أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شكيب كاظم - فاضل العزاوي والبحث عن المنزلة النبوئية للشعر والشاعر















المزيد.....

فاضل العزاوي والبحث عن المنزلة النبوئية للشعر والشاعر


شكيب كاظم

الحوار المتمدن-العدد: 6253 - 2019 / 6 / 7 - 20:56
المحور: الادب والفن
    


لقد أعاد كتاب ( شعراء البيان الشعري) للشاعر والناقد والأستاذ الجامعي، الدكتور خالد علي مصطفى ( توفي٢٠١٩)، أعاد إلى ذاكرتي ( البيان الشعري) الذي نشرته مجلة ( الشعر ٦٩) بعددها الأول الذي صدر عن المؤسسة العامة للطباعة والنشر ببغداد سنة ١٩٦٩،الذي أثار صدوره ضجة واسعة في الأوساط الثقافية في العراق، يوم كانت الناس تقرأ، والبيان هذا وقع عليه أربعة من شعراء عقد الستين من القرن العشرين هم: خالد علي مصطفى، وسامي مهدي، وفاضل العزاوي، وفوزي كريم، والبيان الشعري هذا بتوجهاته وأسلوب كتابته، يعيد لذاكرة القراء الجادين (البيان السريالي)الذي أصدره أندريه بريتون ( ت.خريف ١٩٦٦) في باريس سنة ١٩٢٤، وفرنسة مولعة بإطلاق الصيحات والتشوفات الثقافية، فقد سبقتها الدادائية التي أطلقها ترستان تزارا.
ففي البيان الشعري هذا أنفاس من فاضل العزاوي،لا بل أنفاسه وتوجهاته في الكتابة والبحث عن المنزلة النبوئية للشعر والشاعر، ونزوعه نحو تغيير الحياة والعالم، ولان الشاعر يرنو إلى أن يصبح صوت كل الأجيال، ولان الشاعر مقاتل يحدق بعيني نسر إلى المستقبل الذي لا يراه الآخرون، ويكتب لهم من الجحيم حيث يخوض حرب الحرية حتى النهاية، فالبيان يعبر عن نقاء التوجهات الفكرية والحياتية، قبل أن تلوث السلطات القامعة، الحياة عامة في الوطن العربي، وتحول الفكر والمبدأ إلى جهاز بوليسي يئد كل التشوفات والتطلعات.
أزعم اني تابعت منجز الأديب العراقي المغترب في ألمانية، فاضل العزاوي منذ بداياته الأولى، لأني وجدت فيه شيئا مغايرا للادلجة والصوت الواحد القامع، وجدت في فاضل العزاوي تغريدا خارج السرب المؤدلج، وهروباً من القطيع الذي ينتظر التوجيه والأمر كي يكتب، كان باحثا عن الحرية، حرية الكتابة.وكيف يمكن لأديب أن يكتب، اذا كان هواء الوطن ملبدا بغيوم الإقصاء وأعاصير الخوف؟
وجدت في كتابه الأول الصادر سنة ١٩٦٩(مخلوقات فاضل العزاوي الجميلة) نصا مفتوحا يحاول أن يوجد شكله الخاص، وإنه مزج بين الرواية والقصة القصيرة والمقال، رواية خيال علمي.
إن بطل الرواية يحيل سكان مدينته إلى أنصاب جامدة، في الرواية هذي شيئ من الفانتازيا والغرائبية السحرية، قبل أن تسود على يد كتاب أميركة اللاتينية.
لقد توسل فاضل العزاوي بكل فنون الأدب كي يستطيع إطلاق سراح نصه الأدبي هذا ونشره.
حتى إذا نشر روايته القصيرة (القلعة الخامسة) والتي استطاع تهريبها إلى سورية، وتحديدا إلى القاص الكبير زكريا ثامر، فينشرها إتحاد الكتاب العرب بدمشق سنة ١٩٧٢، توثقت صلتي الثقافية والمعرفية به، وكتبت عنها حديثا نقديا.
تأتي المفارقة المؤسية المفجعة في هذه الرواية من حصول خطأ في اسم المعتقل بالقلعة الخامسة من سجن بغداد المركزي في باب المعظم، وهدم لاحقاً. ففي سجلات المعتقل هو ( محمود سعيد). لقد سقط اسمه(عزيز) ربما سهوا أو تسرعا، ودوّن اسم أبيه وجده فقط، فما أن يصيح عريف السجن مناديا باسمه:
–محمود سعيد.
حتى يجيب مرتبكا.
— إنه إسمي، اقصد إنه ليس إسمي.
ضحك مدير السجن وقال:
— ماذا تقول أيها الشاب؟ تعال إلى هنا
— إنه ليس إسمي، لقد حدث خطأ، إن إسمي هو (عزيز محمود سعيد).
قال المدير بعد أن سحب القائمة من يد العريف.
— لا يوجد سوى هذا الاسم ولا بد إنه اسمك، لا تؤاخذنا. إذا كان عندك أي اعتراض فتقدم به فيما بعد، اما الآن فعلينا التوقيع على مذكرة استلامكم.
ولنا أن نتصور المأساة الإنسانية التي سيعيشها هذا الإنسان، الذي بدأت حياته في المعتقل بهذا الخطأ الفادح؟ لذا كنا نطالع تهويمات وخلجات هذا الإنسان المهزوم نفسيا وروحيا.
— تساءلت مع نفسي: هل أنا مسؤول عن فساد العالم؟ إن الخطأ موجود منذ الأزل، ثمة خطأ أساسي في العالم لا أتحمل مسؤوليته (…) فلطالما فكرت في أن العالم قائم على خطأ خفي لا يمكن توضيحه أو تأكيده.
كانت هذه الأفكار السوداوية، نتاج مجتمع ضربته العسكرة والأحكام العرفية والمجالس العرفية، والمحكمة العسكرية العليا الخاصة وليس من أعضائها حقوقي قانوني بل عساكر، وما تسمى بمحاكم الثورة وأمن الدولة غير الخاضعة أحكامها للاستئناف والتمييز، فلا حرية لأعداء الشعب؟!
ويوم أصدر الشاعر والباحث سامي مهدي كتابه (الموجة الصاخبة.. شعر الستينات في العراق) الذي درس فيه جيل الستينات المشاكس الصاخب، الذي عانى الخيبات والنكوص والهزائم النفسية، وهو يرى ايلولة أحلامه إلى يباب، فضلا عن دراسته لما عرف بـ(جماعة كركوك) وفاضل العزاوي من مؤسسيها، الى جانب: سركون بولص، وأنور الغساني، وجليل القيسي، وزهدي الداودي، وصلاح فائق، ويوسف الحيدري، والاب يوسف سعيد، ومؤيد الراوي وغيرهم، فإن فاضلا العزاوي كتب مناقشا سامي مهدي كتابا سماه (الروح الحية. جيل الستينات في العراق) كما شارك في هذه النقاشات الثقافية، الشاعر والباحث العراقي المغترب في لندن فوزي كريم، وتناول جانبا منها في كتابه المهم (ثياب الإمبراطور… الشعر ومرايا الحداثة الخادعة).
ما زال فاضل العزاوي يواصل الكتابة، رائيا أن اللغات التي عرفها في سنوات الغربة الطويلة روافد تغتني بها لغته العربية، فكتب رواية (الأسلاف) فضلا عن رواية (آخر الملائكة) التي تتواشج مع سحرية ألف ليلة وليلة، والأساطير الدينية العربية والشرقية، فضلا عن ( الأوديسة) لهوميروس، وجحيم دانتي الليجيري، والشخصية المركزية فيها ( برهان عبدالله) الذي فيه شيئ من كاتبها فاضل العزاوي، لابل أشياء. وكتاب (الرائي في العتمة. هكذا تكلم عابر المتاهات عن زمانه) الذي نشرته دار الجمل في المانية، واحتوى على أكثر من ستين مقالة لم يشر العزاوي إلى مكان نشرها،ويبدو أنه نشرها على مدى سنوات طويلة،اذ فيها الكثير مما ذكره سابقا، شاء لها العزاوي أن لاتبقى ثاوية مهملة فأعاد نشرها،ولكي أكون شاهدا– هكذا يدوّن فاضل العزاوي– وضعت هذا الكتاب الذي أردته أن يكون دليلاً لي،وليس لأحد غيري، داخل المتاهة التي وجدت نفسي فيها فقطعتها حتى نهايتها المريرة.

