أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - العقل الإنساني بين فرض التكهن وفرضية التدين















المزيد.....

العقل الإنساني بين فرض التكهن وفرضية التدين


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 6250 - 2019 / 6 / 4 - 23:36
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


سؤال مهم وأساسي للولوج في قضية التكهن والتدين وعالم الإنسان مجردا من عناوينه الأخرى سواء أكان الإيمان أو الكفر, ويتعلق أيضا بمفهوم المعرفة حين يطلق الله نصا أو الناص فكرة من خلال النص ويطلب من الناس أن تتعبد بمعنى أن تأخذ ما في النص على أنه نقطة أنطلاق لفكرة ربما تجر معها سلسلة من الأفكار المتوالية والمتتالية, نجد أن الله هنا يأمرنا بعد أن فتح بابا للمعرفة أن ننطلق بعيدا بما في هذه الفكرة من مدى للوصول إلى عوالم متعددة وأبواب متنوعة , الكهنوتي يرى في النص أنه نهاية الحكمة نهاية المعرفة وإنما الله عندما منحنا النص أراد لنا أن يكون هذا التنصيص بما فيه هو الجدار الأقصى الذي يجب أن لا يخترق ولا يتجاوز عليه وإنما البحث عن ما قبله ولحدوده فقط .
الفرق بين ما يريده الناص (خالق الدين ونصوصه) وبين ما يريده الكهنوت المحافظ بتزمت على محدودية القراءة، أن الأول يفتح لك الأبواب مشرعة لتنطلق في فضاء مفتوح وحر لتثبت بها أنك من أصحاب الفهوم المنفعلة والمتفاعلة مع ملكة التعقل الطبيعية، أما الثاني يؤمن ويعمل على إنشاء كل المحميات المغلقة لكي يمنعك من أن تطل ولو بنظرة فاحصة لما بعد فكرة النص ظناً منه أن ذلك يفسد الإنسان وعقله المحدود، الكهنوتي هو المسئول الأول عن قتل الدين وارتكاب المعصية العقلية تجاه النص والإنسان والناص.
هنا الكهنوتي يصادر النص من عمقه ومن هدفه ويحصره في راهنية الفكرة وحدودها التي ولدت فيها , فلا يسمح له التحرك لخارج عقله هو لا يطلق سراحه ليكون قائدا للعقل الأخر , هذه الوصاية نتاج تطرف في حق القراءة وتطرق في غاية ما يقرأ والواجب أن العقل يمضي حيث يستطيع النص أن يصل بك لتغادر بعده عالم النص إلى عالم النتيجة , عندما نقرأ نص مثلا ( ألم يروا إلى الإبل كيف خلقت ) هنا النص يحث على الخوض ما بعد الصورة الذهنية ولا يريد بالمطلق إخبارنا بواقعة مادية ملحوظة , الكهنوتي يدور في فلك ألم ويعتبرها تحدي للعقل من الله وبالتالي لا يجوز شرعا ولا عقلا تحدي النص .
هكذا تعامل البعض بل الغالبية من قراء النصوص وفق مبدأ اخترعوه لأنفسهم على أنه نص وتخصيص لهم وهم من معني بالحكم (وأسالوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) هذا العنوان أهل الذكر فيه الكثير من التفصيل كما فيه الكثير من الدعوة للتفكر بأعتبار السؤال هو أول طريق المعرفة، ولكن بأي حال لا يعني أنهم وحدهم من يملك الحق في المعرفة بل هي دعوى صريحة للاستمرار في عملية التعلم والتعليم والتثقيف على أنها واجب وأمر طبيعي كي يكون الإنسان مساويا لوجوده الوظيفي.
الكهنوتي أو رجل الدين الذي يطبق نظرية أمتلاك النص ومصادرته لدائرة الملكية الخاصة غير جدير بأن يكون من أهل الذكر , لأن كلمة الأهل تعني المعية أو المسئولية التبعية , إذن هو ليس أكثر من معلم يدور في فلك المعرفة دون أن يكون له الحق مطلقا في إدارة المعرفة وفق ما يفهم هو بل وفق ما يريده النص , وهنا عندما يتخلى عن دور المعلم المرتبط بعالم المعرفة يتحول إلى مشرع ومالك للحق في التشريع لأنه مالك حق التوسع أو التضييق على العقل ,وهذه هي نتائج تحول الكهنوتي من وظيفة نقل المعرفة إلى وظيفة أمتلاكها والحرص على أن لا تخرج من حدود عقله الضيقة .
من المعروف أن المعرفة كمفهوم مادي حسي هو حركة توالديه مستمرة لا تتوقف عند حد أو عند قضية محددة مهما كانت هذه القضية المعرفية أو النظرية من الاتساع والشمولية , لأن التسليم بفكرة أن المعرفة متناهية في نقطة ما يتوجب علينا عقلا ومنطقا أن نحدد هذه النقطة على وجه البيان التام , والتي أظن أنها ممكنة الوجود في اللحظة التأريخية التي ينتفي فيه الوجود نتيجة توقف الحركة فيتحول من ماهيته المعروفة إلى ما هي الاستهلاك والتحول , هذا يؤدي بنا إلى التسليم بقضية أن المعرفة لا يمكننا أن نحتويها ولا يمكننا أن نحبسها في أطار ما لأن ذلك يعني موت المعرفة بموت الوجود .
