أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - سيف زهير - قراءة في جذور الثورة السودانية وقواها المحركة















المزيد.....

قراءة في جذور الثورة السودانية وقواها المحركة


سيف زهير

الحوار المتمدن-العدد: 6251 - 2019 / 6 / 5 - 01:24
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


تقترب السودان من إكمال شهرها الثوري السادس، وهي ما تزال تواجه تحديات متصاعدة لافتكاك سلطة النظام الدكتاتوري بشكل كامل والاتجاه نحو تأسيس نظام سياسي ديمقراطي، خلافا لما انتجه الفشل الاسلاموي الذي تشبث بالحكم بعد انقلابه العسكري المشؤوم عام 1989، فيما كشّر المجلس العسكري مؤخرا، عن انيابه بعد جولات التفاوض التي خاضها مع قوى المعارضة المدنية، عقب خلع البشير عن كرسيه، ليقوم بارتكاب مجزرة شنيعة بحق المتظاهرين، أكدت رغبته بالالتفاف على ثورة السودانيين ومحاولة اعادة انتاج نفس النظام بشكل مغاير لا اكثر.

جذور الأزمة
تعود جذور الأزمة إلى العقود الثلاث الماضية، حيث أصبح البلد تحت رعاية الأجهزة القمعية التابعة لعمر البشير، الذي تعامل من رخاءها كأولوية سبقت أهمية كرامة المواطن وتوفير قوته اليومي، فيما دمج ميليشيات الحروب والمنظمات الارهابية داخل هذه الاجهزة لتكون بمثابة دولة داخل الدولة لمراقبة المواطنين، فضلا عن عدم الوفاء والالتزام بالعهود والمواثيق التي ابرمها كاتفاقية نيفاشا المشهودة دوليا والتي اوقفت نزيف الدم في الجنوب، واتفاقية القاهرة وابوجا وغيرها من الاتفاقات المهمة والحساسة، فضلا عن تعزيز سلطته القمعية بوجود قوانين تثبت وجوده المتفرد بالسلطة والبرلمان بشكل شمولي.
وتنكرت سلطته لوثيقة الحقوق الدستورية التي تكفل للمواطنين حقوقهم الشخصية والدينية والإعلامية والتعبير عن الرأي والتنظيم النقابي والتجمعات، وتساويهم امام القانون، وتحميهم من التعذيب والتمييز وتضمن لهم محاكم عادلة لقضاياهم، حيث عملت خلافا للمضامين الدستورية واظهرت سطوة مرعبة من خلال القتل والاعتقال والمطاردة والتضييق والقمع الشرس الذي مارسته.

فشل اقتصادي
وكما هو معلوم، فأن أي نظام شمولي سيتجه نحو الحروب والاقتراض واتباع سياسات اقتصادية مشوهة تحاول أن تخرجه من ازماته المتعاقبة، وهذا ما قام به البشير تماما، وأتجه بعد انفصال الجنوب، للاعتماد على قطاعي التعدين والزراعة تعويضا للنفط، واعلانه عن تبني سياسات ليبرالية باقتصاد البلد، خصخص خلالها الشركات المملوكة للدولة في ظروف غامضة، تبين لاحقا إنها هبات مجانية لمسؤولي السلطة غير الأكفاء والفاسدين والمقربين من عائلته، كما أن قطاع التعدين نالته اضرارا كبيرة خلال هذا التخبط، فبعض مواقع تعدين الذهب كانت تحت سيطرة أجهزة المخابرات أو المليشيات القريبة منها، وسجلت خسائر بهذه الثروة عبر تهريبها إلى الخارج، وتناقصت ارقامها بعد أن بلغت 93 طنا حسب ما ذكرته وزارة التعدين، والتي وضعت البلاد في مراكز متقدمة بين العالم برصيد المعدن الأصفر، فيما تجاوزت الديون الخارجية، بفعل هذا النهج الاقتصادي، الـ 50 مليار دولار في اخر سنوات، مع تسجيل معدلات للتضخم وصلت الى الـ 70 بالمائة، ونسب بطالة كبيرة وتردي بالواقع المعاشي والخدمي والصحي والتعليمي بشكل مرعب.

بداية النهاية
ومن الطبيعي أن يؤدي كل هذا الفشل والضغوطات الكبيرة إلى تحول نوعي يحدث هزات بالمجتمع والدولة، تمثل بتفجير الغضب الجماهيري الذي لا يمكن حصره بقضية ارتفاع أسعار المحروقات والخبز فقط، بل يمكن اعتباره الشرارة المهمة لترجمة هذه المعاناة الشاملة إلى لغة احتجاجية شجاعة، رفضت السمة التقشفية التي طغت على موازنة عام 2019 والتي شهدت ارتفاع فاحش بأسعار السلع الاستهلاكية، وسط تصاعد نسب التضخم وتراجع قيمة العملة الوطنية "الجنيه" حتى يعادل الدولار الواحد 66 جنيها.

