أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - محمد بلمزيان - السياقة والتهور = الموت .














المزيد.....

السياقة والتهور = الموت .


محمد بلمزيان

الحوار المتمدن-العدد: 6160 - 2019 / 3 / 1 - 17:14
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


السياقة قبل أن تكون مجموعة من المعطيات التقنية والفنية التي يجب أن يتعلمها السائق، فهي سلوك وثقافة ، فقد تكون أحيانا طريقة السياقة مرآة عاكسة لطبيعة الشخص الجالس خلف مقود السياقة، لاعتبارات كثيرة يمكن أن نتعرف على معدن ذلك الشخص، من خلال الإستئناس بقراءة بعض التصرفات التي تحدث في الطرقات والشوارع والتي تبعث على الحسرة والغثيان ، من قبل بعض السائقين المتهورين، والذين يستبيحون الفضاءات العامة محولينها الى ساحات حرب مفتوحة، وغالبا ما يكونون سببا وراء حوادث سير مميتة، أو في خسائر بشرية ومادية، ناهيكم عن أعطاب جسدية ونفسية مستديمة، في استهتار تام بقانون السياقة واستخفاف واضح بحقوق الآخرين في استعمال واقتسام هذا القضاء المشترك الا وهو الطريق أو الشارع العمومي.
أعتقد بأن ثمة ظروفا تتحكم في هذه الظاهرة المشينة التي أصبحت متزايدة. فالسياقة بطريقة متهورة لا تخلو من استعراض القوة في الطرقات والشوارع، ولعل أبرز عامل مساهم في تزايد هذه الظاهرة في اعتقادي ، هو العامل البشري، وهو ما يسائل بالدرجة الأولى، مدارس تعليم وإصدار رخصة السياقة، وحيثيات تسليمها للسائقين المقبلين على دخول غمار السياقة وليس المنافسة في الطرقات، من حيث مدى كفاءة العنصر البشري المنكب على تدريب المترشحين، وكذا التقنيات المعمول بها كمناهج التعليم والتدريب والمدد الزمنية التي تمنح للمترشح قبل اجتياز امتحان الحصول على رخصة السياقة، فهل هي كافية لصقل معارف تقنية معينة للتعاطي مع الطريق بكيفية سليمة؟ ويأتي في الدرجة الثانية عامل آخر لا يمكن إغفاله وهو وضعية الطرق وبنياتها العامة، وهل هي في مستوى التحديات المتزايدة للتنقل ولمستعملي الطريق، أم أنها تلعب دورا مساهما في تأزيم هذه الوضعية،وفي تناقض مع منظومة قوانين السير التي تستحدث عدة إجراءات قانونية في غياب البنية الطرقية القادرة على ضمان السير بالتصورات المعروضة في الأوراق، لكن بين هذا وذاك لا يمكن أن نغفل جوانب أخرى تبدو وراء الستار، تلعب دورها بكيفية مباشرة في بروز ظواهر متعفنة في الطرقات والشوارع، وهي المتعلقة بالجانب الثقافي لمستعملي الطريق سواء تعلق الأمر بالسائقين أو الراجلية على حد سواء، فغالبا ما يكون الجهل المطبق سببا في ارتكاب حوادث سير مميتة ، وقد تكون مخالفات لقوانين السير والجولان المختلفة من جهة السائقين أو الراجلين، مع استحضار نمط التنشئة والتربية الأسرية التي تكون من بين الأسباب المؤثرة في نمط العيش والتفكير والتعاطي مع المحيط، فالسلوك البشري قد يتعرض لضغوط خارجية، ناتجة أساسا عن ظروف الحياة اليومية والمتاعب الكثيرة التي أصبحت تطرحها تكاليف المعيشة المتزايدة، الشيء الذي تجعل أغلب الناس مستعجلين في قضاء حاجياتهم، وتراهم في صراع مع الزمن، وتسابق على المرافق العامة، وهو نفس المنهجية التي يتعاملون بها حتى في كيفية سياقتهم لسيارتهم في الطرقات بعصبية لا تخلو من غلو ونرفزة ، والتي يجعل منطق السرعة هو المنطق والقاعدة التي يحتكم إليها ظنا منهم أنها أقصر الطرق الى الوصول الى المبتغى أو أنها الحل الوحيد لمواجهة تحدي الزمن، الشيء الذي تضيع معه في ثنايا هذه الذهنية المتهورة، أغلب ما يمكن أن يتراكم من معارف ورصيد تقني في مجال السياقة، والحال أن عالم السياقة يستوجب قدرا من الحيطة والحذر مع المحيط الخارجي، بما يجعل احتمالية وقوع الحادثة ضئيلة في حدودها القصوى .
لاشك أن ما تخلفه هذه الحرب غير المعلنة في الطرقات من خسائر مادية وبشرية، فواتيرها باهضة الثمن، ناهيكم عن الأعطاب الإجتماعية والنفسية للعديد من الضحايا الذين يسقطون ضحايا حوادث السير المختلفة، وما تكلف لمعالجتها من ميزانيات كبيرة، فلا تكفي حملات التحسيس الموسمية من الحد من استفحال هذه الظاهرة، بدون أن يكون بالموازاة تدابير تهم الجانب التعليمي في مدارس التدريب للحصول على رخصة السياقة، وبدون إدماج مواد في المدرسة في بدايتها الأولى لتربية النشء على تعلمها والإستئناس بها في الفضاء الخارجي، لكون التربية منذ الصغر وكيفما كانت طبيعة هذه التربية التي يمكن أن يتلقاها الفرد، ستبقى العمود الفقري لطبيعة الشخصية التي يتم صقلها في المستقبل،وبالتالي فإن خلو المدرسة العمومية من برامج تعليمية قابلة للإستيعاب من قبل الناشئة لها دور في استدامة هذه الوضعية، فحينما يكون الجاهل للشيء يعاديه، فإن الإبقاء على جهل أو تجاهل هذا الواقع سيزيد من تأزيم الوضع، بل وأن الطرقات ستتحول الى حلبة لاستعراض القوة من السيارات على يد منعدمي الضمير ودخلاء على قطاع السير، وهو الإستعراض الذي من شأنه أن يحول الطرقات والشوارع الى ساحات وغى مفتوحة، والتهديد الجدي لكل مستعمل للطريق.



#محمد_بلمزيان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أكل غلتهم وسب ملتهم
- المجتمع المدني بين التباس المفهوم والتوظيف الملغوم 6
- جعجعة بلا طحين عنوان لائق
- المجتمع المدني بين التباس المفهوم والتوظيف الملغوم 5
- المجتمع المدني بين التباس المفهوم والتوظيف الملغوم 4
- روايات كنفاني وسحر الكلمة
- الصراخ ليس هو عين الصواب
- شذرات من ذاكرة التجربة الأولى في الكتابة
- المجتمع المدني بين التباس المفهوم والتوظيف الملغوم 3
- المجتمع المدني بين التباس المفهوم والتوظيف الملغوم (2)
- ما أشبه اليوم بالبارحة (!)
- المجتمع المدني بين التباس المفهوم والتوظيف الملغوم
- انكسار الحركة التلاميذية بإمزورن واستمرار الذاكرة.*
- الأمازيغية بالمغرب على ضوء دستور 2011


المزيد.....




- ترامب: جامعة كولومبيا ارتكبت -خطأ فادحا- بإلغاء حضور الفصول ...
- عقوبات أميركية جديدة على إيران تستهدف منفذي هجمات سيبرانية
- واشنطن تدعو بغداد لحماية القوات الأميركية بعد هجومين جديدين ...
- رئيس الوزراء الفلسطيني يعلن حزمة إصلاحات جديدة
- الاحتلال يقتحم مناطق بالضفة ويشتبك مع فلسطينيين بالخليل
- تصاعد الاحتجاجات بجامعات أميركية للمطالبة بوقف العدوان على غ ...
- كوريا الشمالية: المساعدات الأمريكية لأوكرانيا لن توقف تقدم ا ...
- بيونغ يانغ: ساحة المعركة في أوكرانيا أضحت مقبرة لأسلحة الولا ...
- جنود الجيش الأوكراني يفككون مدافع -إم -777- الأمريكية
- العلماء الروس يحولون النفايات إلى أسمنت رخيص التكلفة


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - محمد بلمزيان - السياقة والتهور = الموت .