أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - أسماء غريب - (10) رحلةُ السّلامِ الرّوحيّ من الفَحْمِ إلى الألماس: أسماء غريب : حوار أجراه من ستوكهولم الأديب والتشكيلي صبري يوسف














المزيد.....

(10) رحلةُ السّلامِ الرّوحيّ من الفَحْمِ إلى الألماس: أسماء غريب : حوار أجراه من ستوكهولم الأديب والتشكيلي صبري يوسف


أسماء غريب

الحوار المتمدن-العدد: 6326 - 2019 / 8 / 20 - 11:11
المحور: مقابلات و حوارات
    


هل فهمَ رجالُ الدِّين جوهر ما جاء في الأديان، أم كل واحد منهم يفسِّره كما يفهمه، وبالتَّالي جاء فهمه قاصراً وولّد خلافات في الدِّين الواحد عبر المذاهب والطَّوائف، وخلافات مع الأديان الأخرى؟!
*
رجال الدّين الأحقّاء قليلون جدّاً على هذا الكوكب الجميل، ومَنْ فَهِمَ منهُم جوهرَ الأديان نادرون أيضاً، ومن هؤلاء تحضُرُ أمامي صورةُ كارول فويتيلا وصاحبِه في النّور والبهاء جوزيف راتسينغر، فيبتسمُ قلبي وتدمعُ عيني وأنا أتذكّر قصيدة (فتيان) الَّتي يقول فيها صديقي كارول:
((مِنَ الحُبّ فجأةً يتبرعمُون
وحينما يبلغُون سِنَّ الرُّشْد
فجأة أيضاً
يخرجُون للتَّجوُّل وسط الحشود الكبيرة
بقلوب أسيرة كالعصافير
ووجوهٍ شاحبةٍ وسط شمس الأصيل
وفي قلوبهم تنبض الإنسانيّة بأسرها
أعرفُ هذا
وهُم يَداً بيدٍ يجلسون بصمتٍ
عند حافة النّهر
هناكَ حيث جذع شجرة، وأرضٌ تحت ضوء القمر
كأنّهُمَا مثلّث يحترقُ في الهمس غير المكتمل.
لمْ يرتفع بعدُ الضّباب
وقلوب الفتيان في الأعالي مازالتْ فوق النّهر
وأنا أتساءل:
هل سيبقون هكذا أبداً
متى سينهضون ويمضون راحلين؟
وفي المقابل هناك كأس من نور يتدفّقُ بين الأعشاب
وبين كلّ نبتة ينْكشفُ عُمقٌ مجهول.
ذاك الّذي سيبدأ في دواخلكم
هل ستعرفون كيف تحمونه منَ الضّياع
وهل ستهتدون إلى التّمييز بين الخير والشّرّ؟))
ما أجمله من مقام، هذا الّذي يتحدّثُ عنه كارول وهو في كهف فتوّة الرّوح وصباها، ويُحَدّد بداية الطّريق نحو المحبّة والنّور. وإنّي لأراهُ في هذا يتوافقُ مع صديقه جوزيف الّذي يقول إنّه لا بدّ للحقيقة من هذه المحبّة لتتحقّق سعادةُ الإنسان وحرّيتُه. والمحبّة الّتي يتحدّثان عنها معاً هي للإنسان حيثما وُجِد، لا فرق فيها بين مُسلم ومسيحي أو بين يهودي وصابئيّ، أو بين أبيض وأسود، الكلّ معني بالأمر هنا، وهي القضيّة الَّتي نادراً ما نجدُ رجال الدّين يتحدّثون عنها، وكثير منهم يفصلون بين النّاس وفقاً لمعتقداتهم وانتماءاتهم الفكريّة والجغرافيّة، لا أحد يفكّر في الإنسان وماهيّته الحقّة، وهذا يحدثُ لأنّ العالم اليوم وأكثر ممّا مضى أصبحَ مليئاً بالمتديّنين الزّائفين، وإنّي لأتساءل كيف يحدث هذا والأرض تضجُّ بأماكن العبادة وبالنّاس المصلّين والعابدين؟ بل كيف أنّ الحبَّ لمْ يفِضْ بعدُ نورُه على الأرض وأينما وجّهتَ نظركَ تجِدُ المساجدَ والكنائسَ والمعابد؟ وكيف لمْ يصِلِ النّاسُ إلى الطّمأنينة والسّلام وأينما ولّيتَ وجهكَ تسمعُ المواعظَ والخُطبَ الدّينيّة؟ إذا فتحتَ المذياع تجدُ رَجُلَ الدّين يعظُ، وإذا فتحتَ التّلفزيون تطالعك ألفُ قناة وقناة مخصّصة للدّعاة ورجال الوعظ ونسائِه، وإذا ركبتَ سيّارة الأجرة أو صعدتَ الحافلةَ تسمعُ الأناشيد والتَّراتيل والآيات المُجَوَّدة؟ لكن لماذا لمْ يؤمنِ العالمُ بَعْدُ على الرّغم من كلّ هذا؟ أين يوجد الخلَلُ يا ترى؟
الحقيقة أيّها السّادة هي أنّ الدّينَ أصبح خُدعة كبيرة، والنّاسُ بمن فيهم تجّارُ الدّين حوّلوا الإيمانَ إلى معتقدات ومعلومات وتعاليم تعلّموا بمرور الزّمن أن يحفظُوها عن ظهر قلب، ويثقون بهَا ثقة عمياء دون أن يختبروها بأنفسهم، في حين أنّ هناك فرق كبير بيْن أن تكونَ إنساناً مؤمناً وأن تكون متديّناً: التَّديُّنُ يقتضي منكَ حفظ التّعاليم وتطبيقَها دون التّفكير في مضمونها ونتائجِها، أمّا الإيمان فهو حريّة كاملة ومحبّة مطلقة. معظمُ المتديّنين هم كذلك بالوراثة، إذْ عادة ما يحدثُ أن يولدَ شخصٌ ما في بيئة دينيّة معيّنة ويعتنقُ بشكل آليّ ديانة والديْه دون أن يتساءل عنها ولا أن يختبرَها ولا أن يجرّب أيّ شيء، في حين أنّ الأنبياء أنفسَهم ما آمنوا إلّا بعد أن سلكوا طريقاً عميقاً من البحث والسّؤال إلى أن وصلوا بأنفسهم إلى الحقيقة فاعتنقوها وفاضوا بها على الجميع من باب الحبّ والرّحمة. هل منكُم من قام بهذا، هل منكم من سلكَ طريق الأنبياء؟ لا، معظم النّاس ورثوا الدّينَ ولمْ يَخبِروه، وقلّة منهم من جرّبَ طريق الشَّكّ. خيرٌ لكَ أن تشكَّ على أن تكونَ مُتديّناً بالوراثة، خيرٌ لكَ أن تكون فقيراً على أن تكون ثريّاً بما ورثتهُ من الآخرين عبر التّاريخ من تعاليم وطقوس وعبادات لا تفهمُها ولا تستوعبُ منها شيئاً. الحقيقة تتطلّبُ منكَ القيام بمجهود جبّار، تتطلّبُ منك كما يقول صديقي كارول أن تكبُر أيّها الفتى وتتركَ حافة النّهر، وتدخلَ إلى الغابة حيثُ يوجد ذاك المثلّثُ المُحترق، وتتجاوزَ الهمسَ لتدخل إلى كهف الصّمت المطلق. ابتعِدْ أيّها الفتى عن الحشود الكبيرة والجماهير وغُصْ في دواخلك، عِشِ التّجربة وتذوّق حميميَة الحقيقة، وليكن سلاحك الوحيد ثقتكَ بنفسك، هذه الثّقة أعني بها عيْنَ القلب الصّادقة أبداً، أمّا عن الشَّكّ الّذي حدَّثتُك عنه قبل لحظات فأعني به الفِكْرَ، لا بدّ لك أن تجمع في طريق البحث بيْن القلب والعقل، وتأكّد أنّك بهذا فقط يمكنكَ أن تتحوّلَ منْ مقام التَّفكير إلى مقام الفطنة والذّكاء الّذي بهِ تُصبِحُ إنساناً حكيماً، لا مُفكّراً ولا فيسلوفاً ولا مُثقّفاً!



#أسماء_غريب (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- (9) رحلةُ السّلامِ الرّوحيّ من الفَحْمِ إلى الألماس: أسماء غ ...
- (8) رحلةُ السّلامِ الرّوحيّ من الفَحْمِ إلى الألماس: أسماء غ ...
- (7) رحلةُ السّلامِ الرّوحيّ من الفَحْمِ إلى الألماس: أسماء غ ...
- (6) رحلةُ السّلامِ الرّوحيّ من الفَحْمِ إلى الألماس: أسماء غ ...
- (5) رحلةُ السّلامِ الرّوحيّ من الفَحْمِ إلى الألماس: أسماء غ ...
- (4) رحلةُ السّلامِ الرّوحيّ من الفَحْمِ إلى الألماس: أسماء غ ...
- (3) رحلةُ السّلامِ الرّوحيّ من الفَحْمِ إلى الألماس: أسماء غ ...
- (2) رحلةُ السّلامِ الرّوحيّ من الفَحْمِ إلى الألماس: أسماء غ ...
- رحلةُ السّلامِ الرّوحيّ من الفَحْمِ إلى الألماس: أسماء غريب ...
- حَجَرُ باخ
- هيكل سليمان
- ما تصنعُهُ العتمة: زوي فالديس (كوبا): ترجمة أسماء غريب
- ثلاثُ قصائد للشّاعرة البرازيلية أديليا برادو: ترجمة أسماء غر ...
- اللّيل: أليخاندرا بيثارنيك (الأرجنتين) / ترجمة أسماء غريب
- المُعلّمُ في الطّريق
- لا أطلبُ منكِ - ماريو بينيديتّي (الأوروغواي) - ترجمة أسماء غ ...
- امرأة البحر
- مطرٌ من الألماس
- القصيدة الذهبية
- في ترجمَةِ ما لا يُتَرْجَمُ؛ تجربةُ المُسْتشرقِ الإيطالي ألي ...


المزيد.....




- ارتطمت ثم انفجرت.. لحظة اصطدام طائرة روسية بدون طيار بمبنى س ...
- الجيش الإسرائيلي ينشر لقطات لقصفه أهدافا إيرانية
- مصدر في قوات الأمن الإيرانية: إسرائيل سترى قريبا ورقة طهران ...
- ترامب: -على الجميع إخلاء طهران-
- ما الذي يجعل منشأة فوردو النووية في إيران عصية على الهجمات ا ...
- حرب إسرائيل وإيران.. هل أسقطت إيران طائرات -إف 35- إسرائيلية ...
- هل تشي تغريدات ترامب وتصريحاته بهجوم أمريكي وشيك على إيران؟ ...
- شركة -رافائيل- الإسرائيلية تهدد برفع دعوى ضد فرنسا بعد إغلاق ...
- قمعٌ وضربٌ واعتقالاتٌ وترحيل: الأمن المصري يحتجز نشطاء في -ا ...
- تقرير: مستوى مقلق جديد للحوادث المعادية للمسلمين في ألمانيا ...


المزيد.....

- تساؤلات فلسفية حول عام 2024 / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - أسماء غريب - (10) رحلةُ السّلامِ الرّوحيّ من الفَحْمِ إلى الألماس: أسماء غريب : حوار أجراه من ستوكهولم الأديب والتشكيلي صبري يوسف