المعارضة ودورها
وقامت المعارضة السودانية بدور كبير طيلة الفترة الماضية، من خلال التحشيد والتنظيم الجماهيري في كافة القطاعات والميادين المختلفة.
ومن أبرز قواها الفعالية هو "تجمع المهنيين السودانيين"، الذي تأسس حديثا واعلن عن نفسه بديلا للنقابات السلطوية.
وطرحت جهات اخرى نفسها كقوى معارضة شاركت بحيوية في الاسابيع الاحتجاجية، منها تحالف المحاميين الديمقراطيين وشبكة الصحفيين السودانيين ولجنة الأطباء المركزية ولجنة المعلمين السودانيين وغيرها من التنظيمات النقابية، فيما قابلتها جهود اخرى لقوى نداء السودان المشكلة عام 2014 والتي تضم احزاب ومنظمات عديدة ابرزها حزب الأمة بزعامة الصادق المهدي.
وكان لـ"الحزب الشيوعي السوداني"، دورا محوريا وأساسيا في جولات الصراع مع النظام، وتعرض اعضاءه للاعتقال والتعذيب ومهم قياديين في المكتب السياسي او اللجنة المركزية، فضلا عن باقي كوادره، ولا بد من الاشارة إلى رفضه المبكر لأي عملية حوار مع العسكريين.
وساهمت كل القوى الشعبية المعارضة بقطاعاتها المختلفة في احياء الجداول الاسبوعية الاحتجاجية المفصلة الصادرة عن قيادة الاحتجاجات التي اخذت اطارا موحدا تحت عنوان "اعلان قوى الحرية والتغيير"، والذي فاوض المجلس العسكري لاحقا وقدم وثيقة متكاملة لإدارة البلد خلال الفترة الانتقالية.
ونصت الورقة على تعديلات دستورية جوهرية تتوافق مع مبادئ حقوق الانسان، والتأكيد على التبادل السلمي للسلطة، وتحديد السلطات وفصلها ومشاركة حكومية وبرلمانية نسوية بنسبة 40 بالمائة، واقامة انتخابات نزيهة يجري التحضير الجيد لها.
ونشأت خلال المفاوضات فكرة "المجلس السيادي" الذي يمكن ان يضم فيه الفرقاء، الا ان الخلاف وقع حول نسبة الاطراف فيه ولمن تكون الزعامة، حيث اصرت المعارضة على أن تكون لها الأغلبية داخل المجلس، إضافة إلى رئاسته، ولوحت بورقتها الرابحة المتمثلة بالجماهير الغاضبة، وهذا ما جعل المجلس العسكري يزداد شراسه لان توقعاته خابت باختطاف الثورة ومراهنته على امكانية تشتيت الجهود من خلال الوقت والمماطلة.

مخاوف وحذر
وعلى ما يبدوا فأن القوى المعارضة قد ارتكبت خطأ الى حد ما، بعدم تعجيلها بإنهاء المفاوضات مع العسكريين، واللجوء إلى التصعيد المنضبط، لأن التجربة السودانية لا يمكن أن تنجح بنظر بعض الدول وليس من صالحها وجود حكومة في بلد عربي مهم، أن تغرد خارج السرب ويكون لها مضمون مدني ديمقراطي يمكن أن ينقل عدواه إلى الخارج ويربك المنطقة، وهذا ما دعا السعودية والامارات ومنذ الساعات الاولى للانقلاب العسكري في قصر البشير، عن إعلان دعمها لخطوة الجيش، وتقديم سخائهم المالي لقادته من أجل احكام السيطرة على هذه المرحلة، فيما يتزامن هذا الأمل السوداني، بوجود حاكم في الجوار، ثبت نفسه بطريقة انقلابية ناعمة، لسنوات طويلة يحكم فيها رقاب المصريين، ولهذا لا بد من الحذر والتعجيل بإيجاد الحلول، ولا يمكن تناسي دور ومصالح القوى الدولية والإقليمية كافة في خطورتها على منجزات الثورة، وتلونها وضبابية مواقفها تجاه الشعب السوداني، في الفترة التي سبقت اسقاط البشير.



#سيف_زهير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل تنجح أنظمة الاستبداد والمصالح الدولية في إنقاذ البشير من ...
- واجبات الحكومة ليست انجازات يا سادة
- اصلاح الاصلاحات
- رسالة الى السيد وزير التعليم العالي والبحث العلمي
- ارادة العراقيين في مواجهة الفاسدين
- الاطار الوصفي في رواية تكسي كراون
- الصحافة مهنة نبيلة فلا تدنسوها
- لتحالف المدني الديمقراطي ضمن مفهوم الكتلة التاريخية


المزيد.....




- محكمة تونسية تقضي بإعدام أشخاص أدينوا باغتيال شكري بلعيد
- القذافي يحول -العدم- إلى-جمال عبد الناصر-!
- شاهد: غرافيتي جريء يصوّر زعيم المعارضة الروسي أليكسي نافالني ...
- هل تلاحق لعنة كليجدار أوغلو حزب الشعب الجمهوري؟
- مقترح برلماني لإحياء فرنسا ذكرى مجزرة المتظاهرين الجزائريين ...
- بوتين: الصراع الحالي بين روسيا وأوكرانيا سببه تجاهل مصالح رو ...
- بلجيكا تدعو المتظاهرين الأتراك والأكراد إلى الهدوء
- المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي: مع الجماهير ضد قرارا ...
- بيان تضامن مع نقابة العاملين بأندية قناة السويس
- السيسي يدشن تنصيبه الثالث بقرار رفع أسعار الوقود


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - سيف زهير - قراءة في جذور الثورة السودانية وقواها المحركة