أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - مهند البراك - ربيع باليسان و الضربة الكيمياوية ! 2














المزيد.....

ربيع باليسان و الضربة الكيمياوية ! 2


مهند البراك

الحوار المتمدن-العدد: 6204 - 2019 / 4 / 18 - 00:33
المحور: القضية الكردية
    


وبينما كنّا في طريق النزول المتعرّج ( صعوداً، نزولاً نحو السفح) نحو وادي باليسان، ظهر امامنا فجأة عدد من مدنيين عزّلً من السلاح . . كانوا يصعدون سويّة بشكل هرولة سريعة كمّن مسّه تيار كهربائي صاعق، كانوا يصرخون صراخاً حاداً متصلاً بشكل وحشي. وكانت عيونهم شاخصة الى الأمام ( او الأعلى ) مبحلقة جامدة شبه ميّتة، كأنهم أتوا من كوكب آخر، او لاصلة لهم بالعالم المحيط . . واجتازونا كمّن يجتاز صخوراً، غير مبالين بنا رغم تحيّاتنا ورجاءنا لهم بالتوقف، لأن معنا " طبيب " ! ولكن لم يتوّقف احد منهم ، وواصلوا صعودهم ذلك وكأنهم اشبه بـ (قطيع ) افزعه رعب لايوصف.
قال احد البيشمركة : " يظهر انهم مصابون بغازات سامة !! "
وقال بانه عندما كان في وحدات بيشمركةانصار قاطع بهدنان، حين واجهَت كل قوى البيشمه ركة هناك، وحدات القوات الخاصة التي كانت تهجّر قصبة " كاني ماسي" وتحاول الغاء الريف المحيط بها، استخدمت غازات الأعصاب المرعبة وتركت مجاميعاً من البشر ممن اصيبوا، كانوا قد فقدوا احساسهم بالوجود . . كان بعضهم يضحك بوحشية بصوت عالٍ غير معقول ويبحلقون بنظرات عيون قاسية، كانوا يهومون بتلك الصورة ويتساقطون بالتدريج بعضاً اثر بعض فاقدي الحياة ؟! و الشئ الاهم للوقاية من اخطارها هو الصعود الى اعالي الجبال.
لم تكن لدينا اية معلومة او تجربة بالتعامل مع الاسلحة الكيمياوية، دع عنك معالجة مصابيها، و كان موضوعها اشبه باحاديث خيالية ليست من الواقع حتى ذلك الوقت، واقع رشّ مبيدات ضد البشر ليتساقطوا كالحشرات ان صح التعبير، و لكن كنت على الاقل اعرف من معلوماتي بانها اثقل من الهواء و ان الوقاية منها هو الصعود الى اعلى الجبال . . و هنا كانت الخطورة الهائلة لذلك السلاح المحرّم دولياً، هي المفاجأة باستخدامه !!
بدأنا بالوصول الى وادي باليسان من جهة جيوة العليا . . كانت الأرض موحلة، وكان السكون مطبقاً، لا أصوات بل لا ضجيج حتى للطيور، لا رائحة بيتية ما . . كان الصمت مطبقاً في الوادي معلناً عن وحشية وهيمنة الموت . . وتعثرنا بسيرنا باوراق الشجر الربيعية الخضراء التي كانت تكسو الأرض بعد ان تعرّت منها الأشجار الواقفة، تعثّرنا بالعصافير والطيور الميتة وببيضها المكسور، وبانواع الزواحف والضفادع الميّتة وكانت حتى اوراق الحشيش الطويلة متوسدة الأرض الطينية وكأن هناك من اقتلعها وهي خضراء، بقرة ميتة هنا واخرى هناك منفوخة البطون، جثث كلاب منتشرة . . بيوت نصف مهدمة او تهدّمت سطوحها، بدأت تظهر لنا في نزولنا عن بعد ارجل و جثث اطفال مبعثرة بين ملابس، من ابواب عدد من البيوت . .
صار يقيناً لنا ان الوحدات الخاصة القذرة قد استخدمت الغازات الكيمياوية ولكن اين المصابون لإنقاذ حياتهم ؟ !! وتفرّقنا نبحث عن مصابين او عمن يحتاج لمساعدة، في قسم الوادي الواقع بين قرية " ده راش" و "جيوه وجيوه"، مستمريّن في توجهنا نزولاً نحو الطريق العام الذي يربط " خليفان" بـ " رانية " . .
رأينا بيوتاً متفرّقة محطمة السقوف و الجدران لإصابتها بصواريخ الطائرات، و كان يتصاعد منها النحيب والبكاء و اصوات تقيؤ عالية . . وصلنا الى اقربها وكان قد رُبط جنب بابه حصان اسود شُدّ حول فمه كيس علف . . و كان في داخل البيت الصغير المبني على عجل، شاب طويل القامة شاحب الوجه كان يحاول ربط مغذيّ طبي في وريد امرأة كانت تأنّ . .
تبيّن بعد حين انها أمه وانه قدم على عجل راكباً ذلك الحصان القوي حاملاً ما علّمته الحياة المدمّرة، من طعام و وسائل انقاذ الحياة من الأنحاء القريبة، لأنقاذ امه التي تركها وحيدة لمحاولته تدبير ارزاق، لأن وادي باليسان كان تحت الحظر الأداري الذي يمنع وصول الأرزاق اليه !! حين وقع ذلك الهجوم الوحشي الذي لم يكن مألوفاً ؟ !
قمت بمساعدته على ربط المغذيّ لوالدته بعد ان عرفني و حيّاني بإسمي " دكتور صادق " وتذكّرني حين كنت الطبيب في مقر قاطعنا في قرية " شيخ وسّان " في اعوام 82 ـ 1983، و قدّم نفسه بإسم " ريبوار " ، واضفت الى المغذي شيئاً من الـ "اتروبين" من امبولات قليلة كانت في الحقيبة الطبية التي كنت احملها، و تحدّث لي عن القصف الذي كان مختلطاً من صواريخ و رمي انواع من شبه قناني كبيرة او براميل بلاستيكية تتحطم او تُفتح عند ارتطامها بالارض . .
و ان من نجى منهم هرب باتجاهات مختلفة و ان ضرب مركّز جرى على قرى "باليسان " و "شيخ وسّان " و ان هناك طبابة متروكة في قرية " خه تي " في الجانب الآخر من الوادي، استطاع جلب قنينة المغذي منها، و انه مستعد لجلب اية ادوية قد احتاجها مع تحذيره بضرورة ترك الوادي باسرع وقت كما اخبره عدد من البيشمركة في اعالي " خه تي "، كما يعملون هم و انهم سيعودون بعد مرور الوقت لإنقاذ من يمكن انقاذهم. (يتبع)

17 / 4 / 2019 ، مهند البراك



#مهند_البراك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ربيع باليسان و الضربة الكيمياوية ! 1
- في انقاذ المناضل - عمر سيد علي - 2
- في انقاذ المناضل - عمر سيد علي - 1
- - ام حسن كانت ام ابو زهرة ايضآ -
- مأثرة جراحية انصارية : يوسف هركي 2
- مأثرة جراحية انصارية : يوسف هركي 1
- السيادة الوطنية و الحشد و الميليشيات 3
- السيادة الوطنية و الحشد و الميليشيات 2
- السيادة الوطنية و الحشد و الميليشيات 1
- جماهير كردستان تلقّن الغزاة الاتراك درساً !
- هل يحوّل الإهمال مآسي البصرة الى قضية دولية ؟
- وداعاً ابو ناصر ! 2
- وداعاً ابو ناصر !
- المحاصصة والفساد عمّقا تشوهات المجتمع 3
- المحاصصة والفساد عمّقا تشوهات المجتمع 2
- المحاصصة والفساد عمّقا تشوهات المجتمع* 1
- اغتيالات النساء، خطة لإرهاب المجتمع
- نادية مراد، رمز نضالي نسائي عراقي !
- بقاء (الدعوة) حاكماً ضربة للاصلاح !
- البصرة حال العراق ان لم تتغيّر معادلة الحكم !


المزيد.....




- مسئول بالأمم المتحدة يحذر من مذبحة في حال اجتياح إسرائيل لرف ...
- من بينها عربية.. خريطة توضح حرية الصحافة في دول العالم بـ202 ...
- -الأونروا-: 37 طفلا في غزة يفقدون أمهاتهم كل يوم
- سويسرا تعتزم استخدام بيانات الهواتف المحمولة لتحديد هوية طال ...
- موقع بريطاني: ما مدى تأثير مذكرات الاعتقال على إسرائيل وحلفا ...
- اعتقال 2000 شخص في احتجاجات الجامعات الأميركية
- اليونيسكو تمنح جائزة حرية الصحافة للصحافيين الفلسطينيين بغزة ...
- المحكمة الجنائية الدولية تطالب بالتوقف عن ترهيب موظفيها
- اقتحامات واعتقالات بالضفة وأهالي بيتا يتصدَّون للمستوطنين
- المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تبرر عدم حسمها الدعاوى بخصوص ...


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - مهند البراك - ربيع باليسان و الضربة الكيمياوية ! 2