|
تناغم هزهزة الجسم مع الاستيعاب المعرفي لدى طفل فرط الحركة
اسراء حميد عبد الشهيد
الحوار المتمدن-العدد: 6282 - 2019 / 7 / 6 - 17:30
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
تناغم هزهزة الجسم مع الاستيعاب المعرفي لدى طفل فرط الحركة
اسراء حميد عبد الشهيد
إذا كنت تريد أن يتعلم الأطفال المصابون باضطراب "فرط النشاط المقترن بنقص الانتباه" الخاص بأطفال التوحد (ADHD) ، ينبغي عليك السماح لهم بالتأرجح. إن عمليات تحريك الأقدام، وتدبيك السيقان وهزهزة الرأس لدى الأطفال المصابين باضطراب "فرط النشاط المقترن بنقص الانتباه" هي حركات حيوية يحتاجها الطفل للتعبير عن كيفية تذكرهم للمعلومات والعمل على فهم المهام المعرفية المعقدة نسبيا، كما تؤكد ذلك دراسة نُشرت في على الإنترنت في عدد سابق لمجلة "علم نفس الطفل غير الطبيعي" ، اذ تظهر النتائج أن الطرق السائدة لمساعدة الأطفال المصابين باضطراب "فرط النشاط المقترن بنقص الانتباه" قد تكون مضللة.
ويرى مارك راجبورت رئيس قسم تعليم الأطفال في جامعة سنترال فلوريدا، وأحد الباحثين المشاركين في الدراسة: "إن التدخلات في اجبار الطفل على الجلوس النموذجي اثناء تلقيه الدروس او تحضيره للواجبات البيتية والتي تهدف إلى الحد من فرط النشاط، تؤدي الى نتائج عكسية اي انها تأتي بعكس ما يجب أن نفعله لغالبية الأطفال المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه".
ان الرسالة هي: "ليس ان ندعهم يركضون في أرجاء الغرفة، انما نحن بحاجة إلى أن نكون قادرين على تسهيل حركتهم كي يتمكنوا من الحفاظ على مستوى اليقظة اللازمة للأنشطة المعرفية اثناء تعلمهم".
ولبحث راجبورت ذاته آثار كبيرة على كيفية تعامل الوالدين والمعلمين مع الأطفال المصابين باضطراب "فرط النشاط المقترن بنقص الانتباه" ADHD ، وخاصة عند زيادة المواد الدراسية المعطاة للطلاب في الاختبارات المعيارية. وتشير الدراسة ايضا إلى أن غالبية الطلاب الذين يعانون من اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه يمكن أن يحققوا أداءً أفضل في أعمال الفصول الدراسية والاختبارات والواجبات المنزلية إذا كانوا يجلسون على كرات نطاطة أو دراجات تمارين رياضية او عند جلوسهم على الكرسي بوضع مقلوب او حتى عند قيامهم بهز الكرسي، على سبيل المثال.
والدراسة التي جرت في عيادة متخصصة شملت ما مجموعه 52 فتى مصابين بالاضطراب تراوحت أعمارهم ما بين 8 و 12 سنة. وقد تم تشخيص تسعة وعشرين من الأطفال على انهم مصابين باضطراب "فرط النشاط المقترن بنقص الانتباه" و ثلاثة وعشرين آخرين لم تكن لديهم اضطرابات سريرية وأظهروا تطورا طبيعيا.
وتضمنت الدراسة الطلب من كل طفل القيام بسلسلة من المهام المعيارية المصممة لقياس "الذاكرة العاملة"، وهي نظام التخزين المؤقت للمعلومات المطلوبة وإدارتها في تنفيذ المهام المعرفية المعقدة مثل التعلم والاستدلال والفهم.
فقد عُرضت على الأطفال سلسلة من الأرقام المختلطة مرفقة بالرسالة التي تومض على شاشة الكمبيوتر، ثم طلب منهم وضع الأرقام بالترتيب ، متبوعًة بالحرف. فيما سجلت كاميرا عالية السرعة سلوكيات الأطفال بموازاة قيام المراقبين بتدوين كل حركة وقياس معايير انتباههم لكل مهمة كلفوا بادائها. وكانت أبحاث علمية وطبية سابقة قد أظهرت بالفعل أن الحركة المفرطة التي تُعد علامة من اهم علامات الاصابة باضطراب فرط النشاط - والتي كان يعتقد من قبل أنها موجودة دائمًا في سلوكيات الطفل- لا تظهر فعلا إلا عندما يحتاجون إلى استخدام وظائف الدماغ التنفيذية الخاصة بالمخ ، لا سيما ذاكرتهم العاملة.