إن تبجح الكهنوتي بأنه مالك مفتاح المعرفة بالنص وان أدعاء أن بعض العقول التي يؤمن بها ويرجع لها في كل حين قد بلغت النهاية في المعرفة التامة به إنما يريد أن يقول أنه العقل الكامل الذي لا يمكن أن تتوالد خارجه أي قراءة وأي تخريج أو تطوير لحدود الفكرة التي يطرحها وبالتالي فهو يصادر حق العقل البشري في الإثبات الإيجابي والسلبي والإنكار الإيجابي والسبي للحقيقية التي عليها النص ,لكل نص حقيقة خاصة به قد تبدو من خلال البناء وقد تختفي عميقا في حدود المقاصد الغائية التي تحتاج لعقول ذات قدرة على التحرر من علاقة البناء النصي بالفكرة .
لو عدنا إلى الدين مجرد كفكرة وخطاب عقلي للعقل البشري هل كان يؤمن بالإشكالية الثلاثية التي يمارسها الكهنوتي وهي، ما هي حدود المعرفة الكاملة في ظل عقل مكيف على إستيلاد الجديد ونقد الواقع الذي كان وجود الدين واحدا من فاعلياته؟، ثانيا هل يمكن أن يكون العقل أسيرا للنص ومحاطا بما فيه من بنائية ظاهرة كي يكون العقل تابعا له؟, والموضوع الأخطر والمهم هل أن الدين عندما كان في طريق الإنسان أفترض آليات ومفاهيم مسبقة ومعلقة بشخص أو أشخاص أو نماذج تتولى مهمة التحديد والتأطير ؟ أم أن الدين أساسا كان فكرة حرة لتكسير الأطر وتحرير مستوى الإدراك العقلي من التلقي إلى الخلق؟، هذه وغيرها من العناوين يجب أن نصل لها بمفهوم مستقر ولا أقول ثابت كي نواصل رحلة ماذا يريد الدين من الإنسان وماذا يريد الإنسان من الدين؟ .
يقول علي شريعتي في نقد واحدة من ظواهر مصادرة حق النص في الوصول للعقل البشري محررا من القيود، فيقول ليس من حق أحد أن يفرض على الأخرين أن قراءته أو فهمه هو الصحيح أو الكامل، لأن من حق الأخرين أن يلزموك بنفس القاعدة التي أنطلقت منها طالما ليس هناك من معيارية متفق عليها في إثبات الحق بامتلاك المعرفة التامة، هنا نعود لجوهر ما يريد الكهنوت تحديدا في مصادرة ما يريد من حق النص في التعبير بحرية عما فيه؟.
الحقيقية التي ينكرها الكثير منهم ويتجنب الخوض فيها البعض أن ما يراه الكهنوتي بعقله المصمم والمبني على مقدمات مزروعة في وعيه البعيد والتي تفيد بأن الله هو من أراد أن يكون الدين بمعنى النص محفوظا من العبث ومن القراءة الغير مؤمنة وبالتالي بوجوده الذاتي الذي يمثل خط الإيمان يظن أنه ملزم كواجب وحق أن يمارس هذا الحفظ وإن لم يكن مكلفا به على وجه الخصوص أو التخصيص.
العيب إذن ليس في إرادة المتدين الكهنوتي ولا في النص الديني ولكن تنحصر الإشكالية في شبهة مصطلح المعرفة الكاملة والمدى المقبول منها, التي يؤمن الكثير من الناس فوق ما يؤمن به المتدين الكهنوتي، إن وجود هاجس الخروج عن دلالات ونتائج النص من خلال قراءات أعتباطية غير متسقة مع المنطق الإيماني ,قادته هو أيضا إلى أنتاج قراءات أعتباطية أيضا من خلال فرض قراءة الذات المؤمنة له , والتي لا ترى في إيمان الآخرين أي صلاحية للقراءة الحقيقية وفق ما يريد صاحب النص أو من بعثه ، أذن الخوف من خوف أن يقع النص رهين قراءة حرة قاد الكهنوتي للفهم المتحجر ,هذا إذا سلمنا أن النية لم تكن مبيته أساسا لخرق الفكرة وتغريب النص وحجزة في دائرة المعرفة الكاملة.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مفاهيم وأفكار في القضاء والقدر والجعل
- ماذا يمكننا ان نعمل لنهوض العراق ؟ح2
- ماذا يمكننا ان نعمل لنهوض العراق ؟ح1
- بيان رأي التجمع المدني الديمقراطي للتغيير والأصلاح.
- عصرنة الفهم الديني ج1
- وثنيون بالفطرة
- المعتزلة ودورهم في بناء واقع الإنسان الكوني
- العراق على خارطة التيه والضياع. رسالة الى العراق والعراقيين
- د. خزعل الماجدي ووهم الأديان... حالة توهم أم قطع يقيني
- يا مدنييّ العراق أتحدوا.....
- كلنا عبيد قريش وليس فينا من يعبد الله
- رسالة إلى امرأة فاتنة
- عندما تكون الدولة لعبة.... ح1
- المنقذ التاريخي وإشكالية البيئة الحاضنة له وأسئلة أخرى. ح2
- المنقذ التاريخي وإشكالية البيئة الحاضنة له وأسئلة أخرى. ح1
- تفكيكية دريدا بين الفرادة في الإبداع وطبيعية المعرفة الإنسان ...
- تفكيكية دريدا بين الفرادة في الإبداع وطبيعية المعرفة الإنسان ...
- نقابة المحامين العراقيين بين قانون السلطة وخيار التنظيم
- الفكرة الخفية....
- قصصي لا تنتهي....


المزيد.....




- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- لوموند: المسلمون الفرنسيون وإكراهات الرحيل عن الوطن


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - العقل الإنساني بين فرض التكهن وفرضية التدين