يوميات المجزرة الديموقراطية /17/ جئناكم باطحين لا محررين !

علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 447 - 2003 / 4 / 6 - 14:52
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    

                                                                 

 العارف بتفاصيل الغزو البريطاني الأول للعراق سنة 1914 سيفاجأ ، وقد يصدم حين يقارن سلوك الضباط والجنود البريطانيين آنذاك بسلوك أحفادهم المتحالفين مع جورج بوش . لقد اصطحب الغزاة الأوائل  معهم خبراء  بالشؤون العراقية ومستشرقين وعلماء إركولوجيا .. الخ  ، وكانوا أكثر جنتله ( من جنتلمان ) فهم  احترموا شيوخ القبائل العربية بشكل عام مع استثناء حالة الشيخ ضاري الذي أهانه الجنرال البريطاني "لجمن " فقطع الشيخ رأسه بسيفه بعد أن أطلق عليه أحد أولاده النار في مقره العسكري . كما إنهم لم يدنسوا العتبات المقدسة باستثناء سقوط قنبلة من طائرة بريطانية على دكة القضاء التي كانت يجلس عندها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب " ع" في مسجد الكوفة ، و حاولوا التقرب من رؤساء الأحياء والسادة الهاشميين  والشخصيات العامة المهمة ، إما هؤلاء الشواذ والجيل الجديد من الهمج الغربيين الذين يقودهم المدمن السابق على الكاكوئين  جورج بوش ( راجع قصيدة الشاعر الأمريكي أندرو ألن )  فهم أغبياء وبغبائهم هذا جهزوا الحطب السياسي الكافي للمحرقة الشعبية العراقية التي ستجعلهم قريبا يلعنون اليوم الذي ولدوا فيه هم ومن صفق لهم من معارضة السوء العراقية و العاهات السياسية التي أخرجت من المتاحف ليكون لها دور في تشكيل الحكومة العميلة القادمة على جماجم العراقيين . لتدليل على قذارة هذه الحملة التي انقلبت على ما يبدو الى حملة لإذلال المواطن العراقي المدني على أيدي جنود القوات المحتلة أسرد أدناه الأمثلة التالية التي رواها الصحفي الكويتي عمر الكحكي ( والذي  لا يمكن وصفة بالعداء لجيوش الحاج بوش ) والذي يعمل  كمراسل لقناة الجزيرة وصحافيين آخرين  .
وصل الكحكي الى جنوب مدينة الناصرية الذي تسيطر عليه القوات المحتلة ، والتقى بمجموعة من المواطنين الذين يحاولون الحصول على مياه الشرب بعد  دمر الغزاة خزان المياه الكبير والذي تتم تغذيته من ناحية أكد على نهر الغراف على مسافة 45 كم الناصرية .  سأنقل بعض الشهادات المهمة التي أدلى بها عدد من المواطنين في الناصرية مع ملاحظة أن هذه الشهادات قيلت أمام الكامرة في منطقة هي خارج سيطرة القوات الحكومية العراقية و يشاهد  جنود الاحتلال الأمريكان في الصورة وعلى مسافة أمتار من المتكلمين  :
- لا نريد ماء لا نريد مساعدات نريد كرامة
- كلهم كذابون ،بوش كذاب ، وصدام كذاب ، والأمة العربية كلهم كذابين وحقراء .
- هدموا مبنى المحافظة وهذه إدارة مدنية ليش هدموها ليش هدموا بيوت الناس الفقراء .
- الأمريكان يجيبون لنا مواد غذائية ؟؟ لا ، لا ،هم الي ياخذون المواد الغذائية من الناس ياخذون البيض والخبر والحليب ويبوكون " يسرقون " الذهب والفلوس .
- طفل عمره سبع سنوات قتله قناص أمريكي وهو يلعب بالشارع جاءت أمه لتحمله أطلق عليها القناص النار وقتلها فوقه .
- الشيخ باكيا : ما نقبل .. ما نقبل يجي جندي أمريكي ويفتش نسوانا ويمس أجسامهن ويعريهن !!
- ما نريد مساعداتهم خل يطلعون بس .
وهناك حكاية الشيخ العراقي ذو اليشماغ الأحمر الذي أذله  جنود الوغد بلير فأخرجوه هو ومن معه من السيارة ، ثم أركعوه ، لطمه الجندي البريطاني على رأسه سقطت "حدريته "على الأرض . أحنى الجندي رأسه أكثر ، لوى عنقه  حاول أن يبطحه على الأرض . رفض الشيخ ذلك . صرخ به الجندي وأمره أن ينبطح على الأرض رفض الشيخ والغضب يمور في عينيه  وصرخ به الجندي البريطاني وضربه مرة أخرى على رأسه ثم سرق نقوده أمام كاميرات  الصحافيين .
أليس من حق هذا الشيخ المهان أن يبول على الديموقراطية الأمريكية والحضارة الغربية كلها وعلى كل من يصفق للغزاة الهمج ؟ أليس من حقه وحق أحفاده أن يبولوا على ديموقراطية الأمريكان  بحرية ؟ 

