أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شكيب كاظم - مدني صالح الفيلسوف ناقداً.. الناقد فيلسوفاً















المزيد.....

مدني صالح الفيلسوف ناقداً.. الناقد فيلسوفاً


شكيب كاظم

الحوار المتمدن-العدد: 6376 - 2019 / 10 / 11 - 17:30
المحور: الادب والفن
    


ذكرت مرة، اذا اردنا التعرف على اصحاب الاسلوب الرفيع في الكتابة والبحث واحصاء ذوي الدربة والمكانة الاسلوبية، اي تستطيع التعرف على المكتوب، ونسبته الى كاتبه، حتى وان خلا هذا المكتوب من اسم الكاتب، ومنذ قرن ونصف قال الناقد الفرنسي (سانت بوف) الاسلوب هو الرجل، فأننا سنعدو وقائع الحياة، وحقائقها، ان لم نسلك الفيلسوف الاديب الناقد مدني صالح في عداد من ذكرت فهو الى جانب تخصصه الدقيق في الفلسفة ودراستها في بريطانية في كمبردج وتحديدا على يد الفيلسوف آرثر جون آربري المتوفى خريف عام 1969 وهو البروفيسور ذاته الذي اشرف على رسالة الدكتوراه للدكتور ناجي التكريتي وتدريسها في قاعات الدرس بكلية اداب جامعة بغداد فانه يعد صاحب اسلوب متميز في الكتابة الى جانب: علي جواد الطاهر، عبد المجيد الشاوي، مهدي شاكر العبيدي في العراق، وطه حسين في مصر، ومارون عبود في لبنان، في حين خلت الساحة او كادت حاليا، من اصحاب اللون المميز في الكتابة فلقد اختلط حابلها بنابلها واصبح تسويد الصفحات البيض هو الاساس وهو المعول عليه عادين ذلك كتابة او ما تشبه الكتابة.
فاذا غادرنا قضية الاسلوب المميز الذي حُبِيَّ المنشئ مدني صالح به، فاننا سوف نقف عند خاصية الناقد، فلو احصينا النقاد والمشتغلين بالنقد في العراق، فأن بحثنا سيكون غير مكتمل ان لم تقف، ونقف طويلا عند مدني صالح الناقد، يتجلى ذلك من خلال دراستي لكتابيه (هذا هو السياب) و (ابن طفيل.. قضايا ومواقف) فهو ينقب في كل زاوية وخافية من حياة السياب، واقفا عند بداياته، وخاصة ديوانيه (ازهار ذابلة) و (اساطير) ولأنه يعلم ان درسه الفلسفة، وتدريسها قد تترك ظلالها، ولا اقول ظلالها القائمة على نقده وكتابته النقدية، فأنه يؤكد لنا نأيه عن الدرس الفلسفي وظلاله، قائلا انه يعتمد في تسجيل ملاحظاته النقدية مبدأين: اولهما تحرير النقد الفني من موضوعية العلم وثانيهما تحرير التحليل الادبي من ميتافيزيقيا الفلسفة، متبنيا في هذا ذاتية النقد ووحدة العبارة في التحليل، واعني بذاتية النقد ان بين الشاعر والقارئ محيطا من ظلال يعزل عالمي الاثنين بزرخين، ويعزلهما (كذا وردت) وتعزلهما تجربتين، تجربة الشاعر، وتجربة القارئ، وان القارئ لايرى من تجربة الشاعر شيئا، الا بقدر تشابه التجربتين، وما اندرها حالة – تراجع ص25 من (هذا هو السياب).
لكن مدني صالح الناقد، ما استطاع التخلص من معطف الفيلسوف وطيلسانه، والانسان مخبوء طي قلمه، وطي لسانه!! فأنت اذ توغل في الجوس خلل كتابيه هذين، لا تستطيع الا ان ترى الفيلسوف يطل برأسه عليك، قارئا، طالبا منك الوقوف عند توصلاته الفلسفية، لا بل النفس الفلسفي، والدرس والتدريس الفلسفيين، لكنه بعد سطور ستة من تقريره هذا، يًدخل مدني صالح قراءه في لجة فلسفية لا قرار لها، اذ يرى ان الشاعر لا يعرف عن كثب وقرابة صلة غير موضوعات شعره، وموضوعات الشعر، على ما نرى، لا تعدو وبشيء من التجوز، ثلاثة اهتمامات هي الاشياء والمفاهيم والاشخاص.. فكيف السبيل الى استنطاق هذه الموضوعات؟ ويظل يبحر بقارئه ببحر لجب، عن تمييز الماهية عن الوجود في الموجود، وتمييز الجوهر عن العرض في الاشياء، لكنه يراه مدني صالح محض تمييز ذهني اصطنعه الانسان العابث، بعد تمام الموجودات، وبعد تمام امتداد الاشياء وتميزها بابعادها في المكان، والا فما حاجة الموجودات والاشياء الى مثل هذا التصنيف؟ وما حاجة المادة المحققة الوجود الى تصنيف لا يفسر تركيبها، ولا يؤثر في فاعليتها ثم هو مع هذا ليس بشرط من شروط وجودها؟ والا فكيف؟ ص25 – ص26.
ولأننا لا نريد الاثقال على القارئ او المستمع فقد ارتأينا الوقوف عند هذا المثال، ومن اراد الاستزادة فبحسبه الكتاب المنوه عنه، ولقد رأيت وانا ادرس الاثر الفلسفي في الدرس النقدي لمدني صالح، ان اقف عند القصيدة الميمية لأبي بكر محمد بن عبد الملك بن محمد بن طفيل القيسي الاندلسي ومنها قوله:
اَلَّمَت وقد نام المشيُح وَهَوَّ ما - وأسَرت الى وادي العقيق من الحمى
وجرت على تِرْب اُلَمحَّصب ذيَلها - فما زال ذاكَ التْرُبَ نهْبا مُقَسَّما
تناوله أيدي التجار لطيمةً - ويحمله الدرايُ أيان يممِا
ولما رأت أن لا ظَلاَم ُيجِّنُها - وأن سُراها فيه لن يَتكتما
نَضَتْ عذباتُ الريطِ عنَ حرِّ وجهها - فأبّدَتْ مُحيَا يُدّهِشُ اُلَمتوّسِما
فكان تجليها حجابُ جمالها - كشمس الضحى يعشى بها الطرفُ كلما
ولما إلتقينا بعد طول تهاجرٍ - وقد كادَ حبلُ الودِ أن يَتَصَّرَ ما
جَلَتْ عن ثناياها وأوَمض بارقُ - فلم أدرِ مْن شَقَّ الدُجَنَّةِ منهُما
وساعدني جفُن الغما على البكا - فلم أدرِ دَمعِاً أيُنا كان أسْجَماَ
فقالت وقد رق الحديَثُ وأبصرت - قرائَن أحوال أذَعّنَ المكُتَّما
نَشَدُتَك لاَ يذْهُب بكُ الشُوقُ مذهبا - يُهَوِّنُ صَعباً أو يْرخصُ مأثما
فأمسكتُ لا مستغنيا عن نوالِها - ولكن رأيت الصبرَ أوفى واكراما
يعقد الناقد الفيلسوف مدني صالح دراسة نقدية مقارنة بين هذه القصيدة وعينية الشيخ الرئيس أبن سينا ومطلعها:
هبطتْ إليكَ من المحل الأرفع - ورقاُء ذاتُ تَعََُُزز وتمنع
محجوبةَُ عن كل مقلةِ عارفٍ - وهي التي سَفّرت ولم تتبرقعِ
مدني صالح، الذي ما أستطاع مغادرة ثوبهِ الفلسفي، وهو يدرسُ الشاعر بدر شاكر السياب وشعره، فما أراه بمستطيع مغادرة هذا الثوب الفلسفي، والموضوع المدروسُ، قصيدةً من قصائد أبن طفيل الفلسفية، مقارناً إياها بقصيدةٍ للفيلسوف ابن سينا، فهو يقف عند البيت الثالث من هذه القصيدة الطفيلية:
تناوله أيدي التجار لطيمةً - ويحمله الداريُ أيان يمما
وبعد أن نعلم ان التِجار- جمع تاجر، واللطيمة: المسك، والداري: نسبة الى دارين: منطقة بالبحرين يُجلبُ إليها المسكُ، فأن مدني صالح الناقد الفيلسوف يقلب البيت على وجوهه، طالباً من القارئ أن يسمح له أن يجتهد في التحليل والتعليل، يرى ان التجار قد يعني النفس الشهوانية، وقد يعني الشهوانية والنامية والمغذية الغاذية... وقد يعني كل قوى النفس هذه مضافةً الى القوة الغاضبة....
