أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامان نوح - أبناء نينوى ... هل تعلموا الدرس وهل يملكون الحلول؟















المزيد.....

أبناء نينوى ... هل تعلموا الدرس وهل يملكون الحلول؟


سامان نوح

الحوار المتمدن-العدد: 6266 - 2019 / 6 / 20 - 20:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تخبرنا تجارب الشعوب التي مرت بمراحل عنف وصراع داخلي مسلح وتمكنت من تجاوزها وبدء حياة جديدة، ان الخروج من نفق الحرب والعنف الأهلي على نحوٍ كامل او شبه كامل يتطلب تغيير نمطية التفكير السائدة في المجتمع وايمانا بأن التطرف بكل أشكاله والتعصب ورفض الآخر لا يحقق مجتمعا متطورا متجانسا قادرا على خلق تنمية شاملة ومستدامة.
تلك التجارب تؤكد ان محاولة اخضاع شريحة مجتمعية من خلال القوة، وان تبني فكر او رؤية متعصبة متشددة واللجوء للصراع الدموي لتحقيق المطالب او الأهداف، يهدد باشعال دورات عنف جديدة ولن يحقق الأمن والسلم المجتمعي، وانه لا سبيل غير الانفتاح وقبول الآخر والحوار العقلاني والعمل المشترك بين جميع الشرائح والأطراف بما فيها التي ارتكبت اخطاء ولدت العنف.
ولتجاوز سنوات الكراهية والانغلاق والعنف الدامية، لا بد من تبني برامج تسامح وتصالح والشروع في برامج تأهيل اجتماعي ترافقها برامج تنمية اقتصادية شاملة، وهذا ما حصل في رواندا مثلا التي أوقعت المجازر التي حصلت بين المكونين الرئيسيين فيها (قبيلتا الهوتو والتوتسي) ما بين 800 الف الى مليون قتيل قبل ان يركنا الى التصالح والتسامح والعمل المشترك الباعث على التنمية.
السؤال الأساسي الآن، هل أيقن اهالي الموصل خصوصا ومحافظة نينوى عموما انهم اخطأوا في متبنياتهم الفكرية ورؤيتهم وتعاطيهم مع الأحداث الوقائع وأخطأوا في سلوكياتهم، وان عليهم تعديل مسار حياتهم بتغيير نمطية التفكير السائدة لكي يتحقق التغيير في المحافظة المهددة بفقدان كل مكوناتها غير المسلمة وبالتالي جزء من عوامل ومحركات قوتها، كما هي مهددة بمزيد من التناحر الاجتماعي والصراعات المدمرة بل وحتى العنف داخل المكون الواحد، الى جانب الفشل في الاعمار والتنمية وتطوير الاقتصاد.
هل هناك مراجعة نقدية عقلانية وبفكر حر وبعيدا عن النظرة المتعالية الفوقية للذات والدونية للآخر، لأسباب الكوارث المتلاحقة التي تحل بنينوى منذ عقد ونصف وهي المحافظة التي تحمل الكثير من مقومات التطور والنهوض السريع وتملك تاريخا طويلا في العيش المشترك الايجابي، أم سيستمر "نهج" تحميل الآخرين كل المسؤولية في ما آلت اليه نينوى من تدمير للبنى التحتية وتفكك في النسيج الاجتماعي ومن ثم تراجع اقتصادي ومعرفي وثقافي.
يقول كتاب وصحفيون تابعو تجارب الحروب التي خرجت من العنف ان الكوارث التي حلت بهم "ايقظتهم من رقدة أوهام طويلة ونبهتهم الى خطورة سلوكيات وافكار ظلوا يتبنونها طوال عقود، وانهم امام خياري الاستمرار في تلك السلوكيات ما يهدد وجودهم او تغييرها والانطلاق نحو حياة جديدة".
يذكر الدكتور سلمان محمد أحمد سلمان، وهو اكاديمي سوداني وباحث دولي في القانون والعدالة والتنمية الاجتماعية، نقلا عن صديق راوندي، في مقال طويل عن التجربة الرواندية في السلم والتنمية، قوله ان "كارثة الإبادة الجماعية أيقظتنا على خياري الفناء أو البقاء. بعد الكارثة أصبح واضحاً لنا أن البقاء يتطلب تغييراً جذرياً في تفكيرنا ومعتقداتنا وسلوكنا. وما يرى اليوم في رواندا من تطور (سلم مجتمعي وتطور بنيوي وتحقيق معدلات تنمية هي الاعلى افريقيا) هو نتاج الوعي بتلك الكارثة".
