أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل الخياط - رؤى سريالية















المزيد.....

رؤى سريالية


عادل الخياط

الحوار المتمدن-العدد: 6261 - 2019 / 6 / 15 - 00:45
المحور: الادب والفن
    


رؤى سريالية
عادل الخياط
أستطيع القول ان مفاهيم الأدب والفلسفة والسايكولوجي والسيسيولوجي وتحليلات التاريخ وحتى الأنثروبولوجيا وغيرها كلها مفاهيم تحتويها بعض المطاطية , قد يصح بعضها وقد يُخطئ , يعني ليست مثل قوانين الرياضيات والفيزياء التي هي ذات قوانين قطعية , مع إحترامنا لـ " إنجلس " الذي قال : ان قوانين التطور الإجتماعي قطعية , في وقت ان الرياضيات من الممكن أن تقع فيها أخطاء " يعني هو الشخص كان يحاول الدفع بنظريته لآفاق أبعد , وأعتقد في نهاية المشوار كان قد أقر بذلك , وهو انه لا بد من الدفع بهذا المستوى حتى تأخذ وضعا مجتمعيا وبعدها من الممكن القول عن المبالغة في الطرح ..

القول عن السريالية من الممكن أن يتخذ ذات البُعد , فقد إنطلقت من الحُلم والهواجس النفسية ثم إلى الأدب كمفهوم شامل ثم إلى السياسة بكل تشعباتها .. وأظن إنني ذات يوم كتبت موضوعا في هذا الموقع تحت عنوان : عندما تقيأ مارلون براندو على صديد الميديا " .. كان الموضوع عن حدية هذا الممثل المدافع عن حقوق الهنود الحمر في أميركا , كذلك عن حقوق الفلسطينيين .. كذلك أشرت إلى إنتهازية الروائي الفرنسي " أناتول فرانسيس " الذي يعتبره البعض أعظم روائي في التاريخ , وكيف ناصر قنابل البرجوازية وهي تنهال من مدينة " فرساي " على " كمونة باريس العمالية " وذكرت انه كيف كتبت مجموعة من السرياليين عبارات من قبيل - إذا لم تخني الذاكرة :" هذا الشكاك , هذا الشكاك الودود يجعلني بارد الإحساس , ان ما يُوخز قلبي هو الإيمان والحماسة المُلتهبة والدم ." .. أيضا عبارات من قبيل : بدون ثورة , بدون حُب يُلامس القلب , بدون ألم عظيم , بدون إنتصارات حاسمة , بدون هزائم نهائية " .. ثم كيف ماثلت المفاهيم السريالية بالمفاهيم الصوفية وعلى الأخص عند الصوفي " إبن جنيد " ثم ربطت كل ذلك بحدية مارلون برندو الذي كان يمقت الميديا بوصفها جاهلة ومنافقة وهمها الوحيد هو الإرتزاق ..
يتضح من تلك الشذرات ان السريالية ذات مفهوم شمولي خاضع للغرابة والتمرد على واقع غير طبيعي نفسيا وإجتماعيا وسياسيا .. فلا يمكن الجزم ان السريالية قد تلاشت في ثلاثينيات القرن الماضي , وببساطة : كونها مفهوم فكري وليس تجمع لمجموعة من الأدباء والفنانين .. وبالنسبة لي لا أجد فرقا بين المفهوم السريالي ومفهوم العبث في الفلسفة , واللامعقول في الأدب في الخمسينات والستينات من خلال كتابات : بيكيت وأوينسكو وجان جينيه وسارتر والبير كامو وغيرهم , وأعتقد من الممكن أن تجد تلك الرؤى في موسوعة المصطلح النقدي - اللامعقول - لناقد إنكليزي يعمل أو كان يعمل في إحدى الجامعات البريطانية .

هنا محاولة لإستشفاف بعض الصور السريالية من وتريات ليلية لمظفر النواب , وقصيدة مديح الظل العالي لمحمود درويش :

النواب : ووقفت وكنت من الله قريبا " .. النواب هنا يتحدث عن آليات التعذيب وكيفية الوقوف إزاء ضراوتها .. من وجهة نظري هذه العبارة لم تستطع أن تقاربها جميع أقوال السريالية والصوفية , والملاحظ على بساطتها فإنها تتوغل في مفاهيم فلسفية ونفسية : فماذا يعني الوقوف بجانب أو على مقربة من الإله , الأنبياء أنفسهم لم يقولوا : وقفنا على مقربة من الإله , الأنبياء قالوا : الإله نقلنا أو حط بنا في سدرة المنتهى والسدرة ليس بالضرورة تكون محراب الإله .. فما هو الإله بالنسبة للنواب , الإله هنا ليس كائن هلامي ملموس , إنما أفق لجلاد وضحية بينهما نفث كوني تابع لحركات النجوم والكواكب في المجرات , تلك هي التي يُسمونها القدرة الإلهية

