أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياحة والرحلات - طارق حربي - حديقة بوذا (Xieng Khuan) أو المدينة الروحية في لاوس.















المزيد.....

حديقة بوذا (Xieng Khuan) أو المدينة الروحية في لاوس.


طارق حربي

الحوار المتمدن-العدد: 6334 - 2019 / 8 / 28 - 14:32
المحور: السياحة والرحلات
    


كتاب الأسفار الآسيوية
Asia Travel Book
طارق حربي
لاوس تايلند كمبوديا فيتنام ميانمار.
2- لاوس LAO
حديقة بوذا (Xieng Khuan) أو المدينة الروحية.

أخبرتُ صديقي في صباح اليوم الثالث بخبر الحديقة البوذية الواقعة في الجنوب الشرقي من العاصمة اللاوية فيينيتان، وتبعد حوالي 25 كيلومتراً عنها، وعن مرج من مروج نهر ميكونغ العظيم، وهل يرغب أن يرافقني لزيارتهما أم لا؟، أجَّلنا زيارة المرج والنهر واتفقنا على زيارة الحديقة، وانطلقنا إليها في الساعة التاسعة والنصف صباحاً.

الحديقة التمثالية التي شُيّدَتْ في سبعينيّات القرن الماضي، أراد من ورائها الراهب الذي صممها، تذكير البشر بأهمية الدين في الحياة! نفس نسق تفكير مصمم المعبد الأبيض المار ذكره في شيانغ راي بتايلند، فالشعبان اللاوي والتايلندي متدينان، لكن غلب تدين الثاني على الأول!

والحديقة البوذية صممها الراهب المتصوف ذو الرؤية الدينية والفنية (لوانج بو) في سنة 1958، واستطاع أن يمزج فيها بين الديانتين الهندوسية والبوذية، وكان بو تتلمذ على يد راهب هندوسي مقيم في فيتنام، وبعد ثلاث سنوات من ثورة 1975 الشيوعية في لاوس، هرب إلى تايلند عبر نهر ميكونغ، وشَيّدَ هناك حديقة مشابهة للحديقة الروحية تدعى (Sala Keokau)، وتقع في الجهة الثانية من النهر في مدينة (Nong Khai)، عَبَرَ النهرَ بتديُّنِهِ وشيّدَ حديقة روحية جديدة يحاكي بها من بعيد حديقته الأولى، شأن الإنسان دائماً وهو يرى إلى نفسه ليس أكثر من حبة رمل مسحوقة في الكون اللامتناهي، فلا يسعى إلّا إلى تأكيد ديانته وهويته في مواجهة سر الحياة الغامض وما وراء الكون والموت!

200 نصباً وتمثالاً هندوسياً وبوذياً قريبة جداً من بعضها البعض لا تفصل بينها سوى ممرات ضيقة، تمثل الآلهة والبشر والحيوانات والشياطين، بينها تماثيل عديدة لبوذا ولعدد من الآلهة الهندوسية مثل شيفا وفيشنو وأرجونا، ويتوسط الحديقة التي تبدو منزلية أكثر منها حديقة عامة، أو روحية بمعناها الطبيعي وفضائها الواسع، تمثال لبوذا بطول 40 متراً مسترخياً شاغلاً الجزء الأيسر منها، كأنه الراعي الأول للحياة بكل تمثلاتها وآلامها وأقدارها، ولم تنفع القطع القماشية صفراء اللون الموضوعة على تماثيل صغيرة لبوذا، لغرض إعطائها لوناً جاذباً للنظر، كافية لطرد اللون الكالح للتماثيل الخرسانية، من اخفاء ما أبلته يد الزمن فيها وفي خيال صانعها!

أنت الشاكُّ على طريقة المعري مخضع كل شيء في الوجود إلى العقل والنقد والتحليل، لا شك تجد متعة في مشاهدة ماضي الإنسان قبل تطور الفلسفة والعلوم، والدين متجسداً والخرافة شاخصة بقوة في هياكل وأصنام فريدة، وتقرأ وأنت تمشي في الممرات الملتوية، ما للتدين من بالغ التأثير في حياة الناس، ابتداءً من تماثيل بوذا الصغيرة إلى الكبيرة، في رحلة دينية وسيرة لحياته وتحولاته الروحية.

ثمة في مقدمة الحديقة مقاهي ومتاجر بيع التحف ومصطبات استراحة للسيّاح، على مبعدة عشرة أمتار منها نصب ليقطينة عملاقة أوراقها متفرعة في سماء غائمة، حيث يبلغ ارتفاعها مع اليقطينة نحو 10 أمتار، وتمثل ثلاثة طوابق هي الجحيم والأرض والسماء، واطّلعتُ على العديد من المصادر في لغات مختلفة، اشارت كلها إلى أن التماثيل الموجودة في الطوابق الثلاثة، القيتْ كيفما اتفق من قبل عمّال غير مهرة!

ويمكن للزوار الدخول من الطابق السفلي، أقصد من فم شيطان الذي يسع دخول سائحين اثنين وكان يصرخ حتى بانت نواجذه!، ويؤدي عمقه المظلم إلى ممر دائري فالسلالم المشيدة من الإسمنت، جلستُ في فم الشيطان صارخاً مثله والتقط لي الصديق صورة ملونة!

