شعبيات

محمد رمضان الجبور
(Mohammad Ramadan Aljboor)

الحوار المتمدن-العدد: 6291 - 2019 / 7 / 15 - 14:07
المحور: الادب والفن
    

شعبيات الملاح
بقلم / محمد رمضان الجبور
يُطلُّ علينا د. عبد الكريم الملاح بكتابه الجديد شعبيات ، الذي أودعه الكثير من الأحاسيس الجياشة ، والتي اعتدنا على سماع بعضها في الكثير من الأمسيات ، وكانت تنال رضا وأعجاب الحاضرين ، وتلبيةً لرغبات العديد من الأصدقاء ، قام د. عبد الكريم الملاح بجمع هذا الإبداع في ديوان خاص عنونه بما يناسب محتواه " شعبيات" .
والشعر الشعبي أو العامي الذي تعددت مسمياته ، والذي نال مسماه أو استمد مسماه من كلماته وألفاظه وطريقة أدائه، ومعانيه، وأسلوبه، مِن الحياة العامّة أو الشعبيّة، حيث يكتب بكلمات من اللهجة المحكية بين الناس، ولا يستخدم الفصحى، وهذا ما يجعله قريبا أحيانا لقلوب العامة من الناس ، فهو يُبنى على ما شاع بين الناس وما تداولته عامة الناس ، ورغم بساطة الألفاظ التي يستخدمها الشاعر في نظمه وإبداعه إلا أنَّ هذه البساطة والقوّة لا تتأتّى لأيّ أحد، فهي تحتاجُ إلى مهارة قد لا يملكها إلا مَنْ فُطر عليها وأحبها وتغنى بها ، فالشعر الشعبي يُعبر عن الأصالة عن الحياة ، والقارئ لديوان الملاح "شعبيات" يرى كيف كان ملاحنا يختار من الألفاظ ما يناسب أهواء العامة ، وما تطرب له الأذنُ ، وما يضفي على القصيدة أو الموضوع الجمال والبهجة .
وشعبيات الملاح بالإضافة لروعتها وجمالها ، فقد تعدت مواضيعها ، فنرى شاعرنا الملاح قد أبحر في مركبه إلى عناوين كثيرة ، فغنى للوطن في أكثر من قصيدة ومقطوعة ، فالوطن في ديوان شعبيات قد كان له نصيب الأسد ، فالشاعر مغرم في وطنه لا يفارقه:
قالوا بإني نسيت الوطن
وما عاد الوطن همي
والله احن للوطن كل يوم
واحن لحضن أمي
وهو في القلب ساكن
ويجري في دمي
فكيف أنساك يا وطن
وكيف أنسى حليب إمي
فالوطن من المفردات التي يتردد ذكرها كثيرا على لسان شاعرنا ، بل أحيانا يحلو له أن يذكر بعض المدن الحبيبة على قلبه ، فهو يبعث لهذا الوطن والمدن الرسائل ويفتديها بروحه وولده وماله :
لصحراء الوطن وجباله وسهوله
أبعث رسالة حب لعمان وضواحيها

وأرضه والبحر والجو من فوق
بروحي وولدي ومالي أفديها

ومعان والزرقا ووادي السير
إللي كان وهبي بشعره يطريها
ويحاول الشاعر من خلال قصائد هذا الديوان ومقطوعاته أن يصف لنا بعض الآفات التي يعاني منها المجتمع من ظلم ٍ ونفاق وفقر وبطالة وغيرها ، فهو يرصد بعين الشاعر الخبير ما يعانيه عامة الناس في مجتمعه :
يا فقير الحال يمّم شطرنا
اليوم إنت مقهور وضايع مثلنا
ما لقينا اليوم للمشاكل حل
البطالة واليأس دارت حولنا
ولا ينسى شاعرنا الملاح المرأة ودورها والمكانة التي تحتلها في مجتمعنا ، فينبري في الدفاع عنها ، ويصبغُ عليها الجميل من الصور والألفاظ ، فالمرأة عند الملاح هي الأم والأخت والزوجة والحبيبة .

بيقولوا المرأة حريمة وعورة
وتكرم من طاريها الناس
وانها تنقص عقل ودين
وانها دوم توطي الراس
ونسيوا إنها أم وأخت
وانها هي تاج الراس
مما يميز هذا الديوان ( ديوان شعبيات) هذا التنوع في طرح المواضيع والقضايا المتنوعة ، فيشعر المتلقي وهو يتصفح هذا الديوان أن شاعرنا يفرض علينا حركة دائمة ، فالمتلقي وهو يسير مع هذا الروض العاطر ، يشعر أنه يتنقل من زهرة إلى زهرة أجمل ، ومن موضوعٍ إلى آخر ، ففي هذا الديوان نرى أن الشاعر د. عبد الكريم الملاح قد خصص جانبا من هذا الديوان لطرح بعض القضايا التي تهم المجتمع ، فعادة اطلاق العيارات النارية في الأفراح عامة قد مقتها شاعرنا وحذر منها ، فهي عادة تعود على هذا المجتمع بالحزن والويلات :
لا ماتقوللي هذا قضاء وقدر
والله إنها جريمة قتل عن سبق إصرار
ولاتقوللي رصاصك للسما رايح
مهما طلع لازم على روس البشر يوقع
وفي موضعٍ آخر يذكر لنا قصص الدجالين والمشعوذين ، وكيف يقومون باستغلال النساء بالكذب والنصب والدجل :
رحت مرة على مشعوذ
عشان أسوي حجاب
لقيت نسوان مجتمعة
من جوّه لبرّه الباب
منهن عجايز نحس
ومنهن لابسات أكعاب

ويبقى لهذه المدينة (الرصيفة ) الذكريات الجميلة لدى شاعرنا ، فهذه المدينة عزيزة على قلب شاعرنا ، لذا فقد خصها بشيءٍ من شعره في هذا الديوان ، وتحسر على أيام الرصيفة الجميلة ، وكيف كانت جنات وجنات وملتقى للعشاق :
إلى عروستنا الرصيفة الخالدة
ياحيف على زمانك
بلدتي يا حيف
كنت زمان مزينة
وكنت ملقى للعشاق
والسهر يا حيف
ياحيف على أيامك
نعم ألف يا حيف

وتبقى هذه الشعبيات التي قرر شاعرنا جمعها في ديوان خاص قد لبست حُلل الجمال ، فلم تكن مجرد كلمات عابرة ، بل لقد أودعها شاعرنا كل مقومات الجمال التي تناسب هذا النوع من الأدب ، فالمتصفح لهذا الديوان يرى الصور الأدبية الجميلة ، والأسلوب السهل الممتنع ، ويظل هذه الديوان أضافة نوعية للشعر الشعبي الجميل المعبر الذي يحمل في طياته فكرا ورسالة ، استطاع شاعرنا وأديبنا الدكتور عبد الكريم الملاح إخراجها في صور جميلة ورائعة، نبارك له هذا المولود الجديد ، ليضاف إلى أرثه الثقافي والإبداعي.

محمد رمضان الجبور

* قاص وشاعر وناقد
عضو اتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين.

#محمد_رمضان_الجبور (هاشتاغ)       Mohammad_Ramadan_Aljboor#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل