أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عادل صوما - الخطر ليس في تآكل الديموقراطية بل زوال التنوير















المزيد.....

الخطر ليس في تآكل الديموقراطية بل زوال التنوير


عادل صوما

الحوار المتمدن-العدد: 5961 - 2018 / 8 / 12 - 13:07
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


نشرت الكاتبة البريطانية آن ماري ووترز اخيرا كتابها "أبعد من الارهاب: تآكل الديموقراطية الغربية ببطء بسبب الاسلام". Beyond Terror: Islam s Slow Erosion of Western Democracy
ووترز سياسية ايضا ومؤسِسَة حزب "من أجل بريطانيا" كممثل "للأغلبية المنسية"، وكتابها له ثلاثة اهداف، فهو يعرّف عنها للقراء وليس حزبها فقط، ويوثق المشكلة الحضارية التي يواجهها الغرب، ويحدد ملامح سياسات حزبها في مواجهة هذه المشكلة في بريطانيا، ما يعني أن ووترز وحزبها جزء من منظومة يُطلق عليه "حكماء السياسة الغربية" اليمين المتطرف.
تقديم ووترز لكتابها يتناول كيفية تحوّل تأييد الإسلاموية إلى جزء لا يتجز من برامج عالم اليسار الاوروبي، وهي ترى أن معارضة "التطرف الديني اليميني الذي يتسم بالتمييز ويتغاضى علنا عن العنف ضد المرأة، وينفذ الإعدام في المثليين جنسياً، ويعاقب المنشقين بالسيف" تُوقع المرء في مشكلة لأن "اليسار الحديث تبنى مجموعة جديدة من الأولويات، لم تعد بينها حقوق الطبقات العاملة أو حماية الأقليات المُستضعفة، وبالتالي أصبح وحشا أيديولوجيا".
من الطريف أن ووترز جاءت من خلفية يسارية، وكانت عضوا في حزب العمل لمدة عشر سنوات، وكان نشاطها السياسي لصالح الحفاظ على الخدمات الصحية الوطنية الاشتراكية، لكن بعد انفصالها عن اليسار، أصبحت تفضَّل السوق الحرة إلى جانب قطاع عام قوي، وتعارض الهجرة الجماعية، وتؤمن بوسطية هي المطالبة بالحرية الشخصية والتدخل المحدود للدولة، ومساءلة الحكومة، وخفض الهجرة، والتذكير بالحضارة الغربية القائمة على قيم المسيحية والمسيحيين والعلمانيين.
يستعرض الجزء الثاني من الكتاب مصائب التشدد الإسلاموي، وغطت ووترز بالتوثيق اثنتى عشرة دولة غربية مع التركيز على بريطانيا والولايات المتحدة، كما غطي توثيقها عدة بلدان ذات أغلبية مسلمة، والتغطية تبين آثار الاتفاق الإسلاموي-اليساري على موضوعات مثل حرية التعبير والمثلية.
ورد في الجزء الثالث من الكتاب توصيات ووترز التي استهلتها بالإشارة إلى أنه عندما يتعلق الأمر بالمسألتين المتعلقتين بالهجرة والأسلمة، فإن الأحزاب التي تهيمن على مجلس العموم البريطاني "لا يمكن فصلها بالكامل" في اتفاقهم على "التعنيف المتعمَّد للإسلام" من قبل الآخرين. وبسبب هذا النفاق، ترى ووترز أن "الأمل يكمن في الطبقة الكادحة" التي يجب زيادة شعبيتها، لأنها "الطريقة الوحيدة التي يمكن بها هزيمة الإسلاموية، أو مواجهتها من خلال قوة الشعب. ويجب أن نستخدم تصويتنا وحقنا في الترشح لمنصب سياسي من أجل إقالة النواب المتواطئين ".
برنامج ووترز لمواجهة التواطؤ تجاه إلقاء أوروبا فريسة للظلامية يتكون من خمس خطوات، أولها استعادة الحكومة المسؤولة عن طريق استعادة السلطة من الاتحاد الأوروبي إلى الدولة القومية، وتعليم الأطفال بشكل إيجابي ما يتعلق ببلدهم، وتطبيق قانون موّحَد على الجميع، لإنهاء "الممارسات الإسلاموية الضارة*، والسيطرة على الهجرة وترحيل المجرمين من المهاجرين، ومتابعة المؤسسات الإسلاموية عن كثب للحصول على قرائن عن الحركة الإسلاموية.
ووترز لا تؤمن باسلام متطرف أو معتدل أو وسطي، وتكتب "لا أعتقد أن الإسلام والحركة الإسلاموية متميزون". وإن "الإسلاموية هي التطبيق السياسي لمذاهب الإسلام فحسب".
رغم هزائم "اليمين المتطرف" في الوصول إلى الحكم في أوروبا وأخرها في فرنسا، من المرجح أن يدخل حزب "من أجل بريطانيا" البرلمان قريبا بقوة تصويت "الأغلبية المنسية" الذين أخرجوا بلدهم من الاتحاد الاوروبي الفاشل لأنه قام لخدمة مصالح الشركات العابرة للقارات، وسيساعد حزب "من أجل بريطانيا" في تشكيل مستقبل بلد ترى احزابه الاخرى عدم وجود أية مشكلة في الاسلاموية، وأن "اليمين المتطرف" يبالغ في قوتهم وسوء نواياهم، وهي الحجة نفسها التي رد الرئيس السادات بها على من نصحوه مخلصين بعدم الثقة في الاسلامويين، ثم أدرك في آخر شهر في عمره أنهم "كلهم واحد..مفيش حد معتدل فيهم أو متطرف" وأضاف في خطابه الشهير مساء يوم 5 أيول 1981 "خلاص المواجهة حاسمة النوبادي..مفيش أنصاف حلول"، لكنهم كانوا أسرع منه واغتالوه في 6 تشرين أول.
كابوس التنوير
رغم انني لست مواطنا أوروبيا بل أميركيا، اتفق مع آن ماري ووترز في كل ما كتبته، لأن المستهدف كما يقول شيوخ المستفيدين من الاسلام سياسيا علانية هو الحضارة الغربية الكافرة برمتها. أسلمة أوروبا اولا ثم تكر المسبحة.
