أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريتا عودة - من ليالي شهرزاد *** قصة قصيرة














المزيد.....

من ليالي شهرزاد *** قصة قصيرة


ريتا عودة

الحوار المتمدن-العدد: 1531 - 2006 / 4 / 25 - 11:01
المحور: الادب والفن
    


ولمّا كانت الليلة الثانية عشر من مايو كان لزاما عليها أن تعود الى القفص بمحض إرادتها. رفرفتْ حوله فلم يلحظ وجودها. حطّت فوق حضنه وراحت تتأمله شاردة ً. ما زالت تعشق هذا الوجه الرصين الذي يبدو كوجه فيلسوف ٍ لا يتوقف عن طرح الأسئلة.
أخذتْ تغرّد بصوت ٍ خافتٍ علّها تلفتُ انتباهَهُ فاستفاق على تغريدها وإذا بالنظراتِ تتعانق وإذا بالحنين يُدرك قلبيهما.
فجأة, طفرتِ الدموعُ الى عينيهِ وحشرجَ صوتُهُ:
- أحقًّا عُدتِ ...؟!
+ كان لا بدّ أن أعود.
- ألستُ شهريار الذي تخشينَ سطوته..؟!
+ ألا تعتقد أنّ الغياب كان كفيلا بتشذيبِ مواقف كلينا ...؟!
إرتفعتْ جدرانُ الصمتْ.
رمقها بنظرة غريبة تُخفي وراءَها الدهشة ممزوجة بالعتاب.
صار صوته مؤنبا وهو يتساءل:
- ألا تخشين أن أعيدَكِ للقفص ...؟!
+ جرَّبتُ الطيرانَ حرّة في الأفق البعيد فأدركتني المرارة لكونك أنت وحدك أفقي. مع الأيام ِ أدركتُ أنّ حلّ أيّ مشكلة يكمن في مواجهتها بدل الفرار بعيدا عنها.
إكتسحَ الذهولُ غاباتِ وجهه.
بحلق كلّ منهما في القفص.
طارت عن حضنه وراحت ترفرفُ في أرجاء الغرفة واسترسلتْ بنبرة هادئة:
+ ليس المهم أن أكون في حياتك أو لا أكون, إنّما ( ماذا ) أكون.
هذا القفص جرّدني من إنسانيتي. نقرَ كِياني. مع الأيام ِ استحلتُ دمية. لم أعُد قادرة على أن ( أكون ) ولا على أن أبادلك تلك المشاعر الدافئة التي كانت القاسم المشترك بيننا. وبدل أن أكون الرّبابة التي تعزف لك أجمل الألحان , استحلتُ الى ذلك َالفراغ الذي يجوّفُ الرّبابة.
( صار صوتها كخرير مياهٍ كثيرة وهي تسترسل)
ثمّ ,
احترفتَ أنتَ لغةَ الوعيد ..
فاقترفتُ أنا هاجسَ الرعب ِ من كلّ فعل ٍ وردِّ فعل.
كنتَ تظنّ أنّ الوعيدَ كفيلٌ ببقائي قربك ولم تدر ِ أنّ:
" بالحبّ وحده إنتَ غالي عليَّ, بالحبّ وحده إنتَ ضيّ عنيَّ " .
من ركنهِ المعتم, أطلَّ على أشجار اللوز عبرَ زجاجِ النافذة. على حين ِ غرّة , هبط عن سلم التوازن النفسي وهو يعلن:
- لقد ألقيتُكِ داخلَ القفص لأنّي..لأنّي ....أحبّكِ .
أردتُكِ لي وحدي.
لم أشأ أن تقاسمني عينٌ فرحتي بالعثور عليكِ.
خشيتُ أن يتمكن أحد ما من استمالة مشاعرك.
كان هاجس الفقد خبزي ومائي اليوميّ.
ألم أعترف لكِ منذ قطرة المطر الأولى التي جمعت بين قلبينا أنّي .. مجنونك أنا ..!؟
تسرّبَ الدمعُ الى حلقه. عزفتْ أوتارُه الصوتيّه لحنا حزينا وهو يجتهد أن يتابع:
- كنتُ أنانيّا. أعترف.
ألغيتُكِ ككيان دون أن أقصد. لطالما افتعلتُ مشاحنات ٍ غبيّة كي أمتحنَ قدرتك على احتمالي. أردتك أن تحتمليني كما تحتمل الأم طفلها في كلّ أطوارهِ. تغفر , دون أن تحتفظ له بأيّ سجلِّ إدانة. ألم أسألكِ بعد كلّ نوبة خصام أن تأتي بورقة بيضاء تمزقيها وتقذفي القصاصات في الريح وتعودي الى صدري كأن وجعا لم يكن.
أردتكِ أن تحبّيني... كما أنا.
(خفتَ صوته: )
- لم أدرك أنّ إنقاطعكِ المباغت عن التغريد كان مؤشرًا لمعاناة ٍ متواصلة . دفعتُ بكِ الى متاهاتِ الكآبة دون أن أدري. وبدأتِ تتضائلين أمام عينيّ دون أن أفهم لذلك سببا , الى أن ..
أطلّ فجرٌ ..
ولم أعثرْ عليكِ في القفص.
رحلتِ دونما وداع, دونما نظرة للخلف , دونما قطرة رحمة.
ومنذ رحلتِ , اقتفتِ النوارسُ وفراشاتُ الحقلِ والأيائلُ أثرَكِ, وأظلمَ الأملُ .


