة من مناطق الخليج على سبيل المثال، وتبين لهم أن الخسارة ستكون أعلى من تقديراتهم، وهو ما حث ترمب على العدول عن إخلاء جميع الجنود إلى الاحتفاظ ب 300 جندي في منطقة رميلان النفطية، وتمت هذه بعد الاجتماع الأخير مع مجموعة من الجمهوريين بينهم السناتور ليندسي غراهام، الذي تخاذل عن مواقف السابق كمعارض للخروج من سوريا وضد عملية اجتياح تركيا للمنطقة الكردية.
4- قلة عدد الجنود الأمريكيين المرابطين هناك، مقارنة بتواجدهم في مناطق العالم الأخرى الساخنة، حيث سهولة وسرعة إجلاءهم عن شرق الفرات دون أضرار.
5- سهولة الرد على حجج الطرف الكردي، والذي لم يكن قد تم التحالف معهم على ركيزة سياسية، مثلما هي مع تركيا حليفهم في الناتو، وهنا تكن عدم التكافؤ بين الحليفين، في الاعتبارات السياسية والعسكرية والاقتصادية.
وقد قدم العديد من المحللين السياسيين أراء حول ما تم بين الأطراف الثلاثة المعنية بقضية المنطقة الكردية، روسيا وأمريكا وتركيا، ويذكر أن:
1- أردوغان قدم خدمة لترمب بتصعيد عملية غزو جنوب غربي كردستان، وإثارة قضية اللاجئين وإعادتهم، وقضية حماية حدودها من القوات الكردية، المتهمة بالإرهاب، لإعطاء حجة لترمب أمام الأمريكيين المعارضين، عن سبب غضه الطرف عن الحملة، وهذا ما تم وبسهولة، بعدما كانت تواجه أردوغان صعوبة حتى في تسيير دوريات مشتركة على أطراف مدينة منبج، وكثيرا ما تم إبلاغ الجانب التركي على أن شرق الفرات خط أحمر.
2- أصبح الوقت مناسبا لترمب ليتخلى عن شرق الفرات لبوتين، بشكل غير مباشر عن طريق أردوغان، كرد جميل لخدماته في حملته الانتخابية، علما أنه قدمها لروسيا قبل سنتين يوم أراد سحب قواته من سوريا، وتوقف بعدما واجه معارضة حادة من وزارتيه الخارجية والدفاع، وهنا حصلت روسيا على ما كانت تريد، وحصل ترمب على الضجة الإعلامية الضرورية التي رافقتها، وتبينت على أن أمريكا خسرت أمام روسيا في سوريا.
وهكذا كانت كل أطراف المقايضة متكاملة، وتكاد أن تنتهي بنجاح، على حساب الدم الكردي، والقضية الكردية. فقد أجتاح الحدث الإعلام الأمريكي والعالمي لأيام عدة وعلى مدار الساعة، تنفس أثناءها ترمب وإدارته، ولم يكن الضغط العالمي السياسي والإعلامي والثقافي بذات الأهمية مقارنة ما كان فيه، ولم تحثه عن موقفه، إلى أن حل الوقت المناسب.
والنتيجة، تركيا حصلت على ما تريد، وروسيا أظهرت للعالم أن سوريا محميتها، من خلال التعامل مع القضية الكردية ونشر الجنود السوريين في المناطق التي تراها مهمة، كمنبج وشمال حلب، وتل تمر ومناطق أخرى ستتم على مراحل، وهي التي تخطط بالقضاء على البقية من المعارضة السورية المسلحة بعد الانتهاء من القضية الكردية، وبمساعدة تركيا، وترمب وإدارته تمكنوا من تمييع قضية العزل، وتحييد البعض من الجمهوريين، رغم أن القضية أعيدت إلى المحكمة لكنها لم تكن بتلك الزخم الأولي.
المقايضة بينت كالمرات العديدة المماثلة في تاريخنا المديد، على إننا كحراك كردي أدوات سهلة الاستعمال، إن كنا جنود تحت الطلب، أو مدافعين عن الوطن، لا نتهاون على تقديم خدماتنا للغريب فرادى وبلا حيلة، فكم من المرات حضرت وفود كردية إلى واشنطن بحجم لم يمثلوا يوما قضية شعبهم ولا ثقله، وقد نبهنا إلى هذه الإشكالية مرارا وتكرارا وذكرنا أن التمثيل الدبلوماسي لا بد وأن يكون على مستوى ثقل أمتنا وقضيتنا وليس على ثقل الأحزاب، لكن ما ذكرناه أصبح كالصدى ضمن غرفة خالية.
لهذا وغيرها من الإخطاء درجنا ضمن الصراعات الدولية بدون إرادتنا، وتم العبث بمصالحنا وكل طرف يتفرج من جهته يشمت ويتبرأ منها ويتهم الكردي الأخر، والأسباب جلها ذاتية قبل أن تكون خارجية، أحيانا تفرضها علينا المصالح والظروف، ولكن سذاجتنا التي مهدت لبروز الخلافات الداخلية بسهولة، أدت إلى ضعفنا أمام الأعداء، وأوصلتنا إلى ما نحن فيه الآن، ومسيرة ثماني سنوات من الخلافات على إدارة المنطقة وتشكيلات القوة العسكرية تعكس الكثير.
ورغم كل ما يجري ضدنا، ويحصل لشعبنا المعاني في الوطن، ودون أن ننسى من المذنب إلى أن تحين اللحظة المناسبة لكل شيء، أتمنى ألا تتصاعد الشماتة والتخوين ببعضنا، وألا تتوسع حدة الخلافات، ونأمل أن يتم تأجيلها إلى ما بعد الكارثة.
ويبقى السؤال: متى سنستيقظ ونتقبل الكردي الأخر، ونتعامل كأمة مبنية على عدة اتجاهات فكرية وسياسية، كغيرها من الأمم.
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
[email protected]
21/10/2019م



#محمود_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مهلا أيها الكرد تجمع الملاحظين
- مراحل التمدد العربي في جغرافية جنوب غرب كردستان - الجزء الثا ...
- رأي حول مشروع إعلان (الجمهورية السورية الإتحادية)
- حول كتابة الدستور السوري اللجنة المنتخبة، ومؤامرة أقصاء الكر ...
- مراحل التمدد العربي في جغرافية جنوب غرب كردستان- الجزء الثان ...
- الظهور وتمدد المكون العربي في جغرافية جنوب غربي كردستان - ال ...
- بهذه العقلية لن تتحرر كردستان
- أهي ناقصة أن تكون أحزابنا عديدة وكردية؟ -الجزء الخامس
- المفتي أحمد حسون والكرد
- أهي ناقصة أن تكون أحزابنا عديدة وكردية؟- الجزء الرابع
- أهي ناقصة أن تكون أحزابنا عديدة وكردية؟ -الجزء الثالث
- أهي ناقصة أن تكون أحزابنا عديدة وكردية؟ -الجزء الثاني
- أهي ناقصة أن تكون أحزابنا عديدة وكردية؟ -الجزء الأول
- إشكاليات التاريخ كردياً- الجزء السابع
- إشكاليات التاريخ كردياً -الجزء السادس
- إشكاليات التاريخ كردياً- الجزء الخامس
- إشكاليات التاريخ كردياً-الجزء الرابع
- مصير العلاقات التركية الأمريكية
- إشكاليات التاريخ كردياً -الجزء الثالث
- إشكاليات التاريخ كردياً- الجزء الثاني


المزيد.....




- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - بماذا قايض ترمب الكرد