أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامان نوح - المشهد الكردستاني... محطات وسيمفونيات... شتاء وبكاء














المزيد.....

المشهد الكردستاني... محطات وسيمفونيات... شتاء وبكاء


سامان نوح

الحوار المتمدن-العدد: 6136 - 2019 / 2 / 5 - 09:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


- في الخامسة والنصف مساء، في منطقة تنتج حقولها الواعدة عشرات الآلاف من البراميل النفطية يوميا، مر بسلسلة محطات وقود حديثة تجنب الوقوف عندها "انها تبيع وقودا مغشوشا" قال لصحابه، قبل ان يتوقف عند محطة على اطراف مدينة تعد معقلا للحزب الأكبر والأقوى في الاقليم، ويتجه الى زاوية على يسار المحطة كان يقف عندها عامل شاب ورجل مسن والى جانبه طفل لم يبلغ العاشرة يقف قبالة كومة من "الجليكانات الفارغة"، ردد وهو ينظر الى صاحبه:"يقولون ان الوقود هنا صالح للاستعمال".
- كانت الساعة تشير الى السادسة، والعجوز مع الطفل ينتظران عامل المحطة لملأ جليكانين من النفط الأبيض، حين انقطعت الكهرباء. مرت عشر دقائق من الصمت وسكون محركات الضخ قبل عودة التيار، كانت كافية ليشتد الظلام في المكان وليتشكل طابور صغير من المنتظرين دورهم للحصول على النفط الأبيض، أشخاص يحملون جليكانات بيضاء ورمادية وملونه متطلعين جميعا للحصول سريعا على بضعة لترات من النفط الابيض غير المغشوش بسعر 600 دينارا للتر وحملها سريعا الى عوائلهم المنتظرة في المدينة التي تحيطها الجبال التي تحتضن قممها البعيدة طبقات من الثلوج والحكايات والذكريات.
- في الطابور وفي درجة حرارة قاربت الصفر مئوية، وقفوا بصمت، تدريسي ومهندس ومحامي مع آخرين، منتظرين دورهم وهم يطالعون الجليكانات التي صفت وراء بعضها، قبل ان يقاطع احدهم الصمت قائلا وهو يخاطب صاحبه الذي كان قد انزوى خلف كومة الجليكانات ويحدق فيها بعينين نصف مفتوحتين فيما يحشر يديه في معطفه القصير: "17 لترا بعشرة آلاف دينار تكفيني لعدة ايام... علينا ان نتدبر امورنا في هذا البرد، وحين تنفد يدبرها الله".
- في ذات المساء، كتب النائب السابق بالبرلمان العراقي شوان داودي على صفحته يقول: "اليوم في مدينة اربيل زرت الكاتب الكردي الكركوكي الكبير ........... الذي يملك 52 كتابا بينها 46 كتابا مطبوعا. لم تكن الساعة قد تجاوزت السادسة مساءً، وجدته قد التحف ببطانية هربا من البرد... لم يكن في بيته نفط ابيض".
- قبلها بأيام كتب ناشط كردي معروف، وهو يتحسس البرد في روحه: ليل أمس، صعد ناشط مدني في دهوك الى سطح منزله المؤجر، ليحتمي بالظلام من موجة بكاء اجتاحت جوارحه. لم يحتمل رؤية أطفاله وهم يلوذون بالبطانيات ويتوزعون في زوايا منزله الصقيعي.. لم يكن في بيته مال يكفي لشراء الوقود وأبت عزة نفسه ان يطلب المساعدة من أحد في ظل سياسات الادخار الاجباري للرواتب والمستحقات.
- ساخرا، في قلب موجات المحتفلين بالثلوج والذين اكتسحت صورهم صفحات التواصل، وجه ناشط نصيحة لقرائه: اموركم ممتازة وهذا امر عظيم، لكن حين تزورون احد معارفكم او تعاودون مريضا فتحققوا اولا من المقربين منه: هل يملك في منزله وقودا لتدفئة عائلته... اذا لم يكن فخذوا معكم جليكانا من النفط الأبيض بدل الفواكه والعصائر... فهو اتقى لكم وانفع لهم"!.
- بين المحطات الحديثة والأسواق الفارهة والأحياء الراقية، وبين البيوت المجمدة والأرواح الباردة، في المدن التي عليك ان تحذر من حفر بئر للماء فيها فقد تفاجأ بمزيج من الماء والزيت والنفط، يتوزع كتاب وصحفيون على المؤسسات الاعلامية للأحزاب القائدة، في مهمة تلميع الواجهات وعزف سيمفونيات السياسات الاستراتيجية الحكيمة للعودة الى المناطق المتنازع عليها، التي دفع الكرد آلاف الضحايا لمنع سقوطها بيد جند دولة الخلافة ومن ثم خسروا ادارتها خلال ساعات عقب استفتاء الاستقلال، وطقطوقات التكتيكات التي حققت نجاحات منقطعة النظير في تجاوز الأزمات الاقتصادية والسياسية المستفحلة واعادة بناء العلاقات المتعثرة مع أنقرة وطهران وبغداد، التي تتوغل الأولى وتستأسد بهجمات دامية في عمق الاقليم، والتي تضرب الثانية شمالا وجنوبا مستهدفة اي صوت معارض لها، والتي قررت الثالثة أن تتكرم بـ"منح مواطنيها الكرد" موازنة ورواتب حرموا منها لسنوات.
- في ذات الليلة، وهي الليلة 110 لما بعد احتفالات تنظيم الانتخابات البرلمانية، كان مسؤولون في الأحزاب النافذة
- يبشرون مواطنيهم بقرب انطلاق مباحثات تشكيل حكومة الاقليم بعد اتفاقات اولية على توزيع الحصص، وكان آخرون يبشرون بقرب انفراجة الأوضاع المالية، وآخرون يبشرون باستمرار منحة الحكومة الاتحادية المتمثلة ببرميل او نصف برميل نفط ابيض لكل عائلة في الاقليم، الاقليم الغني صاحب الـ 45 مليار برميل من الاحتياطات النفطية والكميات الهائلة من الغاز، العاجز بسبب "مؤامرات الاعداء" وللعام الثالث عن تأمين برميل واحد لأبنائه المنعمين المرفهين المحتفلين بنجاحاتهم المتوالية وسط الثلوج من على القمم الشامخة.



