أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - عباس علي العلي - يا مدنييّ العراق أتحدوا.....















المزيد.....

يا مدنييّ العراق أتحدوا.....


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 6187 - 2019 / 3 / 31 - 01:18
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


يا مدنيوا العراق أتحدوا.....


في عالم الفكر والمثاليات الطوباوية نجد لمثل شعارات (يا عمال العالم أتحدوا) كما نجد في شعارات من قبيل (الإسلام هو الحل) تحدي لجوهر الواقع بواقعيته وقوانينه، وإذا كنا نقبل أن يكون العمال مجتمع له خصائصه دون بقية طبقات المجتمع لما يشترك به الكادحون عمالا وشغيلة وفلاحين وكسبة صغار من دواعي الأتحاد في مواجهة ما يسمى بالبرجوازية وقادتها من الرأسمالية الأستغلالية سببا كافيا لهذا الأتحاد العابر لحدود الجغرافية، ولخصوصيات المجتمعات الحديثة القائمة على حد المواطنة والأمن القومي والمصالح الوطنية، كذلك نقبل ولو افتراضا أن يكون الحل كله في سلة الإسلام كدين وليس كنهج سياسي، بالرغم من كون نفس الأسباب التي تحول دون أتحاد العمال هنا تلعب ذات الدور وتحول دون تحقيق ما يصبو له دعاته من صورة طوباوية أخرى تفترض مقولتها دون النظر إلى كون الأمر المنادى به خارج لعبة التاريخ والزمن، ويبقى الشعار فارغا من القوة الطبيعية القادرة على تحويله من مقولة سياسية مجردة إلى نظام مؤسساتي، القصد هنا في إيراد المثلين أن عصر الأيديولوجيات القومية والفئوية لم يعد قائما وليس له مبررات في عالم متداخل متشابك تحكمه المصالح المرتبطة بالقوة وسيادة الدساتير الوطنية.
لم تنجح الديانة أن تكون جامعا لكل أطياف المجتمع ولن تنجح طالما أن الحق الطبيعي للإنسان مفتوح على خيارات القبول والرفض له، كما لم تنجح القومية يوما في أن تنشئ مجتمعا موحدا قائما على وحدة الدم والأنتماء العرقي لا سابقا ولا ممكن أن نجد مثال ذا مصداق على ما تطرحه من صورة خيالية له، حتى الأفكار الماركسية والشيوعية التي نادت بوحدة العمال لم ولن ترفض أن تكون مجتمعاتها طبقة واحدة من العمال والشغيلة والفلاحين، المجتمع المتنوع والمالك للقدرة على احترام التعدد بحسب حاجاته وواقعه وضرورياته يبقى هو المجتمع الأقدر على ديمومة البقاء والتطور، هنا علينا البحث على صورة أكثر واقعية لهذا المجتمع تجمع بين حق التعدد ووحدته على أساس خيار وجودي أخر يبتعد عن الخصيصة الواحدة واللون الواحد،
لم تنجح الديانة أن تكون جامعا لكل أطياف المجتمع ولن تنجح طالما أن الحق الطبيعي للإنسان مفتوح على خيارات القبول والرفض له، كما لم تنجح القومية يوما في أن تنشئ مجتمعا موحدا قائما على وحدة الدم والأنتماء العرقي لا سابقا ولا ممكن أن نجد مثال ذا مصداق على ما تطرحه من صورة خيالية له، حتى الأفكار الماركسية والشيوعية التي نادت بوحدة العمال لم ولن ترفض أن تكون مجتمعاتها طبقة واحدة من العمال والشغيلة والفلاحين، المجتمع المتنوع والمالك للقدرة على احترام التعدد بحسب حاجاته وواقعه وضرورياته يبقى هو المجتمع الأقدر على ديمومة البقاء والتطور، هنا علينا البحث على صورة أكثر واقعية لهذا المجتمع تجمع بين حق التعدد ووحدته على أساس خيار وجودي أخر يبتعد عن الخصيصة الواحدة واللون الواحد، ليس هناك من حل يجمع بين الحق والضرورة سوى العودة إلى طبيعية الوجود المبنية نظريته على حق الأختلاف وحق الإنتماء بمستوى واحد، أي الرجوع إلى المدنية الاجتماعية التي تتساوى فيها الحقوق وتتساوى فيها الواجبات والتفاضل يكون لمن يبني أكثر للمجتمع ويتميز بقدرة التماهي مع رسالة البشر في الوجود وهي الإعمار والإصلاح، هذه العدالة المدنية التي يقبل بها الفرقاء الاجتماعيين وتصلح لوحدة المجتمع كمظلة جماعية لجميع أفراده.