وقد يعني كل قوى النفس والعقل والحس داخلياً وخارجياً، وكلَ ما للأنسان من قوى وملكات غير القوى الناطقة المجردة المتجوهرة بالرؤية الصوفية والذات العليا... هذه القوة الحاَّلة في (تَرْب اُلمحَصًّبَ) الذي اجتهدنا في التحليل ان يكون اسماً للجسد الترابي الذي تركت عليه النفسُ المتجوهرة بالسعادة الابدية ولذائذ المُشاهدة، في مقامات معارج القدس واطوارالولاية مسكاً وحيرةً- تراجع ص121 من كتاب (ابن طفيل: قضايا ومواقف) طبعة وزارة الاعلام والثقافة العراقية سنة 1980
وإذ وقفنا عند نموذجين- إبتعاداً عن الاطالة- للدلالة على التأثير الفلسفي على توصلات مدني صالح النقدية، وقراءاته: الاولى تحدث فيها عن السياب الشاعر، والثانية تحدث فيها عن ابن طفيل الفيلسوف حين ينظم شعراً مقارناً إياها بالقصيدة العينية الشهيرة لابن سينا، فهذا لايعني ان مدني صالح الفيلسوف، وهو يكتب دراساته النقدية، لم يستِطع مغادرة معطف الفلسفة السميك، فأننا إذ نجول في نتاجاته لا نعْدَمْ الدراسة النقدية الخالصة، وقد نضتْ عنها ثوب الفلسفة، واقتربتْ الى حقل الادب والروح.
أذا كان الدكتور علي جواد الطاهر-غالباً- يبدأ حديثه النقدي، بحوار افتراضي يجريه الكاتب مع شخص ما، يجعل من هذا الحوار الافتراضي مدخلاً لحديثه النقدي، وأذا كان الدكتور طه حسين، يميل الى كثرة ايراد المترادفات، وأذا كان هناك من يعيب على شكيب كاظم، اسلوب الاستطراد، وهو يدافع عن نفسه، أن لديه من المعلومات ما يريد صبه على الورق، ويخشى عليها ان تذهب بذهابه، فأن ظاهرة الاسهاب والاطناب هي ما تميز اللون الكتابي للمبدع مدني صالح، فقد كنتُ شغوفاً بقراءة ما يكتبه في المجلات والجرائد، وفي ذهني تلك المقالات التي كان يكتبها قريباً من اسلوب المقامات، مقامات الحريري او الهمداني، ففيها اسهاب واطناب وتكرار وقد جمع هذا المنشور في الصحف بالاسلوب المقامي ونشره في كتاب أسماه (مقامات مدني صالح)، وانا هنا - لا اعيب هذا اللون من الوان الكتابة، فالانسان مجبول على ما فُطَر عليه وجُبل، وهذا اللون من الوان الكتابة، هو ما استهوى مدني صالح، فَحَبَّرَ ما حَبر، ولقد رأيت هذه الظاهرة تطل بَقَرنِها على القراء، وانا ادرس كتابه عن ابن طفيل، فضلاً على كتابه عن السياب، فالمدني الصالح الفيلسوف الناقد وهو يدرس مقارناً قصيدة ابن طفيل التي ورد ذكرها سابقاً، بعينية ابن سينا التي ذكرنا مطلعها
حتى إذ قُرب المسير من الحمى - ودنا الرحيل الى الفضاء الاوسع
وغَدتْ مفارقةً لكل مخلَّف - عنها حليف التْرب غَيَرَ مُشَيع
سَجَعّت وقد كُشف الغطُاء فأبصرْت - ما ليس يدرك بالعيون الهُجَّعِ
وغدْت تغرد فوق ذروة شاهق - سام الى قعر الحفيضِ الاوضعِ
يقول: إن - ابن سينا - يجيد هنا، احسن ما تكون الاجادة تصوير موكب افراح النفس المتجوهرة بالالوهية: إنه تصوير لافراحها بالانطلاق من شَرَك الشهوات الحسية ومن قفص السجن الذي هو الجسد.. ولماذا - في حقيقة الامر - لا تْسجَعُ طرباً وقد طاب المقام ولذّ الوصول؟ لماذا لا تسجع الانفس وتغرد؟... لماذا لا تبتهج وقد بلغت ذروة الشاهق في معارج القدس؟ لماذا وقد كشف عنها الغطاء؟ لماذا لا تفرح وقد ابصرت ما ليس تبصره العيون التي تهجع وتنام وتبصر حين الرؤية بالباصرة التي في عيون الرأس - م.ن. ص124-ص125
وبعد فلقد...
