أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - قصة لطيفة عن ثنائية -التخلف والتحضر- في المعجم السياسي المعاصر














المزيد.....

قصة لطيفة عن ثنائية -التخلف والتحضر- في المعجم السياسي المعاصر


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 6221 - 2019 / 5 / 5 - 13:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قبل عشر سنوات تقريبا، أقل أو أكثر لا أتذكر، تعرفت على الآنسة سين، تلميذتي لتعلم اللغة العربية، وهي من أصول مكسيكية تنوتشكية (Tenochca) "أزتيكية"، وهم من السكان الأصليين المضطهدين والمهمشين في المكسيك. كانت سين يسارية ثورية من طراز خاص، تُعنى باللغات الأجنبية وتجيد عددا منها، وتدافع بشراسة لم أشهد مثلها عن تراث شعبها وحضارته الأزتيكية وديانته الوثنية (ذات مرة ذهبت الرفيقة سين بزيها التقليدي الجميل إلى الجامعة بمناسبة أحد أعيادهم الوطنية الشعبية وكانت محط أنظار واحترام وتشجيع زملائها وزميلاتها ولم يصفها أحد بـ"المتخلفة"! تصوروا لو أن أحد الرفاق العراقيين لبس زيه العربي وراح يتمشى بالعقال واليشماغ في شارع الشنازليزيه الباريسي، ماذا سيحدث!). كانت سين طالبة جامعية تعد أطروحتها في الماجستير وموضوعها يدور حول تطور المعجم السياسي المعاصر في الصحافة والسياسة في دول المتروبول الغربي "الدول الاستعمارية الرئيسية". كانت توضح لي موضوع دراستها بأمثلة وحقائق ومعطيات مهمة ولافتة عن اللغة السياسية وكيف تطورت في أوروبا الاستعمارية ذاتها. فبعد أن كان الغزاة البريطانيون يقسمون السكان والمناطق التي احتلوها بالسلاح الحديث في القارات الأخرى الى قسمين وفق الثنائية الغربية التقليدية هي: مناطق المتوحشين، ويقصدون السكان الأصليين، ومناطق المتمدنين (أبناء عمومة المدنيين اليوم هههه) ويسكنها البريطانيون وأذنابهم المحليون. ثم نُسخت تلك الثنائية بثنائية جديدة هي مناطق مُعَمَّرة أو مستعْمَرة ومناطق متخلفة لأن كلمة "استعمار" (colonization) تعني البناء والإعمار لمناطق الغزاة والتدمير والتفويت حضاري للبلدان المغزوة، ثم نسخت هذه بثنائية أخرى هي مناطق ريفية ومناطق مدينية...الخ.
أما في فترة ما بعد الحرب الأوروبية "العالمية" الثانية، فبدأ الأمر بثنائية بلدان متقدمة "في الغرب والشمال" وبلدان متخلفة في الجنوب، وكانت صحف اليسار تستعمل ثنائية "بلدان غنية وأخرى فقيرة" ثم تبخرت هذه الثنائية، لتحل محلها دول العوالم الثلاث بعد مؤتمر باندونغ سنة 1955 وقيام منظومة دول عدم انحياز وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي وقيام نظام القطب الواحد ظهرت ثنائية بلدان الشمال وبلدان الجنوب واختفت عبارات البلدان المتخلفة والمتقدمة، واعتبرت شتيمة وسُبَّة من قبل الأجيال الجديدة في الصحافة الغربية السائدة وبمبادرات جاءت في الغالب -كما وثقت العزيزة سين - من قبل الصحافيين والأكاديميين اليساريين والمهاجرين من بلدان الجنوب، وحلت محلها مصطلحات من قبيل بلدان نامية أو سائرة في طريق النمو أو معرقلَة النمو وغير ذلك. أما ثنائيات من قبيل "دول محور الشر ومحور الخير" فهي مصطلحات عدوانية وأيديولوجية يمينية متطرفة تستعمل حصرا في إعلام البيت الأبيض وأجهزة المخابرات الغربية والصهيونية.
ما أردت قوله هنا، وقد استخلصته من أطروحة تلميذتي، هو أن اللغة -وبضمها اللغة السياسية - كائن حي، يكبر ويتطور ويتهذب ويتأثر صحة ومرضا بالمحيط الذي يحيا فيه، وهذا أمر لا يدركه المنعزلون والمنغلقون والرافضون لأي احتكاك بالعالم المعاصر، والذين يعبرون عن أفكارهم بلغة بالية وقديمة تعكس مشاعرهم وأحاسيسهم اللاشعورية تجاه ناسهم وأهلهم. وقد نحسن الظن فنقول إنها زلات لسان لا يفلت منها أحد في عصرنا سريع الحركة والتغيير، وتستوجب الاعتذار واستبدال مفردات من قبيل "تخلف ومتخلفة ..." بأوصاف تؤدي الغرض، ومنها مناطق محرومة أو مهملة حكوميا أو تقليدية ومحافظة ...إلخ، ولكن المشكلة ليست مع مَن تزِلُ ألسنتهم فيعتذرون بل في محازبيهم الذين يعتبرون اعتذارهم هزيمة لهم ولمنطقهم الانعزالي المنغلق لذلك يصرون على أن ما نراه على التل (عنزة ولو طارت)! ولو كان الأمر بأيديهم لعاقبوا صاحب الاعتذار واتهموه بالخيانة... خيانة أوهامهم وجهلهم هم طبعا!



#علاء_اللامي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هيفاء الأميرن وجفصة الجفصات البيروتية
- التحالف الجديد مع حزب المتصهين مثال الآلوسي لطخة عار على جبا ...
- قصة صفحتي الملغاة على الفيسبوك!
- فراس السواح يكرر خرافات يوسف زيدان حول القدس والمسجد الأقصى!
- حول بذاءات الشيخ المشبوه سعد المدرس بحق الخليفة الثاني عمر ا ...
- فيديو/ لماذا يروج عبد المهدي لعقود المشاركة النفطية؟
- إزالة صورة الحسن بن الهيثم من الدينار العراقي ورفع نصب الثير ...
- لعنة إقليم البصرة: من برسي كوكس إلى دستور بريمر!
- القدس هي أورشليم الكنعانية الفلسطينية!
- العبادي يكشف بعض المستور في الملفات الساخنة!
- عن شارع الرشيد والطائفية
- نقد -الجغرافية التوراتية اليمنية-: فاضل الربيعي مثالا
- البارزاني للعبادي بلغة المليشيات: لولا البيشمركة لما استطاع ...
- استبدال أسماء الأشهر العراقية الآرامية بالرومانية من وراءه و ...
- فيديو:العبادي يتهم إدارة اللإقليم وعبد المهدي بالتفريط بأموا ...
- كارثة العبارة بين مسؤولية الحكومة والمسؤولية الفردية
- قانون منح الجنسية العراقية ومعلومات جديدة!
- عبد المهدي يتراجع خطوة صغيرة ويخلط مشروعه للسكن الأفقي العشو ...
- الإمبراطورية الأميركية الإبادية بقلم مؤرخ أميركي!
- تعديلات مشبوهة على قانون الجنسية العراقية..ملف خاص


المزيد.....




- علي خامنئي.. ما قد لا تعلمه عن أحد أقوى رجال الشرق الأوسط بع ...
- هل هناك احتمال لحدوث تسرب إشعاع نووي في مصر حال قصف ديمونة؟ ...
- روسيا تستعرض أحدث سيارات -لادا- في بطرسبورغ (فيديو)
- بينها دول عربية.. إدارة ترامب تدرس توسيع قائمة حظر السفر لأم ...
- الجيش الروسي يعلن عن تقدم قواته وخسائر قوات كييف في منطقة ال ...
- خامنئي: الشعب الإيراني لا يستسلم وأي تدخل عسكري من الأمريكيي ...
- الجزائر تؤكد موقفها الداعم لإيران
- ديدان -سامّة- تغزو ولاية أمريكية وتثير ذعر السكان (فيديو)
- -فطر مريخي-!.. صورة قديمة تشعل جدلا واسعا حول الحياة على الك ...
- أردوغان: نتنياهو تجاوز هتلر في جرائمه


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - قصة لطيفة عن ثنائية -التخلف والتحضر- في المعجم السياسي المعاصر