إن الاطلالة من فوق اليقطينة تجعل كل التماثيل تحت مستوى النظر، بما فيها تمثال بوذا الضخم إلى اليسار، ومن فوق اليقطينة أمسكتُ بيديّ سائحتين صينيتين مرعوبتين خوفاً عَليهُنَّ من انحدار سطح اليقطينة الشديد، وكان خطيراً فعلاً ولا أعلم لماذا تُركَ دون مُحَجَّرٍ يدعم السيّاح في سقوطهم من علٍ أو تدحرجهم؟، ولن أتحدث عن ضيق السلالم الحجرية وخطورة ارتطام رؤوس السيّاح بسقفها فذلك مخزٍ، لكن من فوق اليقطينة وتخفيفاً لصدمة السائحتين وكذلك من اجل التقاط صورة للذكرى، رفعتُ يديهما البَضّتَينِ إلى فوق، كما لو كنت حكماً لمصارعة السومو اليابانية والنتيجة هي التعادل!، وما زلتُ أحتفظ بصورة لذلك الحدث التقطها الصديق من تحت اليقطينة قبل تسلقها لنصبح أربعة ونلتقط المزيد من الصور!، وكانت السيدة الكبرى وهي في منتصف الأربعينيات خائفة أكثر من اللزوم، قائلة لزميلتها بلغة محذرة (خطر خطر!) بالصينية ولي بالإنكليزية، ورحتُ أردد معها (خطر خطر!) باللغة الصينية!

في الحديقة التي بانت من فوق اليقطينة صغيرة، وحدودها مساحة محمية من الشمس لتناول الطعام، ومطاعم مطلة على نهر ميكونغ وفي الضفة الثانية تقع تايلند، تماثيل بحجوم وأطوال مختلفة وكل تمثال له قصة ووظيفة دينية، بين ضاحك متأمل في الحياة والدين وهازىء من الأقدار ومتهيىء لقتال بسيف طويل، وأربعة رؤوس ملتصقة فوقها تاج يتألف من ثلاث طبقات من رؤوس حيوانات وبشر، وتخرج من الرؤوس الأربعة سواعد ممدودة وأيدي مبسوطة ترفعها مساند عن عشب الحديقة، إله بعشرة أيدي يمتطي أسداً بجانبه حارس أقل ارتفاعاً من الأسد، وبجانبه إله يمتطي أسداً آخر يدوس على عدو ما، فيل بثلاثة رؤوس ينتصب عليه إله بكامل أبهته له أربعة أيدي، إثنتان منهما تحملان شمعداناً وصولجاناً، وفيل أكبر منه أقرب ما يكون هندياً منه إلى لاوي، شامخاً هادئاً لا يأبه بنباح الكلاب المحيطة به، وفي الركن الأيمن من الحديقة يجلس بوذا جلسته الشهيرة، باسطاً يده اليسرى في حضنه رافعاً باليمنى مسبحة، وفي طرف الحديقة تمثال لشرير بقرنين وأنف كبير يخرج من فمه مخلوق ما اقل شراً، كما لو كان يَلدُ تمثالاً آخر له ملامح السلام والبراءة، وجلس أمامه بوذي يتعبد آلهةً بأيدٍ كثيرةٍ حملتْ سيوفاً وفؤوساً، هيئة أحدهم أقرب ما تكون إلى هيئة الإله الجرماني تور حامل المطرقة، الذي ازدادت شعبيته خلال عصر الفايكنغ وأخذ الناس يرتدون شعار مطرقته!

لا يعتبر اللاويون، مع تلك الأبهة وتسجيلها حديقة روحية ووجهة سياحيّة، حديقة بوذا معبداً وأسمه في التايلندية واللاوية وات (WAT)، على الرغم من أن الكثير من اللاويين يعبدون بعض التماثيل، ولاسيما تمثال بوذا العملاق المستلقي على الجهة اليمنى ويده تحت رأسه!



#طارق_حربي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شلال خون كورن (Khun Korn Waterfall)
- متحف بان دام (Baan Dam) أو البيت الأسود.
- المعبد الأبيض في تايلند
- كتاب الأسفار الآسيوية .. شيانغ راي في تايلند
- بار في السعدون
- نرجيلة
- الطريق إلى الناصرية 4
- الطريق إلى الناصرية 3
- شارع النهر
- الطريق إلى الناصرية 2
- انهيار التعليم في العراق
- حي الأرامل
- بيان حول الاعتداء السافر ضد المتظاهرين في مدينة الناصرية.
- عقيل حبش .. بطل من الناصرية
- موعد في غوا (رحلة إلى العراق والهند) الفصل الأول : الناصرية ...
- موعد في غوا (رحلة إلى العراق والهند) الفصل الأول : الناصرية
- في الليل تسطع نجمتها!
- كم هو حزين هذا الصباح؟!
- مثل ام ولد غركان .. بالناصرية؟!
- يكون غدا أثرا


المزيد.....




- لماذا تهدد الضربة الإسرائيلية داخل إيران بدفع الشرق الأوسط إ ...
- تحديث مباشر.. إسرائيل تنفذ ضربة ضد إيران
- السعودية.. مدير الهيئة السابق في مكة يذكّر بحديث -لا يصح مرف ...
- توقيت الضربة الإسرائيلية ضد إيران بعد ساعات على تصريحات وزير ...
- بلدات شمال شرق نيجيريا تشكل وحدات حماية من الأهالي ضد العصاب ...
- أنباء عن -هجوم إسرائيلي محدود- على أهداف في العمق الإيراني و ...
- قنوات تلفزيونية تتحدث عن طبيعة دور الولايات المتحدة بالهجوم ...
- مقطع فيديو يوثق حال القاعدة الجوية والمنشأة النووية في أصفها ...
- الدفاع الروسية: تدمير 3 صواريخ ATACMS وعدد من القذائف والمسي ...
- ممثل البيت الأبيض يناقش مع شميغال ضرورة الإصلاحات في أوكراني ...


المزيد.....

- قلعة الكهف / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياحة والرحلات - طارق حربي - حديقة بوذا (Xieng Khuan) أو المدينة الروحية في لاوس.