تعرفت اول ما تعرفت على مدني صالح، ثقافياً ومعرفياً، عام 1971، يوم نشرت دراسته عن بدر شاكر السياب، التي ألقاها في مربد ذلك العام، فضلاً على دراسات أخر في كتاب حمل عنوان (السياب.. في ذاكره السادسة) لقد شدني اسلوب مدني صالح، واستهواني، فطفقّتُ اتابع ما يكتب الرجل وما ينشره في الصحف والمجلات والكتب، ويظل يكثر من ايراد لفظة (ظُنْ) حتى اصبحت لازمة لأدب مدني صالح، يقول: وظن ما تشاء، يظل الاملاق وجع أوجاع السياب ويظل شعره دواء يطيب الخاطر ولا يسعف الحال (...) وظن لا تبخل بظن يظل السياب نسراً بريئاً نابهاً في سموات شعر هذا العراق... ويظل نسراً مهيض جناح تعاون على رضِّ جناحيه عدوَُ وصديقُ وسمسار في حلكة منعطفات وتقلبات في الثقافة وفي الحياة وفي الادب (...) وظن ما تشاء!! ولو لم يكن السياب شاعراً، وكان مراهناً في ساحات سباق الخيل لعاش العمر كله مراهناً خاسراً في الساحات مدى الحياة.ص55-ص57-ص124
ويظل المدني الصالح يطلق علينا ظنونه.. وصولاً الى حقائق الامور والاشياء.
في اليوم الثالث من حزيران/2009، نشر ملحق (الف ياء) الثقافي لجريدة (الزمان) مقالة للكاتب الصحفي زيد الحلي عنوانها (السياب رسب في الكتابة الصحفية ونجح في الشعر) جلبت له سخط الساخطين، لانه وقف عند العديد من مسودات الكتابات الصحفية التي كتبها الشاعر بدر في جريدة (الحرية) التي كان يصدرها الصحفي الرائد قاسم حمودي- رحمه الله- المقالات ومسوداتها تعود الى العام 1959، يوم كان يكتب بدر عموده الصحفي اليومي (كنت شيوعيا) ولقد وقعت رزم من هذه المقالات في يد الصحفي المعروف زيد الحلي، ليدرسها ويقف عندها مليا محللا وناقدا فوجد فيها ضعفا كتابيا وحديثا يشبه احاديث الاغتياب والنميمة، لا بل فيها طعن باخلاقيات رجال ونساء، لم يذكر الحلي اسماءهم بل اشار الى الحروف الاولى من تلك الاسماء، كان فيها لغط وشتائم وسباب، وطعن في الاعراض، لكن الاستاذ قاسم حمودي بخلقه العالي الرصين ما كان يسمح بنشر مثل هذه الانتهاكات، فكان يشطب ويشذب ويهذب، حتى يستوي المكتوب على سوقه يعجب الزراع والقراء، هذه المسودات ونشر مقتبسات منها اثارت اناسا كثرا فانهالت الرسائل الشاتمة على البريد الالكتروني للحلي، فنحن يبدو على الرغم من كل التجارب ليست لنا منطقة وسطى ومنزلة بين المنزلتين، فنحن نكره بقسوة ونحب بقسوة، ترى هل يتفق الحب ومفهوم القسوة؟ ربما لدينا فقط، فنحن اما ان نجعل الشخص ايقونة رمزا مقدسا او شيطانا رجيما، فالسياب انسان تعاورت عليه كل العذابات والانتكاسات والهزائم الحياتية، حتى حرمه ذاك الشاعر الذي كان يهوى حياة المنافي، من ان يكون شاعر الحزب الذي خاض تظاهرات عام 1948 ضمن صفوفه لقد عمل ذاك الشاعر على طرده وابعاده فغادر السياب العراق نحو ايران ومنها الى الكويت ليكتب قصيدة من اروع قصائده (غريب على الخليج) ولانه لم يستطع العيش في الغربة، فقد عاد الى العراق.
شاعر اعطاه الله توقد الحس ورهافته وحرمه من ذرة وسامة، فكان يغبط ديوانه الشعري ويتمنى لو يكون هو هو.
