أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رشا السيد أحمد - غمامات المسك














المزيد.....

غمامات المسك


رشا السيد أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 6156 - 2019 / 2 / 25 - 22:53
المحور: الادب والفن
    



كان الجو في الخارج شتوي إنها آؤاخر شهر كانون الثاني والثلج يتهامى من السماء وفيما صوته يتهامى على قلبي رهيفاً أرق من نفناف الثلج وهو يعانق حضن الجو أمامي وأبحرت عيناي بتساقط قطع الثلج الخفيفة ببياضها الناصع وهو يهمي للأسفل وعدت بقلبي ونفسي أستمعه ..
وراح يحدثني , فيما رحت بشوق يضمخ حنايا قلبي استمعه , بينما روحي ترقص فرحا بحضوره
كيف حدثت المعجزة ووجدته أخيرا أمامي في هذا الكون الشاسع شريك الروح إنها محبة الله الواسعة ,,, يختلج السؤال داخلي ؟
قال أشتقتك حبيبتي مسافات لا يعلمها إلا الله سبحانه وصرت أخاف أن أقول أشتقتك كي لا تزيد المسافات بيننا أكثر
ـ وا شريك الروح ...
رغم ذاك أقول لكَ أشتقتكَ وأشتقتكَ أكثر مما أشتقتني من هنا حتى أبعد نجمة خلقها الله تعالى
ـ فدتك روحي .. (( و أحبكَ أكثر مما تحبينني حبيبتي )) ولا تجادلني في ذلك
ـ ولماذا حبيبي أنت متأكد لهذه الدرجة أنك الأكثر ؟
ـ لأن الله سبحانه يملىء قلبي وهو أكبر من هذا الكون إذا فقلبي أكبر من هذا الكون وأحبك ولم أحبب قبلك بشرا ..بل كنت أودهم فقط
ـ وقلبي يملؤه عشق الله فوق كل ما في هذا الكون
ما رأيك الآن وأنت تعرف أني عرفاتية ؟!
أيها البهي كيف تملك حواسي العميقات بقلبكَ الرهف كيف يهرع إليك كل ما بي دون إرادتي وبإرادتي ..
لماذا أنت الآن ؟
ـ يا أبهى نساء الأرض ..!
إنك تتسائلين عن أشياء خفيات منذ بداية لقائنا لا تتسائلي عما أراد الله ستعلمين كل شيء حين يريد
ـ لسانك الجميل هذا ماذا أفعل به يفتن علي دون أن أتكلم ؟!
ـ لأني بقيتك أحدثك من نفسك أراك من الداخل
ـ بل كلي .. الله الله لعيونك المتبصرة التي تسرقني من الكون كله
حبيبي هل ستحضر حفل التكريم ؟!
ـ لن أحضره مع أؤلئك الخونة العملاء , لن أجعلهم يحتفلون بذكرى مجاهد ولن أشاركهم فهم مجرد خونة للوطن وعملاء منافقين
والمجاهدين اللذين خاضوا الحروب دفاعا عن الأوطان يكرهون خونة الوطن ونفاقهم فكيف سأسمح لهم أن يحتفلوا بمجاهد ؟
لقد بقي يجاهد بجسده وبكلمته الحرة وبكل ما يستطيع حتى آخر أنفاسه , ما زال صدى كلماته يتردد فوق ألسنة الجموع بكل الإحتفالات الوطنية
لم يستطيعوا شراؤه بالدولار ولا بالدينار ولا بكل العملات لأن الوطن بالنسبة له كان قدس الأقداس كما لكل مجاهد
لن أنسى عشقه لمدينته وعيناه ترقب القدس من أعلى مدينتنا كل يوم ولوطنه كله و قصص جهاده على أرض فلسطين والوطن
لن أنسى ملاحقاته السياسية والأمنية العلنية في شبابه وفيما بعد السرية رغم أنه تجاوز حد المراقبة و رغم مكانته الخاصة لديهم كانوا بوجهين , فما كان يهمه من الحكم إلا أن يكون الناس والوطن بخير ليس إلا
لن أنسى قصصه الموجعة عما عاناه بداية حياته , لن أنسى أثر السياط في جسده الطاهر حين توفي رحمه الله , فحين دخلت لغسله مع أخي وعمومتي , كانت تلك السياط القديمة جدا ما زالت ألسنتها منحوتة على جسده الطاهر ولم تمحها عنه طول السنين ولأول مرة في حياتي كنت أراها ففوجئت بوجع فوق ما بي لفراقه ..
أوجعتني رؤيتها حد العمق , وما زالت الصورة محفورة برأسي إثر تعذيبه في السجن حتى الآن , وكل ذلك فقط من أجل كلمة حق من أجل الوطن ألقاها ذات حين .. كان يرفض بيع الوطن لأعداء الأمة لم يكن يخاف إلا الله
ـ يا لهم من ظلمة !!
حبيبي ما لم يحدثكم عنه حيا حدثكم عنه الجسد بعد سنين طويلة عند رحيله
ـ الوحوش لم يرحموه في السجن ولا خارجه ذاك الوقت
ـ
في استشراق تلك الليلة الرهفة البوح فجأة قفز لقلبي حزن العالم وغضبه وحمدت الله على كل شيء فقد قسم الله له أن يكون مجاهدا شريفاً فيما هم كانوا سراقا للوطن وستبقى أسماؤهم موشومة بذلك أبد الدهر فقد كان رحمه الله ثابتاً على مواقفه الوطنية تجاه كل أنواع الإحتلال العثماني والإنكليزي والفرنسي والإسرائيلي
لن أنسى غمامات المسك التي فاحت من جسده ونحن نغسله فقد كانت أكبر غمامات للمسك أشتمها في حياتي
لن أنسى جسده كيف كان يتلألأ نوراً وهو بين يدي , لن أنسى مواقفه الوطنية التي تربى عليها وأورثنا إياها