ويحدد زميل الدكتور سلمان، "الأسس" التي تبنتها رواندا لتثبيت السلام وتحقيق التعايش المجتمعي ومن ثم التنمية والازدهار الاقتصادي:
- اعتماد رؤية سياسية واجتماعية جديدة لإعادة تأسيس (المجتمع والدولة) وخلق التنمية بتبني فكر معتدل منفتح يمهد لاقامة ادارة متقدّمة تحقق التقدّم والتنمية والرخاء، وهو ما يتطلب تقديم برنامج متكامل يتضمن جدولاً زمنياً للتنفيذ.
- اطلاق برنامج مصالحة وطنية متكامل يتم تنفيذه بدقّة.
- تحقيق عدالة تمنع ادخال أحد السجن إلا بعد إدانته في المشاركة في الإبادة الجماعية بواسطة محكمة مختصة. وعدم حرمان أحد من وظيفته إلا بعد إدانته.
- تثبيت أسس المواطنة، باعتبارها المصدر الوحيد للواجبات والحقوق، والغاء الهويات القومية والقبلية والدينية والمذهبية والجهوية.
- تبني برنامج متكامل وقوانين صارمة لمحاربة الفساد بما فيها الزام كل الوزراء والمسؤولين توضيح ممتلكاتهم العينية والنقدية منذ اليوم الاول لتوليهم المسؤولية.
- التركيز على التعليم باستغلال كل الاموال المتاحة في تطوير التعليم وجعله مجانيا وإلزاميا حتى نهاية المرحلة الثانوية، مع تواصل مجانيته في الجامعات. والاعتراف باللغات السائدة (في رواندا هي الفرنسية والإنجليزية والسواحيلية واللغة الوطنية كيني رواندا).
ويرى باحثون ان تلك النقاط تمثل محاور ارتكاز في اي (دولة - ادارة)، وهي وصفة قابلة للتطبيق في محافظة نينوى مع تعديلها وفق متطلبات طبيعة الصراع وخصوصية البيئة ومتطلبات المحيط، لاعادة البناء المجتمعي وتحقيق التنمية الاقتصادية والثقافية والتطور العمراني، مدعومة بارث طويل من التعايش المشترك وبقدرات اقتصادية جيدة ومساحة وموقع جغرافي مميز وقدرات بشرية كبيرة وكوادر معرفية قابلة للتطوير.
لكنهم ينبهون في عين الوقت الى خصوصية كل مجتمع، والى أهمية ضمان الحريات الأساسية بما فيها السياسية، والديمقراطية التعددية ومنع بروز شمولية الدولة والحزب الواحد، لضمان استمرار التنمية والتطور الاقتصادي الى جانب السلم المجتمعي ومنع حصول انتكاسات.
يقول الرئيس الراوندي بول كاغامي: "إذا كانت بلادنا قد أحرزت المكانة الاولى في إفريقيا، ولفتت أنظار العالم بأسره اليوم خلال اقل من عقدين عقب الحرب المدمرة، فليس ذلك بوجود الفاتيكان او الكعبة او البيت الأبيض او تاج محل عندنا، بل لأن أبناء رواندا وبناتها، وخاصة الشباب والنساء سامحوا أنفسهم بشأن الماضي وأخذوا زمام المبادرة لتقرير مصير بلدهم من خلال روح العمل والابتكار والوطنية كمفتاح للرقي والتنمية. إنه ببساطة ثمرة لالتزام أمة بأكملها ونتاج لإرادة سياسية. في رواندا نحلم بالمضي بعيدا بفضل وعي هذا الشعب وهؤلاء الشباب".
لكن الكثير من أبناء رواندا يشيرون الى الدور الحاسم للرئيس الرواندي ولنخبة من مساعديه ووزرائه "النزهاء والوطنيين" في تحقيق السلم والتنمية في رواندا، كون العديد منهم بما فيهم الرئيس من فقد العشرات من افراد عائلته في الحرب لكنه لم يركن للعنف والانتقام والتعصب بل ركز على المصالحة والسلم والتنمية.
في نينوى يملك أبناؤها الكثير، فهناك ثروات طبيعية وهناك معالم اثرية عالمية ومعالم دينية، وتاريخ عميق من التعايش الايجابي، ومصالح مشتركة عميقة، لكن السؤال هل تملك نينوى قادة مؤهلين للقيادة الوطنية النزيهة ضمن الفاعلين حاليا بالمشهد السياسي؟ وهل سيتبنى شباب وبنات نينوى رؤى التسامح والتصالح وهل سيملكون وعي وارادة الاعتراف بالاخطاء وتصحيح المسار؟ وهل سيأخذون المبادرة لتقرير مصير مناطقهم اعتمادا على أسس المواطنة والعمل المشترك والابتكار لخلق الانطلاقة وتحقيق التنمية؟