يا ليتني اصبحت ديواني - لأفر من صدر الى ثاني
قَدْ مُتَ من حسد اقول له - يا ليت من تهواك تهواني
والنسوة لا يقتربن الا من الوسيم وظل يعلن صداقات فاشلة وظلت تلك الشاعرة العراقية المغتربة في امريكا تكرر في احاديثها من انها كانت ترثي له اذ كان يحبها وهي لم تبادله اية بادرة حب، فما شأنها ببدر المفتقر الى المال والى ذرة وسامة يقبل بها؟ لقد كانت تفخر انها كانت معشوقة بدر.
اقرأ رسائله التي اعتنى بنشرها الناقد العراقي ماجد السامرائي، اقرأ رسائله الى الدكتور سهيل أدريس، وتحزبه له وتعصبه لمجلته، ترى رجلا بسيطا ان لم اقل ساذجا يدخل نفسه في امور ومعارك لا ناقة له فيها ولا جمل ولا ذرة مصلحة، يكتب الى سهيل أدريس في 30/كانون الثاني/ 1956:
اخي الكريم، لقد وسط عبد الوهاب البياتي من يعرض الصلح عليَ فأجبته ان هذا لن يكون اذا لم يعتذر من الدكتور سهيل أدريس ومجلة الاداب بالصورة التي يراها الدكتور سهيل مناسبة.
والذي اعتقده ان اعتذاره سيكون انتصارا لنا وللاداب وللحق. فأرجو ان تزودني برأيك في هذا الامرلاسير وفقا له..!!
اي صَغارٍ هذا، واي محو للشخصية، ثم ما شأنك انت وخلاف البياتي مع سهيل؟ والطامة الكبرى انه بانتظار ان يزوده أدريس برأيه في الصلح لأسير وفقا له؟ وما ارى ان سهيلا قد اجابه على رسالته الفقيرة تلك.
ثم يختلف مع سهيل أدريس صاحب مجلة (الآداب) ليعقد صداقة مع الشاعر اللبناني يوسف الخال الذي كان اصدر مجلة (شعر) بمؤازرة من ادونيس وانسي الحاج وفؤاد رفقة، ويكاتب توفيق الصايغ صاحب مجلة (حوار) ويظل متأرجحا في ولاءاته وصداقاته لابل يفرح أذ تمنع سورية دخول مجلة (الآداب) الى اراضيها يكتب الى يوسف الخال في 16/3/ 1962 والدكتور سهيل ادريس... اظن ان مجلته منعت من دخول سورية فهل يريد الاقتصاص من مجلة (شعر)؟ ليمنع دخولها الشام او مصر على الاقل، دعه... انه يفقد خيرة كتابه وشعرائه واحدا بعد واحد.
اقول: ما شأن بدر بمنع الاداب وما يفرحه في ذلك؟ ولماذا يصغر الانسان حتى يتحول الى قزم اخلاقيا وينسى الموهبة وينسى الامكانات التي حباه الله بها والتي يحسده الحاسدون عليها ويغبطه الغابطون.
لماذا يتحول المبدع من وزن بدر الى اليومي والمباشر واحاديث السوقة والمقهى؟
قلت مرة.. اذا اردت معرفة الحقائق الحياتية والغاطس منها فأقرأ رسائل الشخص المعني بها فهو يظهر على حقيقته عاريا من كل رتوش الحياة فهو اذ كتب رسائله ما كان في ظنه ان تنشر في زمان قادم انه يبوح باسراره وخوالجه لمن يكتب له قد يداري ويناور ويحترس في كتاباته التي يعدها للنشر لكنه في الرسائل يترك لسجيته ان تذهب الى موطن الاسرار التي اوقفها ابو نؤاس ان تذهب اليها والا كيف سمح غسان كنفاني في رسائله الى غادة السمان ان يتمنى لعق حذائها؟ ففي رسائله اليها كثير من المسكوت عنه والغاطس الذي يهشم شخصية غسان هذا الذي كنا نحترمه ونعده رمزا من رموز المقاومة الفلسطينية انا لا اريد للانسان ان يكون تمثالا بدون احساسات لكن لا اريد له ان يتصاغر ويضعف ويكون سخفا اريده ان يكون بمستوى ابداعه وكتاباته ولا اريد ان ينطبق عليه المثل الجاهلي: تسمع بالمعيدي خير من ان تراه! نريد ان يحترم انسانيته وكونه قيمة عليا وكبرى وان يتخلص من ضعفه الانساني ما امكنه الى ذلك سبيلا.
