أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - منذر علي - تأملات في المشهد اليمني (3/2)














المزيد.....

تأملات في المشهد اليمني (3/2)


منذر علي

الحوار المتمدن-العدد: 6312 - 2019 / 8 / 6 - 00:29
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


تناولنا في الحلقة الأولى اثر الفقر، بشقيه الاقتصادي والمعرفي، على الأوضاع اليمن ، ومكانة اليمن في محيطٍ غني ،طامع وذات نزعة توسعية . كما تناولنا الموقع الاستراتيجي الهام وانعكاساته السلبية على اليمن في ظل فساد وتخلف النخب السياسية المهيمنة.

وفي هذه الحلقة سنتناول التنوع والمشترك الوطنيين، حيث أنَّ التنوع ، بمعناه الايجابي، تورَّمَ ، بشكل مرضي ، وتحول إلى تناقض مدمر ، فيما المشترك، بمعناه الايجابي ، ضمر ، وتناقص بشكل مُقلق ، وأسفر هذا الخلل السياسي ، Political imbalance، عن تصور فيدرالي مختلق ، لم يعمق الحالة القائمة غير السوية ، فحسب ، ولكنه سرعان ما تحول إلى تفتيتٍ للوطن وتناقضٍ بغيض بين مكوناته المختلفة.

تري أين التنوع ، وكيف يتجلى ، وما المصير الذي آل إليه المشترك الوطني ؟

لا غرو أنَّ اليمنَ بلدٌ متنوع، diverse، من الناحية الجغرافية. إذْ نجد أنَّ التركيبة الجيولوجية له، تحتوي على جبال شاهقة وسهول ممتدة، وسواحل طويلة ، ينتج عنها اختلافات جليِّة في البيئات المناخية وطبيعة الإنتاج الزراعي ، و مكامن الثروات الطبيعية ، و مجمل الأنشطة الاقتصادية ، و لكن، و مع كل هذا التنوع ، فأنَّ اليمن في مجمله يشكل كتلة جغرافية واقتصادية طبيعية مشتركة ومتداخلة.

واليمن متنوع من الناحية الاجتماعية ، ليس فقط ، بسبب التناثر السكاني، والعزلة النسبية بين المناطق المختلفة ، والتركيبة القبلية المتباينة ، ولكن أيضاً بسبب تنوع "نحلة الناس من المعاش"، على حد تعبير ابن خلدون، التي الطرق التي تكونت في ظروف تاريخية طويلة، جراء التنوع في النشاط الاقتصادي والاجتماعي والغزو الخارجي ، والتقسيم الاستعماري، والعزلة بين المناطق اليمنية.

في اليمن ثمة جماعات متنوعة، منها من يغلب على نشاطها العمل في الزراعة وأخرى في التجارة ، وثالثة في العسكرة، Militarization ، ورابعة في القطاعات الخدمية، Service sectors ، بمختلف أنواعها ، وخامسة في الهجرة، سواءً الداخلية أو الخارجية ، وإن بنسب متفاوتة من منطقة إلى أخرى. فعلى صعيد الهجرة الداخلية نجد، مثلاً ، إنَّ المهاجرين من منطقة الوسط الجغرافي موجودون ، بشكل واسع، في أغلب الحواضر اليمنية ، بينما نجد أنَّ المهاجرين من الهضبة الشمالية إلى الحواضر اليمنية، أو من الجنوب، موجودون بشكل أقل وفي مناطق محدودة. وهناك مناطق يمنية تكثر منها الهجرة وأخرى تقل منها الهجرة ، كما سبق أن أشرتُ، بما يترتب على ذلك من آثار على حياة الناس وأنماط تفكيرهم.

ومن جانب آخر ، تتم الهجرة الخارجية لليمنيين إلى بيئات مختلفة ، وغالباً متخلفة. و فيما ينتج عن الانعزال و التنوع في الداخل، تنوعاً في التجربة الحياتية و الرؤى السياسية والفكرية ، يترتب على الهجرة الخارجية ، إنَّ العائدين إلى اليمن من المهجر ، وخاصة الخليجي ، ينقلون إلى بيئاتهم الأصلية الكثير من القيم المتخلفة والقليل من القيم المتقدمة. ويمكن الإشارة ، بشكل عابر ، أنَّ أغلب الذين عادوا من إيران أحيوا الميول الطائفية ، التي سقطت مع ثورتي سبتمبر وأكتوبر ، و بعض الذين رجعوا من الإمارات تحمسوا للفدرالية ، وكثير من الذين عادوا أو أرجعوا من السعودية كانوا مشبعين بالتوجهات السلفية الوهابية.

وللهجرة بهذا المعنى تأثير عميق على البنية السياسية و الاجتماعية والثقافية لليمن. فليس غريباً أنَّ مجموعات كبيرة من سكان المناطق الوسطى ، سواء كانوا إسلاميين أو يساريين ينزعون بقوة للتمسك بالمشترك الوطني اليمني ، بينما تميل بعض الجماعات في المناطق الشمالية والجنوبية إلى التفرد الطائفي والتوجه الانفصالي.