#سامان_نوح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المشهد الكردستاني .. العودة الى خط البداية
- المشهد الكردستاني.. شتاء 2019
- ورقة المطالب أم دفتر الامتيازات؟
- الكرد الغائبون .. يؤملون النفس بالصفقات المثالية لتشكيل الحك ...
- الأسئلة الكردستانية الطارئة .. هموم الاستفتاء والسياسة والمع ...
- سنجار: الأخوة المتصارعون
- شتاء الاصلاحات الكردستانية... 25 سنة دوران في -تجربة- الدولة ...
- في نينوى الأمور ليست بخير .... والدواعش الكبار بين ذائب ومند ...
- المشهد الأخير.. لا شيء... غير بقايا أمة تتنهد..!
- خلاصة المشهد الكردستاني.. شتاء 2016...!!
- بكردستان، متقاعدون يجترون خيباتهم في انتظار الفرج .. بلا روا ...
- تراكم الأزمات تهدد بانشقاق جديد في صفوف الاتحاد الوطني.. الأ ...
- خطاب انقرة لبغداد: هذه ارضنا لن نتركها ونحذركم من التدخل فيه ...
- فوضى سياسية ادارية اقتصادية تعم اقليم كردستان .. والحكومة غا ...
- الملهاة الكردية ... المشهد القومي التقدمي لاقليم المقاطعات ا ...
- مناوشات اعلامية حزبية عن النفط والمال المفقود، وغضب ايزيدي م ...
- أحجية النفط الكردستاني، بين وعود الرفاه، والعجز عن تسديد الر ...
- القواعد الأمريكية والأمنيات الكردية .. بين الحقيقة وذيولها ! ...
- حرائق أمنية، حرائق قدرية، حرائق جنجلوتية في اراض كردستان الم ...
- مع كل ألوان إستبدادها، -محللون- كرد يباركون الديمقراطية التر ...


المزيد.....




- السعودية.. أحدث صور -الأمير النائم- بعد غيبوبة 20 عاما
- الإمارات.. فيديو أسلوب استماع محمد بن زايد لفتاة تونسية خلال ...
- السعودية.. فيديو لشخصين يعتديان على سائق سيارة.. والداخلية ت ...
- سليل عائلة نابليون يحذر من خطر الانزلاق إلى نزاع مع روسيا
- عملية احتيال أوروبية
- الولايات المتحدة تنفي شن ضربات على قاعدة عسكرية في العراق
- -بلومبرغ-: إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة المزيد من القذائ ...
- مسؤولون أمريكيون: الولايات المتحدة وافقت على سحب قواتها من ا ...
- عدد من الضحايا بقصف على قاعدة عسكرية في العراق
- إسرائيل- إيران.. المواجهة المباشرة علقت، فهل تستعر حرب الوكا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامان نوح - المشهد الكردستاني... محطات وسيمفونيات... شتاء وبكاء