ومن ثمة لا افتئات أو عنصرية عند من يدافع عن ثقافته ولغته وحضارته وقيمها ودينه، لكني اختلف مع الكاتبة في أمر جوهري هو أن الحرب ضد الظلامية يجب أن تكون ضد محاولة طمسها للتنوير، فالتنوير هو الذي اتى بالديموقراطية وحرية الضمير والمعتقد والعلمانية ومفهوم المواطنة، وأنقذ أوروبا من عصورها الاصولية والمجازر بين الكاثوليكيين والبروتستانتيين.
الظلاميون يعلمون أن التنوير هو عدوهم الاول وليس الديموقراطية، والحرب على التنوير تتم ضد المسلمين والمسيحيين المتنورين على السواء، والتهديد بالاغتيال يستهدف هاتين الطائفتين بدون تمييز، ولا يستهدف المنادين بإسلام معتدل أو وسطي أو حوار الطرشان مع المستفيدين من الاسلام سياسيا.
الظلاميون يعلمون أن التنوير حرر الغرب من فتاوى التكفير والذبح على الهوية الدينية ومساوىء الدولة الدينية ويخشون منه على سلطانهم وفتاويهم ودولتهم، ومن ثمة يريدون طمس هذا الكابوس الخطير في الغرب لينتشروا.
خطأ شائع
من الاخطاء الشائعة أن التنوير بدأ في فرنسا. بدأ التنوير في بريطانيا تاريخيا على جون لوك، وإسحاق نيوتن، وأنتوني أشلي- كوبر إرل شافتسبري الثالث، وديفيد هيوم، وإدموند بيرك، وآدم سميث وغيرهم، وكانت الثورة التنويرية البريطانية التي حررت البريطاني من الاستبداد الكهنوتي الذي تأله والطائفية وحكم الملوك المطلق حتى لو كان الملك مختلا عقليا، ثم بدأه فولتير وديدرو وروسو في فرنسا بعد قرن، ثم جاء دور اميركا وبفضل التنوير فصلت الولايات المتحدة بين الكنيسة والدولة وأسست المواطنة بمفهومها الأحدث تاريخيا على أساس الجنسية لا المذهب أو الدين أو الطائفة.
شوهت الظلامية ثقافات الشرق الاوسط وجعلتها ظلالا غير مفهومة في خلفية مشهد عبثي ذي ستائر تحجب الحقيقة، وتسببت في هجرة الكثير من سكانه وبترت التعددية، وطمرت لغاته، وجرّعت المنطقة الجهل والخمول العقلي والتأثيم والخوف من التهديد بالسيف وجهنم لتحكم، وإذا بالظروف السياسية الحمقاء التي أدمنت رائحة البترول ونقوده تمهد الطريق بالتواطؤ بشراء النفوس إلى نشر الظلامية في الغرب، لتقضي على التنوير، أهم منجزات العقل الاوروبي وسبب العلمانية والمساواة والديموقراطية والمواطنة والتقدم العلمي.
الخوف الأكبر هو أن لا يجد الاوروبيون سوى الدين كقوة إيديولوجية تقف امام زحف الظلامية المستفيدة من الاسلام سياسيا، فيعود السلطان السياسي لرجل الدين المسيحي مرة ثانية، ويدخلنا في دورة تاريخية تعيدنا إلى عصور محاكم التفتيش، بسبب زوال التنوير وليس الديموقراطية.
تنوير الناس هو عدو الظلاميين وليس الديموقراطية، وتنوير الناس سياسيا ودينيا هو ما يخشاه أي مستفيد من أي دين.
**
*احد وأخطر الممارسات الضارة التي تتحدث عنها ووترز هي محاولة اعتماد الشريعة الاسلامية مع القوانين العلمانية في الغرب، لأن القرآن يطلب من المسلم أن يخضع لشريعته فقط كما يحاولون تلقين السياسيين الغربيين، رغم أن الشريعة لم تُطبق في معظم تاريخ المسلمين، فكثير من الخلفاء كانوا يشربون الخمر ولم يُجلد أحدهم، وكثير من الولاة كانوا لصوصا وعُزلوا بشهادة كتب المسلمين، ولم تُقطع يد أحدهم.
وهذه المحاولة لو نجحت بسبب المتواطئين بشراء ذممهم معناها تحوّل المسلمين في الغرب إلى رعايا يحملون جوازات سفر غربية، ويخضعون لسلطة التنظيم العالمي للاخوان المسلمين وأئمة قم في إيران، حتى يتم نشر الظلامية في أوروبا حسب مخططهم سنة 2030، وليس أسلمتها كما يُشاع كذبا فمن المستحيل أسلمة أكثر من سبعمائة مليون أوروبي في عصر السوشيال ميديا. والأسلمة هي اليافطة المُخادعة الثانية بعد الشريعة.
هذا المخطط أصبح يُواجه في بعض دول أوروبا بتصاريح لم نسمعها بتاتا تصدر عن ساسة هذه القارة منذ عصر التنوير، وعلى سبيل المثال أدلي ماتيوش مورافيسكي بعد اختياره رئيسا لوزراء بولندا في كانون الاول الماضي بتصريح غير عادي مفاده أنه وحكومته يريدان "تحويل الاتحاد الأوروبي وإعادة إضفاء الصبغة المسيحية عليه". وبسبب رؤيته الكبرى لمصير بولندا، واهتمامه بالحظر شبه الكامل على المهاجرين المسلمين قال مورافيسكي: "لن نقبل المهاجرين من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في بولندا".
والمتابع لنشاطات الرئيس بوتن الاجتماعية يجد انه ما من مناسبة قومية تمر سوى بحضور أسقف بجواره، واحتفال بوتن بالمناسبات المسيحية امام الكاميرات، ومنها مناسبات نساها المسيحيون مثل يوم الغطاس، ووصل الامر في إفتتاح جسر القرم العظيم إلى مباركة أسقف موسكو برش الماء المبارك على أحد أهم الاعمال الهندسية تقنية بحضور بوتن.



