أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة هادي الصگبان - عابر ضجيج














المزيد.....

عابر ضجيج


فاطمة هادي الصگبان

الحوار المتمدن-العدد: 6213 - 2019 / 4 / 27 - 17:53
المحور: الادب والفن
    


عابر ضجيج

بعد جهد تمكنت من تنويم حفيدها المشاكس ،تنفست الصعداء أخذت جهازها المحمول الى غرفة الضيوف .
بدأت الكتابة لكن هناك حسيس ولغط حولها يتصاعد تدريجيا ومعه صداعها المزمن ، أسرعت في الكتابة لكن حرفا سقط منها على غفلة ، رن الهاتف تجاهلته لكن قرقعة الحروف تباعا اجبرها ان تحضرلاصقا وتسكت الضجيج .. في طريقها الى الصالة اصطدمت به ..تفاجأت كيف دخل ؟ ارتجف صوته لدي موعد مع زوجك واتصلت مرارا دون رد ، سمعت ان هناك لص يخطف الأطفال من بطون الأمهات ذعرت ...عادت لتطمئن على حفيدها ..السرير فارغ وبارد ...سكنت روحها قليلا ولكن ....
السرير ...ذاك السرير و اليوم جمعة موعد لقاء زوجها في شارع ال......وبعدها الى حانة ال.......ركضت مقاومة صداعها وبدأت بتحضير المازة حسب الطريقة اللبنانية وأضافت قليلا من الفستق الحلبي ...هل تضيف طبقا من الفول لم تجرب من قبل ...
بحثت في البراد عن قطع اللانشون وبعض من لحم الخنزير المقدد الذي اصبح ادمان بعد فتوى الشيخ بحلال أكله وجوبا ....وضعت اللمسات الأخيرة للمقبلات..
فكرت من سيحضر زوجها المخمور هذه الليلة اضافت وسادة أخرى للسرير
همت بقفل الباب واذا بأطباق المازة تتهاوى على أرضية الغرفة لم يبقى سوى طبق اللبلبي الذي فقد حرارته فقط اللبلبي (1)اخذته معها وعادت الى غرفة الضيوف متمنية ان لايعاقر زوجها الخمر..ويرحم الشراشف القديمة من القئ ..ولكنه يوم هذا الشارع المتخم ب.......والملئ بالحانات ..
تذكرت نهاية الشهر ..هزت رأسها برضا سيكتفي بكاسين من الجعة الرخيصة...
مر ببالها احتفالهم في شهر العسل ...التي ادمن زوجها في زجاجة فودكا ولازالت ذكراها تشاركهم الليالي الطويلة تضرب النشوة براسه ، تدعو صمتها وتنادي ليته سكت ...الإدمان يصيبها بالغثيان والقرار بمنع استيراد الكحول إراح ذاكرتها المجهدة ولكن هل السجائر المستوردة من ضمن الحظر ...
تذكرت لديها سيجارة مارلبورو ستتنفس دخانها وتهدأ ...ماان أشعلت السيجارة ومجت نفسها الأول الطويل حتى تعالى الصراخ فالتدخين ممنوع في الزوايا الضيقة ...وممنوع في المسطحة لانه يوقف الزمن ...لم يبق الا الرابع حاولت
ان تلملم ابعادها وخرجت الى الشرفة لمحت بريجيت باردو تتهادى بلا ثياب تنظر مستغربة للحجاب المتدلي من رقبتها والذي أصرت أمها ان تضعه لحمايتها من العيون لكن الفرنسية تسحب السيجارة بغنج وإصرار وتمنحها لعشاقها ..ارادت ان تصرخ لتستعيد سيجارتها لكنها تذكرت لا يمكن لابنة باردو ان تبتعد دون ان يتسخ جلدها العاري من رشقات القمامة الصفراء ...عادت بعد تشفيها لوهلة هناك العديد من العاملات الآسيويات سيهيأون لها أنواع الحمامات المغربية والفرنسية ...سيتحملها عامل النظافة فقط الذي يحمل علبة سجائر اللف ....
لم يبق الا سيجارة اللف حاولت ان تشعلها للمرة الألف وبعدها افلحت...
الصداع على وشك ان يغادرها ...
اتى الزوج معربدا تتدلى في كتفه صورة ، دخل مباشرة الى غرفة النوم تركته يعربد ويمزق الأوراق والستائر الى ان سمعت استغاثة دخلت مسحت الطاولة وحبات العرق المتناثرة على وجه وصدر زوجها اصطدمت بالصورة تمعنت بها فارغة من كل خطوط وضعتها على الوسادة الأخرى وأقفلت الغرفة ...