وبذلك تذهب الدراسة الجديدة إلى خطوة مهمة أخرى في مجال تعليم هؤلاء الاطفال تثبت أن حركتهم المفرطة تخدم في تحقيق غرضًا وهو زيادة تركيزهم. اذ يقول الباحثون: "ما وجدناه هو أنه عندما يكون الاطفال أكثر تحركا ، فإن الغالبية منهم يؤدون أداء أفضل". وعليه "يجب عليهم التحرك للحفاظ على اليقظة". وعلى النقيض من ذلك ، فإن الأطفال في الدراسة الذين لا يعانون من اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة انتقلوا أكثر أثناء الاختبارات المعرفية الى عدم التركيز اذا تحركوا ولم يجلسوا هادئين، اي ان أدائهم صار أسوأ. هذا التحليل الذي يعكس وجهات نظر اكاديمية، يقابله طرح من وجهة نظر أم احد الاطفال المصابين بأضطراب فرط الحركة وكيف طورت طرقا بسيطة لتحسين سلوك ابنتها في البيت والمدرسة. تقول مريام سارسيا سندرز، وهي باحثة متخصصة بالمشاكل النفسية للطفل ومؤلفة لكتاب مهم في هذا الصدد، ان الاشادة بالطفل المصاب بفرط النشاط تؤدي الى تحفيز سيطرة الدماغ بشكل أفضل لديه مشيرة الى ان ابنتها المصابة بهذا الاضراب كانت تصل الى حد كره نفسها لكثرة ما يسمعه من انتقادات على الفوضى والاخطاء التي ترتكبها لا سيما الانتقادات الواردة من الام والمعلم والأصدقاء والتي كانت تقودها الى الحيرة والتوتر والارهاق، لكنها تشعر بالارتياح والطمأنينة اذا قوبلت منهم بالرعاية والحنان والابتسامة وحتى الفكاهة والثناء بدل التوبيخ او الصراخ . وتؤكد هذه الباحثة ان اكتشفت هذه الطرق تساعد في انقاذ الطفل المصاب بجعله هادئا ومطمئنا كما انها تساعد في انقاذ الام والاهل من المشاكل المترتبة عن المشاعر السلبية لديه ومضاعفاتها المختلفة. وتضيف الباحثة مريام سندرز، انها لم تتوصل الى هذه الاستنتاجات الا أخيرًا حيث فهمت بعدما بلغت ابنتها العاشرة من العمر بأنها تعاني من اضطراب نقص الانتباه - وأن دماغها كان مختلفًا، وأنها لا تتحكم كثيرًا في بعض أفعالها ، وأنها تفتقر إلى القدرة على التوقف عن ارتكاب الخطأ كما أدركت بشكل خاص أن ابنتها تحتاج الى حب والديها ومديحهم لها وثناءهم عليها وكل ذلك يتطلب ان يفهموا خاصة بانها تعاني من اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه وبالتالي: "وبدلاً من أن أطلب منها التغيير، علي ان ابدأ بتغيير نفسي". اما تلك الاستنتاجات فابرزها خمسة وهي كما يلي باختصار: 1- اشعار الطفل المصاب بعدم المسؤولية عن وقوع الخطأ انما بوضع مسؤولية السلوك أو الاضطراب على عاتق "الخارج": ليس أنت من ارتكب خطأ؛ إنه شيء حصل أو حدث لك. 2- اغراق الطفل بالحب. اذ يحتاج الأطفال المصابون باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه إلى سيل الحب غير المشروط طوال اليوم: اخذ الطفل بين الذراعين وضمه بالاحضان بقوة مع كلمات محبة مثل "يا عزيزي! أنا أحبك". كما ان الشعور بالمشاركة في الحب بدلاً من الإحباط يغمره بمشاعر الرضى، ويجعله يشعر بدرجة أقل من الذنب على شيء لا يستطيع السيطرة عليه. 3- اشعار الطفل بان المنزل مكان آمن له، وجعله يعرف أنه سيتم تسامح الجميع معه. وبهذه الطريقة تصبح الأخطاء فرصة للتعلم. 4- الضحك مع الطفل المصاب لابعاد شعوره بمسؤولية الإزعاج والتوتر والإحباط في البيت وابعاد الشعور الملموس لديه بأنه سيئ وخيبة أمل. 5- الاشادة بالطفل المصاب دائما. نقول له " أنت رائع!" لنخلق لديه الشعور بالبهجة. وسيكون ذلك مصدر ارتياح له.
#اسراء_حميد_عبد_الشهيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أبحاث جديدة لتشخيص أسباب مرض التوحد
-
المراهقة كظاهرة فيزيولوجية - اجتماعية عابرة
-
العراق ولبنان : آفاق تعاون جديدة.. ونجاح لامع لمعصوم وعون
-
داء التوحد في أهم دراسة علمية حديثة
-
اهمية تنويع مناهج رياض الأطفال
-
نحو استراتيجية للاستثمار في حقل تعليم الطفولة المبكرة
-
آثار الحروب خطيرة على الطفولة العراقية
-
لزوم طمأنة الطفل عن ادخاله الحضانة
-
حضانة الطفل في الدول الغنية افضل
-
لا حضانة تعوّض الطفل عن أحضان الابوين
-
حضانة جيدة = طفل افضل
-
رياض الاطفال كضرورة
المزيد.....
-
خيام نازحين تحترق، وقتلى وجرحى في قصف إسرائيلي طال محيط مستش
...
-
غوتيريش يحذر من إمكانية -جريمة حرب- مع تزايد الاستهدافات الإ
...
-
حزب الله يتوعد بتحويل حيفا إلى كريات شمونة بعد هجومه -النوعي
...
-
-صدمت واشنطن-.. دبلوماسيان يعلقان على ظهور صورة السيستاني في
...
-
بعثة مشتركة تزود مستشفيَين في شمال غزة بالإمدادات
-
المتهم بمحاولة اغتيال ترامب -مصدوم- من التهمة الموجهة إليه
-
الخارجية الروسية: نقل الولايات المتحدة منظومات -ثاد- إلى إسر
...
-
دراسة مفاجئة عن عواقب شرب الحوامل للقهوة!
-
الحمض النووي يحل لغز مكان دفن كريستوفر كولومبوس
-
وزير الخارجية البريطاني يشارك في اجتماع للاتحاد الاوروبي لأو
...
المزيد.....
-
اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با
...
/ علي أسعد وطفة
-
خطوات البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا
...
/ سوسن شاكر مجيد
-
بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل
/ مالك ابوعليا
-
التوثيق فى البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو
...
/ مالك ابوعليا
-
وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب
/ مالك ابوعليا
-
مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس
/ مالك ابوعليا
-
خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد
/ مالك ابوعليا
-
مدخل إلى الديدكتيك
/ محمد الفهري
المزيد.....
|