أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مهدي شاكر العبيدي - عن الوحدة المطلقة














المزيد.....

عن الوحدة المطلقة


مهدي شاكر العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 6166 - 2019 / 3 / 7 - 16:12
المحور: الادب والفن
    


عن الوحدة المطلقة
مهدي شاكر العبيدي
اوستن -تكساس

عنّ لي مؤخراً أن أقرأ كتاباً عن الوحدة المطلقة عند ابن سبعين، احتفظ به منذ صدوره عن دار الرشيد للنشر ببغداد عام 1981م، وهو بالأصل رسالة تقدم بها محمد ياسر شرف إلى جامعة دمشق لنيل الماجستير في الفلسفة، فتذكرت تقديم الدكتور طه حسين لدراسة عن الوجودية كتبها شاب فرنسي من طلبة مدرسة المعلمين العليا بباريس، وترجمها الدكتور محمد عبد الهادي ابوريدة، خص بها مجلة الكاتب المصري لإطلاع القراء العرب على إبعاد هذه الفلسفة التي سمعوا عنها عقيب الحرب العالمية الأخيرة وغب تحرير فرنسة من الاحتلال الألماني، إذ كان معظم دعاتها في عداد رجال المقاومة للنازية إلى جانب المفكرين والأدباء الممثلين لمختلف التيارات والمذاهب السياسية والاجتماعية الأخرى.
يفيد عميد الأدب في تقديمه الموجز ذاك أنه معجب بالجهد المتميز الذي ينفقه الشباب الفرنسي في دنيا البحث والتأليف حول شؤون وموضوعات حيوية وثيقة الصلة بالتفكير الإنساني والقضايا الباقية في حياة النوع، مما لايتوفر عليه إلا خاصة المثقفين من أرباب الدراية والفهم والنفاذ إلى حقائق الأشياء، والوقوف على المظان والمصادر، وعسى أن يحتذيهم شبابنا الذي يجوس مثلهم طور التعلم في جدهم وتحريهم، ويجاورهم في مداهم من الإخلاص ومراس العسير الصعب من الموضوعات وينتهوا إلى تخريجات ونتائج يستدل منها على تفردهم ومقدرتهم من الابتكار ونأيهم عن التقليد .
وبقدر ما كان الباحث الفرنسي مترسماً في كتابة مقالة جادةَ الوضوح والإفهام في عرضه للنزعة الوجودية، كان دارسنا العربي مؤثراً للإغراب والغموض في تعريفه بالوحدة المطلقة التي صار العارف الأندلسي عبد الحق بن سبعين عبر حياته بين عامي614هـ و 669هـ محدداً بها علاقته بالناس ونظرته إلى الكون وصلته بربه، أو أن الدارس وجد أن لا مندوحة عن الوقوع في مثل هذا التعقيد والتعمية والجفاف في إجماله لمأثورات من يترجم لـه، أو لأن هذه المأثورات نفسها تغلب عليها هذه السمات أو يصح ما قيل عن كونها "كلاماً تعقل مفرداته ولاتعقل مركباته".
ويعد المؤلف الوحدة المطلقة التي لا يرى ذووها غير الله موجوداً نهاية ما صار إليه التصوّف الإسلامي في مختلف الأدوار من تكامل ونضج وتجاوز ما بلغه المتصوفة قبلاً من نظر وسلوك، يتمثلان في الزهد والتوكل والحب والفناء والحلول وربما وحدة الوجود التي نادى بها ابن عربي وجهر وفقها بتجلي الخالق في كل الموجودات، فسجل لـه دارسوه في الشرق والغرب توفيقه بين الفلسفة والتصوف، ومزجه بين العقل والذوق، وتسويته بين النظر والكشف، بينما لا يفرق آخرون أو يجدون أدنى خلاف بين وجهتي المريدين ابن عربي وابن سبعين، فالوحدة المطلقة من جنس وحدة الوجود، وما تزعمه من إحاطة بالوجود الحق وتكريس الوهم فيما عداه، لا يتعارض ومجهود الثانية لنفي الثنائية البينة في الأشياء من حولنا، كأن نلحظ تناقضاً بين الإرادة والقدرة على سبيل المثال.
وجدير بالذكر في هذا الموضع أنه رغم ما سجل في المدونات التاريخية للاثنين من اجتراء ومجازفة في إعلان الرأي وصدم أذهان الجمهور به، فإنهما يلجآن أحياناً إلى الإشارة والرمز، إدراكاً منهما للحد الذي لا يمكن تخطيه دون التعرض لسخط الجهال وتبكيتهم.
وقيل لنا عبر كتابات الكتاب في الصحف، ومحاضرات الأساتذة في الندوات وأحاديث المتحدثين المبسطة في الإذاعة، إن غاية الفلسفة ورديفها علم الكلام غير غاية التصوّف، هذا إذا لم يغر ذووها بالتجديف والإنكار ويدينوا بقدم العالم، بينما يتسلح أرباب التصوّف بالحدس والتأمل والذوق والمجاهدة فتنكشف الحجب وتتخلع الأستار .
وكذا يستبين مدى التفريط بالوقت والجهد في محاولة تفهم محتوى تلكم الفصول المستقصية وسوغها، عما وراء الطبيعة ولواحقها من جدليات ومنطقيات، فلا يواجهنا فيها إلا كل لفظ عسير منغلق، وتركيب معمى، لأن مدار البحث الفلسفي فيها لايتناول جهاد الأفراد والجماعات نحو الارتفاع بمستوى معيشتهم وتحسين ظروف حياتهم، ويعكس رغبتهم في التغلب على المصاعب التي تحول دون نماء مواهبهم وقابلياتهم الذهنية، فيغنون بعطائهم الحياة الاجتماعية من حولهم، على حين يلذنا ويؤسرنا ما يصدر به وعنه الصوفية في أشعارهم ومناجياتهم من طراوة وعذوبة وخلابة في اللفظ وبراعة في تصوير مشاعرهم ومجاهداتهم نحو تحقيق السعادة والبهجة وتنكب طريق الزلل والغواية .
ومن هذا التضييع للوقت والجهد وانتفاء الفائدة من الاستغراق في الرياضات الذهنية وعدم جدوى قراءتها أصلاً في ترهيف حس أو تجميل شعور أو تلطيف مزاج وتسرية عن هم، ما استغرقت في مطالعته من نصوص فلسفية محققة تضمنها كتاب أعدته صفوة طيبة من علمائنا بإشراف الدكتور عثمان أمين بمناسبة بلوغ العلامة إبراهيم بيومي مدكور طوراً متقدماً في السن فيما أذكر، أو بقصد إثابته على حسن قيامه بإدارة المجمع اللغوي وتنظيم جلساته وحرصه البالغ على أن يكون أعضاؤه في اجتهاداتهم وتأويلاتهم، أميل إلى الانفتاح والمرونة منهم إلى التزمت والتحجر وتجاهل متغيرات العصر، أو لطول اشتغاله بالدرس الفلسفي تأليفاً وتحقيقاً وحضوراً في المهرجانات التي تقام بين آونة وأخرى، لتخليد ذكرى فلاسفتنا وإحياء نتاجاتهم وإبداعاتهم، والتذكير بأفضالهم على الثقافة الإنسانية بعامة.
وتملكني شك في نصيبي من السوغ والفهم، أني لي بفك المغالق وتفسير الرموز والإشارات، وما يمكن أن يستوحى من الأرقام والأعداد المسطرة عبر تلكم النصوص المتجهمة من دلالات ومقاصد. ؟
وكفانا نجاءً من هذا الشك أن وجدت غير واحد يقاسمنا ضيقنا بهذا الكتاب ، وجنفنا عنه مع وفور الرغبة في قراءته حتى آخر سطر منه لو جرى على السلاسة واليسر، ولو اعتمد مؤلفه ضرباً من البيان الرصين الدال بوضوحه ودقته على امتزاج الكاتب بموضوعه و انسجامه معه، على غرار ما انطبعت بهذه الخصائص والمزايا كتابات الأخلاقيين والمؤرخين والموسوعيين القدامى أمثال الجاحظ والتوحيدي وابن حزم وابن خلدون، وكذا لم نضنّ بإعادته إلى سوق الكتب ! ثانية .



#مهدي_شاكر_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسماءٌ لا تموت
- شيخ المفلوكين
- نصوص المصطلح الصوفي في الإسلام
- مذكرات منسية
- مروية عبد الحميد المحاري
- تعقيب على مقالة الباحث شكيب كاظم بخصوص ريادة مارون عبود للنق ...
- قلم الأديب بغير حظٍ مُغزل
- وثيقة من مؤرخ الوزارات العراقية عبد الرزاق الحسني
- رباعيات الخيام بالعربية
- إستذكار عبد الحميد الرشودي
- حول تمثال إنقاذ الثقافة العراقية
- الجواهري في عيون معاصريه
- عبد الحسن زلزلة شاعراً
- درس في الاخلاق والثقافة
- شيء عن دزموند ستيوارت
- شيء عن يوسف مراد
- من يوميات مغترب بخصوص (مداخلات و مناوشات) و رواية عن (بستان ...
- قصيدة مجهولة للجواهري
- عراقيون في كتابات العقاد
- فخري أبو السعود رائد الدراسات الأدبية المقارنة


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مهدي شاكر العبيدي - عن الوحدة المطلقة