أخذني الضيق ألما وهو يحدثني عن سياط الظلم التي لم تفارق جسده طوال تلك السنوات , وراحت تنسكب من عيني الدموع بصمت فهرعت أرى وجه السماء ليلا , كدت أختنق فوقفت أستمع كلماته وأنظر من نافذتي الواسعة جدا بعد أن أزحت الستارة ....
فأصابني الدهش حينما نظرت
كانت السماء ذهبية تتهامى بنثار ذهبي رقيق للغاية يضيء فضاء المدينة وينعكس على الثلج الذي غطى الأسطح القرميدية أمامي وغطى الأشجار العالية جدا في الحديقة وغطى الشوارع وكل ما حولي , انبهرت لشدة جمال المنظر وانبهرت أكثر بتلألأ السماء الذهبي الفاتن
كأن الشرفات العلوية فتحت أبوابها بهدوء فيما ذاك الغضب العارم الذي كان يجتاحني بصمت رهيب راح يهدأ , بينما السماء راحت تهمي بسكينة غريبة بين أضلعي وكأن الله يقول لي وحده نور الحق يبقى وجحافل الظلمة تندثر إلى غير رجعة ذات حين , وحدهم قناديل الحق من يضيئون الكون ووحده النور العظيم صاحب الكون فلا تحزني
أعلم كم تعزين ذاك الغريد بالحق !
لم أرى من قبل مدينة ذهبية رهفة للغاية بسمائها الشفيفة المبهرة حد الدهش بأرضها وبيوتها وشوارعها الذهبية كما الآن .. لم أرى من قبل الذهب يتهامى غمامات رهفة مضيئة على الأرض كما هذه الليلة , إنه الوجود يكشف عن وجهه الخفي لأحبته حين يشاء
فيما كانت الساعة تقترب من الثالثة ليلاً تدحرجت آخر دمعة تعانق ابتسامة السماء التي أؤمأت بطرفها لي
وكلماته ما زالت تهمي بقلبي كنثار الضوء أمامي
يا لهم لن يقتلوا الشمس لن يشنقوا القمر لن يطالوا بأيدهم وجه السماء , وحدها القلوب المعطاءة بصدق من تلمس وجه السماء وتصل الله ويصلها بحب .

. باريس / فرنسا



#رشا_السيد_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنا وأنت ومحمود درويش
- قراءة أدبية لقصيدة عمرها ستون عاما للشريف أسامة المفتي وأول ...
- شادن بالقلب مسكنه
- درويش وعشق
- الإستثنائي
- أيها الساكن بكلي
- رقص النور
- مدائن العشق
- أناديك الروح
- دنكشوت وسانشو في زمن الحرب
- البحث عن الله
- تجلي
- فلقة الروح
- كلمة الشعب تلهب الشارع الأردني
- مديات الروح
- صوفي
- منية الروح
- كل القصائد أنت يا مطر
- طفل النهاوند
- البحار


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رشا السيد أحمد - غمامات المسك