#سامان_نوح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحزاب ومليشيات ومال وسلاح في مواجهة الصحافة والحريات!
- -أبناء المجهول- مشكلة متعاظمة .. أطفال بلا وثائق ولا رعاية ف ...
- الأسس التي حولت رواندا من بلد مدمر الى أسرع اقتصادات افريقيا ...
- تحذيرات من تنامي خطاب الكراهية
- انحطاط المجتمع
- -زمن داعش-.. توثيق للوقائع الدموية وتحليل للأسس البنيوية وتن ...
- الورطة الكبرى التي أسسوا لها باتقان
- ثنائية الحكومة واللاحكومة في ظل سيادة الحزبية والمصلحية والل ...
- باقون ونتمدد الى حين الساعة
- -سوريا الديمقراطية- تنهي -الخلافة الدموية- لكنها تواجه تحديا ...
- المشهد الكردستاني... محطات وسيمفونيات... شتاء وبكاء
- المشهد الكردستاني .. العودة الى خط البداية
- المشهد الكردستاني.. شتاء 2019
- ورقة المطالب أم دفتر الامتيازات؟
- الكرد الغائبون .. يؤملون النفس بالصفقات المثالية لتشكيل الحك ...
- الأسئلة الكردستانية الطارئة .. هموم الاستفتاء والسياسة والمع ...
- سنجار: الأخوة المتصارعون
- شتاء الاصلاحات الكردستانية... 25 سنة دوران في -تجربة- الدولة ...
- في نينوى الأمور ليست بخير .... والدواعش الكبار بين ذائب ومند ...
- المشهد الأخير.. لا شيء... غير بقايا أمة تتنهد..!


المزيد.....




- صديق المهدي في بلا قيود: لا توجد حكومة ذات مرجعية في السودان ...
- ما هي تكاليف أول حج من سوريا منذ 12 عاما؟
- مسؤول أوروبي يحذر من موجة هجرة جديدة نحو أوروبا ويصف لبنان - ...
- روسيا تعتقل صحفيًا يعمل في مجلة فوربس بتهمة نشر معلومات كاذب ...
- في عين العاصفة ـ فضيحة تجسس تزرع الشك بين الحلفاء الأوروبيين ...
- عملية طرد منسقة لعشرات الدبلوماسيين الروس من دول أوروبية بشب ...
- هل اخترق -بيغاسوس- هواتف مسؤولين بالمفوضية الأوروبية؟
- بعد سلسلة فضائح .. الاتحاد الأوروبي أمام مهمة محاربة التجسس ...
- نقل الوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير للمستشفى بعد تع ...
- لابيد مطالبا نتنياهو بالاستقالة: الجيش الإسرائيلي لم يعد لدي ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامان نوح - أبناء نينوى ... هل تعلموا الدرس وهل يملكون الحلول؟