أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمد ليلو كريم - ذا مولانا . وذيانك الأستاذ















المزيد.....

ذا مولانا . وذيانك الأستاذ


محمد ليلو كريم

الحوار المتمدن-العدد: 6168 - 2019 / 3 / 9 - 22:36
المحور: المجتمع المدني
    


ذا مولانا . وذيانك الأستاذ
في بيت ياسين ؛ قال مولانا يوسف زيدان وهو يمضغ أول اللقيمات الشهية : (( أول الأكل الرائحة )) ومن ثم تلاشى المنظر ، وموسيقى ما ؛ مُثقلة بالجذب والإنسلاخ تنسدل على المشهد حيث أنكب الضيف ومُضيفه على الباميا التي تحولت بسحر لسان مغربي الى ملوخيه ، وساد الفاصل ....
هو قريب من النفس ، من كُلِ نفس ، مثل نبي زَجْرُ الرحمن في روعه دوما يُذكِرهُ أبدا بالوداعة ، والنبي الإنسان ؛ الذي حمل المعرفة الفخمة ولكنه بثها بتواضع إن كان معتليًا جبل التطويبات ستجده جاذبًا للناس يأنسون به وينصب عليهم بحنو ، وما أن ينزل بصوته ومداده عبر المنحدر حتى يشفي أول أبرص يصادفه عند آخر السفح نزولا ، وهذا توصيف يُناسب يوسف زيدان ، المفكر الجهبذ ، والإنسان الجهبذ ، ومع الجهبذة تمتزج نعمة الذوق الصوفي الباصر ..
سنمكث قليلًا في بيت ياسين نتزود من فيض وداعةٍ وعلم ، والوجه محيط الفم ، فأما ثغر وواحه تحيطه تُبهِج ، أو فوهة يُحيطها عسكر ورماح وشرر ، وشتان ما بين مولانا وأستاذنا ..
يفوح فم مولانا بعبقِ قولٍ من اقوال ابن سينا : (( وأما نُصرةُ الحقِ وإعلاء منارهِ وخذلان الباطلِ وطمس آثارهِ فأمرٌ قد التزمناه في كُلِ فن )) وضمن هذا السياق والإلتزام يخبرنا الدكتور يوسف زيدان أن الحكومات وأنظمة السلطة جهّلت الناس وسطحت أفكارهم وعبثت في أذواقهم وقدمت لهم حقبة خاوية وذلك ليسهُل اقتيادهم الى مصارع بشرية عظيمة ومكبات للأجساد بعناوين لمّاعة تستثير الغرائز تهبط بالإنسان الى مصاف الوحوش والدواب ، وما من حق يهبط بالنفس ، كما أن الباطل لا يرتقي بها ، والحق يحتاج لبيان وتبيان ودعاية وإعلام وأعلام وأدب لتوعية الناس به وتبسيط المفاهيم والمفردات اللغوية وصفحات التاريخ وهذا هو القرب من الناس وملامسة عقولهم والنفاد لتفكيرهم ، وتواضع النخبوي للعامة رسالة محترمة ، وضرورية لكي لا تفصل مقولة ( الناس أعداء ما جهلوا ) بين الطرفين ..
للوجه وما يتبدى منه من ملامح وتلميحات فعل ساحر في المتلقي ، وبعض الوجوه تؤنِس وتشع باللطف وتدعوا للطمأنينة فتنساب قسمات وصوت الى النفس كما الماء العذب الرقراق الذي يتسرب بين صلد الصخور ويصل لزوايا مظلمة قاسية ليُحدِث فيها ما نرجوه من الماء والسقي ، ونفس التأثير تُحدثِهُ الكلمات اذا ما صدرت من صاحب الوجه الودود العذب ، أما عن ضرورة الوداعة واللطف في وجه المثقف والمفكر فالأمر في غاية الأهمية في بلادنا المُنهكة بسبب أن كائن السلطة السياسية الحاكمة يظهر دومًا بوجه مخيف غير ودود ؛ ملامح من ترهيب وتهديد وزجر ، فيكون المثقف أو المفكر الضابط لملاح وجهه بما يُشعر الناس بالمحبة والأمان ضرورة لمواجهة وجه السلطة وإحداث توازن أو على الأقل مشهد آخر مغاير لمشهد السلطة المُستبِدة المخيف ..
في برنامج بيت ياسين كما في كل مرة يطل علينا الدكتور يوسف زيدان ننجذب له ونتقبل أفكاره أو على الأقل ليس من السهل دفعها وتجاهلها فللرجل واسلوبه القريب من الناس والبعيد عن التكلف والمُبسِط لما يصعب على العامة فهمه أثر محمود في المتلقي وليس من عادة الدكتور زيدان التهجم أو الصراخ أو الزجر أو الإساءة وتهديد مقدمي البرامج التي تستضيفه أو رفع عصى بوجه الشخص المُحاوِر كما يفعل ( ذيانك ) ،
ولم يطل علينا يوسف زيدان محاط بصور كثيرة تكسو الجدران تسرد علاقاته مع الساسة في الأنظمة المتعاقبة ، أو يدعي انه صنع زعيم ، أو ظل رهين العمل السياسي والثقافة السياسية المُقيدة بعالم السلطة والسلطان ، أو يذرف الدمع لأن انتماءه الحزبي وصمه بسوء حتى بعد مرور عشرات السنين لمغادرته الحزب والمنصب وصاحبه السيد النائب ، ويوسف زيدان لم يتطرف لصحبةٍ جمعته بسيادة رئيس أو سيد نائب وهو الناقم دومًا على ساسة الحكم وسياساتهم وما تسببوا به من تخريب شامل أضر بالبلاد والعباد وشوّه المجتمع وحط من العقل والفكر والفن ، ودومًا يطل علينا ( صانع الزعيم ) كرجل من عالم السياسة حتى أن آخر أطلالة اتحفنا فيها بفكرة ( الدولة الاجتماعية ) وكأن المشكلة تقع خارج ذهن وتصورات الناس ..
