أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عادل صوما - الرئيس ماكرون اكتشف النفتالين















المزيد.....

الرئيس ماكرون اكتشف النفتالين


عادل صوما

الحوار المتمدن-العدد: 6215 - 2019 / 4 / 29 - 07:59
المحور: كتابات ساخرة
    


نصف عنوان المقال يُقال في لبنان تهكماً عن شخص قال شيئاً ويعتقد أن الجميع لا يعرفه سواه، أو بعد وقت طويل من حدوث الامر، فمثلا إذا قال أحدهم أن مسعود برزاني كردي، أو أن الرئيسس كيندي اُغتيل سنة 1963، يُقال أن فلاناً اكتشف النفتالين.
منذ ايام قليلة، دافع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بقوة عن العلمانية وذكر لأول مرة انتشار "الطائفية" في فرنسا وندد بها، ووعد بألا يكون هناك أي "تهاون" بمواجهة أولئك الذين يريدون فرض "اسلام سياسي يسعى الى الانفصال" عن المجتمع الفرنسي.
"لا حاجة لقناع عندما نتحدث عن العلمانية، نحن لا نتحدث حقيقة عن العلمانية، نتحدث عن طائفية قائمة في بعض أحياء من الجمهورية". هكذا قال الرئيس ماكرون في مؤتمر صحافي، وأضاف "نتحدث عن الانفصال (عن المجتمع الفرنسي) الذي ترسخ في بعض الأحياء، لأن الجمهورية تخلت أو لم تف بوعودها، نتحدث عن الناس الذين لديهم ، تحت غطاء الدين، مشروعا سياسيا، نتحدث عن مشروع الإسلام السياسي الذي يسعى إلى انفصال عن جمهوريتنا. وفي هذه النقطة تحديدا، طلبتُ من الحكومة ألا تبدي أي تهاون".
التكفير والهجرة
أول اعتراف علني من رئيس فرنسي بوجود "عقيدة انفصال" عن فرنسا، وهو مبدأ "التكفير والهجرة" المعروف لكن بطبعة أوروبية، ولا أعلم حقيقة لماذا استخدم "جلّد الذات" عندما ذكر أن "الجمهورية تخلت أو لم تف بوعودها". أي وعود لم تف جمهورية فرنسا بها؟ ولماذا لم يقل صراحة هذه النقطة المهمة؟
على أي حال، جمهورية فرنسا يُقدر عدد المسلمين فيها باكثر من خمسة ملايين من مجموع سكان يناهز 67 مليون نسمة، وينتشر التوتر في بيوتها وعلناً في الشارع الفرنسي ليس خوفاً من تزايد اعداد المسلمين، بل بسبب ظواهر اجتماعية بدأت تشكّل ما يقول عنه ماكرون (انفصال عن المجتمع) لأنها في حقيقتها ليست من مظاهر الايمان لكنها مظهر هوية الانفصال عن المجتمع، مثل الحجاب في المدرسة للتلميذات والنقاب للبالغات، ومساحات النساء في المسابح، ناهيك عن المماحكات السياسية ومحاولة دس "الشريعة" بجوار بنود "القانون" في بلد علماني بحجة أن المسلم لا يخضع للقانون بل للشريعة، والتشكيك في بعض البرامج المدرسية، خصوصاُ المناهج العلمية التي تتعارض مع ما يُطلق عليه "علوم القرآن"، وقيم التنوير والحداثة التي تهدد إيمان المُسلم حسب ما يزعمون.
اعتمدت فرنسا سنة 1905 قانونا ينص على الفصل بين الكنيسة والدولة وأنشأت جمهورية علمانية، وقال الرئيس ماكرون عن هذا القانون : "قمنا بتعزيز تطبيقه في الآونة الأخيرة، عن طريق إغلاق المدارس عندما لا تحترم قوانين الجمهورية.. عن طريق إغلاق المزيد من المؤسسات الثقافية عندما لا تحترم قواعد الجمهورية في ما يتعلق بالنظام العام أو محاربة الإرهاب". وتابع "منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2018، تجري الادارة مشاورات مع ممثلي الديانات لوضع اللمسات الأخيرة على مشروع لإصلاح قانون 1905 هدفه زيادة الشفافية في تمويل أماكن العبادة وضمان احترام القانون والنظام".
حسب رأيي الشخصي، إذا تعامل الرئيس الفرنسي مع ملف "الانفصال عن جمهوريتنا"، بطريقة أمنية فقط (لن يكون هناك أي تهاون...) فسوف ينضم إلى قائمة الرؤساء العرب، وسوف يزداد نفوذ الساعين إلى (الانفصال عن جمهوريتنا) لأنهم تمرسوا على التعامل في السراديب والتلّون والتقية والإنقضاض على أعدائهم حين تأتي فرصة.
مفاصل الانفصال
الرئيس الفرنسي يجب أن يعطل المفاصل التي يتحرك بها دعاة "الانفصال عن جمهوريتنا"، فقساوسة محاكم تفتيش العصور الوسطى أوقف التنوير مفاصلهم ولم يسقطهم التعامل معهم كملف أمني.
اعتمدت فرنسا سنة 1905 قانونا ينص على الفصل بين الكنيسة والدولة بإنشاء جمهورية علمانية، ومنعت من ثمة تعليم الدين في المدارس الحكومية، لكنها سمحت في العقود الاخيرة بتدريس الدين في المدارس الاسلامية، والجميع يعرف أن ما يُدرس ليس ايماناً بل كراهية الآخر.
شجعت فرنسا (وكل الغرب حقيقة) على تفريغ مواطنيها من الايمان بأي شيء، رغم أن العلمانية لا تمنع إطلاقاً الايمان بأي دين، واختفى من ثمة حتى الايمان بالوطن بعد الحرب العالمية الثانية تدريجيا، وتغاضت في الوقت نفسه عن المنابر النارية التي تهاجم الوطن الفرنسي، وتعتبر المسلمين في "دار حرب" حتى تسقط الدولة الكافرة، ولم تسأل الدولة علانية سوى أخيرا عن مصادر تمويل هؤلاء الدعاة الذين يعيشون كأمراء بينما معاش الداعية لا يؤهله لمثل هكذا حياة، وتجاهلت حتى اليوم ما يُقال عن إسقاطها، فالرئيس تحدث صراحة عن "انفصال" وليس عن "اسقاط".
الرئيس ماكرون يتعامل مع فئة تستغل ديموقراطية فرنسا أفضل استغلال، لكنها لا تؤمن بها بتاتاً، فهي تستعمل اليد الحديدية لسوق رعاياها والزئبقية مع الدول حتى تتمكن من خلق تجمعات "منفصلة عن أي جمهورية" تهدد وتزعج الدولة حتى تسقطها، وقد لا يعلم الرئيس ماكرون أن النقاب والحجاب والتشادور فرضوا بالقوة على نساء الشرق الاوسط، ففي إيران اقتصر نطاقه على المؤسسات والدوائر الحكومية في الخطوة الاولى بعد وصول الأئمة للحكم، وفي الثانية أصبح إلزامياً خارج البيوت لجميع النساء، بعدما تم إقرار قانون عقوبة عدم ارتداء الحجاب التي تتراوح بین التعزیر وغرامة مالية تصل إلى عشرين دولارا وقتها، وصولا للحبس من عشرة أيام إلى شهرين و74 جلدة، حسب المادة رقم 638 في قانون العقوبات الإسلامية. وفي لبنان وبعد ظهور "حزب الله" كانت الفتاة التي لا تتنقب يُضرب رأس أخيها بالبلطة. وفي غزة من لا تتحجب لا تتزوج. وفي مصر من لا تتحجب لا تحصل على وظيفة وإن حصلت عليها لا تترقى خصوصاً إلى الوظائف العُليا ...وهكذا. ما يعني أن هذه الظاهرة هدفها إخضاع المرأة أولا وتكوين مجتمع منفصل ثانية هويته اللحية والحجاب، وهذا المجتمع المنفصل تعاني منه دول الشرق الاوسط كما الغرب تماما.
إسقاط الاقنعة
يجب أن ينصت الرئيس ماكرون جيدا إلى المخلصين من المُفكرين العلمانيين وليس السياسيين فقط للتعامل مع هذه الظاهرة الانفصالية، ويجب عليه استشارة علمانيين مسلمين لا ينتمون من قريب أو بعيد لمن يسعى (للإنفصال عن جمهوريتنا) وإذا أراد ماكرون اسقاط الاقنعة فيجب أن يسقطها كلها، وإذا أراد الشفافية فيجب أن تكون للجميع، حتى يخرج المختبئون في حصان طروادة.