عادت لحروفها لكن الصداع يهم بها كلما همت به وازداد طرقا مع بابها ..احضرت جارتها الخبز الساخن،قضمت واحدة بطعم اللحم النئ اشمأزت نفسها قذفتها ..رافقت جارتها الى غرفة الضيوف وأقفلت عليها... طرق الصداع مجددا ..فتى جميل يتفوه بشتائم محببة لنفسها تلعثم بالكلام عندما ضحكت ...
اجال النظر ...باحثا عن ذكر الفخاتي الهارب اليها...طلب منها ان يتسلق سطح الدار ليحضره .. لكن الذروق والمخلفات تملأ السطح ..عادت لأمه التي كسرت بيضة في جبهتها ذات مرة ، فما كان منها سوى ان مزقت طائرته الورقية الكبيرة التي بقيت عالقة في بابها الصغير، هاج وماج كل ارتجافة فيه تصيح لم مزقتها ؟ لقد أمنتها لديك.....آيتها الخائنة ...الصراخ يزعجها ...حاولت ان تدفعه خارجا لكن ثقل وزنه حال دون ذلك ...تذكرت جارتها التي ماان سمعت بصوته حتى بدأت تزأر ...عيناه ترتجفان والضوضاء ترتفع ...امسكت الجارة بياقته وسحبته معها لينظف لها مخلفات الحمام ...لكن عينه لازالت في الطائرة ...
مزقتها إربا إربا ...كلما تزداد القصاصات تزداد العيون ومعه الضجيج الذي بدأ يترافق مع صخب القاطرات ...
فجأة تحولت الغرف والأثاث والأدوات الى سكك حديدية حتى عربات الكارو بأحصنتها المخبئة في ادراج لعبها ودمى الباربي وتماثيل رعاة البقر ومصارعي الثيران وراقصي الأوبرا ...لاعبي كرة السلة وراقصات الجمناستيك حتى الليدي أوسكار وسالي البريئتان غادرهن الهدوء وانضموا الى الجميع واتفقوا على سيمفونية واحدة مثيرة للاهتياج ..كل ماحولها صخب ومابعده صخب
لم يبق سوى المستودع القديم ...ركضت هناك ..حولها الحروف تتهاوى ...دليلة طفلتها الأثيرة تستنجد بشعيرات شمشون ونشاز نيرون وبنادق الكاردينالات واللوردات ...مزق أصواتهم نفسها الذي يضيق كلما حاولت الهروب نحو الهاوية ...استوقفها هوريس ...لكن خطابات الضجيج تعالت مجددا في رأسها ..
أخيرا سلما خشبيا مهترئ ...وجدت في أولى درجاته حبة الصداع لم تقرأ المنشأ او تاريخ الصلاحية ..نظرت كأنه مستودع قديم . دققت النظر في الزخرفة الفسيفسائية حولها أخذت تجمع اللؤلؤ المنهمر من الغمام الذي يكسو الجدران ...خف الصداع قليلا ..أمسكت بالشريط الثاني لتناوله واذا بطائر جائع يلتقط حباته وينثرها ...انجما تتهادى في سكون ...مدت يدها فضاءت بالقمر ...

(1)طبق اللبلبي : طبق الحمص المسلوق مع الليمون والكركم (البزار) طبق يكاد ان يكون من فولكلور العائلة العراقية ويفضلونه ساخنا لذلك اقتضى التنويه.



#فاطمة_هادي_الصگبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إهداء له / محامية الشيطان
- براءة كافكا
- للاله وجوه متعددة
- 5 بائعة الستائر
- حساء العسل 4
- ملخص دراسة استقرائية في ( آثار الثورة المعلوماتية على القيم ...
- إهداء له 3
- إهداء له 2 شاي بالاكراه
- إهداء له (1) ضحكة الصبار
- مزامير
- خوار


المزيد.....




- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة
- مهرجان كان: اختيار الفيلم المصري -رفعت عيني للسماء- ضمن مساب ...
- -الوعد الصادق:-بين -المسرحية- والفيلم الأميركي الرديء
- لماذا يحب كثير من الألمان ثقافة الجسد الحر؟
- بينهم فنانة وابنة مليونير شهير.. تعرف على ضحايا هجوم سيدني ا ...
- تركيز أقل على أوروبا وانفتاح على أفريقيا.. رهان متحف -متروبو ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة هادي الصگبان - عابر ضجيج