أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد باني أل فالح - شذرات في نفوس بريئة














المزيد.....

شذرات في نفوس بريئة


محمد باني أل فالح

الحوار المتمدن-العدد: 5068 - 2016 / 2 / 7 - 18:51
المحور: الادب والفن
    


في سالف الزمان والعمر كان في مقتبل أيامه كنت ذات يوم ذاهب للعمل بعد أنتهاء أيام الدراسة حينها كنت مارا في أحدى مناطق بغداد العصرية والهواء في ساعات الصباح الاولى كأنه ريح الشمال وهي تهب عارية كفتاة في ريعان الصبا أو نسمات صبح على ضفاف شاطىء يغفو على صدر عذراء ما عانق العشق ثغرها وصوت فيروز يغرد كأنه تراتيل أنجيل يرددها قسيس في حضرة قداس وترى أغصان الاشجار تتمايل كأنها غجرية تتراقص في ثوبها الاندلسي والعصافير ما برحت تنشد الحانها كسمفونية على مسرح الاوبرا والطرقات ضاحكة بأستيحاء تغازل أرصفتها بينما الهدوء ينشر رداء هيبته في لحظات صمت جميل كان المكان كأنه واحة في صحراء عدن لا يدخله إلا سلاطين الزمن المقدس ولا يسكنه ألا النبلاء من حاشية الملوك والأمراء حيث تنعدم الضوضاء والحركة ألا من صوت قدماي وهي تحث الخطى على أسفلت الشارع الاصم وتقلب الصور في ذاكرتي وهي تسترجع لحظات نداء والدتي بأن علي النهوض والذهاب للعمل مع أخيها الذي كان يعمل منسقا لحدائق باشاوات الزمن الأغبر حينها نهضت لأكفكف وجهي بالماء البارد الذي تثلج في خزان الماء الذي كان مصدر الحياة بالنسبة لنا ورحت مهرولا تاركا بيتنا الذي كان عبارة عن غرفة يتيمة هي بيت جلوسنا ومطبخ طعامنا وساعة راحتنا ومنام ليلنا رغم أننا كنا بعدد أخوة يوسف والشمس والقمر كانت هناك شجرة تتوسط فناء البيت لم تثمر منذ رأيتها كأنها عجوز عاقر ما ناكحها رجل قط ومياه الامطار كثيرا ما كنت تسكن باحة الدار وكنا نلهو فيها ساعات من المرح الطفولي الجميل وفي عتبة دارنا كان هناك حوض لجمع المياه حيث لا مطبخ في بيتنا ولا صنبور للماء فيه وعندما يمتلئ كانت أمي ترمي ما فيه الى الشارع وكثيرا ما كانت المشاكل تحدث مع الجيران بسببه فقد كانت سليمة سليطة اللسان وعدائية بشكل لا يطاق وكانت والدتي تتحاشى الرد عليها لانها كانت فضة الالفاظ قبيحة المنطق وكانت أمرآة ممشوقة طويلة كلسانها وعينيها تلمع كعيون صبايا الغجر كان لنا شباك وحيد في غرفة البيت يطل على شارع محلتنا وكانت بعض نوافذه لا زجاج فيها وكانت أمي كثير ما تغلق نوافذه بقطع قماش باليه لتصد زمهرير الرياح الباردة في ذلك الشتاء الاقرع وكأنه سفاح بثوبه البارد كانت أمي تجمعنا تحت غطاء واحد وتضع فوقه بساط الارض كي تحمينا من البرد ودائما ما كنا نجلس تحته ساعات عند الظهر أيام الصيف عندما كان والدي يقوم بطردنا قسرا ليختلي بعشيقة حياته الوحيدة بينما نذهب نحن للعب كنت أنا أعشق الجلوس تحت الشباك لأسترق السمع لضحكات العشق الازلي وكلمات همس كنت أجد صعوبة في فهم بعض مفرداتها الغجرية كم عشقت ذلك المكان ولازلت أتذكر يوما أبي وهو يخرج يده من الشباك ليصفعني بقوة ويطردني دون ذنب .
استفقت من غفوتي ورحت أعيد النظر الى تلك البيوت الفارهة وحدائقها الجميلة ولكن رسخ في ذهني ذلك المشهد الباذخ في الترف والثراء عندما شاهدت من فتحة باب أحد البيوت ذات البناء الضخم والزخرفة الجميلة والغرف الكثيرة والحديقة الغناء في أشجارها وكثرة ورودها والوانها التي تحيط بها وجمال وروعة عصافيرها المغردة في ذلك الفضاء المشع بالجمال وهناك وسط الحديقة يجلس رجل قارب الخمسين من عمره الى طاولة بيضاء تتوسطها باقة ورد وضعت في أناء جميل بينما تجلس اليه أمرأة جميلة كانت تعد الشاي اليه وهو يطالع جريدة ذلك الصباح لحظات أسرجت في نفسي الكثير من المشاهد التي يعيشها أمثالنا في مدن الصفيح وما يعيشه هؤلاء في مدن الرخاء فكم تمنيت أن يكون لنا بيت كبيوتهم نعيش ونلعب فيه دون أن يطردنا والدي عند الظهر وأكون عندها مضطرا للجلوس تحت الشباك .



#محمد_باني_أل_فالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كرنفال النقل البري ودار الايتام
- الى / وزارة النقل مع التحية م / قطار النقل البري
- عندما يعلن العمال الثورة على الفساد النقل البري أنموذجا
- بغداد وبربري الثقافة
- لن نستطيع الحج الى كربلاء بعد اليوم ... العراق مضيف الحسين
- الطفوف
- موسكو تبيع اليمن بشراء الاسد كما تشتري ايران ببيع العراق
- أزمة داعش والنووي الإيراني وانهيار اقتصاد العراق وتقسيمه
- ما بين الورد والرصاص
- تشرب سم أنت والخلفوك
- غدير خم وسقيفة بني ساعده وانحدار الحضارة الاسلامية _ الجزء ا ...
- غدير خم وسقيفة بني ساعده وانحدار الحضارة الاسلامية _ الجزء ا ...
- نقابة المحامين وأبجدية العمل النقابي
- داعش والعراق وسقوط الخيار الصعب
- عوف حسين
- دماء في عرس أنتخابي
- البرلمان لا دين له
- الذئاب تريد العراق حملا
- برلمان الشورجة
- قبة برلمان أم ورشة تصليح


المزيد.....




- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد باني أل فالح - شذرات في نفوس بريئة