أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - منذر علي - تشريح للمشهد اليمني عشية سبتمبر / أيلول 2019















المزيد.....

تشريح للمشهد اليمني عشية سبتمبر / أيلول 2019


منذر علي

الحوار المتمدن-العدد: 6370 - 2019 / 10 / 5 - 00:37
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


اليوم آلاف الغربان والنسور تحوم في سماء اليمن وتنهش جثث الموتى في الجبال والوديان والصحاري ، وملايين الجوعى والمرضى والمعطوبين بالجهل والخرافة ، والمعوقين، جراء الحرب ، والعاطلين عن العمل والمُعطلين عن التفكير ، يسعون في الأرض دون عمل أو أمل ، وآخرون في الخارج يعانون من الحزن والانكسار والغربة ، وعاجزين عن تقديم يد العون لشعبهم وأهاليهم في الداخل، وهناك ،بالطبع ، من يفتقدون الإحساس ، و يميلون للتسلي بالمشاهد المأساوية في وطنهم ، كما أنًّ هناك من يفتقدون للإحساس والشرف والكرامة ، والروح الوطنية، و يتربحون من الموت في وطنهم . والأرض اليمنية غدتْ مُقسَّمة بين قوى الاحتلال السعودية والإماراتية، وبين قوى النفوذ الإيرانية والقطرية والتركية.
قادة الانقلاب الطائفي، المعروفين باسم أنصار الله ، صامدون في المخابئ و يتابعون شؤونهم التجارية والعقارية والمالية عن طريق وكلائهم ، باهتمام شديد ، والفقراء من أبناء شعبنا يترصدون ويتصدون لقوات وطائرات العدوان الخارجي ، ويواجهونها بشجاعة نادرة ، و يُكَبِّدُونَ العدوَّ خسائرَ فادِحة. وهؤلاء نرفع لهم القبعات احترامًا ، وآخرون يواجهون إخوانهم اليمنيين في تعز والضالع والبيضاء والصبيحة ؛ ويتقاتلون فيما بينهم ، وهؤلاء يستحقون الإدانة والاحتقار.

وقادة الشرعية ، وكذلك قادة المعارضة ، المعارضون للانقلابيين وللشرعية، يقيمون في الفنادق ، ينامون ويأكلون ويتكحلون ويوضبون حواجبهم، ويقلمون أظافرهم ويرطِّبُون شفاههم ويضاعفون ثرواتهم ويأملون بإطالة أمد الحرب المُربحة، وينتظرون توجيهات أسيادهم لهم.
وبمزيد من التفصيل الممل، يمكن القول:
إنَّ أنصار الله يرسخون سيطرتهم الداخلية، ويصدون الهجمات الخارجية، ويمدون سيطرتهم إلى داخل الأراضي السعودية.
أما الشرعيون فيتمزقون، وينحسر نفوذهم، وينكمش توسعهم في الداخل، و يتضاعف احتقارهم في الخارج ، ويعانون من الاكتئاب ، و لكن يتضخم حجم تواجدهم في الرياض وتتورد خدودهم وتنتفخ بطونهم .
الإصلاح ( الإخوان المسلمون) متقوقعون ومحاصرون في مأرب ، وتعز . ولذلك نرى المرتبكين منهم يمدون أيديهم بحذر وتردد نحو الحوثي، و نرى الانتهازيين يمدون أرجلهم بوجل صوب الإمارات ( لعلى وعسى !)، ونرى قيادتهم الوهابية والقبلية يوجهون مؤخراتهم ودعواتهم صوب السعودية ، ( ويطلبون منها الفرَج! )، ونرى المستنيرين الطيبين يشرأبون بأعناقهم نحو السماء، ويصوبون أعينهم نحو قطر وتركيا!
اليساريون والقوميون، يمكن تصنيفهم إلى ثلاثة أنواع: النوع الأول، و هم الصامدون في الداخل، أو في الخارج ، الذين يحسون بمعانات شعبهم ويعتزون بهويتهم الوطنية اليمنية ، ويكافحون بشرف، وفي ظروف بالغة القسوة ، وبكل الوسائل من أجل غدٍ مشرق للشعب اليمني العظيم. والنوع الثاني، هم المرتبكون والمتورطون، الذين يعيشون، بدرجة أساسية في الخارج، كالقاهرة وغيرها من المدن العربية والغربية، حيث يحصل بعضهم على بعض الفتات من هنا وهناك ، ويبحث بعضهم عن مزيد الفرص، و لكن أغلبهم يعانون من اليأس وينتظرون حسن الخاتمة. إما النوع الثالث، وهم الانتهازيون ، المتربحون الأشقياء، قليلي الحياء ، وهؤلاء لا شغل لهم سوى الدفاع عن تحالف العدوان على وطنهم، سواء العدوان الإيراني ، المموه ، أو القطري الممول ، أو السعودي والإماراتي المباشر ، الممول والمسلح ، و العمل على تحسين صورته ، وإظهاره بمظهر البريء ، و الحريص على الشعب اليمني، وعلى مصالح الأمة العربية!
الانتقاليون، وهم طرف آخر من المعارضة ، و لكنهم ينحصرون في الجنوب، و يزعمون التمثيل الكلي للمحافظات الجنوبية اليمنية، أو بحسب زعمهم الأخرق الممثلون الوحيدون "للجنوب العربي". و هؤلاء يهاجمون فساد الشرعية، ولديهم كامل الحق، ولكن يغيب عنهم كل الحق ، كما يرى بعض المراقبين السياسيين، حينما يسعون لتثبيت فسادهم المليح في بعض المحافظات الجنوبية من الوطن عوضًا عن فساد الشرعية القبيح؛ حيث يتصرفون بعنف وهمجية لا تقل عن همجية الحوثيين تجاه المواطنين اليمنيين من أبناء المحافظات الأخرى . ولذلك نرى الانتقاليين يسعون للهيمنة على عدن، ولكن ممارساتهم العمياء وأخطائهم القاتلة، تُواجه بالرفض الشعبي المتزايد ، الصامت والمعلن، ليس فقط من قبل سكان عدن وغيرهم، ولكن أيضًا من قبل بعض أعضاء المجلس الانتقالي الشجعان والعقلاء.
والانتقاليون إذْ يسعون بحماس ،منقطع النظير ، لتثبيت سيطرتهم في أبين ، فأنهم يواجهون صعوبات بالغة . كما أنَّ أملهم في السيطرة على شبوة وحضرموت والمهرة لم يتقلص فحسب ، ولكنه ذهب مع الريح . ولذلك يرى البعض أنَّ الانتقالي أصبح كالشرعية، ثروات قياداته تتراكم ، و وجودهم في الإمارات يتكوم و بطونهم تتورم .

وقبل أن نختتم هذا التشريح المحزن للمشهد السياسي والعسكري والإنساني، الذي يلف الوطن اليمني بعد قرابة ستين عامًا على الثورة اليمنية، دعونا نعود معاً إلى الحوثيين ( أنصار الله)، الذين نمقت همجيتهم ونزعاتهم الطائفية البشعة ، لكي نرصد بعض الأحداث الهامة ، ونطرح بعض التساؤلات المشروعة.
في الأشهر الماضية قصف الحوثيون الأراضي السعودية بالطائرات المُسيرة والصواريخ الباليستية المُتطورة، وتصاعد القصف وبلغ ذروته بقصف مصافي أرامكو في 14 سبتمبر 2019، و ترتب عليه خسائر هائلة للسعودية ، وتوترًا إقليميًا كبيرًا ، وزيادة في أسعار النفط ، و دويًا دوليًا واسعًا . وبعد حوالي أسبوعين ، أي يوم الأحد ، الموافق 29 سبتمبر 2019 ، أعلن الحوثيون عن تطويقهم لثلاثة ألوية سعودية في المناطق الجنوبية للسعودية ، و في داخل نجران ذاتها ، و تم الفتك بجزءٍ كبيرِ منها ، وأسر الآلاف من الجنود والضباط المُنتمين لها، واغتنام عتادهم العسكري. وهو ما جعل الجيش السعودي يتعثر في الحدود الجنوبية ، ويدفع حكومة المهلكة السعودية إلى إصدار أشارات مرتبكة حول الوضع العسكري والسياسي. الأمر الذي من شأنه أنْ يقود، بسبب الضعف السعودي، والضغط الأمريكي والأوربي الوازن، إلى نوع من النتائج السياسية ، التي يمكن أن تكون من بينها اتفاقًا سياسيًا وعسكريًا بين السعوديين و الحوثيين يفضي في محصلته الأخيرة إلى وقف متبادل لإطلاق النار.
فهل سيمهد وقف الحرب بين السعوديين والحوثيين إلى وقف شامل للحرب في اليمن، أم أنَّ وقف إطلاق النار سينحصر فقط في المناطق الجنوبية للسعودية ؟ وهل توقف الحرب الخارجية بشكل جزئي أو كلي، سيدفع إلى تصالح يمني شامل ووقف الحرب الدائرة منذ قرابة خمس سنوات وخروج القوات الأجنبية من اليمن وإعادة البناء، أم سيدفع إلى مزيد من الصراع الداخلي واندفاع قوات أنصار الله صوب المناطق الجنوبية والشرقية من اليمن ، الواقعة فعليًا تحت سيطرة السعودية والإمارات، وشكليًا تحت سيطرة أدواتهم المحلية؟