ولقد قرأت رأياً قريباً مما ذكرت، ويتناغم معه، بشأن انشغال هذا المبدع الكبير باليومي والعادي وصغائر الامور، واحاديث تقترب من نميمة العجائز الاميات وهن يقطعن اوقاتهن بالعابر والصغير وتافه الامور، هذا الرأي قرأته للفيلسوف العراقي والمفكر الذي تخطفه طائر الموت سراعاً من بيننا، قبل ان يقول الذي اراد ان يقوله، ترى هل استطاع احدنا قول الذي اراد ان يقول؟!! رأي الفيلسوف مدني صالح، قرأته في كتابه (هذا هو السياب): ((ويظل نسراً مهيض جناح تعاون على رضِّ جناحيه عدو وصديق وسمسار في حلكة منعطفات وتقلبات في الثقافة وفي الحياة وفي الادب، وما كان الامر ليكون غير الذي كان عليه بشأن السياب ذلك لان احوال وايام الشاعر لم تكن لتمده بما يحفظ الارضَ صلبةَ تحت قدميه... ولا عجب أن تخبط الشاعر إذ إهتزت تحت قدميه الارض رخوة هشةٍ فغاص واصابته من التوحل اهوال مذهلة لم يعد من شدة ذهولها قادراً إلا على الصراخ والاستصراخ وتبادل الشتائم مع الاخرين، والاتهامات بتوتر وبهيجان وبالمجان.. وتدهور السياب متدحرجاً من علياء تخوم الاداء الملحمي الذي أشرف على بداياته في (حفار القبور) وفي (الاسلحة والاطفال) وفي (المومس العمياء).. وغاص، غاص هذا الشاعر في ظلموت آبار تعاطي القيل والقال اليومي، ضمن حدود مألوف المناوشأت الجرائدية والمساجلات الكلامية والشعرية التي ينتاب بها الكتابُ المجلات فتنتابُ المجلات بها الناسَ، حتى صارت بينه وبين بدايات تخوم الاداء الملحمي آفاق شاسعةُ الامداء.. وانشغل عن قضية الموت الكبرى بقضايا اوجاعه الخاصة وبقضايا مِضارباتِ ثقافية ونشرية لم يعرف-على حقيقة الامر- منها المداخلَ ولا المخارجَ ولا تسلسل البدايات الى النهايات....)). ص58.



القيت محاضرة في ندوة اقامتها جريدة (الزمان) في مدينة هيت بالتعاون مع جمعية هيت للتراث والثقافة يوم الخميس 29/10/2009 ونشرت بالعدد الخاص الذي اصدرته (الزمان) احياءً لذكرى الفيلسوف مدني صالح يوم السبت 31/10/2009



#شكيب_كاظم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أيهما أصح علميا السامية أم العربية؟
- الدكتور جورج حبش في صفحات من مسيرته النضالية
- ثلاثية شيكاغو.. محمود سعيد يستعيد حنين العراق (2)
- ثلاثية شيكاغو: محمود سعيد يستعيد حنين العراق على ضفة الارض ا ...
- عناد غزوان 1936-2004الموسوعي الذي تخصص في نقد الشعر
- الأديبة الفرنسية فرانسواز ساغان تروي أطيب ذكرياتها
- رحلة إلى تونس الخضراء
- روايات الإجهاز على الباشا نوري السعيد... جثمان من أحرق عصر ي ...
- ثقافة نخبوية باهية..نجيب المانع يكتب في الموسيقى والأدب
- القرامطة والعدالة الاجتماعية ... مناقشة هادئة مع ياسر جاسم ق ...
- عزيز السيد جاسم؛ مفكر رفض التأطير ودعا لمواءمة بين الروح وال ...
- ه‍ل كان سقوط طائرة الرئيس العراقي الأسبق عبد السلام عارف سنة ...
- ملحمة قلقميش
- التاريخ يتماهى مع السرد.... (قسمت) رواية العصف الذي ضرب الكر ...
- هل تأثر المعتزلة بفلسفة اليونان؟ وهل قرأ الجاحظ (فن الشعر) ل ...
- فاضل العزاوي والبحث عن المنزلة النبوئية للشعر والشاعر
- الدكتور عبد الإله الصائغ في بحثه الشاهق -الزمن عند الشعراء ا ...
- ذكريات التلمذة على يدي الطاهر
- يا لخسارتنا الفادحة برحيل فوزي كريم
- مؤسف رحيل جاسم العايف بصمت قاس


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شكيب كاظم - مدني صالح الفيلسوف ناقداً.. الناقد فيلسوفاً