#عادل_صوما (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظرية الثقب الاسود الدينية
- مانديلا: وقائع وراء الاسطورة
- العقوبات بأثر رجعي ومفعول ابدي
- الدعوات لم تشفع لخير الفرق
- -عوالم خفية- وراء صناعة الفساد
- ولهم في علمانية أوروبا مآرب أخرى
- إقامة جهادي وترانزيت طفل
- دموع محي إسماعيل
- مطربة ورسالة وبتر ثقافي
- ساعة محمد رشدي وربابته
- مستقبل مملكة ومصير قارة
- قدِّس اسطورتك واحترم اساطير الاخرين
- اليوم العالمي للمواطنة
- عذاب القبر/الجزء الثاني
- عذاب القبر/الجزء الاول
- رسائل مبطنّة في الاغاني الجريئة
- أعمق من الجيم القاهرية
- أساطير المعارج السماوية
- كل سنة وإنتم طيبين وبعودة
- النفاق والاساطير المتبادلة حول أورشليم


المزيد.....




- الأرجنتين تطالب الإنتربول بتوقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتف ...
- الأرجنتين تطلب توقيف وزير الداخلية الإيراني بتهمة ضلوعه بتفج ...
- هل أصبحت أميركا أكثر علمانية؟
- اتفرج الآن على حزورة مع الأمورة…استقبل تردد قناة طيور الجنة ...
- خلال اتصال مع نائبة بايدن.. الرئيس الإسرائيلي يشدد على معارض ...
- تونس.. وزير الشؤون الدينية يقرر إطلاق اسم -غزة- على جامع بكل ...
- “toyor al janah” استقبل الآن التردد الجديد لقناة طيور الجنة ...
- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات ...
- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عادل صوما - الخطر ليس في تآكل الديموقراطية بل زوال التنوير