وعلى صعيد تأثير الهجرة الخارجية على البنية الاجتماعية والسياسية، بشكل عام ، يكفي ،مثلًا ، أنْ نذكر في هذا الصدد ، أنَّ المهاجرين من المغرب العربي إلى أوربا الغربية ، وبشكل خاص إلى فرنسا، ينقلون إلى بلدانهم في كثير من الأحيان ، بجانب الفوائد الاقتصادية العديدة ، أنماطًا جديدة من الأفكار، كالديمقراطية والحرية والتسامح وغيرها من قيم الحداثة ، فضلاً عن أشكال مختلفة من أنماط العيش وطرق الإنتاج ، بينما المهاجرون من اليمن إلى الخليج العربي، وبشكل خاص إلى السعودية ، بما في ذلك زوار إيران ، لاعتبارات سياحية ودينية وسياسية ، يقومون في بعض الأحيان بعملية تدوير التخلف والتطرف ، Recycling of backwardness and extremism . إذْ إنهم ، إذا لم يُطردوا طبعًا ، ينقلون إلى وطنهم ، عند العودة ، بجانب الفوائد الاقتصادية المحدودة ، أفكاراً تقليدية متخلفة ، كالحث على طاعة ولي الأمر ، والنزوع الطائفي ، والتحقير للمرأة ، ومنع اختلاطها بالرجل ، واعتبار الحرية والديمقراطية ضلالة ، يستوجب محاربتهما ، فضلاً عن أنماط متخلفة من طرق العيش، لا ينتج عنها ، في الغالب، سوى الأمراض، كالبدانة و السكري وانسداد شرايين القلب ، وتلبد المعدة ، فضلًا عن تبلد العقل، وأتساع رقعة البلادة والجهل ، فيتضاعف التخلف في بلادنا ، ويفرز نتائج مدمرة على المشترك الوطني اليمني ، كالصراع ، مثلًا ، بين الوهابية والزيدية ، وبين التوجهات الإسلامية المعتدلة ، وغيرها من الاتجاهات المتطرفة، فضلًا عن النزعات السياسية ، الجهوية والطائفية والقبلية ، التي تقوض الولاء الوطني المشترك ، وتحث على الولاء، بشكل مبشر وغير مباشر ، للخارج تحت ذرائع مختلفة، على الرغم من التبجح و الصراخ الممجوج عن الوطنية و الوطن!
للحديث بقية.....



#منذر_علي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأملات في المشهد اليمني (3/1)
- تأملات في الثورات والمصائر (10) الحلقة الأخيرة
- تأملات في الثورات والمصائر (9)
- تأملات في الثورات والمصائر (8)
- تأملات في الثورات والمصائر (7)
- تأملات في الثورات والمصائر (6)
- تأملات في الثورات والمصائر (5)
- تأملات في الثورات والمصائر 4
- تأملات في الثورات والمصائر (3)
- تأملات في الثورات والمصائر (2)
- تأملات في الثورات والمصائر (1)
- خطأ الرئيس اليمني وخطيئة المثقفين!
- هل التسوية بين القوى المتحاربة في اليمن ممكنة ؟
- اليمن ضحية الولاية الكهنوتية والنزعات الجهوية والأطماع الرجع ...
- العرب بين الغزو الامبريالي والجنون الديني (3)
- العرب بين الغزو الامبريالي والجنون الديني [2]
- العرب بين الغزو الامبريالي والجنون الديني (1)
- اللعبة الكبرى في سوريا !
- ما بعد العدوان الغاشم على سوريا!
- العالم العربي قُبَيْلَ العدوان المرتقب !


المزيد.....




- شاهد لحظة إضرام رجل النار داخل مقصورة مترو أنفاق مزدحمة بالر ...
- مقتل سيدة وإصابة 11 في قصف اسرائيلي على جنوب لبنان
- مشاهير العالم يحضرون زفاف جيف بيزوس ولورين سانشيز في البندقي ...
- تقرير أمني.. عمليات القرصنة السيبرانية الإيرانية بقيت محدودة ...
- بوندستاغ يقر تعليق لم شمل أسر الحاصلين على -الحماية الثانوية ...
- القضاء الإسرائيلي يرفض طلب نتنياهو إرجاء محاكمته بتهم فساد
- هل خدع الذكاء الاصطناعي الإعلام بفيديو سجن إيفين؟
- محكمة إسرائيلية ترفض طلب نتانياهو تأجيل محاكمته في قضايا فسا ...
- قمة الاتحاد الأوروبي: نواصل الضغط على روسيا بفرض عقوبات جديد ...
- حريق متعمد في مترو سول.. والسلطات الكورية توجه 160 تهمة لسبع ...


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - منذر علي - تأملات في المشهد اليمني (3/2)