- الباججي يريده قصيرا والجلبي أطول قليلا :
لم يجرؤ  حزب أو شخصية عراقية معارضة حتى الآن على رفع شعار أوقفوا المجازر أوقفوا العدوان . ربما ماعدا استثناءات نادرة من منظمات وشخصيات ما سمي بالخيار الثالث . لماذا ؟ السبب هو الخوف من أن يفسر هذا الموقف بأنه محاولة لإنقاذ النظام من المأزق . طيب لماذا لا يقرنوا طلب أو شعار إيقاف العدوان والمجازر بمطلب تحويل الملف العراقي وبخاصة قضية تغيير النظام الى الأمم المتحدة ؟ لماذا لا يقترحون إجراء استفتاء  على الحكم أو شيء من هذا القبيل ؟ هل تكلست عقولهم وشلها وميض كرسي الحكم الذي ينتظرون الحصول عليه من الغزاة ؟ على العكس من رفع شعار إيقاف المجزرة المستمر وجدنا عدنان الباججي الذي أخرجته المخابرات المركزية الأمريكية من مغارته ولمعته جيدا كرئيس لحكومة عميلة في العراق ، وجدنا الباججي يقول في آخر " قصيدة " له على قناة الجزيرة أنه  لا يريد حكم عسكري أمريكي في العراق ، و لا يريد أن يطول الاحتلال الأمريكي كثيرا ، أي إنه يتمناه قصيرا وسريعا ثم يضيف بأنه يحمل برنامجا يدعو الى إقامة حكومة انتقالية تستمر لمدة سنتين أو أقل أو أكثر . والسؤال: هل هذا هو السياسي الداهية والدبلوماسي العبقري الذي صدعوا رؤوسنا  بالكلام عنه ؟ ما هذه الدقة في الكلام التي تكشف عنها خدعة حكومة مؤقتة لمدة سنتين أو أقل أو أكثر ؟ كم كنا في التيار الديموقراطي كرماء حين اقترحنا فترة انتقالية قبل إجراء انتخابات عامة تحكم لفترة بين ستة أشهر وعام واحد ! الباججي يطرح حكومة برئاسته طبعا لكي لا يخرق الاحتكار الطائفي "المقدس سعوديا "  لرئاسة العراق لمدة سنتين .. لا.. وربما أكثر أو أقل .. !! هل يمكن الثقة برجل كهذا  يضع الجمهور بين ثلاثة احتمالات لا يجمع بينها جامع ؟ أليس هذا نصبا واحتيالا فظا وعلنيا ؟  لا أعتقد أن شخصا ينطبق عليه البيت الشعري التالي أكثر مما ينطبق على الباججي ، قال الشاعر :
يعطيك من طرف اللسان حلاوة           ويروغ منك كما يروغ الثعلبُ

ولكن ماذا بخصوص أحمد الجلبي وفرقة الردح السياسي الملحقة به ؟ كم سنة يودون أن يستمر الاحتلال الأمريكي البريطاني ؟ هل يتمنونه قصيرا وسريعا كالباججي أفندي ؟ أم أن أحمد باشا جلبي  يريده أطول قليلا لكي يتمكن من ترسيخ جذور ديمقراطية الأمريكان جيدا في عظام العراقيين و يحولهم الى أسراب من الجراد البشري عديمة المعنى والقيمة الإنسانية ؟
  هل تعرفون ما وجه الشبه حد التطابق بين الجلبي والباججي ؟ هل تعرفون بأية صفة يشتركان ؟ حقا لا تعرفون ؟ أنا أعرف ولكني لن أقول شيئا خشية أن يبادر سوادي فيتحفنا بهوسة من الوزن الثقيل !

- حصة الأكراد من الجنة :
 وعدت القارئ بأني سأتوقف عند بعض الأحداث المهمة وذات الدلالات التي حدثت خلال حرب التصدي للغزو البريطاني للعراق سنة 1914 وخلال ثورة العشرين التي تبعته . وتحية لمواقف بعض الأحزاب الكردية التي تصرفت -حتى الآن – بحكمة وصبر ، فلم تطعن الجيش العراقي من الظهر وتشارك في القتال الى جانب الغزاة الأجانب وخاصة الحزب الديموقراطي الكردستاني أسرد عليكم الطرفة التالية ، وهي حادثة واقعية تماما تؤكد لنا مشاركة فعلية وفعالة للأكراد العراقيين في حرب مقاومة الغزو البريطاني الأول : كتب عالم الاجتماع  العراقي علي الوردي في ( لمحات اجتماعية ص129 جزء 4 ) نقلا عن عبد العزيز القصاب إن قوافل المجاهدين تقاطرت على مدينة السماوة سنة 1914 في طريقها الى البصرة من كافة أنحاء العراق الوسطى والشمالية كما وصلت إليها قوافل المجاهدين الأكراد برئاسة الشيح كاكا أحمد . ثم وصل الشيح هادي المقوطر ومعه عدد غير قليل من المجاهدين وقد شكل أهل السماوة سرية من المجاهدين برئاسة الشيخ بربوتي السلمان ولذا أطلق أهل السماوة هوستهم المشهورة وهي :
ثلثين الجنة لهادينا
وثلث لكاكا أحمد واصحابه
وشويه  شويه لبربوتي .

والمعنى أنهم قسموا الجنة ليكون ثلثاها للشيخ هادي المقوطر وثلث للشيخ كاكا أحمد . ويقال أن الشيخ بربوتي السلمان امتعض عند سماعه الشطرين الأولين من الهوسة لأنهم لم يخصصوا له حصة من الجنة ولهذا جاؤوا بالشطر الثالث حيث اقتطعوا له شيئا من حصة الشيخ هادي وشيئا من حصة الأكراد ترضية له .

 

 

#علاء_اللامي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات