أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين علوان حسين - عَميد الكليّة الجديد














المزيد.....

عَميد الكليّة الجديد


حسين علوان حسين
أديب و أستاذ جامعي

(Hussain Alwan Hussain)


الحوار المتمدن-العدد: 6242 - 2019 / 5 / 27 - 14:12
المحور: الادب والفن
    


نَظَرَتْ نِسرين إلى السّاعة الكبيرة المعلقة على حائط غرفة الاستقبال : الثالثة و النصف صباحاً . لا حَول و لا قوة إلا بالله ! هذه هي المرّة الثالثة في بحر أسبوع التي يفوتها فيها تناول طعام السحور و شرب بعض الماء في ذلك الشهر الرمضاني القائظ الحر قبل موعد الامساك ، 3:17 فجراً بسبب انهماكها الرهيب في التحضير لامتحانات الفصل الثاني للسنة التحضيرية لنيل شهادة الدكتوراه مع الالتزام التام بالصيام . لعنة الله على دراسة الدكتوراه في العراق ! تحطيم للطالب تام ! على الطالب الاستيعاب المضبوط لمواد أكثر من عشرين كتاباً و بحثاً جديداً في بحر ثلاثة شهور فقط ، علاوة على تقديم البحوث في خمسة دروس قبل أداء الامتحان الفصلي فيها . حَمِدَت الله أنها استطاعت اجتياز الفصل الأول بنجاح ، و لكن ذلك لم يحصل إلا بعد شقِّ الأنفس ، و على حساب تدهور الصحة و تفريغ الجيوب . فقد خفَّ وزنها – الضئيل أصلاً – كثيراً و أصبحت تبدو كالشبح بكيلاتها الثمانية و الأربعين بحيث أن زوجها قد كفَّ عن مجامعتها منذ 13 يوماً بالتمام و الكمال ! كلا ، لقد أصبحن الآن 14 يوماً رغم عدم صيامه في شهر رمضان ! من ثلاث مرات باليوم عند أول زواجهما قبل ثلاثة شهور إلى الهجر التام بصمت قاتل منذ اسبوعين ! سبحان مبدِّل الأحوال ! ها هو يغطُّ بالنوم بشخيره الحصاني فيضطرها للكفِّ عن دخول غرفة النوم خشية ايقاظه . أنه يتحجَّج بصيامها ، و بكون لولب منع الحمل الذي اضطرت لتركيبة مؤخراً يثبِّط اندفاعه و يفسد عليه قدرته على الأداء في الفراش ، الله يسامحه !
هل يمكن ؟
لعنة الله على الشيطان !
ثم هناك الديون ! عشرة ملايين دينار أجوراً للدراسة ، و مليونان لمصاريفها ، و الحبل على الجرّار . إلى متى تواصل الاستدانة من أمها و أبيها و شقيقاتها الثلاث كل أسبوع ؟ حمدت الله مرة ثانية لأنها مستمرّة في العمل أستاذة في كلية أهلية رغم انغماسها في دراسة الدكتوراه ! يا له من زمن صعب و رديء ! و لكن ما بال المستثمر و العميد الجديد للكليّة يرفض دفع الرواتب لكل التدريسيين منذ شهرين بالتمام و الكمال ! الا يعلم أنها لم تعد تملك سوى خمسة دنانير لا تكفي حتى لدفع أجرة الذهاب للكلية البعيدة لتدريس طلابها ، فقط ، ناهيك عن أجرة الإياب ؟ جلفوط و جلعوط ، رغم أن المرحوم أباه كان من أكرم كرماء العراق ! مَنْ يَستحي قد مات ! إنه يحلب التدريسيين في الأقسام العشر للكليّة حلبَ البقر . يحشر مائة طالب أو أكثر في صف واحد فقط حيث لا مجال لجلوس نصفهم ، و يقبض ملايينهم ، و لا يدفع مستحقّات أساتذتهم الذين يفرض عليهم جميعاً تدريس نصابهم الكامل زائداً نصف نصاب ! حكم القوي المفتري على الضعيف الشريف ! ألا يسأل نفسه من أين يأكل الأساتذة و يصرفون وسط كل هذا الاستنزاف ؟ جوِّع كلبك ، يتبعك ! الله أكبر ! حتى مَنْ يربّي دجاج البيض يحرص على إشباع دجاجاته لضمان دوام الحصول على بيوضهن ! و لكنه يعرف كيف "يصرف" جيداً على المسؤولين الكبار في الوزارة ، فكتاب الإعارة الأخير كلف استصداره ثلاث جكسارات سعرها على الأقل ثلاثمائة ألف دولار ، من غير الولائم الدَّسمة ! قِوادة و لحم جاموس ! يده بالدِّهن ! لقد أصبح يجمع الآن بين عمادة الكلية و ملكية حصَّة أكبر مستثمر فيها : سبعة مليارات دينار ، و تزيد ! عوافي ! يكدُّ أبو النِعال و يأكل أبو الجزمة . الرشاوي و الأساتذة المجوَّعون في خدمة تربية رأس المال . شارع باتجاه واحد فقط ، و ليس رواحاً و مجيئاً ، و على العلم و التعليم في العراق السلام ! لعنة الله على المحتلّين الأمريكان ! لم يكتفوا بتدميره ، بل دمَّروا حتى نفوس الكثير من كرمائه الشرفاء !
رأس المال على حساب العلم مضيعة للمال و للعلم و للإنسان ، كلهم سواء .
الله كريم . اشتدّي أزمة تنفرجي !
و لكن ما تبقّى كثير ! إن عليها اجتياز امتحانات الفصل الثاني في خمس مواد أولها بُكرة – كلا : اليوم ! ثم أداء الامتحان الشامل في عشرة مواد ، ثم كتابة الاطروحة في بحر سنتين و نصف السنة ! لا يَهُم : مَن طَلَبَ العُلا ، سَهَر الليالي !
ينبغي لها الآن أخذ قسط من النوم قبل الامتحان في الساعة التاسعة من صباح اليوم . ستنام في غرفة الاستقبال بعيداً عن نشاز الشخير الحصاني ، و الصباح رباح .
بعد أدائها للامتحان ، تتصل نسرين برئيس قسمها في الكليّة الأهليّة هاتفياً ، و تسأله .
- ما هي آخر أخبار الراتب ، دكتور ؟ شهران و لم نستلم فلساً واحداً و نحن نُدرِّس نصاباً و نصف النصاب !
- الأخبار تزيد زفتاً يوماً بعد يوم !
- قُل غير هذا ، أرجوك !
- لقد أنقص العميد الجديد رواتب كل التدريسيين في الكليّة بنسبة 30% و بأثر رجعي من شهر نيسان ! يقول أن يريد تحصيل ملياراته في حين أن خزينة الكليّة فارغة تماماً !
- أسنغفر الله ! عيني ، دكتور ، و لكن أين ذهبت المليارات السبعة التي قبضها من الطلاب طوال فصول هذا العام الدراسي ؟
- عِلميَ عِلمك ! و لقد أصدر قراراً بخصوص أساتذة هذه الكليّة من طلبة الدكتوراه أمثالك حصراً لتكريمهم بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك !
- بشّرك الله بالخير ، دكتور ! و ما هو هذا القرار ، أستاذي الكريم !
- عدم صرف مستحقاتهم للشهرين الماضيين ، مع مطالبتهم بإعادة ما سبق و أن قبضوه لخزينة الكليّة منذ تاريخ قبولهم لدراسة الدكتوراه لأن تعليمات الوزارة تقتضي التفرُّغ لها و لرفض عمادة الكليّة منحهم الإجازات الدراسيّة !

بابل ، 27/5/2019



#حسين_علوان_حسين (هاشتاغ)       Hussain_Alwan_Hussain#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ميزة الاستغلال المفرط لإمبريالية العولمة / 2-2
- ميزة الاستغلال المفرط لإمبريالية العولمة / 1-2
- إمبريالية القرن الحادي و العشرين 3-3
- إمبريالية القرن الحادي و العشرين 2-3
- إمبريالية القرن الحادي و العشرين 1-3
- صلابة الفكر و شفافية الروح : حسقيل قوجمان أيقونة الماركسية ا ...
- صلابة الفكر و شفافية الروح : حسقيل قوجمان أيقونة الماركسية ا ...
- صلابة الفكر و شفافية الروح : حسقيل قوجمان أيقونة الماركسية ا ...
- البصمة الصهيونية على جريمة اغتيال خاشقجي : تبادل الأدوار بين ...
- البصمة الصهيونية على جريمة اغتيال خاشقجي : تبادل الأدوار بين ...
- كعكة القوادة و لحم الكتكوت
- مظفر النواب في موشح -يا أيها الساقي العزيز- : وصف و ترجمة / ...
- مظفر النواب في موشح -يا أيها الساقي العزيز- : وصف و ترجمة /1 ...
- شتاء مظفر النواب : وصف و ترجمة
- الفاشية الجديدة : الحلف الصهيوني لنتنياهو و ترَمپ و آل سعود ...
- الفاشية الجديدة : الحلف الصهيوني لنتنياهو و ترَمپ و آل سعود ...
- الفاشية الجديدة : الحلف الصهيوني لنتنياهو و ترَمپ و آل سعود ...
- الفاشية الجديدة : الحلف الصهيوني لنتنياهو و ترَمپ و آل سعود ...
- الفاشية الجديدة : الحلف الصهيوني لنتنياهو و ترَمپ و آل سعود ...
- الفاشية الجديدة : الحلف الصهيوني لنتنياهو و ترَمپ و آل سعود ...


المزيد.....




- مسرح الحرية.. حين يتجسد النزوح في أعمال فنية
- مسرح الحرية.. حين يتجسد النزوح في أعمال فنية
- أبحث عن الشعر: مروان ياسين الدليمي وصوت الشعر في ذروته
- ما قصة السوار الفرعوني الذي اختفى إلى الأبد من المتحف المصري ...
- الوزير الفلسطيني أحمد عساف: حريصون على نقل الرواية الفلسطيني ...
- فيلم -ذا روزز- كوميديا سوداء تكشف ثنائية الحب والكراهية
- فيلم -البحر- عن طفل فلسطيني يفوز بـ-الأوسكار الإسرائيلي- ووز ...
- كيف تراجع ويجز عن مساره الموسيقي في ألبومه الجديد -عقارب-؟
- فرنسا تختار فيلم -مجرد حادث- للإيراني بناهي لتمثيلها في الأو ...
- فنانة تُنشِئ شخصيات بالذكاء الاصطناعي ناطقة بلسان أثرياء الت ...


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين علوان حسين - عَميد الكليّة الجديد