حينما اندلعت احداث يناير في مصر والتي عُرِفت بثورة يناير أو ثورة ٢٥ يناير كان في ساحة التحرير وجود شخصي وبالرأي لمفكرين ومثقفين وفنانين فحدث أن تنوعت الآراء وأدت لتنوع في الفهم والتصورات لشباب الثورة ، وهذا ما اشار له يوسف زيدان قبل سنوات ، فكان الشاب الثائر يسمع من يوسف زيدان وعلاء الأسواني وعادل إمام وسماح أنور وغيرهم آراءً متفاوتة وحتى متناقضة مما يُسهم في تخفيف تقديس الثورة وأتخاذها لون تصوري واحد ، ولم ينخرط المفكر والروائي وعالم المخطوطات يوسف زيدان في أحد كُتل العملية السياسية العلمانية ، أو الدينية ، ومن ثم توجَه له صفعة تضر بصحته تغمزه بتأريخه الحزبي فيتلقى العجوز المتعجرف إهانة واضحة تُدمي كرامته وتُبكيه فيعلو نواحه بلسان عربي قديم :
ولقد نهزت مع الغواة بدلوهم
وأسمت سرح اللحظ حيث أساموا
وبلغت مابلغ أمرؤ بشبابه
فإذا عصارة كل ذاك أثامُ
ومن الطرف الآخر ، وبلسان عربي فصيح حر ، يوبخ يوسف زيدان ما وبخته أنا ، وفي التوبيخ حكمة بالغة واضحة :
قلت لكم في السنة البعيدة
عن خطر الجندي ، عن قلبه الأعمى ، وعن همته
القعيدة
يحرس من يمنحه راتبه الشهري
وزيه الرسمي ،
ليرهب الخصوم بالجعجعة الجوفاء ، وبالقعقة الشديدة
لكنه إن يحن الموت فداء الوطن المقهور والعقيدة
فرّ من الميدان ، وحاصر السلطان ، واغتصب الكرسيّ ،
وأعلن الثورة في المذياع والجريدة
قلت لكم ، لكنكم لم تسمعوا هذا العبث
ففاضت النار على المخيمات ، وفاضت .. الجثث
" أمل دنقل "
لم أقصد في هذا المقال النقد أو التجريح ، أو المبالغة بالمدح ، بل هي إشارة الى ضرورة البديل ، فطراز المثقف السياسي نموذج بائس ، وهو يوحي بأن لا مناص من أستلهام كل شيء من سماء السلطة السياسية الحاكمة ، بينما صالونات وحلقات يوسف زيدان تقع خارج سور الثقافة السياسية والقصر وأرشيف القرب من الديكتاتوري والديموقراطي ..
المثقف المتصل بالسياسة في أكثر اشتغالاته لن يؤثر في الجمهور كما الحال مع المثقف القريب من الناس أكثر من قربه للسياسة ، ولعل جوابًا لهادي العلوي ( شقيق حسن العلوي ) عن سؤال يُبين لنا شيء من الفرق بين النموذجين : (( المثقف العضوي ، هو الفعّال في المجتمع لأجل إحداث التغيير . ولا شك أن التغيير الذي كان يريده غرامشي يتحدد ضمن المفهوم التاوي للدولة أي أن توضع في خدمة الشعب . لكن اشتراطات المثقف العضوي ، كما تحدث عنها غرامشي ، تدخله في ساحات تبتعد به عن هموم الناس . ومن هنا لم تكن تجربة الحزب الشيوعي الإيطالي عميقة وسط الجماهير ، ولم يستطع أن ينافس " الكثلكة " على مواقعها لأنه ركز كثيرا على النضال السياسي والأيديولوجي ، ولم ينشئ مؤسسات القاعدة التي تخدم المصالح اليومية من هنا كان مثقف غرامشي العضوي مناضلا سياسيا أكثر منه مناضلا اجتماعيا / حوار الماضي والمستقبل ص66 .. نقلًا عن مقال منشور في موقع يساري عام ٢٠١٣ )) ..
يمكن لنا أن نستعرض نموذج الفيس بوك ، والفضائيات الإخبارية وتلك المخصصة للتسلية المفرطة ، والألعاب الألكترونية الحديثة وآخرها البوبجي ، والأجهزة والبرامج التي تصرف الإنسان عن الواقع ، وما تطبقه الحكومات من مشاريع لإشغال الرأي العام وصرف أذهانهم عن الإرتقاء ؛ ونضع قِبالها دور المثقف لنعرف حجم التحدي المناط به وهو يصطرع مع كل هذه المخدرات الذهنية إضافة للتطرف وعسكرة المجتمع وتسطيح العقل الجمعي ، وحتمًا سنرى وبوضوح عبقرية المثقف حينما يجذب جمهور لا بأس به عددًا ، وهي عبقرية مذهلة ، ويوسف زيدان أفضل نموذج لهذه العبقرية من الإبتكار والإبداع وقولبة الذات لتسويق العلم والفكر حتى انك وأنت تستمع وتشاهد يوسف زيدان تعتقد أن الرجل أعاد خلق هيئته وأسلوبه توافقًا مع المهمة التي وجِدَ لأجلها وهذا بحد ذاته يتطلب دراسة معمقة ، بل أن جانب الإغراء في شخصية زيدان وأدواته التعبيرية وفنون التواصل والتوصيل مجال للبحث ذو منفعة عظيمة ، ونحن قد تمعنا في التفنن بالسلوك الدرامي لإيصال محاضرة أو معلومة أو تصحيح مفهوم أو صورة تأريخية مغلوطة ، ولهذا طالبت في مقال سابق بمنح الجنسية العراقية للدكتور يوسف زيدان ..



