أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مؤمن سمير - مقاطع من كتاب - غذاء السمك- تأليف / مؤمن سمير.مصر














المزيد.....

مقاطع من كتاب - غذاء السمك- تأليف / مؤمن سمير.مصر


مؤمن سمير
شاعر وكاتب مصري

(Moemen Samir)


الحوار المتمدن-العدد: 6243 - 2019 / 5 / 28 - 03:12
المحور: الادب والفن
    


مقاطع من كتاب " غذاء السمك" تأليف / مؤمن سمير.مصر
(1)
قالوا بعد أذان الفجر في ميكروفون الجامع القريب، إنه مات وقالوا تحتَ الشُبَّاك إنَّ العقرب قَرَصَه.
من كثرة ما تخيلتُ العقاربَ ورَسَمْتُها ، امتلأ بيتنا بالفعل بها ، وأَخَذَنا أبي ورَحَل ...
(2)
مع الوقت تَربَّت لي حاسة مميزة، هي اكتشاف الآخرين قبل ظهورهم، واكتشاف كذبهم من ظِلالهم.. الظِلالُ قلَّما تخطيء، الظِلال هي الروح الخام.. ألمحُ الظِل فأحس بدرجة وحشية صاحبه ودرجة شقائهِ في حياته أو سعادته.. و الظلال من شدة حبها لي صارت لا تفارقني رغم أن أشخاصها غادروا- أو حتى نسوا أن يأتوا بالأساس - الظِلال تدخل في الحيطان والأبواب وتجلس بجانبي على السرير وتُربت عليَّ..
لكن بخشونتها المعتادة....
(3)
بدأَ خروجي ينتظم ، أتنصت على البيوت الواطئة والبلكونات ، سأكشف أسرارهم وترتيبات القتل وأماكن إخفاء الجثث وسأكتب كل شئ ، سأصنع منشورات أربطها في أرجل الحَمام فتطير بها للسماء .. خرج الرجل من قلب ظلام البلكونة القريبة من الأرض ، بهدوءٍ ماكر جعلني لا أحس به ، أصلع يرتدي ملابسه الداخلية وله شَعْرٌ كثيف على صدره وذراعيه وساقيه ووجهه وعيونه .. "بتعمل إيه يا ابن مِلِّة الكلب" .. تناولت الثلاث وأربعين صفعةً و مشيت ثم عدتُ للبحث عن أسناني المحطمة، خوفاً من أن تكون سَقَطَت في مكانٍ لزج، يسمح لها بالنمو.........
(4)
كنتُ وراء الشيش أراقبهم ، اثنان من الفتية يضحكان ، تسارع لهاثي وركَّزتُ تفكيري وأعصابي وكياني كله في إرسال دفقة غاضبة وساخنة تفسد الهواء الذي بينهما ، بعد دقائق نجحت المهمة واقتربا من بعضهما .. أحدهما يُخرج مُدْيَةً ويطعن بها قلب الآخر.. غطيت نظري بيديَّ المتصلبتين لكني ضبطت نفسي أشتاق للدم.. أفسحت المجال لعيني .. امتلأ القميص باللون الساحر .. البقعة الغامقة كانت تتسع وتتسع وأنا أكادُ أُجَنُّ من الإثارة.. وعندما هرب القاتل نظر الذي كان راقداً في بركة الدماء إلى فوق ، تلاقت نظراتنا وتوقف الزمن ، لكنه اصطبغ بالأحمر الفاتن، الذي سيملأ بعدها الغرفة والأوراق والملابس وأعتاد أن أُغلق عليه عيوني مقطباً جبيني مرةً ومبتسماً مرةً أخرى ...
(5)
لم يتملكني الحنين أبداً، إلا مرةً واحدة، يوم نسيتُ أظافري التي أحرص على التخلص منها يومياً، مرتعشا ً و متحفزاً.. بعدما قال الشيخ في إذاعة القرآن الكريم، التي تسللت خصِّيصاً إليَّ في المساء، إنها تُخفي شياطين تستظل تحتها. قصصتها بالمقص البارد ولم أقرضها بفمي مثلما أفعل دائماً. مرعوبٌ من أن يستولي عليها أحدهم ويزرعها ويحولها سهاماً تصطادني لأنها تحفظ رائحتي ... أين أخفيها .. أين .. ؟ أموتُ شوقاً ولا أنسى المذاق الذي يجرح حلقي ولن أسامح نفسي على نسيانها حتى صارت بيتاً للشياطين.. و أنا في الطريق المظلم تساءلتُ عن سبب طولها المفاجئ، لابد أن شيطانها تثاءَب بصوتٍ عالٍ أو أصابتهُ التخمةُ من مصِّ دمي.. عندما سأصل سأبتلعها أو سأجرح نفسي وأغرسها في اللحم، المهم أن تعود إلى جسدي لتنمو وتنمو وأنهشها كالعادة، لأُحِسَّ بمدى عنفي وقوتي الضارية...
(6)
من المخدرات، التي أزرعها في غرفتي منذ سنوات طويلةٍ تعلمتُ أن أضحك. أضحكُ بنَزَقٍ وبما يُشبِهُ البَلَهْ على أي شئ أتخيل أنهم قاموا به .. قبل ذلك ،عندما كان صديقي يضطرني للابتسام على أفعالهم كانت شفتايَ ترتجفان وتصطكُ أسناني وتتأرجح عضلات الوجه بين الانقباض والانبساط وتسقط أكتافي ويتساقط جلدي قطعةً قطعة لأبدو أبلها .. أقصد عارياً.. قبضةٌ من الفولاذ كانت تظهر لتدوسَ الضحكات إلى الداخل ، حتى تنعجن وتضيع ملامحها في عيني .. و كلما خرجت مرتعشةً لتتنفس، لا تعود ثانية لمقرِّها الأسود، بل تنطلق في الهواء وتختفي.. أما الآن، ومنذ اليوم فأنا أضحكُ بأعلى صوت، وبانطلاق لا يحدهُ حدود، لأعوض ما فات.. نجَحَت التميمةُ التي خَلَّقْتُها بنفسي في إطلاق روحي وفك عُقَد الأنسجة والخلايا والتربيت على كتف الحَفَّار العجوز الذي يُوَسِّع قُطْر المسام ........
(7)
تَكَفَّل السمك بغذائي .. كيف أقترب من الثلاجة الضخمة التي لا يفارق قلبها النور القاسي، و التي تشبه الدب الكبير الغبي، أو من الموقد التنين الذي يرمي لَهَباً.. عندنا حوض لسمك الزينة، آخذ بضع حبات من طعامه وأفركها في الماء فأشبع.. الظاهر أن هذا هو سبب تلك الحراشف التي تظهر في ظَهْري و وَجْهي.. و الأغلب أن الله خلق السمك بلا رموش ولا حواجب وساب عيونه مفتوحةً دائماً من أجل أن يراقبَ السارقين ويدهنهم برائحته ويبعث لعناته...

* غذاء السمك ، مؤمن سمير ، الذهبية للنشر والتوزيع - مصر2019



#مؤمن_سمير (هاشتاغ)       Moemen_Samir#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -الرؤية الحيوية- كمفجر لشعرية النص ..في ديوان - تأطير الهذيا ...
- كتابة الألم:قراءة في ديوان (بلا خبز ولا نبيذ) للشاعر مؤمن سم ...
- -عن الذي شال النبع ليصطاد- قراءة في ديوان مؤمن سمير ..(حَيِّ ...
- الإنتاجية الجمالية للأَثَر في الخطاب الشعري..قراءة لديوان -ح ...
- - ذائقة الحروب - شعر/ مؤمن سمير.مصر
- - أبعدُ بلدٍ في الخيال -شعر / مؤمن سمير . مصر
- - الصياد العتيق -
- أسكب ذاتي على الورق وأعيد صياغة وجودي عبر الشعر
- - أمشي بفضيحتي أمامَكَ .. يعني أمام الجميع - شعر
- دماءٌ تنزلُ من عَيْني
- - أنشودة الفتى الصاوي..طبت حياً وميتاً يارفيق- بقلم / مؤمن س ...
- - تجدد الصوت التمثيلي ووفرة الدوال والصور- في ديوان «بلا خبز ...
- كوابيس محبة مؤمن سمير .. في ديوان - بلا خبز ولا نبيذ - بقلم/ ...
- - وداعاً يا حبيبي الغالي ، يا من لا يليق ولا يصح معه الوداع ...
- - تصعدُ وتنطفئُ ، رويداً رويداً -
- - يجلسُ على حَجَرٍ ويتذكر نزار قباني - بقلم / مؤمن سمير
- - في القصر العالي ، يَرِنُّ صوت كبير قريتنا ياأبي - شعر / مؤ ...
- - حدوتةُ النوم ِ..- شعر / مؤمن سمير . مصر
- - كلُّ شتاءٍ - شعر
- أربي في جفني أبعاداً وأبعاداً - شعر / مؤمن سمير . مصر


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مؤمن سمير - مقاطع من كتاب - غذاء السمك- تأليف / مؤمن سمير.مصر