واضح أنَّ الحوثيين ، مقارنة بالشرعية ، أصبحوا من الناحية العسكرية والشعبية في موقع أقوى من أي وقتٍ مضى ، وهذا ما كنا نتوقعه منذ بداية الحرب ، بسبب طبيعة تكوين الحوثيين العقائدي وتأهيلهم العسكري ونوع القوى الخارجية المتماسكة، المساندة لهم ، وكذا بسبب تركيبة المعارضة الشوهاء و الشرعية المتنافرة والقوى الخارجية المهلهلة الداعمة لها.
والسؤال المشروع ، الذي ينبغي طرحه في هذا السياق ، هو هل سيكون في مقدور السعوديين والإماراتيين وأدواتهم الدفاع عن ما تحت أيديهم وصد القوات المتنامية للحوثيين الزاحفة نحوهم ؟
و إذا فشلت السعودية والإمارات ، مع أدواتها الشرعية والانتقالية، وهو المُرجح في الوقت الحاضر ، كيف سيكون وضع اليمن ؟ وهل سيسمح السعوديون والإماراتيون لعملائهم ، أمثال عبد المجيد الزنداني وعبد الله صعتر وعبد الوهاب الديلمي ، و هاني بن بريك وغيرهم من أتباعهم المخلصين باللجوء إلى السعودية والإمارات والاستمتاع بالسلام و العيش الرغيد في دبي والرياض وجده أم سيركلونهم بعنف ، كما عمل الأسياد مع عملائهم عبر التاريخ.؟
لقد أسفرت الأحداث في العقد الأخير عن مقتل عشرات الآلاف ، وموت مئات الآلاف ( الموت غير المرصود وأحياناً غير المرئي، جراء الجوع والمرض )، وتمزيق الوطن ، وتراكم ثروات البرجوازية الطفيلية المستفيدة من اقتصاد الحرب، والمتربحة من قوى العدوان على وطننا العظيم. وبالتالي فأنَّ تشريحي للمشهد القائم لم تكن غايته الانحدار إلى هاوية اليأس، و لكن الارتفاع إلى مشارف الأمل ، وحث الشرفاء على التأمل ، و البحث عن مخرج سياسي عقلاني من دائرة العبثية والموت ، وتعزيز التضامن الوطني تجاه الخطر المحدق بوطننا ، و ابتكار وسائل جديدة للنضال ، تفضي في محصلتها إلى تحرير الوطن من كل أشكال القبح ، وبناء دعائم العدل والحرية والتقدم.



#منذر_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأملات في المشهد اليمني (3/3)
- تأملات في المشهد اليمني (3/2)
- تأملات في المشهد اليمني (3/1)
- تأملات في الثورات والمصائر (10) الحلقة الأخيرة
- تأملات في الثورات والمصائر (9)
- تأملات في الثورات والمصائر (8)
- تأملات في الثورات والمصائر (7)
- تأملات في الثورات والمصائر (6)
- تأملات في الثورات والمصائر (5)
- تأملات في الثورات والمصائر 4
- تأملات في الثورات والمصائر (3)
- تأملات في الثورات والمصائر (2)
- تأملات في الثورات والمصائر (1)
- خطأ الرئيس اليمني وخطيئة المثقفين!
- هل التسوية بين القوى المتحاربة في اليمن ممكنة ؟
- اليمن ضحية الولاية الكهنوتية والنزعات الجهوية والأطماع الرجع ...
- العرب بين الغزو الامبريالي والجنون الديني (3)
- العرب بين الغزو الامبريالي والجنون الديني [2]
- العرب بين الغزو الامبريالي والجنون الديني (1)
- اللعبة الكبرى في سوريا !


المزيد.....




- هارفارد تنضم للجامعات الأميركية وطلابها ينصبون مخيما احتجاجي ...
- خليل الحية: بحر غزة وبرها فلسطيني خالص ونتنياهو سيلاقي في رف ...
- خبراء: سوريا قد تصبح ساحة مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران
- الحرب في قطاع غزة عبأت الجهاديين في الغرب
- قصة انكسار -مخلب النسر- الأمريكي في إيران!
- بلينكن يخوض سباق حواجز في الصين
- خبيرة تغذية تحدد الطعام المثالي لإنقاص الوزن
- أكثر هروب منحوس على الإطلاق.. مفاجأة بانتظار سجناء فروا عبر ...
- وسائل إعلام: تركيا ستستخدم الذكاء الاصطناعي في مكافحة التجسس ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في غزة (فيديو)


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - منذر علي - تشريح للمشهد اليمني عشية سبتمبر / أيلول 2019