حاشية
نص الحديث الذي قرأته في جلسة الاحتفاء بمنجز الشاعر والناثر المغترب فاضل العزاوي، التي أقامها بيت المدى للثقافة والفنون ضحى يوم الجمعة ١٣٢٠١٩وادارها الباحث رفعة عبد الرزاق محمد، وتحدث فيها تباعا: الدكتور مالك المطلبي، والناقد فاضل ثامر، وشكيب كاظم، والأستاذ صباح الكركوكي، والناقد ياسين النصير، والدكتور داود سلمان العنبكي



#شكيب_كاظم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدكتور عبد الإله الصائغ في بحثه الشاهق -الزمن عند الشعراء ا ...
- ذكريات التلمذة على يدي الطاهر
- يا لخسارتنا الفادحة برحيل فوزي كريم
- مؤسف رحيل جاسم العايف بصمت قاس
- حين تسفح أعوام العمر..غانم الدباغ في عمله الروائي الوحيد (ضج ...
- هل تأثر المعتزلة بفلسفة اليونان؟
- يوم كان العراق يتحضر ويتقدم الطبيبة العراقية سانحة أمين زكي ...
- طه حامد الشبيب في روايته الخامسة عشرة. العيش. (في اللااين) ا ...
- فوزي كريم يستقصي القصيدة المفكرة
- رشحه كوركيس عواد ولكن...
- مع مشاهير أدباء العالم في ذكرياتهم وحواراتهم
- هل أسهمت الرواية في انحسار القصة القصيرة؟
- رأي بشر بن المعتمر المعتزلي في أوقات الكتابة ومواتاتها
- من صور الماضي الجميل رصانة المترجم الفلسطيني عادل زعيتر ودقت ...
- ورحل علي الشوك الأرستقراطي اليساري في مغتربه اللندني.
- إضمامة من قصص حنون مجيد القصيرة جداً (بصيرة البلبل).. كتب في ...
- مهدي عيسى الصقر يستوحي اجواء الحروب المفترسة في (بيت على نهر ...
- يوسف عبد المسيح ثروة...المعلم الذي أثرى الحياة الثقافية في ا ...
- عبد الأمير الورد آخر الاخافش، شغف بالأخفش الأوسط وحقق كتاب ( ...
- القاصة العراقية ديزي الأمير. أغفلها النقد وجفتها الحياة.


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شكيب كاظم - فاضل العزاوي والبحث عن المنزلة النبوئية للشعر والشاعر