فاطمة هادي الصگبان
الحوار المتمدن-العدد: 6205 - 2019 / 4 / 19 - 21:31
المحور:
الادب والفن
مجموعة قصصية
إهداء له(1)
ضحكة الصبار
خرجت تخط بسنواتها الستين ،تمارس رياضتها الموصى بها من قبل الطبيب المختص ، تتمعن في الشوارع اللامعة التي يتجدد أسفلتها كل فترة، وخلايا النحل التي تكنس وترفع ماعلق من شوائب واوساخ، تلفتت حولها الاشجار والتلال والهواء كل شىء يذكرها بكائن تناست ان تضعه في حقيبتها بجانب شجرة التين الهرمة ،اشاحت بذاكرتها عندما تذكرت العصافير التي فرت من جراء خناجر غرست السموم في حديقتها في فجر تكحل بالطمع، و احتضنت البومة اللامعة طيور الدوري في لحظة غفلة .
توقفت لحظة ارتطامها بفتاة عشرينية ، مهدبة العينين ، بيضاء البشرة ،ذات شعر اسود يتماوج على عنق مرمري .
كانت الفتاة تجلس القرفصاء وتسقي الارض بدموعها، شاركتها العجوز جلستها واخذتا بالبكاء سوية .
ثم بادلتها الفتاة الحديث بالتمتمة و بكلمات لم تفهم منها بحكم جهلها باللغة المحلية لتلك البلاد لكنها استوعبت كلمتين عسكر وحبيب ، ربطت العجوز بين الكلمات بدأت ترثي مابينهما .
تذكرت ما تحاول نسيانه من خسارة فلذات اكبادها تباعا فداءا لأرض بور دماء أبناءها ضالة لاتهتدي للعروق التي تشكو الضمأ، عششت الغربان بين ثناياها حتى تمكنت من حجب نور الشمس .
اشتركت العجوز في رثاء الفتاة وأخذت تتذكر بعض ابوذيات النواح التي تحمل أرثها وتنشدها على منوال والدتها كلما طرقتها الحياة بصفعاتها،أو تباهى طاووس احمق باحتلال عشها الآمن ، وأكثرها وجعا سرقة قوت يومها وعيالها بمرأى ومسمع أفراد القبيلة ، زاد النواح عندما تذكرت شيخ البلاد يأمرها بالصمت وأن التقية لغة لكل العصور.
انتبهت العجوز على صوت الفتاة تحدث شابا يماثلها على الهاتف المحمول ، وكانت ترسل القبل الحارة لذاك الشاب ، لم تخفي حيرتها فسألتها بالإشارة من هذا ، عرفت منها انه حبيبها ، عاودت السؤال ومن ذاك الذي أقمنا الرثاء عليه بإشارة الدموع، عرفت بعدها ان الشابة كانت تبكي على عقد أهداه حبيبها .
بين حوقلة العجوز وضحكها الهستيري ، نسيت ان تسأل هل كان العقد نفيسا ؟
هل يستحق هذا العقد البخس كل تاريخها في الرثاء!!
1-اهداء الى شيخ الأدب اللاذع عبد القادر المازني.
#فاطمة_هادي_الصگبان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