محمد عبد حسن
الحوار المتمدن-العدد: 6273 - 2019 / 6 / 27 - 20:47
المحور:
الادب والفن
مَنْ عرفتهم من الشهداء، سواء الذين أرادوا إقامة نواة ما اعتقدوا أنّها ستكون (دولة العدل الإلهي).. أو مَنْ حلموا بوطن يسع الجميع.. كلّ أولئك.. وغيرهم، لم يتحدّث أحد منهم يومًا عن كتل حاكمة.. أو امتيازات ودرجات خاصة.. وأموال تُصبّ عليهم صبًّا.
لم يكونوا ينوون ركوب السيارات المصفّحة، رباعية الدفع.. ذات المنبهات الصوتية الغريبة الوافدة، بدل درّاجاتهم.. ولا تغيير (القوط) المصنوعة من أقمشة (السموكن) الفاخرة بثيابهم التي يحبون وبذلات عملهم. لم يتحدّثوا يومًا عن ترك دورهم وأكواخهم إلى دور كالقلاع وأراضٍ ومزارع قضتْ على ما بقي من اخضرار الوطن.
لقد ترك شهداؤنا مدارسهم.. ومعاهدهم.. وكلياتهم.. معاملهم ومصانعهم وأماكن عملهم من أجل وطن لم تعد أيّة جهة تعترف بشهادة تصدر عن (مؤسساته العلمية)، فبعض مدارسه الحكومية لا تصل فيها ساعات الدوام الفعلي إلى ثلاث، ومرضاه يُسمْسر عليهم في دول العالم القريبة والبعيدة دون أنْ يشفى أحد، وكلّ شيء يأتيه من وراء الحدود.. حتى علبة اللبن. والتعداد يطول.. وليس هذا محله.
ما أريد قوله لشهدائنا كلّهم، وقد واجهوا نظامًا دكتاتوريًّا عاتٍ بصدورهم وحدها.. دون أية فتوى صريحة من حاكم شرعي.. ودون تغطية، من أيّة جهة كانت، لهم.. ولأسرهم من بعدهم في الأوقات العصيبة تلك.. ما أريد قوله لهم: هو أنّنا، والمتصدين للأمر من زملاء دربكم، لسنا بمستوى ما قدّمتم.. وقد أثبتتْ الأيام أنّنا لا نستحق ذلك؛ فلا العدل أقيم.. مع كثرة الحقوقيين الذين تضخّهم جامعاتنا، الحكومية والأهلية، إلى الشوارع وفضاءات المحاكم.. ولا الوطن، على سعته، اتسع للأحياء من أبنائه.. وإنّما للموتى منهم فقط. ولستم، بكلّ تأكيد، المسؤولين عن ذلك.
#محمد_عبد_حسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