قد يتواءم معها قول محمود درويش في : مديح الظل العالي ولكن بنظرة مادية محضة عندما يقول : يا خالقي في هذه الساعات من عدم تجلى , لعل لي ربا لأعبده لعل "
هذا الإله هو ذاته إله النواب , الإله الذي يضخ فيك دما متوقدا لقضية أو موقف مقدس يتوغل في صميم الوطنية التي زامنتك منذ الحضن الأول .. في كلا الحالتين الإله رمز للثبات , ليس القصد الإيمان بإله أو لا , لكن الثبات هو المقترن بحركة الكواكب التي لها الدور الأكبر في تغيير المزاج البشري ووفقه سوف تتغير كل الحسابات والمعطيات "

النواب : إله البر سيكتشفوني وسأقتل في البر الواسع والريح على أفق البصرة تذروني "

تلك الصورة شاهدتها ذات يوم في لوحة لبيكاسو , لا أتذكر إسمها , بحثت عنها فلم أجدها , اللوحة عبارة عن مائدة وكرسي وسط الصحراء , البحث قادني للوحة " سلفادور دالي " - إصرار الذاكرة - التي قد تفي بالغرض , رغم التأكيد ان المفهوم السريالي كما أشير في المقدمة هو مفهوم شامل وليس بالضرورة ينحسر في عمل فني معين .. ورغم ذلك فإن معنى لوحة إصرار الذاكرة ربما يكون مقترنا ببيت النواب : إله البر سيكتشفوني وسأقتل في البر الواسع والريح على أفق البصرة تذروني .
لوحة إصرار الذاكرة عبارة عن ساعات على وشك الإندثار وسط الصحراء .
في بيت النواب ترتسم قبالتك جثة هامدة تذروها الرياح والرمال وعلى وشك الإندثار !
الواقع ان المزيج الغريب في شعر النواب يثير العجب , قد تكون معرفته بالتاريخ وتجاربه الشخصية وتوغله في الطقوس العراقية هي التي خلقت تلك الميزات الغريبة في شعر النواب فصيحا وعاميا

درويش : بيروت ليلا , وحدنا , والله فينا وحدنا , ألله فينا قد تجلى "
أعتقد تلك العبارة تتجاوز عبارة النواب عن الوقوف بجانب الله .. هنا نحن نصبح الإله , فليس من المعقول ان يتحمل جنس بشري ذلك الجزر الدموي في حصار بيروت 1982- درويش يتحدث في أنشودة مديح الظل العالي عن حصار بيروت في تلك السنة وما تبعها من مذابح صبرا وشاتيلا وبعدها أيضا خروج المقاومة الفلسطينية من لبنان إلى تونس - ويقول أحد الصحفيين الفرنسيين : ان عدد الدبابات الإسرائيلية التي عبرت الحدود اللبنانية في ذلك الإجتياح لم أشاهده في حياتي ولن أنساه وكأننا في موقعة للحرب العالمية الثانية !
وإزاء كل ذلك مع القصف الأميركي المتواصل .. لا بد أن يتجلى الإله فينا , لا بد, وإلا لا قيمة لمفهوم الإله , سوف يكون زنديقا , خائنا لتعالميه التي يبثها في خلقه !!

ليس بالإمكان رصد كل الصور والبلاغيات السريالية في وتريات النواب ولا في مديح الظل العالي لدرويش , فالقصيدتين مترعات بذلك , وأعتقد أنهما بحاجة لكتاب وليس لمقال مقتضب .. وبذلك حسب وجهة نظري أن القصيدتين أهم ما كُتب من شعر في القرن العشرين .. الكاتب يوسف زيدان يعتبر قصيدة : مديح الظل العالي انها : انشودة القرن العشرين .. بالنسبة لي ان القصيدتين بنفس المستوى من العمق الفلسفي السريالي .. عليه قررت أن أكتب موضوعا ولو مقتضبا عن تلكما القصيدتين .



#عادل_الخياط (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آل سعود كسروا خاطري
- بومبيو السمين يُحذر سويسرا ههه
- ترامب وبولتون والحرب القادمة
- عولمة البداوة
- الطيور على أشكالها تقع
- لماذا ساسة أميركا لا يخجلون ؟
- السعودية والإمارات إلى أين ؟
- - ترامب - لا يعرف أين تقع مرتفعات الجولان !
- - ترامب - بومبيو - يصادق , ونتنياهو يُبارك !
- لا تتحدث في السياسة
- السيسي بلاستيكي وليس بالستي
- هل - ماكرون - غلام سياسة أم ماذا ؟
- ترامب يعشق العنف
- العقلية البدوية و أتكيت الإعلام
- - تيريزا ماي- تتدرج في التزلف
- الخوف من جهنم
- - نتنياهو - يحسد الفلسطينيين على الدلال الأميركي !!
- حكاية بن سلمان مع - القنبلة النووية عادل الخياط
- مصطلح - ترامب - المحبب : you are fire
- آخر إختراع قاتل ل - الدين -


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل الخياط - رؤى سريالية