***

وقفَ.
تناولَ القفصَ عن المنضدة.
سارَ نحوَ النافذة ورفع عنها الستائر الداكنة .
ثمّ, قذفَ القفصَ بعيدًا بعيدًا فاستقر في زاوية ٍ معتمة من الذاكرة.
تداخلتْ رائحةُ اللوز مع صوت ٍ طفوليٍّ بريء راحَ يزقزقُ بفرح:
+ من اللحظة , أنتِ سيدة ُ الحكاية.



#ريتا_عودة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا أدري ...
- قطرة مطر *** قصة قصيرة
- من خلفِ عنقِهِ كانَ الجرادُ يسبقني الى منفى *** قصة قصيرة
- كلّ ُ شئ ٍ صامتْ *** قصة قصيرة
- من أنا...!؟
- ما أضيق الدرب المؤَدّي الى ... الفِكرَة
- لقد ثبتت في القلب منك محبة
- حينَ تماثلَ الحلمُ لحزن ٍ سرمديّ
- هكذا قالت القصيدة
- شظايا ... كما أنا أحبّني
- كلّ غياب ٍ وأنتَ الى القلبِ أقرب
- عصفورة الجليل
- يوطوبيا الهيجاوي
- موعد في الظلّ ---- قصة قصيرة
- طيورُ أيلول ---- شذرات
- (!! ... وماتَ البلبلُ وحيدا)
- من كلّ سماء ٍ ومضة
- ...ريتاي مجنونُكِ أنا
- ستبقى خالدًا ** قصة ليست قصيرة
- أحبّكَ ... أبعد من كلّ اتجاه أوسع من كلّ مدى


المزيد.....




- ترامب يعلن تفاصيل خطة -حكم غزة- ونتنياهو يوافق..ما مصير المق ...
- دُمُوعٌ لَمْ يُجَفِّفْهَا اَلزَّمَنْ
- جون طلب من جاره خفض صوت الموسيقى – فتعرّض لتهديد بالقتل بسكي ...
- أخطاء ترجمة غيّرت العالم: من النووي إلى -أعضاء بولندا الحساس ...
- -جيهان-.. رواية جديدة للكاتب عزام توفيق أبو السعود
- ترامب ونتنياهو.. مسرحية السلام أم هندسة الانتصار في غزة؟
- روبرت ريدفورد وهوليوود.. بَين سِحر الأداء وصِدق الرِسالة
- تجربة الشاعر الراحل عقيل علي على طاولة إتحاد أدباء ذي قار
- عزف الموسيقى في سن متأخرة يعزز صحة الدماغ
- درويش والشعر العربي ما بعد الرحيل


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريتا عودة - من ليالي شهرزاد *** قصة قصيرة