الأحزاب بين حقيقة التظاهرات وغبارها

محمد باني أل فالح

الحوار المتمدن-العدد: 6296 - 2019 / 7 / 20 - 00:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

تتسابـق الأحداث في الشـارع العـام هذه الأيام ويـأخذ الصراع السيـاسي شكل المحـاور في بنـاء التحالفـات والكتـل السياسيـة وفق نظريـة الديمقراطيـة التمثيليـة التي ينطوي عليهـا بنـاء العمليـة السياسيـة وتبـاين وجهـات النظر بالنسبـة لبعض أحزاب السلطـة في الوقوف كقوى معارضىـة تتبنى متابعـة تنفيـذ البرنـامج الحكومي ودعم مطـالب المجتمع في توفير الخدمـات والبنى التحتيـة وفق معـايير مهنيـة تتصل بالجـلوس الى شرائـح المجتمع وتفهم معانـاتهم الحقيقيـة مع تردي الوضع العـام الذي بـات يزداد سوء منذ تشكيـل أول حكومـة بعد إسقـاط النظـام البائـد عام 2003 .
وفي قراءة للمشهـد السيـاسي بعد إنفراط عقد التحالفـات الإنتخابيـة التي تشكـلت على ضوئهـا الحكومـة وتكـليف رئـيس للوزراء بعيد عن مسميـات الكتلـة الأكبر والأصغر التي إخترعها بعض الساسة ومن خلال السياقات المتبعة في النظم الديمقراطية التي تتعكز عليها الأحزاب السياسية الحاكمة نجد تباين في آلية تشكيل الحكومة وترشيح رئيس الوزراء بعد إنقشاع غبار الإنتخابات فعند ذلك يكون الأمر مناط بالأحزاب الفائزة التي يكون من حقها تقرير من يمثلها لإدارة دفة الحكم ومن ثم إختيار الكابينة الوزارية من قبله ليكون رئيس الوزراء الشخص المسؤول عن أي تقصير في أداء حكومته التي إختار وزرائها بنفسه أمام البرلمان ولكن عندما يفتقد رئيس الوزراء لهذه الخاصية ويكون إختيار الحكومة والكابينة الوزارية من قبل الأحزاب الفائزة من خلال عملية المحاصصة والإستحقاق الإنتخابي وترشيح شخصيات من قبلها لمناصب وزارية عبر مزاد وبورصة الدولار لشغل تلك المناصب فأن والحال هذه نكون أمام إختيار مجلس رئاسة الوزراء وليس رئيس الوزراء بذاته ويكون البرلمان قد عطل دورة البرلماني في متابعة عمل الحكومة بسبب أختياره لوزراء الكابينة الحكومية عبر الانتماء الحزبي أو مزاد البورصة ويكون التردي في تقديم الخدمات واقع حال بسبب فقدان المهنية والتخصص وبروز معالم المحسوبية والحزبية واللجان الاقتصادية والمشاريع الوهمية ويكون رئيس الوزراء مجرد من صلاحياته في إدارة دفة الحكم ويفتقد لجميع مهامه في إدارة السياسة الداخلية والخارجية حيث تفتقد بوصلة الحكومة لخاصية الدولة وسمة الوطنية وتتشح بالحزبية والطائفية والمناطقية وهو ما يحصل في كل عملية سياسية طيلة أربع سنوات إنتخابية وتقاسم جميع الأحزاب المشاركة في الانتخابات كعكة الحكومة مما شكل أحزاب أنتهازية في تعاملها مع العملية السياسية بوصفها موالاة ومعارضة بنفس الوقت فتجد لديها أكثر من وزير في الكابينة الوزارية وأكثر من ذلك في الدرجات الخاصة والوكلاء والهيئات المستقلة ولكنها تطالب بالتظاهر ضد الحكومة فيما تتهكم بنفس الوقت من كتل سياسية معارضة تطالب جماهيرها بتظاهرات مليونية تطالب بتحسين الخدمات والبنى التحتيـة وحل مشاكل القطـاع التربوي والصحي وتفـاقم مشكلة البطالـة بين الشبـاب وحدوث زوبعـة سياسيـة وفبركـة إعلاميـة بشـأن تـلك التظـاهرات حيث لا يمكن لأي قوى سياسيـة الوقوف بـالضد من الحراك السيـاسي للأحزاب سواء الموالاة أو المعارضـة منهـا للعمليـة السياسيـة ولابـد لهـا من التـقيد بمواد الدستـور وبنـود قـانون التنظيمـات السياسيـة للهيئـة المستقلـة للانتخابـات مـا يعني لا غبـار على تظـاهرات المعارضـة كمـا هو الحـال عند تظـاهر أحزاب الموالاة التي ترتـدي ثوب النفـاق السيـاسي في بعض الأحيـان ولكن في جميع الأحـوال تبقى ظاهرة التظاهرات كزوبعة في فنجان لا سيل ولا غمـام لهـا ولكنهـا ظـاهرة صحيـة لابـد من العمـل بهـا لتـلقين الجماهير آليـة المطالبـة بحقوقهـا وعدم ترك الحبـل على الغـارب للحكومـة لكي تفعـل مـا تشـاء دون أن تضع في حساباتهـا خطورة الضغط الجمـاهيري وإمكانيـة تصاعـد مستوى التظـاهرات وتحول مطالبهـا بسقوط النظـام السيـاسي وليس مجرد مطالبـات بـإصلاحــه .

#محمد_باني_أل_فالح (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل