أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - مهند طلال الاخرس - شوارع المخيم















المزيد.....

شوارع المخيم


مهند طلال الاخرس

الحوار المتمدن-العدد: 6208 - 2019 / 4 / 22 - 07:42
المحور: سيرة ذاتية
    


# شوارع المخيم
في المخيم ومنذ نعومة اظافرنا ادمنا رؤية صور وبوسترات الشهداء تعلوا جدران المخيم وتزين الشوارع؛ لم تتزين شوارع المخيم إلا بصورهم وببضعة شعارات تتوعد بالثأر لهم.
كبُرنا وكثرت صور الشهداء التي أبلاها الزمن واكلت من جنباتها حبات المطر.

مع الايام اصبحت صور هؤلاء الشهداء تحدد هي والشعارات الثورية التي خُطت على جدران المخيم الطريقة وتحدد الاسلوب وتبين ما هو مطلوب وما هو العمل؟

هذه الشوارع وتلك الجدران كانت دالتنا الاولى في المخيم نحو الانتماء الوطني وساهمت اكثر واكثر في انغراسنا بالفعل الثوري حتى قادتنا حبا وطواعية نحو الانتصار لدماء الشهداء وهذه الدماء بدورها قادتنا نحو الانتماء لفتح بوصفها الطريق الاجمل والاصدق الى فلسطين.

فيما بعد عرفنا انها الطريق الاجمل لانها وطنية حتى النخاع؛ ولان طينتها من طينة ابنائها ولان افكارها من بنات افكار هذا الشعب ومن رحمه ولانها تجود بالدم عندما يعطش التراب وتصون الروح عندما تهب العاصفة وتبذلها عندما تحين مواسم الزرع.

هذه الشوارع تنمو بينك وبينها علاقة تكبر و تتطور بحسب تطور قدرتك على تتبع الخطوات وتلمس الانفاس وبحسب مقدرتك على الاستماع والانصات للجمل والكلمات التي يحملها سكون الليل وجراح الثكالى وانين الجياع والاهم الحنين الى الوطن.

هذه الشوارع تكبر وتتسع لكل احلامك وتستوعب كل خطواتك بشرط ان تكبر انت ايضا، كأن تصغي مثلا لصوت حبات المطر وازيز الرصاص او صوت خطوات من ساروا مع الفجر بإتجاه النهر وعبرو وغنو للوطن والعلم فعادو وقد تركو بعضهم هناك غربي النهر واقيم العرس هنا شرقي النهر فعرفنا حينها معنى الشهيد.

هذه الشوارع في الليل يسودها الصمت ولا يخدشه إلا همس العشاق والمحبين وهمس آخر لأناس آخرين عرفنا فيما بعد انهم فدائيون.

هذه الشوارع علّمت خطواتنا فيها وذهبنا وبقيت خطواتنا وخطوات من ساروا قبلنا، فقد كنا نحن واياهم نمشي لأجمل رحلة في الافاق ولم نحزن ولم نجزع ولم تزعل اقدامنا من الاشواك ولم ترجف قلوبنا من الأفاك ولم تثنيها الآفات، فيها تعلمنا الكثير وغمرت خطواتنا بالذكرى والوفاء، وعندما ملأت الخفافيش الشوارع بقيت خطواتنا تزينها شمس لا تغيب، وبقيت ارواح من ساروا وعبروا عنوانا لحب المخيم، وبقيت الشوارع واخذت اسماء من لم يسيروا عليها طويلا...

في شوارع المخيم إن انصّت تسمع الكثير ، وان ابصرت جيدا ترى أكثر، في شوارع المخيم ان وقفت على رأس الشارع تحملق حولك الكثير، وان دار حديث الوطن بادر احدهم على عجالة بأنه يجب ان نكسر لمبة الاضاءة التي تعتلي عامود الكهرباء، إعتقدت بداية بأنها تسمعنا لكن عرفت فيما بعد بأن هذه العتمة لأجل السرية ولكي لا ترصدنا عيون الاخوة الاعداء واجهزة الامن وسياراتهم كثيرة الضوضاء والتي تشترك معنا في اشياء كثيرة منها قلة الاضواء ..

من يومها لا احب السير إلا في الشوارع المعتمة وافرح أكثر للمسير تحت اللمبات المكسورة وأبطيء الخطوات وارخي السمع وأجول بالنظرات في كل شارع تغطي جدرانه الشعارات وتزين عمدانه الصور وتعلوه الرايات...

في شوارع المخيم تتجول في الزقاق فتنشأ بينك وبين عدد منها ألفة لا مثيل لها إلا أُلفة العاشقين، تجيء وتذهب الخطوات فتسمع الهمسات المنطلقة من الشفاة وتسمع الوشوشات المنطلقة من الراديو، احيانا كثيرة كنا لا نميز بين الصوت القادم من الراديو وبين الصوت القادم من فم انسان، فالمفردات واحدة والكلمات واحدة والبيانات واحدة وحتى الاهازيج والاغاني والاسامي، فيما بعد عرفنا ان لغة الراديو والانسان في ذلك الشارع متوحدة ومنسجمة مع ذاتها، حينها فقط عرفنا انها لغة الثورة..