أسوق هذه المقدمة لمن ينادي اليوم بوحدة المدنيين في العراق على أساس من نظام يحترم الجميع ويحميهم دون تمييز ولا إقصاء، كما يكون المجتمع ذاته هو من يدافع عن هذه القيم ويحميها لأنها الضمانة الوحيدة له للتعايش بسلام وعدالة وحرية، هذا الهدف ليس منفصلا عن مرحلة تطور تاريخي اجد مبرراتها اقوى من مجرد الافتراض والتنظير بعد فشل كل التجارب السياسية القانونية التي قامت أو طبقت بشكل أو بأخر في العراق، ونتج عنها أن قيم المواطنة والوحدة المجتمعية تضررت وتشرخت تحت وطأة الأيديولوجيات القومية والدينية واليسارية إذا صحت التسميات، السبب والعلة ليس في واقع المجتمع بل في واقع القانون الذي لا يحترم العدالة الأجتماعية بين أفراده ولا يحمي قيم المواطنة دون تفريق وتخندق، هنا كانت الحاجة للتنظيمات السياسية التي تتزعم فئات دينية أو أثنية الحق في العمل باسمها ونيابة عن القاعدة التي تمثلها وهو حق مشروع، الأكراد والتركمان وغيرهم من جزئيات المجتمع العراقي أصابها الضيم والحيف وكان لا بد لقادة هذه الكيانات أن تتحرك لمواجهة الأستحقاقات الأجتماعية لرد الأعتبار لها ولمن تمثل.
كذلك بقية المكونات الدينية والمذهبية والتي تملك نفس المبررات والأسباب نجحت في بلورة قضيتها على أنها حقوق جزئية من حق عام، وهو حق الإنسان الطبيعي في ما يعتقد ويؤمن به ويتقلده ضمن نظام قانوني واحد وموحد يعتمد على أساس المواطنة الواحدة، إلى هنا كان الأمر مشروعا بل وله القناعة اليقينية في أسبابه وعلل، ومع وضع دستور 2005 ومع كل السيئات التي رافقته وقللت من فاعليته لكنه نجح إلى حد ما من الأنحياز إلى مفهوم سلطة القانون وحماية الحريات والحقوق الأساسية، وتحول مفهوم هذا الحق من نظرية إلى قواعد ناظمة ومنتظمة تحتاج إلى تجذير ودعم اجتماعي لتفرض مفهوم المواطنة، وبناء على ما في الدستور من مبادئ مدنية حقيقية ولفشل الأحزاب التي اتخذت عناوين فرعية دينية ومذهبية وأثنية وغيرها من العناوين في أن تحول المبادئ تلك إلى ممارسات حية، وعودة نوع أخر من الإقصاء والتهميش والإبعاد ولكن هذه المرة نتيجة وجود أحزاب بتلك العناوين تبحث عن مصالح فئوية وليست مصالح وطن ومواطنة، صار التوجه الجماهيري نحو المدنية الأجتماعية الحقيقية، وتحولت الكثير من الأصوات المخلصة التي تشكل القاعدة الجماهيرية العريضة للشارع العراقي بمطالبة المدنيين بالتوحد على أساس مشروع وطني مدني ديمقراطي يتساوى فيه العراقيين كوحدة واحدة استنادا للدستور ومخاض تجربة سنوات ما بعد 2003.
هكذا بدأ التحرك المدني الديمقراطي العراقي مساعيه منذ أشهر في محاولة وطنية لتوحيد صوت ضاغط وله أثر في إحداث نقلة أجتماعية حقيقية للواقع العراقي، وبدأت تلك العناوين الوطنية بالتلاقي على المشتركات الكبرى نزولا للتفاصيل الأدق كمراحل حتى يتم الاتفاق على رؤية وطنية مدنية ديمقراطية جامعة لهذا الطيف السياسي الاجتماعي العراقي المهم، وبعيدا عن نسب النجاح والتطور في هذا المسعى تنادت تجمعات وأحزاب تحمل شعار العراقية كصفة وهوية للتباحث على أساس مشروع عراقي مستقبلي، مع تطور العمل ولرغبة البعض في جمع أكبر ما يمكن من حركات سياسية عراقية تؤمن بالعلمانية والمدنية تسللت قوى وعناوين منها ما هو طائفي ديني ومنها ما هو أثني عنصري، كان طرحنا الأول والذي أهمل مرارا وتكرارا أن تنصهر هذه التنظيمات وتتوحد بعنوان وطني واحد وتتحول إلى كتلة وطنية مدنية ديمقراطية، ولكن ما سعينا له تحول إلى أضحوكة عند البعض وتعجب وأستنكار عند البعض الأخر بدعوى أن تاريخها وأسمائها لا يمكن أن تكون تحت يافطة جديدة حتى لو كانت يافطة العراق الواحد الحر المستقل.
من يريد أن يبني وطنا تسوده العدالة وثقافة التمدن وروح المواطنة عليه أن لا ينظر للماضي وجزئياته، ولا يتسلح على أبناء وطنه بالهوية الفئوية التي تعني مزيدا من التشرذم والتشظي طالما لا نعي أهمية الشعار المرفوع ونسعى لتجسيده واقعا؟ وما قيمة الماضي وألأمه مع مستقبل نصنعه بأيدينا لنتجاوز مأسي روعت كل العراقيين وحطمت وطن يتسع للجميع، نريده خيمة لنا كلنا وعنوانا يجمعنا ونجتمع به وليس خيمة لمصالحنا الفردية والفئوية؟ وكيف نكون صادقين مع الشعب ونحن نرفع لهم ما يجذر فيهم روح الانعزالية والشعور بالتميز السلبي وعدم مغادرة الماضي بجراحه ومصائبه؟ من يريد وطن متمدن وشعب حضاري عليه أن يرفع شعار العراق وطن الجميع وللجميع ولا عنوان غيره، فهل تنفع صيحاتنا (يا مدنييّ العراق أتحدوا) ونحن في النقطة الأخيرة التي فرقتنا وشتتنا ومزقت وطن يحلم بمستقبل واعد وحر ومستقل؟ سؤال في معرض الإجابة عليه ممن يسعون إلى الترجمة وحمل الأمانة الوطنية إن كانوا صادقين مخلصين لهذا الشعب ولقضيته المصيرية.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كلنا عبيد قريش وليس فينا من يعبد الله
- رسالة إلى امرأة فاتنة
- عندما تكون الدولة لعبة.... ح1
- المنقذ التاريخي وإشكالية البيئة الحاضنة له وأسئلة أخرى. ح2
- المنقذ التاريخي وإشكالية البيئة الحاضنة له وأسئلة أخرى. ح1
- تفكيكية دريدا بين الفرادة في الإبداع وطبيعية المعرفة الإنسان ...
- تفكيكية دريدا بين الفرادة في الإبداع وطبيعية المعرفة الإنسان ...
- نقابة المحامين العراقيين بين قانون السلطة وخيار التنظيم
- الفكرة الخفية....
- قصصي لا تنتهي....
- الى صديقي ...أخي علاء المشذوب
- تخلية المأجور في القانون العراقي.. إرادة القانون أم إرادة من ...
- أمنيات مجنون عاقل
- يوما ما ..... كنت مع الرب
- الممكن والضروري
- قتلى وصرعى على أرض البرتقال
- في الهم المدني عراقيا
- أنت إنسان
- الفقر والتفقير وأثر الدين والفكر والمعرفة في مواجهتهما....ح1
- عريان الذي ذهب لربه وهو بكامل إناقته الإنسانية


المزيد.....




- من اشتوكة آيت باها: التنظيم النقابي يقابله الطرد والشغل يقاب ...
- الرئيس الجزائري يستقبل زعيم جبهة البوليساريو (فيديو)
- طريق الشعب.. الفلاح العراقي وعيده الاغر
- تراجع 2000 جنيه.. سعر الارز اليوم الثلاثاء 16 أبريل 2024 في ...
- عيدنا بانتصار المقاومة.. ومازال الحراك الشعبي الأردني مستمرً ...
- قول في الثقافة والمثقف
- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 550
- بيان اللجنة المركزية لحزب النهج الديمقراطي العمالي
- نظرة مختلفة للشيوعية: حديث مع الخبير الاقتصادي الياباني سايت ...
- هكذا علقت الفصائل الفلسطينية في لبنان على مهاجمة إيران إسرائ ...


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - عباس علي العلي - يا مدنييّ العراق أتحدوا.....