فقد ذكرت الصحافية الاستقصائية الفرنسية فانيسا راتينييه إن قطر اعتمدت على أموالها في إفساد السياسيين الفرنسيين من أجل إيجاد نفوذ واسع لها في فرنسا، وقالت راتينييه بكل شفافية في ندوة في باريس، بعنوان "استثمارات قطر المشبوهة فى فرنسا"، أن قطر "قدمت رشى للعديد من السياسيين في فرنسا"، وأشارت إلى أن الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي لم يكن الوحيد الذي كان يتعامل مع قطر، بل سياسيون آخرون". وذكرت راتينييه أنه في وقت الأزمة المالية سنة 2008 "كان النظام المالي الأوروبي منهارا وكان هناك تعطشاً للسيولة بالسوق الأوروبية والفرنسية، واستغلت قطر الانهيار المالي وعيوب النظام الضريبي في فرنسا وعقدت اتفاقيات للحصول على امتيازات تحت غطاء التعاون الثنائي"، وقالت إن قطر قامت بضخ المليارات بشكل مشبوه في العديد من العمليات الاستثمارية تحت عناوين ومسميات مختلفة (الجميع يعرفون أن دعاة الانفصال يسيطرون على اقتصاد أي دولة بمسميات مختلفة منها المشاريع الخيرية) وأكدت راتينييه أن الهدف من هذا الإنفاق لم يكن الاستثمار التجاري، وإنما شراء النفوذ السياسي بطرق ملتوية.
لماذا يُشترى النفوذ السياسي؟ يُشترى تمهيد للسيطرة على أهم مفصل من مفاصل الدولة وهو مؤسساتها التشريعية والتنفيذية.
طرحت شخصيات سياسية فرنسية تساؤلات كثيرة بشأن العلاقات الفرنسية القطرية التي تعززت في عهد ساركوزي بشكل مُلفت للانتباه، لكن الامر لم يخرج إلى الاعلام بشكل قوي دائم لأن معظم وسائل الاعلام الكبرى يساهم دعاة الانفصال في حصص كبيرة منها، كما يستثمرون في عدد من الشركات العالمية، وبيوت الأزياء، والعقارات وقطاعات الطاقة، وكل هذه الاستثمارات تصب في خانة "الانفصال"، لأنها تخدم أجندتهم.
تكلم الرئيس ماكرون متأخرا جدا بسبب مظاهر الغضب في المجتمع الفرنسي، التي لم تعد خافية على أحد، والحالة الامنية المنفلتة لبعض "المجتمعات المنفصلة"، وهو لا يستطيع أن يفعل ما فعله الرئيس السيسي في منطقة رابعة العدوية لأسباب كثيرة أهمها علمانية الدولة وديموقراطيتها، وإذا لم يضع خطة طويلة الامد لأستئصال ظاهرة "الانفصال" هذه، لن تخرج فرنسا من لائحة "السقوط"، فدعاة الانفصال وضعوا خطة لسقوط أوروبا وعودتها إلى عصر ما قبل التنوير مع الاحتفاظ بالوسائل التقنية، وهو أول رئيس أوروبي يكتشف النفتالين الذي يتحدث عنه العلمانيون بوضوح تام منذ أكثر من عقدين، وينكره السياسيون المتخرجون في المجتمعات النخبوية، ولعله لا يكون آخر المكتشفين حتى لا يصل اليمين المتطرف إلى الحكم، أو تقرأ فرنسا كتاب "قبل السقوط" مُترجماً إلى الفرنسية لفرج فودة بعد سقوطها.



#عادل_صوما (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لبنانيون في المنسى
- -التنوير- هو المُبشر وليس الوافدين
- فرمان الخليفة أردوغان الأول
- رسالة سفاح نيوزيلند إلى العلمانيين والمتزمتين (2)
- رسالة سفاح نيوزيلند إلى العلمانيين والمتزمتين (1)
- لماذا لا يطلق السيسي وبوتفليقة لحيتيهما؟
- مطلوب سحب صفة الانسانية مع الجنسية
- رواية -عواصم السماء-
- كل سنة وأبطال العلمانية بخير
- القتيل الأغلى سنة 2018
- قتلنا الفرعون.. اهرب بارك الله فيك!
- التستر على القاتل نفاقاً
- حرب نصف الألفية الاولى
- رسالة إلى حامد عبد الصمد
- ما المانع أن يكون مسلماً كاهنا؟!
- الملاك الذي طار من البلكون
- كتاب -امام العرش مرة أخرى-
- الخطر ليس في تآكل الديموقراطية بل زوال التنوير
- نظرية الثقب الاسود الدينية
- مانديلا: وقائع وراء الاسطورة


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عادل صوما - الرئيس ماكرون اكتشف النفتالين