|
ذكريات ولد كوردي 5
جمشيد ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 6145 - 2019 / 2 / 14 - 13:06
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
ذكريات ولد كوردي 5 طبعا لا يمكن ان امر دون التوقف على مدينة الديوانية - مدينة ليلى. تعلمت العربية العامية او عربية المعدان (الشروگية) و العربية الرسمية فيها. لذا و بعد انتقالنا الى بغداد كنت اتكلم مع الناس بعربية معدان الديوانية و كانت الناس تضحك للمشهد الغريب: كوردي يتكلم عربية المعدان. لا زلت افضل عربية المعدان على ما تسمى بالفصحى لحلاوتها و طبيعيتها.
كانت الفترة التي قضيناها في الديوانية مهمة ايضا فاضافة الى تعلم العربية و كونها مدينة ليلى كانت ايضا مسقط رأس اخي الصغير و الوحيد الذي جاء الى الحياة في محيط (چا شلون اخويه - يا هله بچثير الهله). تعرفت على القيمر اللذيذ (نوع من القشطة يصنع من لبن جاموس الاهوار ويلفظ باللهجة العربية العراقية gemar) و التشريب و صمون بالعنبة و السينما و ابن النعال و مدينة العفك او العفج.
تعني كلمة السينما في لهجة الديوانية ايضا تفرج الناس عليك او مهزلة. كنت اشتري بطاقة الجلوس في المقاعد الامامية لرخصها و ذات يوم و قبل عرض فلم من افلام الكاوبوي الذي لا ازال احبه (Shane) دخل معيدي (انسان بسيط) و بدأ بالهوسة و عندما طلبنا منه الهدوء اجاب: چا آني مو بالسينما خويه؟ يا لهذه البراءة التي تنزع منك السلاح. يذكرني فيلم (شين) بلون الازرق في الكوردية و حبي لـ (گولنام و ليلى) و كان بطل الفيلم Alan Ladd هادئا و بعكس الافلام الاخرى تعسا وحيدا حزينا لم يحالفه الحظ في الحياة.
كانت الافلام تعرض الساعة الرابعة بعد الظهر و لكني كنت اترك البيت قبل ساعتين و اجلس في السينما على انغام (اللي شفته قبل ما تشوفك عيني - انت عمري) للمطربة ام كلثوم التي بدأت اكرهها لاغانيها الطويلة المملة التي تستمر سبع ساعات و التي كانت تغزو دور السينما - كان صوت هذه العجوز يلاحقني اينما ذهبت فاين المفر؟ و كنت اتعجب على هذا الذوق الغريب و لا ازال ابتعد اميال كلما سمعت اسم ام كلثوم مطربة الملايين.
بدأ حبي لليلى في اللحظة التي رأيتها. كانت بنت الجيران من عائلة بسيطة طيبة متوسطة الحال و هي لا تفارق عباءتها السوداء (تذكرت اغنية سهام رفقي: العباء اجمل صورة) و لكنها كانت طبعا اية من الجمال على السطح بدون حجاب و عباءة. كنت العاشق الصامت لفترة و لكن لم اتحمل انتظار معجزة الهية - و عرفت باني استطيع رؤيتها بعد الدوام في المدرسة ابتداءا من الساعة الثانية بعد الظهر على سطح البيت رغم درجات الحرارة القاتلة في الصيف - ليلى على السطح تساعد امها احيانا و هي تخبز و هنا تذكرت اغنية المطرب العراقي القديم ناظم الغزالي (يا رغيف الحلوة يكفيني سنة).
كان حبي لها سطحيا (من على سطح البيت) صادقا قويا حارا و كنا نلتقي دون ميعاد لتبادل نظرات الغرام على السطح. في يوم من الايام قررت ان اكسر صمتي و ابوح لها بحبي رغم انها كانت تعرف ذلك و تأتي على السطح لرؤيتي يوميا. جمعت شجاعتي و جرأتي و صحت باعلى صوتي ثلاث مرات: ليلى - ليلى - ليلى - اجابت: ها في اخر صيحة - قلت احبج - احمر وجهها و احمر وجهي من دون كلمة اخرى - بعد هذه المغامرة الشجاعة اختفيت من الانظار- تركت السطح و تحول الحب السطحي الى الحب الباطني لفترة و بدأت ليلى تفتقدني - تارة تسأل والدتي و تارة تسأل اخي الاصغر: ليش ماي يبين؟ اخبرت والدتي باني انوي الزواج منها و لكنها ضحكت.
اخيرا اتت المصيبة الكبري بنقل والدي الى بغداد لاتحول الى اتعس ولد في الحياة. مات الحب فيّ للمرة الاولى بعد الحبيبة الكوردية (گولنام اسعد) - ملكة جمال مدينتي بسبب ابعادنا لاسباب سياسية الى الرميثة و الان يموت الحب للمرة الثانية بعد (ليلى عبد) بسبب النقل الى بغداد و لكني اعتقد ان الحب يموت اذا تحقق فليبقى امنية ليعيش الى الابد. www.jamshid-ibrahim.net
#جمشيد_ابراهيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ذكريات ولد كوردي 4
-
ذكريات ولد كوردي 3
-
كيف شربت العرب قبل الاسلام؟
-
ذكريات ولد كوردي 2
-
ذكريات ولد كوردي 1
-
سمع صوت الله في المقبرة
-
لا تحول حياتك الى الجحيم
-
الاغاني مرآة الثقافات
-
في الانسان و الرقميات
-
كفر صدق الله العظيم
-
العقيلة العربية و العقل العربي
-
عقلية الدعاء
-
العربية من الحاكم الى الحكمة
-
قال: اسكت ابن .....
-
وقاحة و خطورة التسميات
-
صباح اليورو و الدولار
-
مجتمعات الركض مع التيار
-
الجهنم افضل من الجنة
-
لان الحياة كلها براغي
-
اصل البارئ
المزيد.....
-
عداء قتل أسدًا جبليًا حاول افتراسه أثناء ركضه وحيدًا.. شاهد
...
-
بلينكن لـCNN: أمريكا لاحظت أدلة على محاولة الصين -التأثير وا
...
-
مراسلنا: طائرة مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة في البقاع الغربي
...
-
بدء الجولة الثانية من الانتخابات الهندية وتوقعات بفوز حزب به
...
-
السفن التجارية تبدأ بالعبور عبر قناة مؤقتة بعد انهيار جسر با
...
-
تركيا - السجن المؤبد لسيدة سورية أدينت بالضلوع في تفجير بإسط
...
-
اشتباك بين قوات أميركية وزورق وطائرة مسيرة في منطقة يسيطر عل
...
-
الرئيس الصيني يأمل في إزالة الخصومة مع الولايات المتحدة
-
عاجل | هيئة البث الإسرائيلية: إصابة إسرائيلية في عملية طعن ب
...
-
بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|