في شوارع المخيم إن علت الاصوات فعلم ان هناك حدث جلل، وان تمترس الشباب في الشوارع وتوشحو بالسواد فعلم انه استنفار ، في المخيم ان علا هدير قادم من خلف الجبهات فعلم ان اهل المخيم يتعاطون بالشيفرات، في المخيم ان زالت المحاذير وعلا صوت الراديو فعلم انك بلغت المرام وانك بدأت تلتقط موجات الاثير، في المخيم ان سمعت زمجرة وصخرة وصولجان وهتاف ودعاء الى النفير العام ورسائل وصلت واخرى ذهبت فعلم انك انت والآخرين تستمعون لاذاعة صوت العاصفة صوت الثورة الفسطينية...

في المخيم كل اصوات الراديو واحدة، فهم متوحدون في كل شيء حتى في موجة الراديو فكلها ترقب الشوارع وتنصت لأثير اذاعة صوت العاصفة وتأتمر باثيرها وتلتزم بذبذاتها وتنفذ تعليماتها...

في المخيم ما ان تسمع عبر أثير الاذاعة هنا العاصفة تتبعها مارشات عسكرية حتى يهتز كيانك فخرا ويقشعر بدنك لان الذبذبات واحدة ولان من يتحدث عبر الاثير وبعد ان يقول هنا العاصفة جائنا الان مايلي تعلم ان ما سيقوله يستحوذ على آذان الجميع فتلتقط الانفس ويتهيأ الجميع للتحملق وسماع المذيع، اجواء جميلة تحتضنها الالفة والبسمة ويعتليها الترقب،
فيما بعد، وبعد ان تكون تلك الكلمات كافية بأن يسري حظر التجول في المخيم عرفنا انها عملية فدائية.

في المخيم كبرنا كثيرا كي ننال حق الاستماع للمذياع وكبرنا أكثر ليكون لنا الحق ان نضع مؤشر الراديو على اذاعة صوت العاصفة ..كنا ما ان نسمع تلك المارشات تتبعها تلك النداءات حتى تستفيق فينا فلسطين كل فلسطين..كنا ما ان نلتقط تلك الموجة نغمض الاعين وننزل الملجأ ونمتشق البندقية ونقلبها يمينا وشمالا ونحضنها تارة ونقبلها تارة اخرى بها نزهو ونعرف انها عنوان ما سيأتي ذكره في اذاعة العاصفة ...

هنا العاصفة ، تلك الإذاعات محدودة البث لساعات قصيرة على ترددات الإذاعات العربية الشقيقة ببرامجها الموجهة لجماهير الأرض المحتلة في فلـسطين ، حيث كانت تفتتح بــشارة موحدة لكل إذاعة على حِــدة فكانت اشارتها كسلام وطني يعزف صبيحة يوم النصر وكهتاف قادم من ليل القهر وعذابات السنيين، فكانت إشارتها تزأر قاطعة سكون الذل والخنوع كانت الشارة تقول:" صوت فلسطين ، صوت الثورة الفلسطينية ، يحيكم ويلتقى بكم ، مؤكدا عهده معكم ، على مواصلة مسيرة النضال ، بالكلمة الأمينة ، المعبرة عن الطلقة الشجاعة ، من أجل تحرير كامل الوطن المحتل ، بالجماهير العربية معبأة ، ومنظمة ، ومسلحة، وبالحرب الثورية طويلة الأمد أسلوبا ، وبالكفاح المسلح وسيلة ، حتى تحرير فلسطين ، كل فلسطين .



#مهند_طلال_الاخرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثمناً للشمس
- يهوذا الاسخريوطي والزواف
- وزير إعلام الحرب
- باب الرحمة
- بين ابو علندا وفرنسا
- ثلاثون قضية استخبارية وأمنية في اسرائيل
- ماجد ابو شرار؛ مسيرة لم تنتهي بعد
- وجدة في الوجدان 2-2
- وجدة؛ مدينة الالفية وعاصمة الثقافة العربية
- صورة الشهيد في رواية الجرمق
- كيف يولد التاريخ في فلسطين؟ -النصوص الدينية نموذجا-
- كيف تُبنى الامم؟
- -فتح- في يوميات مقاتل 2-2
- فتح في يوميات مقاتل
- فلسفة المواجهة وراء القضبان
- حكاية اغنية: بالاخضر كفناه بالاحمر كفناه
- الفدائي الذي نُحب؛ فاضل يونس مثالا
- الحب ضمن ابعادي الخاصة
- هكذا يُكتب التاريخ؛ جان دارك مثالا
- بانوراما الوضع الفلسطيني في الشتات، الاردن نموذجا


المزيد.....




- الصفدي لنظيره الإيراني: لن نسمح بخرق إيران أو إسرائيل للأجوا ...
- عميلة 24 قيراط.. ما هي تفاصيل أكبر سرقة ذهب في كندا؟
- إيران: ماذا نعرف عن الانفجارات بالقرب من قاعدة عسكرية في أصف ...
- ثالث وفاة في المصاعد في مصر بسبب قطع الكهرباء.. كيف تتصرف إذ ...
- مقتل التيكتوكر العراقية فيروز آزاد
- الجزائر والمغرب.. تصريحات حول الزليج تعيد -المعركة- حول التر ...
- إسرائيل وإيران، لماذا يهاجم كل منهما الآخر؟
- ماذا نعرف حتى الآن عن الهجوم الأخير على إيران؟
- هولندا تتبرع بـ 100 ألف زهرة توليب لمدينة لفيف الأوكرانية
- مشاركة وزير الخارجية الأمريكي بلينكن في اجتماع مجموعة السبع ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - مهند طلال الاخرس - شوارع المخيم