#محمد_ليلو_كريم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أيكا
- اخبار سراب بقيعة
- لتكن شهرين بدل الأيام المعدودات .. يسوع يستاهل أكثر
- قصيدة تاج الحور وانطباع فارس شمخي
- اللغز الخاشقجي
- يتيم الليل
- يوسف زيدان بين دار المدى وذلك المدى
- محنة الدولة الشخصية ..
- علِمها أن تكون ......
- يا شيخ . . . .
- دولة خدمات اولاً
- مقال في القيمة الفائضة النسبية
- سماوة القراءة
- وفيما هم سائرون . .
- الحبر المُعلَن ، والحبر السري
- فتوى بحق المشرق
- يا ضحايا قطاع ١٠ .. من قتلكم ... من ؟
- فاضل ، إقرأ
- سائرون ، بابوية أم بابية ؟
- هذا الشيوعي


المزيد.....




- الاحتلال يشن حملة دهم واعتقالات في الضفة الغربية
- الرئيس الايراني: ادعياء حقوق الانسان يقمعون المدافعين عن مظل ...
- -التعاون الإسلامي- تدعو جميع الدول لدعم تقرير بشأن -الأونروا ...
- نادي الأسير الفلسطيني: عمليات الإفراج محدودة مقابل استمرار ح ...
- 8 شهداء بقصف فلسطينيين غرب غزة، واعتقال معلمة بمخيم الجلزون ...
- مسؤول في برنامج الأغذية: شمال غزة يتجه نحو المجاعة
- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمد ليلو كريم - ذا مولانا . وذيانك الأستاذ